Skip to main content

Full text of "أعداد سلسلة عالم المعرفة"

See other formats




بكر - ركم ؟ مفسررة برسي سوق ساس رساسسة واس بأورو لور بسر 





ل 


٠» 


5 
20 
“29 


تأليف 


- 


انان 
© ودوره الحضارى 
د. أحمد عتمان 


01 »6© 
03 © 
©© 





عومد 


سلسلة كتب ثقافية شهرية يسدرها المبلس الوطفيٍ للثقافة والفنون والآداب الكوية 


صدرت السلسلة فى يناير 1978 بإشراف أحمد مشارى العدوانى 1923 1990 


141 
الأدب اللاتينى 





ودوره الحضاري 








سس سس ا 1701 
المواد المنشورة في هذه السلسلة تعبر عن رأي كاتبها 
ولا تعبربالضرورة عن رأي المجلس 


المضوع 


الباب الأول: 
عصر النشأة من البدايات حتى عام 82 ق . م 


الفصل الأول: 
الوزن الساتوري والرواد الأوائل 


الفصل الثاني: 


الدراما 


الفصل الثالث: 
لوكيليوس ومشكلة فن الساتورا 


الفصل الرابع: 

تطورات في النثر والشعر قبل شيشرون 

الباب الثاني: 

العصرالذهبي ( فترة شيشرون 82 - 43 ق .م ) 


الفصمال |الكاامين: 


كاتوللس وحركة التجديد السكندرية 


ا" 
لوكريتيوس شاعر الأبيقورية 


الفصل السابع: 
شيشرون صائع عصره الادبي 


الفكلل الناكن: 
فاروباحثا موسوعيا 


اد 


77 


53 


100 


]03 


17 


اذا 


]57 


المتوع 


الفصل التاسع: 


مؤلفات ساللوستيوس وكتابات تاريخية أخرى 


الفصيل الحالاقيره 
ال ميموس 


ار ا عدر 
يوليوس قيصر 


اباب اللاتااليك: 
العصر الذهبي (فترة 43 ق.م-4ام) 


0 
فرجيليوس أمير الشعر اللاتيني 


الشكم الا 0 
هوراتيوس صناجة الرومان 


الفضل انراب عشر: 


اليجيات الحب ... 


التصيل االقامسن عفر 
أوفيديوس شاعر الحب والأساطير 


القهمل |السالسى عقدرة 
تيتوس لفيوس 


]63 


7١ 


3م] 


8 


55 


209 


22١ 


229 


2013 


217 


218 


259 


مقدمه 


منذ بضع سنوات انصب اهتمامنا على الأدب 
اللاتيني: وكان الدافع الرئيس لنا هو شعورنا الدفين 
بان هذا الأدب قد ظلم ظلما فادحا. فهو دائما 
يقرن ويقارن بالآأدب الإغريقيء وعندئذ يقال في 
العادة إن الأدب اللاتيني عديم القيمة: فهو لم ينجز 
شيئًا سوى تقليد النماذج الإغريقية أو إعادة 

بالفعل هناك نقص واضح وملموس في 
الدراسات الجادة التي تتناول الأدب اللاتيني. ولا 
نعني بذلك المكتبة العربية التي تعاني فقرا شديدا 
ف حال الدراسات الكلاسيكية ككل. لكننا نعنى 
فى الداقم عركة الدرابنات العلاسيكية العالية 
التى-بصفة عامةأولت الدراسات الإغريقية 
اهتماما يفوق ما أولته للدراسات اللاتينية. 

لكننا من ناحية أخرى نرى أن هذا الانكماش 
النسبي في الدراسات اللاتينية قد جاء كرد فعل 
للعناية الفائقة والتركيز الشديد في هذا المجال 
طوال قرنين أو ثلاثة على الأقل في مرحلة الانتقال 
من العصور الوسطى إلى عصر النهضة. إذ كان 
اهتمام الإنسانيين الكلاسيكيين آنذاك منصبا على 
كل ما هو لاتيني وعلى حساب الدراسات الإغريقية. 
وبصفة عامة-ولأسباب تاريخية وحضارية معروفة- 
كانت النهضة الأوروبية الحديثة لاتينية أكثر منها 
إغريقية. وذلك استمرارا للانقسام الذي وقع في 
نهاية العالم الكلاسيكي القديم بين الشرق الإغريقي 


الأدب اللاتينى 


والغرب اللاتيني. غلما كانت النهضة الأوروبية الحديثة غربية لا شرقية- 
حيث انطلقت الشرارة الأولى من إيطاليا-فإنه كان من الطبيعي أن تتزينا 
هذه النهضة بالزي اللاتيني. 

على أي حال ينبغي الاعتراف بان الفصل بين ما هو إغريقي من جهة 
وما هو لاتيني من جهة أخرى ليس كاملاء بل إنه يستعصي في غالب 
الأحوال أن نفرق بين الجانبين؛ فهما حضارتان متكاملتان. ومن ثم يمكن 
اعتبار الأدب اللاتيني أيضا الوجه الثاني لعملة واحدة هي الأدب الكلاسيكي 
بصفة عامة. فالذي يقرأ صفحات الأدب الإغريقي لا يستطيع التوقف دون 
المضي إلى صفحات الأدب اللاتيني المكملة لكتاب الأدب الكلاسيكي. أما 
الراغب في دراسة الأدب اللاتيني فنحن ننصحه دوما بان يبدأ بالأصول 
الإغريقية. وهنا يلزم التنويه بفضل الدور الحضاري للأدب اللاتيني. فهو 
الذي نقل ثمار التجربة الإغريقية الكلاسيكية عبر الأدب السكندري إلى 
عصر النهضة الأوروبية. وفي كثير من الحالات عرف الأوروبيون المحدثون 
بعض روائع الأدب الإغريقي عن طريق نصوص الأدب اللاتيني قبل أن 
يصلوا إليها في النصوص الإغريقية. ونضرب لذلك مثلا بسينيكا الشاعر 
الفيلسوف الذي كان له الفضل الأول في تعريف الأوروبيين المحدثين بأصول 
الكتابة الدرامية. وعن طريق مسرحياته عاد الأوروبيون بعد ذلك إلى 
أيسخولوسء وسوفوكليسء ويوريبيدس. ويقال الشيء نفسه عن بلاوتوس 
وترنتيوس شاعري الكوميديا الرومانية فلهما من التأثير في مسرح عصر 
النهضة ما لا ينكره أحد وتشهد به مسرحيات شكسبير وموليير وغيرهما. 

وبالطبع يمكن أن نضرب مزيدا من الأمثلة فنذكر كلا من شيشرون؛: 
وكاتوللرسء وفرجيليوسء وأوفيديوس وغيرهم. لكننا نكتفي بهذه الإشارة 
السريعة تاركين لصفحات هذا الكتاب مهمة التعريف يمدى تأثير أقطاب 
الأدب اللاتينى فى الآداب العالمية والإنسانية. 

لا سقطيم أن يلكو ناكر أن اللغة اللاتينية هي الأشيع الآن في كافة 
الدول الأوروبية والأمريكتين. ونعني أن الأسماء والمصطلحات اللاتينية هي 
الأغلب في لغات كل الدول الغربية بما في ذلك أمريكا اللاتينية. وحتى في 
حالة ما هو أصلا إغريقي نجد الناس يعرفونه باسمه اللاتيني. فمثلا 
نقول عن شبه الجزيرة الإغريقية: التي تقع فيها أثيناء نقول «أتيكا» بدلا 


مقدمه 


من استخدام اسمها الإغريقي «أتيكي» ونقول هيلينا بدلا من هيليني وهكذا . 

وبفضل استناد الأدب اللاتيني منذ نشأته إلى النماذج الإغريقية فإنه 
قد ولد منن البداية متعدد الاتجاهات متشعب الأغراض متشابك الخطوط 
والميول. وهذا ما يجعل مهمة تاريخ الأدب اللاتيني عسيرة ومضنية. فنحن 
مثلا كنا نفضل تتبع كل فن أدبي على حدة منذ بدايته وحتى نهايته؛ لكننا 
عدلنا عن ذلك حرصا على الإلمام بالخلفية السياسية والفكرية لتطور 
الدب اللاتيني من جهة؛ وعلى إبراز فكرة التفاعل المستمر بين كافة فنون 
الأدب اللاتيني من جهة أخرىء كما أنه ينبغي إلا نفرط في الرؤية الشمولية 
لكل مرحلة من مراحل التطور الأدبي. 

وواجهتنا مشكلة أخرى منن بداية العمل في هذا الكتاب وحتى اللحظة 
الأخيرة؛ وهي العنوان. فكثير من الكتب تحمل عنوان «الأدب الروماني»». 
ورأينا نحن من جانبا أن نطرح هذا العنوان جانبا لأن الأدب الذي يتناوله 
هذا الكتاب ليس كله رومانيا أو حتى إيطاليا.. وسنكتشف بعد تصفح هذا 
الكتاب أن الكثيرين من الشعراء والخطباء والمؤرخين والفلاسفة لم يكونوا 
إيطاليين بل جاءوا من هذا الطرف القصي أو ذاك من أطراف الإمبراطورية 
الرومانية التي شملت كل العالم المعروف قديما . ومن ثم كان عنوان «الأدب 
اللاتيني» أكثر ملائمة للواقع التاريخيء وأكثر اعترافا بمساهماتنا نحن 
أبناء الحضارات الشرقية القديمة وأبناء آسيا وأفريقيا في هذا الأدب 
المكتوب باللفة اللاتينية والذي لا يصح أن ننسبه إلى روما فقط. 

وبعد فنرجو أن يكون كتابنا هذا مجرد خطوة تمهيدية على طريق طويل 
وممتد إلى المستقبل حيث ستسير عليه بإذن الله أجيال أخرى من الكتب 
والدارسين المتخصصين والمتوفرين في الأدب اللاتيني: والواعين بما له من 
ارتباط وثيق بحضارات الشرق القديم والحضارة العربية الإسلامية 
والحضارة الأوروبية الحديثة. 


د. أحمد عتمان 


البباب الول 


كدب النشاخة 
من السدايات حتى كام 7١‏ قّ. م. 


«جائزة الفضيلة هي الفضيلة نفسهاء فهي أفضل الجوائز 
إنها في الوافع تأتى قبل كل شيء 

بها تحتمي وتسلم الحرية والآمان والحياة نفسها 

وكذا الثروة والآباء 

والوطن والأبناء 

نعم. تملك الفضيلة داخل نفسها كل الأشياء. 

فمن كل الفضيلة امتلك كل الخيرات». 


(بلاوتوس: أمفيتريون:؛ أبيات 653-648) 


الوزن الساتورضي 
والوواد الوافل 


١‏ - الوزن الساتورني والأدب الشفوورى: 

كانت الفترة الممتدة ما بين عام 753 ق. م-التاريخ 
التقريبي والأسطوري لتأسيس روما على يد 
رومولوس وريموس-وعام 240 ق. م فترة قحط أدبي 
وق كنال فى 'بطالباءا لكن بمو القظرة تسيا 
تعد في المجالين العسكري والسياسي مرحلة البناء 
وفصر الأمنجاد: إذ كتغطي بخمسة قرون من 
الفتوحات المتتالية ولا تثورها سوى انتكاسات 
طفيفة؛ لا تلبث أن يتخطاها أهل روما مندفعين 
في طريقهم إلى الآمام بقوة أكبر من ذي قبل. وضي 
النهاية أكدت روما زعامتها لكل إيطاليا تقريبا بعد 
نضال مرير وكفاح مجيد . وفي عام |24 ق. م خرجت 
روما منتصرة من الحرب البونية (الفينيقية (الأولى 
ضد قرطاجة. ويهذا الانتصار وضعت روما قدمها 
على أول الطريق نحو تحويل حوض البحر المتوسط 
القروى (والشترك هيما يس) إلى بحيرة رومافية 
كنواة أولى وجوهرية في تأسيس الإمبراطورية 
الرومانية مترامية الأطراف. 

كن |وسع تشاعو الفحرى خسيياكة عام 


الأدب اللاتينى 


من تاريخه بلا أدب أمر غير مقبولء أو هو على الأقل محير وجد ملغز. 
لذلك شرع الدارسون المتخصصون في البحث عن تفسير لهذه الظاهرة. 
وساد رأي بارثولد جورج نيبور (1831-1776): فحوى رأي نيبور-الذي ساد 
روما طويلا من الزمن-أنه كانت في إيطاليا ملاحم شعبية كبيرة تناقلتها 
الأجيال المتتالية شفويا من قديم العصور ثم تلاشت مع مرور الزمن ". 
لكن نظرية نيبور لم تصمد للنهاية أمام التحفظات التي أثارها الباحثون 
وأهمها انه لو كان هناك بالفعل تراث شعري شفوي ناضج لاستطاع أن 
يفرض نفسه على عوامل الزمن والنسيان أو الضياع والاندثار. ولظهرت له 
آثار واضحة على النتاج الشعري التالي له والذي وصل إلى أيدينا بالفعل 
أو لاستطاع أن يخلق لنا هو ميروسالاتينيا جديدا. ولكن شيئًا من هذا 
القبيل لم يحدث بل إن الآدب اللاتيني لم يخط خطواته الجبارة نحو 
الصقل والنضوج الذهبيين إلا بفضل التأثير الإغريقي كما سنرى فيما 
بعد. 

ولهذا السبب اتجهت الدراسات الحديثة إلى محاولة تقليل ظاهرة الجدب 
الأدبى والقحط الفنى فى القرون الخمسة الأولى لروما بعدة عوامل أهمها 
ميل الروهان الأؤائل بصفة هامة إلى التاحية العملية من الحيأة على حساتب 
الأدب والفن والخيال. لقد تميزوا بالصرامة والرزانة والخشونة وكان جل 
اهتمامهم محصورا في ميدان الحرب والضرب. «ولم تكن حرفة الشعر 
عندهم شرفاء فإذا اهتم بهذا الأمر شخص ما كان يتطفل على المآدب كما 
كان يطلق عليه اسم الصعلوك». هذا ما جاء في كتاب كاتو الرقيب (234- 
9 ق. م) بعنوان «أغنية عن الأخلاق»: واحتفظ لنا بهذه العبارة أولوس 
جيليوس (القرن الثاني الميلادي (في مؤلفه «الليالي الأتيكية2. 

ومن الأسباب التي سبغت لتعليل ظاهرة الخمسة قرون الرومانية غير 
الأدسة عويح الامشغرار اللعريء كالاعة اللاية كائع فسير يبط ديد 
جدا وراء الجيوش الرومانية المحاربة والفاتحة في أنحاء إيطاليا ذات اللغات 
واللهجات العديدة. فلقد استطاعت هذه الجيوش أن تضم أراضي شاسعة 
إلى الممتلكات الرومانية؛ ولكن النصر لم ينعقد للغة اللاتينية على سائر 
اللهجات الإيطالية إلا بعد ذلك بوقت طويلء وفي فترة متأخرة من التاريخ 
الروماتك 7 


الوزن الساتورنى والرواد الأوائل 


إن كلمة (مهدسدت) اللاتينية لم تكن تعني فقط-كما ورد عند سيرفيوس- 
«كل ما نظم شعرا». ولكنها شملت كل ما صيغ من كلام وأخذ قالبا ما مثل 
الصلوات وأعمال السحر والأحكام القانونية والحكم وما إلى ذلك . 

ومما لا شك فيه أنه كان للرومان على المستوى الديني كتبهم التي تضم 
أسماء الآلهة وطرائق عبادتهم. كما أنهم بلا ريب قد رددوا أناشيد الحرب 
والعمل وأغنيات الأطفال لتدليلهم أو تنويمهم في المهد؛ وكذلك أغاني الزواج 
وما إلى ذلك في مناسبات اجتماعية ودينية. وهناك وصف لهذه «الأناشيد» 
أو الأغنيات عند كل من شيشرون وهوراتيوس 7"). وأهم ملمح نلاحظه هو 
أنها ليست بالضرورة موزونة؛ فهي أحيانا مقطوعة نثرية مقفاة. ذات جمل 
متساوية وجناس صوتي. وتلك هي السمات التي تخلع عليها طبيعة الفن 
والأدب وتفرق بينها وبين لغة الحديث اليومي. كما أنها بذلك تأخذ الشكل 
الذي فصلي مبائحة لقادية شرف ديقي كان أم غير ذلكء فالقافية 
والسجع أو الجناس الصوتي تعطي هذه المقطوعات طابع الرسمية وسمة 
الجدية. وأطول مقطوعة وصلتنا هي التي حفظها كاتو الأكبر)كتبت حوالي 
0 ق.م تقريبا (» وهي منظومة لكي تؤدى أثناء الاحتفال السنوي بالخصوبة 
أو تطهير الأرض ©. ولقد تركت هذه الأناشيد-بالشكلية اللغوية ومظهر 
الجدية والوقار المقصودين-تأثيرات ملحوظة في الأدب اللاتيني كله نثرا 
وتشعوا حتى اننا تلمسن هده الكاقراضه ضنى فرحرايوس فيه 7 

وحفظ لنا شيشرون رواية عن كاتو الأكبر تصف إلقاء بعض هذه الأناشيد 
حول المآدب. وهي في الغالب أغان بطولية كانت تتوارثها الأسر الرومانية 
العريقة. ولقد كرر فارو هذه الرواية نفسها ولكننا للآأسف لا نملك الدليل 
الكافي لخلق تصور عام عن الأدب اللاتيني القوي فيما عدا حقيقة أن كافة 
الشعوب قد عرفت مثل هذا النوع من الأناشيد في مراحلها المبكرة. وتكمن 
المشكلة في أن المؤرخين الرومان الذين عاشوا إبان القرن الثاني ق. م 
وأخذوا على عاتقهم إعادة تشكيل التراث الروماني المبكر قد نجحوا في 
طمس أي أثر للمصادر الرئيسة الأصلية عن ذلك التراث. وأكثر من ذلك 
أنهم كانوا على استعداد لاختراع «ما قبل التاريخ» لكل فن من فنون الأدب 
اللاتينى على منوال مما حدث فى الأدب الإغريقى. 

وغندها وسلت الفاخيرات الاغرظية إلى الأدب الاكي وعدت تكد 


الأدب اللاتينى 


أحسن حالا من شعره. ويعبارة أدق كان النثر قد اكتسب بالفعل صفاته 
التعلية المميؤه والتى ستعال مجه إلى الدواية وح يمن يه بالمؤخرات 
الإقريقية ,ذلك أن هن الخنتاية وكتابةالحوليات على ين الكينة الحريضية 
على الاحتفاظ بسجلات طقوسهم الدينية. مثل هذه الكتابات كانت قد 
مهدت الطريق لظهور النثر الأدبي المتطور على يد الخطباء والمؤرخين العظماء 
فيما بعدء كما كانت نصوص القوانين الرومائية تعلن على الملا فيحفظونها 
عن ظهر قلبء فساعد كل ذلك على تطوير فن النثر اللاتيني كوسيلة تعبير 
أدبية ناضجة. وهكذا تفوق النثر اللاتيني على الشعر قبل وصول التأثير 
الأغريض بنقاء وضغاء العيازة ولي هذا أسرااغرييا على بشعب عملي 
قلي الحروب والسياسة في يمياكه الدون الركيس. 

وعلى أي حال فلقد ألقى بعض الدارسين مسؤولية عدم تطوير الشعر 
اللاتيتي بدوجة تطوير التثر نفسها على غاتق الوزن السائورني أقدم وزن 
لاتيني عرفناه. فهو لم يكن في رأي هؤلاء الدارسين أداة متكاملة وطيعة في 
يد الشعراء. 


2- الرواد الأواضل 
ليفيوس أند رونيكوس مترجما مبدعا: 

في العصر الذي عاش فيه إراتوسثنيس القوريني (حوالي 275- 194 ق. 
م) كان الجيل الثاني من علماء الإسكندرية ومديري مكتبتها قد شرعوا 
يلتفتون حولهم: أي إلى العالم الخارجي غير الإغريقي؛ وبدأت حركة ترجمة 
واسعة من اللغات الأجنبية إلى الإغريقية وشملت لوائح قانونية وكتابات 
تقنية وسجلات. ولعل أهم عمل ترجموه هو ما يعرف باسم الترجمة 
السبعينية للعهد القديم 7. ومن ثم فإن أعمال ليفيوس أندرونيكوس 
ونايفيوس تأتي كصدى لما تم في الإسكندرية؛ بيد أن مهمتها كانت أكبر 
وطموحاتها كانت أرحب. ذلك أن السكندريين قد انشغلوا بالمحتوى عن 
الأسلوب. كان المضمون الفكري والفلسفي لا الشكل الأدبي هو الذي شدهم 
للترجمة. وعلى النقيض من ذلك كان هدف أندرونيكوس هو أن يقدم للرومان 
عملا فنيا لا يقل الشكل فيه أهمية عن المضمون. ولعل أندرونيكوس بذلك 
يكون أول أديب في العالم يواجه مشكلات الترجمة الأدبية بنجاح. ويمكن 


1“ 


الوزن الساتورنى والرواد الأوائل 


القول إن إنجاز هذا المترجم هو الذي حدد الخطوط العريضة لمسار الأدب 
اللاتيني كله. إن ما قام به أندرونيكوس يعد بمثابة إعداد لاتيني-لا ترجمة- 
للروائع الإغريقية مع حرص شديد منه على المحافظة على الجوهر الأصيل 
لهذه الروائع. 

شرع أندرونيكوس في ترجمة «أوديسيا» هوميروس في الوزن الساتورني 
وهي أطول قصيدة تنظم في الشعر اللاتيني من بدايته إلى نهايته. وظلت 
هذه الترجمة شائعة في روما ردحا طويلا من الزمن وعدت كتابا مدرسيا 
رائعا حتى أن هوراتيوس تعلمها على يد أستاذه أوربيليوس. 

ويكفي ترجمة أندرونيكوس «للأوديسيا» شرفا ومجدا أنها هي التي 
متحت البداية الحفيقية الأدب اتلارنى إذ لحف فى إنجاذ أللقة اللاتينية 
الشعرية القادرة على نقل ملحمة إغريقية ضخمة. وهكذا يمكن أن نعتبر 
اندرونيكوس أول مترجم مبدع في العالم؛ فهو بترجمته هذه يحتل الصفحة 
الآولى في تاريخ الآدب اللاتيني المدون. 

ولعل أندرونيكوس كان الشخص الوحيد الكفء الموجود في روما عندما 
فكر المسؤولون السياسيون في إقامة عرض مسرحي تراجيدي وآخر كوميدي 
يقدمان في إطار الآلعاب الرومانية التي نظمت في سبتمبر عام 240 ق.م 
ووصلنا بالفعل من أندرونيكوس عناوين حوالي ثماني مسرحيات تشهد 
بتأثير سوفوكليس ويوريبيديس ولكن الشذرات المتبقية صغيرة جدا . وهناك 
شذرة واحدة جاءت من مسرحية «الحصان الطروادي» ويرجح أنها من 
حديث سينون إحدى الشخصيات بالمسرحية. وإن صح ذلك فإن معناه أن 
أندرونيكوس استطاع أن يتخلص من الجوقة الإغريقية وينظم لنفسه أغاني 
أصيلة؛ وهذا ما انتقل إلى كتاب الكوميديا الرومانية فيما بعد . ويحتمل أن 
أندرونيكوس قد أعطى لنفسه حرية أكبر في التصرف وهو يتعامل مع 
الآصول الإغريقية المسرحية ليقدم منها في النهاية إعدادا لاتينيا جديدا . 

وفي أيام الشدة التي مرت بها روما عندما غزا هانيبال إيطاليا وبالتحديد 
عام 207 ق. م كلفت الدولة أندرونيكوس مرة أخرى-وبعد استشارة النيوءات 
السيسيللينية-بنظم نشيد احتفالي تؤديه جوقة من العذارى في موكب يسير 
في الطرقات بهدف درء الفأل السيىّ والخطر الداهم. وعندما تم ذلك 
بالفعل وانزاح الخطر تم الاعتراف الرسمي من قبل الدولة بجماعة الأدباء 


الأدب اللاتينى 


واللمظلين رمدي فى القجمة: إكان ركهم الركيس فى شهزن وي السكية 
والعقل منيرفا فوق تل الأفنتين أو الأفينتينوس أحد تلال روما السبعة. 

ومع أن أعمال أندرونيكوس ظلت معروفة في روما حتى نهاية العصر 
الجمهوري إلا أنها آنذاك لم تكن بالطبع من الأعمال الشعبية المفضلة, 
فلكل عصر ذوقه. ولقد قارن شيشرون «الأوديسيا اللاتينية» بأعمال 
دايدالوس المهندس الأسطوري البارع في النحت. وذلك نظرا لما فيها من 
بدائية وخشونة وفخامة. وقال شيشرون كذلك إن مسرحيات أندرونيكوس 
لا تحتمل التتراءة الكانية ولا تستحقها . أما الؤرع ليقيوبي فلع يججد في 
النقون الاننالي المتظلوع هام 207ق م ما يصق العسجيل» ومن ثم ظلم 
يجهد نفسه في كتابة كلماته وهو يؤرخ خ لأحداث ذلك العام. 


نايفيوس والنكهة الرومانية: 

ولد جنايوس نايفيوس (115وعة21 .من ) في المنطقة المحيطة بمدينة كابوا 
التي كانت على علاقة وثيقة بالمستعمرات الإغريقية والرومانية هناك. بيد 
أن نايفيوس إيطالي قح وكان دائم الزهو بذلك. ظهر أول عرض مسرحي له 
عام 235 ق. م؛ أي بعد خمس سنوات من ظهور أول عمل لمعاصره الأسبق 
أندرونيكوس. اشترك نايفيوس في الحرب البونية الآولى (241-264 ق. م) 
أما في أثناء الحرب البونية الثانية (202-218 ق. م) فيحتمل أنه فضل 
سياسة فابيوس كونكتاتور (أي المؤجل أو المتأني:20اعصد0 وناذطة من هنا 

جاء مصطلح الاشتراكية الفابية في اللغات الحديثة). وكانت سياسة فابيوس 
التأجيلية هذه على النقيض من السياسة التي اتبعها آل ميتيللوس وآل 
كيبيو. ويبدو أن نايفيوس قد حذا حذو أريستوفانيس في انغماسه الشديد 
في النقد السياسي الصريح والمباشر بل بالاسم. وهذا ما جلب على نايفيوس 
ويلات النزاع والصراع مع السلطات. فعندما أصبح كوينتوس كايكيليوس 
ميتيللوس قنصلا عام 206 ق. م أعلن نايفيوس في إحدى كوميدياته ومن 
فوق خشبة المسرح: 

«بالقدر وحده أصبح آل ميتيللوس قناصل في روما» 

وهو بيت جد غامض فهو يحتمل المدح والقدح: بيد آن رد الفعل العنيف 
من قبل آل ميتيللوس يجعلنا على يقين من انه كان يعني قدحا سافراء 


106 


الوزن الساتورنى والرواد الأوائل 


بمعنى أنهم بالحظ فقط وصلوا أعلى منصب في الدولة» وبالفعل وضع آل 
مالس إعلانا فى مكان هام يروما حمل هذا الزييت: 

«سيرد آل ميتيللوس للشاعر نايفيوس سوء ما فعل» 

وظل هذا البيت مشهورا يضرب به المثل حتى أيام شيشرون ". ولقد 
نفن آل ميتيللوس وعيدهم. فبإيعاز منهم م لقي القبض على نايفيوس عام 
4 ق. مء ريما بتهمة «تأليف أغان سيئة». وكانت قوانين الألواح الإثنى 
عشر قد حرمتها. ويبدو أنه قد أطلق سراح نايفيوس لأنه نظم كوميديتين 
هما «أريولوس» (وسامتقتك)؛ ودليون» (دمع.آ).: ولم يتورع نايفيوس عن السخرية 
حتى من سكيبيو نفسه. وفي النهاية تم نفيه ومات في أوتيكا الأفريقية عام 
0١‏ ق.م ومن الشذرات القليلة التى وصلتنا من أعمال نايفيوس نقطع بأنه 
كمؤلف كوميدي كان ذا شخصية قوية بحيث يمكن وضعه جنبا إلى جنب مع 
بلاوتوس. وتدل العناوين التي اختارها نايفيوس على أنه لم يستمد موضوعاته 
من الكوميديا الحديثة فقط بل امتدت يداه أيضا إلى الكوميديا الوسطى. 
تعرفها الكوميديا الإغريقية في مرحلتيها هاتين المتأخرتين وإن كانت 
الكوميديا القديمة سياسية بالدرجة الأولى. صريحة في النقد كما لم 
يتكرر أو يحدث في تاريخ المسرح حتى الآن وربما لن يحدث أبدا . 

نعلم قدرا لا باس به عن مسرحية نايفيوس «تارنتيللا»: ويعني العنوان 
«قتاة تارنتم» أو «التارنتية الصغيرة». وفى هذه المسرحية نشاهد أبوين 
يتعقبان أثر ابنيهما اللذين أنفقا ما ورثاه من ثروة على فتاة لعوب من تارنتم 
والتى يصفها الشاعر على لسان إحدى الشخصيات فيقول: 

«كانت كأنها تضرب بالكرة فى ملعب. فتعطى كلا دوره 

وتسمل مق تدهأ كا شاتماء تج يحالحيها لهذا 

وبعينها لذاك. وتحب هذا وتحتضن ذاك 

في مكان يدها في شغل؛ وفي آخر ضغط على قدم 

تمنح خاتما لشخ ص كي يراه وتدعو بقبلة شخصا آخر 

وبينما هي تغني لشخص,ء إذ بها تبعث رسالة إلى آخر 

بإشارة من أصايعها». 

(ترجمة د . سليم سالم) 


الأدب اللاتينى 


وفي مسرحية «أريولوس» ورد ذكر لضيوف من براينستي ولانوفيوم 
وهذا ما يشي بالجو الإيطالي العام للمسرحية. ولعل هذه المسرحية-برغم 
عنوانها الذي له مقابل في الكوميديا الإغريقية-من نوع المسرح الروماني 
المحلي ذي الملابس (الموضوعات) الرومانية. وعلى أي حال فلقد وصلنا من 
نايفيوس ثمانية وعشرون عنوانا عن طريق شذرات متفرقة وصغيرة. ويظهر 
مجمل هذه الشذرات الطابع الروماني الغالب على أعمال هذا الشاعر 
الكوميدي «الواقعي». فنايفيوس يميل للألوان المحلية ولرسم شخصيات 
ذات خلفية اجتماعية. ومن هذه الشذرات نعلم أن بلاوتوس يدين بالكثير 
للغة تأيفيؤس: 

وإلى نايفيوس يرجع الفضل في ابتداع المسرحية الرومانية القومية 
المسماة «المسرحية ذات العباءة الأرجوانية» نسبة إلى العباءة الرومانية ذات 
الشريط الأرجواني»: والتي كان يرتديها الرسميون الرومان. وتآأخذ هذه 
السريدراك ووظو عاقيا مذ الأحداث التاريخية بما في ذلك الأحداث 
المعاصرة للشاعر نفسه. ولنايفيوس ثلاث مسرحيات من هذا النوع هي 
«كلاستيديوم» و«رومولوس» و«لوبوس». وهناك من يرى أن العنوانين الأخيرين 
لمسرحية واحدة فقط هما بمثابة إعداد مسرحي للأسطورة التاريخية حول 
التوأم رومولوس وريموس مؤسسي روما. أما «كلاستيديوم» فهي بمثابة 
مسرحية تكريمية تحتفي بانتصار ماركوس كلاوديوس ماركيللوس على 
فيردوماروس الغالي وفوزه بالأسلاب الكبرى وذلك عام 222 ق. م. 

ومن الواضح أن نايفيوس لا يميل كثيرا إلى التراجيديا بالمفهوم الإغريقي 
بيد أنه نظم بعض التراجيديات. ووصلتنا عناوين بعض هذه التراجيديات» 
يتفق عنوانان منهما مع آخرين منسوبين إلى معاصره الأسبق أندرونيكوس» 
مما يعني أنه من المحتمل أن نايفيوس أخذ هذين الموضوعين من الأصل 
الإغريقي نفسه لمسرحيتي أندرونيكوس . وأطول شذرة متبقية من تراجيديات 
00 هي التي لين طيحي «داناي» أو «بنات داناؤوس» (عقصهط), 
ومنها نعرف أن نايفيوس مثل أندرونيكوس كان ينظم «أغاني» أصيلة من 
ابتداعه بالوزن الثلاثي. ومن العناوين الباقية لنايفيوس نعرف أنه كان 
يفضل دائرة الملاحم الطروادية. فله تراجيدية بعنوان «الحصان الطروادي»» 
و«هيكتور راحلا». ولعل اهتمام شعراء التراجيديا الرومان المبكرين بالأسطورة 


الوزن الساتورنى والرواد الأوائل 


الطروادية يدل على أنه قد استقر بذهن الرومان الآن أنهم من أصل طروادي. 

أما رائعة نايفيوس فهي بحق ملحمة «الحرب البونية»» إنها بمثابة حوليات 
تكن في سلوب يسنيظم لكله مؤكرقضة الحرب البونية الأول الحي ترك 
فيها الشاعر نفسه. ومن المحتمل أن يكون نايفيوس الذي كتبها في سن 
الشيخوخة قد أفاد من بعض المصادر التاريخية السابقة مثل: مؤلف فيلينوس 
من أجريجنتم الذي كان يناصر القرطاجيين؛ وكذلك «الحوليات» الإغريقية 
المنسوبة لكوينتوس فابيوس بيكتور. بيد أن التجربة الشخصية لجندي محارب 
هي فعلا التي صنعت هذه الملحمة؛ فهي تتسم بالحيوية والدقة. وفي ملحمته 
تعرض نايفيوس لأسطورة تأسيس روماء ولقصة الملكة القرطاجية ديدو 
وحبها لاينياس كبداية لمشاعر العداوة بين روما وقرطاجة. فلقد خذل آينياس 
ديدو وهجرها فانتحرت أسفا لفراقه. ويقول كتاب التعليقات القديمة على 
«إينيادة» فرجليوس إنه قد أغاد من سلفه المبكر نايفيوس في هذا الصدد. 
أما شيشرون فيقارن ملحمة «الحرب البونية» بأعمال النحت التي أبدعها 
ميرون. ونعلم من هوراتيوس أن «الحرب البونية» كانت لا تزال تقرأ في 
أيامه. 

وهناك إبجرامة من أواخر القرن الثاني ق. م تقول بشيء من المبالغة: 
إن موت نايفيوس كان يعني موت اللغة اللاتينية في روما . وبقول البعض إنه 
هو الذي نظم هذه الإبجرامة بنفسه 7" ويقول فيها: 

«إذا كان من الممكن أن يبكي الآلهة الخالدون البشر الفانين 

فلتبك كاميناي (ربات الشعر) نايفيوس الشاعر 

ذلك أنه بعد أن مات وسكن عالم أوركوس السفلي 

نسي الناس في روما أن يتحدثوا باللاتيية» 

ولقد قسمت ملحمة «الحرب البونية» إلى سبعة كتب على يد جايوس 
أوكنافيوس لامباديو في القرن التالي لنايفيوس. ويعد ترتيب الشذرات 
المتبقية من هذه الملحمة من المشاكل الأدبية المثارة دوما بين الباحثين 
المتخصصين. ومن المحتمل أن نايفيوس قد بدأ بوصف الحرب البونية 
الأولى: وأن الإشارات الأسطورية التي تتحدث عنها الشذرات لا تمثل سوى 
استطرادات في الرواية الملحمية وهو تقليد موروث من عهد هوميروس. 
ومن الشذرات تأكدنا أن نايفيوس كان بمثابة الرائد لفرجيلوس في وصفه 


ناا 


الأدب اللاتينى 


لمغامرات الطرواديين لقيادة آينياس في طريقهم إلى إيطاليا ومرورهم 
بقرطاجة ومن ثم حكاية ديدو مع آينياس. وتحفل ملحمة «الحرب اليونية» 
بالعقر وى لوووك لحيس لال ووصارق ابح اللاووع در الففستاق كزان فا رفيونق 
غامر مغامرة مثمرة عندما خطا بالشعر اللاتينى المللحمى من مرحلة الترجمة 
الاق بسسثاها الينيويى كدرو كيين إلى العاليت الإبذ اع والماصيل وعالضة 
موضوع محلي وقومي. ولم تبق الآلات سوى خطوة واحدة-تركت لإنيوس- 


إنيوس أبو الأدب اللاتينيى: 

عاش كوينتوس إنيوس (5تائصم8 010005) سبلين عاما. إذ ولد عام 239 ق. 
م ومات عام 169 ق. م. جاء من رودياي (10136) في كالابريا وهي ملتقى 
العناصر الحضارية الآتية: الإغريقية من تارنتم: والأوسكية والرومانية من 
برونديسيوم (برنديزي). ولذلك دأب إنيوس على القول إنه ذو ثلاثة أفئّدة, 
مما يعنى أيضا أنه كان يعرف اللغات الثلاث الإغريقية والأوسكية واللاتينية, 
وذلف بالاساقة إلى اله مد موقي التسائية م011 ولا تعرظ عقيا 
شيئا يذكر. وفي مطلع شبابه خدم إنيوس في القوات الرومانية المساعدة 
إبان الحرب البونية الثانية في سردينيا. وهناك التقى به كاتو الآكبر الذي 
ريما كان يشغل منصب الحاكم المالي (7مئ5ع003) بعد أن عاد من أفريقيا 
عام 204 ق. م. وأثارت شخصية إنيوس ومواهبه هذا المفكر الروماني الكبير 
حتى أنه اصطحيه معه إلى روما. 

وفي روما انهمك إنيوس في أنشطة أدبية متعددة؛ فقام بتدريس اللغة 
الأغريقية, وخاطتر طلايه:فن الشعر واهد للمسرح يعهن السرحيات 
الإغريقية. عاش إنيوس في منزل متواضع فوق تل الأفنتين حيث يقع مقر 
جمعية الآدباء والممظينوسرظان ماق ق (تيودن طريقه إلى الدواكز الروماتية 
المتأغرقة من أبناء الطبقة الأرستقراطية فاصبح من أصدقائه ورعاته 
شخصيات مرموقة مثل سكيبيو أفريكانوس (الأفريقي) وسيكيبيوناسيكا 
وماركوس فولفيوس نوبيليور. وعلى نحو ما كان يحلو لقادة وملوك العصر 
الهيللينستي اصطحب الأخير إنيوس في أثتناء حملته على إقليم أيتوليا عام 
9 ق.م على أمل أن يتغنى الشاعر بأمجاده. ونال القائد الروماني كل ما 


الوزن الساتورنى والرواد الأوائل 


تمنى لآن إنيوس في شذرة مشهورة له (من «الحوليات» الكتاب السابع) 
يصور نبيلا رومانيا وصديقا له من طبقة أدنى. ويرى كثير من الدارسين أن 
هذه الشذرة تصور العلاقة بين نوبيليوس وإنيوس. والجدير بالذكر أن 
الشاعر أشاد بهذا القائد الروماني النبيل في مؤلف آخر هو «امبراكيا». 
وعندما أسس كوينتوس ابن هذا القائد النبيل مستعمرة أو مستوطنة عام 
4 ق. مء وذلك بوصفه عضوا في «لجنة ثلاثية لتأسيس المستوطنة». وهب 
حقوق المواطنة الرومانية في هذه المستوطنة للشاعر إنيوس. فما كان من 
الأخير إلا أن تغنى بهذا الجميل وقال: 

«أنا الذي كنت قبلئد من رودياي أصبحت الآن رومانيا» 

وإذا أردنا أن نحصي مجمل ما أنتجه إنيوس لوجدناه يقع في: 

- «الحوليات» وتضم ثمانية عشر كتابا . 

- عشرين مسرحية تراجيدية على الأقل. 

- مسرحيتين تاريخيتين من ذوات الموضوعات الرومانية. 

- مسرحيتين كوميديتين من نوع المسرح ذي الموضوعات الإغريقية. 

- أربعة كتب من أشعار الساتورا 

- أشعار أخرى متفرقة. 

ولا نستطيع ترتيب هذه الأعمال ترتيبا زمنياء فنحن لا نعرف سوى أن 
مسرحية «ثيستيس» (5عئزده:151) كانت من نتاج عامه الآخير في هذه الدنيا. 
كما أنه من المرجح أن «الحوليات» من أعمال شيخوخته. 

وبالنسبة لمسرح إنيوس نجده يفضل التراجيديا على الكوميدياء وهذا 
ما ينسجم مع انطباعنا العام عن شخصيته. ومن تراجيدياته نعرف عشرين 
عنوانا: إثنى عشر منها يوريبيدية. ومن المحتمل أن تكون ثلاثة عناوين 
أيسخولية؛ وليس هناك عنوان واحد يمكن أن نعتبره سوفوكليا . وقد يكون 
السبب في أن معظم تراجيديات إنيوس مأخوذة عن يوريبيديس أنه يميل 
إلى الأسطورة الطروادية كما أنه بذلك يواصل الخط الروماني في التاليف 
التراجيدي. ولا ننسى ارتباط روما بالأصول الطروادية. فمن مسرحياته 
التي نعرفها نذكر «هيكوبا»». و «إفيجينيا». و«ميديا المنفية» وهي مأخوذة 
غن مسرحيات يوريبيديس. أما مسرحيته «الصافحات» فهي وتوا من 
مسرحية أيسخولوس بنفس العنوان. 


الأدب اللاتينى 


من حسن الحظ أنه قد وصلتنا سليمة الأصول الإغريقية لهذه 
المسرحيات الأربع لإنيوس. فبمقارنة شذرات إنيوس مع هذه الأصول يمكن 
أن نتعرف على طبيعة أعمال الشاعر اللاتيني إلى حد ما. فنلاحظ انه في 
الغالب يلتصق بهذه الأصولء ولكنه أحيانا يخرج عليها ويخالفها. هذا ما 
يحدث فلن شيل الفاك فى يداية #موديا التقية»حيت إن لريية في 
البرولوجوس تبسط الأسطورة وتشرحها. ومن الواضح أن خمسة أبيات 
ونصف بيت في برولوجوس مسرحية يوريبيديس قد ترجم منها إنيوس 
ثلاثة أبيات ونصف بيت,ء وامتد بعد ذلك بالموضوع إلى سبعة أبيات. ويتحول 
أسلوب يوريبيديس الجميل والواضح إلى طنطنة وجناس صوتي وطباق. 
[بابضويلك ميدي عرد كنز يديس 204 وها يليه قد حوله إنبوس إلى 
أغنية متعددة الأوزان. وهذا ما حدث أيضا في المفاجأة التي تلقيها ميديا 
قبيل قتل ولديها على يديها. 

أما حديث مينرفا في «الصافحات» عند إنيوس فليس ترجمة بل هو 
إضافة من عند الشاعر اللاتيني. ومع ذلك يلاحظ قدر من التكلف ومحاولة 
ابتداع قوالب لغوية وميل إلى الأسلوب الفضفاضء وهذا كله يرجح إلى 
محاولة تقليد الأصل الإغريقي الذي ينساب في اتساق شكلي وسلاسة 
طبرم للا تعر ويا الجر وميه أن كل 4ه حلام على انكار ب لبوق 
التراجيدي لا ينال من فخامته ولا فمن أين جاء إعجاب شيشرون به ؟ كما 
نلاحظ ميل إنيوس للتعالم-وهي ظاهرة سكندرية-من تفسيراته الاشتقاقية 
للأسماء الإغريقية. 

وبوسعنا أن نقارن مسرحيتي إنيوس «ألكسندروس» و«تيليفوس» ببعض 
الشذرات البردية للمسرحيات الإغريقية الأصلية. أما فى مسرحيته 
القاريهية الرومائية مقوان «الشانيفاف قز الولف على الأستاظيق 
الرومانية المحلية. وفي «أمبراكيا» يحتفي بفتح هذه المدينة التي أعطت 
اسمها عنوانا لهذه الممسرحية عل يد راعيته نوبيليور في حملته الأيتولية. 

ومن قصائد إنيوس الصغيرة والمتفرقة نذكر «سوتا» التي أخذ اسمها 
من اسم الشاعر الهيللينستي سوتاديس (القرن الثالث ق. م): والذي وضع 
في برميل وأقي في البحر لأنه نظم أبياتا تسخر من زواج بطليموس 
فيلادلفوس من أخته . وتحتفي قصيدة «سكيبيو» بأمجاد سكيبيو أفريكانوس 


الوزن الساتورنى والرواد الأوائل 


المنتصر في معركة زاما. وهذه القصيدة منظومة في الوزن السداسيء ومن 
المرجح أنها نشرت بعد عودة البطل مباشرة من أفريقيا عام 202 ق. م حيث 
قهر هانيبال في عقر داره وأنهى الحرب البونية الثانية. 

أما قصيدة «إبيخارموس» فهي معنونة باسم الشاعر الكوميدي الصقلي 
الذي عاش إبان القرن السادس والخامس ق. م وكانت له اهتماماته الفلسفية: 
ونسبت إليه قصيدة تعليمية في «التاريخ الطبيعي» أو «طبيعة الآشياء». 
وفي مطلع هذه القصيدة-التي ربما تكون مترجمة-يقول إنيوس إنه قابل 
إبيخارموس في الحلم الذي دارت أحداثه في العالم السفلي فتلقى عنه 
مداق الحعية: الريك دونه (القبة ا قو" ا 

وهناك قصيدة أخرى لإنيوس تحمل عنوان «ما لذ وطاب من الطعام» 
وهي تحاكي قصيدة في تذوق الطعام لأرخيستراتوس الصقلي الذي عاش 
في نهاية القرن الرابع ق. م. وبالمثل نجد العمل النثري ل «يوهيميروس» 
ترجمة للأصل الإغريقي بعنوان «التاريخ المقدس» الذي كتبه هذا الفيلسوف 
يوهيميروس حوالي عام 403 ق. م: حيث طرح نظريته عن الأصل البشري 
للآلهة. أي أن الآلهة كانوا في الأصل من البشر الذين عاشوا على الأرض؛. 
وأدوا خدمات جليلة وأعمال خارقة في سبيل خير الناس أجمعين؛ فرفعهم 
البشر إلى مرتبة الألوهية. ويلاحظ أن القوة الإلهية المسبيطرة على هذا 
العمل ليست من المجمع الإلهي الإغريقي ولكنها من جوبيتر الأكبر والأعظم 
إله الدولة الرومانية الرسمي والقومي. وقد وصلتنا شذرات قيمة من هذا 
العمل في كتابات لاكتانتيوس (320-240 م) في ثنايا رده على الوثنية. 

وبقصائده المعروفة باسم «ساتوراي» ابتدع إنيوس شكلا أدبيا جديدا 
مع أنه تأثر فيه بالإغريق واستلهم التراث الشعبي المحلي. فالكلمة اللاتينية 
(هننالة5)-كما سبق أن ألمحنا-تعني «الخلط» أو «الحثو» بمعنى التنوع في 
المحتوى والتغيير في الوزن. ولم تخل هذه القصائد من نقد أخلاقي ولكن 
لا يمكن القول إنها كانت ساخرة. فهذا التطوير لم يأت أوانه بعد وترك 
للشاعر لوكيليوس. وفي قصائد إنيوس هذه نحس بلمسة أيسوبوس (أوائل 
القرن السادس ق. م) ولا سيما عندما يتحدث الشاعر اللاتيني عن طائر 
القبرة الذي لا يترك الحقول إلا عندما يتحرك الفلاح ليحصد المحاصيل. 
أما الحوار بين «الحياة» و«الموت» في هذه القصائد فينتمي إلى بذور الدراما 


الأدب اللاتينى 


الشعبية الرومانية المحلية: والجديربالذكن أن الساتوراى كقع شي أزيعة 
كتب وصلنا منها حوالي سبعين بيتا مع شرح طويل بالنثر لموضوع إحدى 
القصائد التي تدور حول طائر القبرة. 

ويدين الأدب الروماني لإنيوس-فيما يدين-بإدخال فن الإبجرامة 
الإغريقي. ونعلم من شيشرون وسينيكا أن إنيوس نظم إبجرامتين عن سكيبيو 
ربما بهدف أن يحفرا كنقشين على مقدمة وخلفية تمثال له. وينسب شيشرون 
كذلك إبجرامتين إلى إنيوس يتحدث فيهما عن نفسه. الأولى لكي تنقش 
على تمثاله والأخرى لتوضع فوق قبره. والأخيرة نصها كما يلي: 

«لا تدع أحدا يكرمني بدموعه باكيا في جنازتي 

فلم الدموع والبكاء... وأنا حي وسيرتي لا تزال على الشفاه 5 

اعد إتيوس عنوان ملحيته والحوليات» من الحوليات الفسجيلية أو 
المدونات السنوية التي كان يدونها الكهان (015ههة) إذ يكتبون فيها الأحداث 
ويرتبونها عاما تلو عام. وهذا هو النظام الذي اتبعه المؤرخون الأوائل مثل 
كوينتوس فابيوس بيكتورء ولوكيوس كينكيوس أليمينتوس وهما يسجلان 
أحداث الحرب مع هانيبال. وإن كانت الروايات شبه الأسطورية تعود بهذا 
النظام التاريخي إلى الملك (البيثاجوري) نوما بومبيليوس. المهم أن هذه 
المدونات جميعا كانت المصدر الرئيس لإنيوس وهو ينظم ملحمته «الحوليات.» 

بيد أن هذا الشكل التاريخي أي «الحوليات» كان قد سبق واستخدمه 
شعراء إغريق نظموا العديد من المطولات عن تأسيس المدن. وذلك مثل 
قصائد أبوللونيوس الرودسيء. وقصيدة «الحروب الميسيية» لريانوس» 
وقصيدة «موبسوبيا», أو «متفرقات» لإيوفوريون. بل كتبت سير شعرية طويلة 
هيللينستية عن الملوك الأحياء مثل قصيدة سيمونيديس من ماجنيسيا عن 
الطايوكوين الكاله, وقضديدة ليسكيديتن حن اح ماوك أتالوين شن برجامم. 
ولكن أفق إنيوس في «الحوليات» كان أرحب وأبعد من أحلام وطموحات 
هؤلاء الشعراء الهيللينستيين الذين لم يتركوا أثرا عميقا في مسار الأدب 
والفكر. 

وإذا كآن قايفيوس في تسجيله الستري الشعري اي ملحيعةه الحولية 
«الحرب البونية»-قد صور فترة من تاريخ روما-وهي الحرب مع قرطاجة- 
ورسم خلفية أسطورية مستمدة من الموروث الأسطوري القديم حول العلاقة 


24 


الوزن الساتورنى والرواد الأوائل 


بين روما وقرطاجة فإن إنيوس قد وسع دائرة الاهتمام لآأنه نظم ثمانية 
عشر كتانا كن مبة تيدف إلى جرد الثاروخ الزومائي فق ونايعه ويحتى 
أيام إنيوس نفسه. أنها ملحمة تأخن من أسلوب التاريخ الحولي البعد عن 
الطنطنة؛ وتقنية السرد الروائي السلس. يتغنى إنيوس بأمجاد روما في 
شكل وأسلوب الملاحم الإغريقية؛ ومن ثم فإن إنجازه الرئيس يتمثل في 
خان ملحمة إخريقية الشكل زومانية الروع والمظمون: وليشت الريات الملهمات 
لإنيوس هن الكاميناي الإيطاليات-كما هو الحال عند ليفيوس أندرونيكوس 
وتايشيوس كب سوريات القتون سباكنات الأوليسوسن أ اكومباى «ويعد إتنوسن 
اسه هونيؤون الروفاني سن بعيدفة إنه اللبدع الحفرقي اللشهر اللسيني 
اللاتيني. وتبدأ «الحوليات» بحلم يرويه لنا المؤلف وفيه يعلن هوميروس 
لإنيوس أن روحه قد تقمصته. وقد يكون ذلك من باب المجاز الشعري ولكنه 
من ناحية أخرى يعكس التعاليم البيثاجورية عن تناسخ الأرواح. 

قازل إوس هن الوؤن الماعوركي القومي يكبنيا "الوزن السراسي 
الهوميري وهو بذلك قد حقق خطوة هائلة في مسار الأدب اللاتيني. ويكتشف 
الفاقن: امدق مدحة هوغورية ل اسنرف ولقة الهو افوا تفي دلق 
السقات االحبية الغليدية والقضييهات: الخرقية وما إلى ذللت ميك أن الور 
الرومانية حاضرة حضورا ملموسا. فالمصطاح الديني المستخدم لوصف 
نظام العرافة الخاص برومولوس وريموس مصطلح روماني صرف. وتتجسد 
سمات اللغة اللاتينية في عبارات إنيوس القوية مثل قوله: 

«رجل واحد أعاد لنا الجمهورية سالمة بالتأني» 

ومن المرجح أن إنيوس عكف على نظم «الحوليات» طوال العقد الأخير 
عن حيا داعيو عل سيل اللقال فى الكتابي السنادنى عفر يعس اماد 
تيتوس كايكيليوس تيوكر وأخيه في الحروب الإيسترية أو الهيسترية) نسبة 
إلى إيستريا 19618 أو(612ا8115 عام 188/178 ق. م.) ويقول بلينيوس الأصفر 
إن إنيوس الذي هزته هذه الأمجاد العسكرية تعدى الحد المرسوم «للحوليات», 
أي خمسة عشر كتاباء وأضاف إنيوس الحملة الأيتولية بقيادة ماركوس 
فولفيوس نوبيليور. وربما نشر إنيوس «الحوليات» على دفعا كما يلي: 

القسم الآول: ويضم الكتب -١‏ 3 التي تتناول فترة تأسيس روما والعصر 
الملكي. وفي الكتاب الأول يبدأ الشاعر بالهروب من طروادة وتأسيس روما 


الأدب اللاتينى 


وحتى موت رومولوس. ويضم هذا الكتاب «مجلسا إلهيا» على النمط الهومير. 
وفيه تتناقش الآلهة حول تأليه رومولوس. ونشعر كما لو كنا في اجتماع 
لمجلس الشيوخ. ولقد سخر من هذا المشهد لوكيليوس وكذلك سينيكا في 
مؤلفه «عن تأليه كلاوديوس» كما سنرى في الباب الثالث. 

القسم الثاني: ويضم الكتب 4- 6 التي تعالج العصر الجمهوري المبكر 
حتى الانتصار على بيرهوس (/270-28 ق. م). 

القسم الثالث: ويضم الكتب 9-7 التي تتناول الحرب مع قرطاجة. 

القسم الرابع: ويضم الكتب ١2-10‏ التي تعالج الحرب المقدونية؛ أي ضد 
فيليب المقدوني (196-201 ق. م). 

القسم الخامس: الكتابان ١4-13‏ ويدوران حول الحرب ضد أنطيوخوس 
عام 192/191 ق.م. 

القسم السادس: الكتب ١8-15‏ وتدور حول الحروب ألإيسترية وبعض 
الأحداث الأخرى. 

وكان متوسط كل كتاب من كتب «الحوليات» ما بين ١000‏ و700١‏ بيت. أما 
الشذرات المتبقية منها فلا تعدو حجم نصف كتاب واحد منهاء أي أقل من 
5 من المجموع الكلي للملحمة. 

ويبدو أن إنيوس قد وضع خطة لملحمته على أن تقسم إلى خمسة 
أقسام: كل قسم منها يضم ثلاثة كتب وتغطي فترة متصلة من التاريخ 
الروماني. وبذلك تغطي الخمسة عشر كتابا جميعا حوالي ألف عام من 
حرب طروادة ١١83/1184‏ ق. م وحتى عام 187/184 ق. م. 

تبدأ الملحمة باستلهام ربات الفنون على النمط الهوميري: 

«أي ربات الفنون يا من يهز وقع أقدامكن جنبات أوليمبوس العظيم». ثم 
يحكي الحلم الذي رأى فيه هوميروس ''"2. بيد أن هذا الاستهلال يذكرنا 
بقصيدة «أنساب الآلهة» لريسيودوسء و«الأسباب» لكاليماخوس. وابتداء 
من القسم الثالث واجه إنيوس عدة مشاكل منها كيفية الإبقاء على الآلهة 
والحفاظ على دورهم (الهوميري) الفعال في الأحداث. 

ويكمن سر المشكلة في أن إنيوس يعالج أحداثا تاريخية قريبة من عصره 
أو شبه معاصرة؛ وكيف يحتفظ لهذه الأحداث بالوقار المللحمي الأسطوري؟ 
وفي هذا الصدد كان النموذج الذي قدمه نايفيوس في «الحرب البونية» 


20 


الوزن الساتورنى والرواد الأوائل 


مفيدا للغاية. وبالفعل لم يعالج إنيوس أحداث الحرب البونية الأولى على 
أساس أنه قد سبق لشاعر آخر أن تناوله وبمعنى نايفيوس. ولم يعتبر 
إنيوس نفسه من أولئك الشعراء الأنبياء (93:65) الذين يأتيهم الوحي دون 
أن يعوا ما يرددوق كماكان الخال نالضيية لتائفيوس: أما إنيوس نفسة فقن 
كان شاعرا مبدعا على وعي تام بعمله. وهو بذلك يتشبه إلى حد كبير 
بشعراء الإسكندرية الفقهاء (زهوماهانط2): ومن ثم فإن إنيوس لا يمثل 
هوميروس الرومان كما يحلو له أن يزعم أنه أقرب إلى أن يكون كاليماخوس 
اللاتيني. 

ومن حيث الأسلوب تنهج «الحوليات» نهج ليفيوس أندرونيكوس إذ يسودها 
عنصر قوي من الاتجاه السلفي اللغوي. مثلا يستخدم الشاعر حرف الجر 
(00ه8) وهو الصورة القديمة ل (مآ) بمعنى «في». أما بالنسبة لاستخدام 
الكلمات المركبة فإنيوس يتبع نايفيوس ويستخدم صفات مركبة مثل 
(قمعاهمنصم0) «قادر على كل شيء »ء و(كناتزهكا1[ه) «عالي الصوت». بيد أن 
أسلوب إنيوس أبعد ما يكون عن النثرية أو المغالاة في السلفية. ومن حيث 
الوزن قعدت «الحوليات» الوزن السداسي كأساس صالح للشعر الملحمي 
اللاتيني. حتى أن فرجيليوس عندما استخدمه لم يدخل عليه من التعديلات 
إلا ما يدخل في باب الصقل والتأنق. لقد أرسى إنيوس قواعد الشعر 
الملحمي إيقاعا وترتيبا للمفردات حتى أنه يمكن القول إنه لولا إنيوس لما 
قامت قائمة لشعر الوزن السداسي اللاتيني. 

ولقد ظلت «الحوليات» هي الملحمة القومية للرومان حتى ظهرت 
«الإينيادة» لفرجيليوس والتي تتردد فيها أصداء إنيوس. كما شكلت 
«الحوليات» ركنا هاما من أركان التعليم في روما حتى العصر الأوغسطي. 
ويقول إنيوس في إحدى إبجراماته. 

«أيها المواطنون (الرومان) انظروا إلى هيئة تمثال إنيوس العجوز». 

وكان مخططا فيما يبدو أن تحفر هذه الإبجرامة كنقش على تمثال 
لإنيوس يوضع في مكان عام. ولعل المكان الطبيعي لهذا التمثال هو «معبد 
هرقل ربات الفنون» حيث وضع تمثال لأكيوس في حياته. ويلاحظ في 
الإبجرامة على أي حال الخطاب المملوء بالفخر «أيها المواطنون (الرومان)», 
ذلك أن إنيوس الذي اكتسب حقوق المواطنة عام ١184‏ / 183 ق. م: وقبل أن 


27 


الأدب اللاتينى 


يشرع بصورة جدية في نظم «الحوليات» فإنه يشعر الآن بالزهو لأن ملحمته 
من نظم مواطن روماني يتمتع بكامل حقوقه. لا أجنبي أو حتى مواطن من 
الدرجة الثانية جاء ليسلي الناس ويحاول الحصول على حريته بعتقه من 
العبودية أو التبعية كما كان الحال بالنسبة لليفيوس أندرونيكوس . وتذكرنا 
إبجرامة إنيوس بقبرية سكيبيو برباترس التي عدد فيها الأخير أعماله 
المجيدة. أما أعمال إنيوس المجيدة فتنحصر في شيء واحد وهو أنه بسط 
للرومان أمجاد الأجدادء إنه إذا أديب يعتز بقيمة وظيفته في المجتمع. 

لقد أعجب كل من بروبرتيوس وأوفيديوس وغيرهما من شعراء العصر 
الأوغسطسي بإنيوس إلا أنهم لم يخفوا ابتسامة خفيفة اعتورتهم وهم 
يتفحصون تقنيته الشعرية وما فيها من بدائية وخشونة. ولا يخفى علينا أن 
هؤلاء الشعراء يطبقون على إنيوس معايير عصرهم التذوقية والنقدية. 

ويكفي إنيوس شرفا ومجدا أنه شق الطريق الذي سلكه من بعده شعراء 
كثيرون من بينهم الشعراء الأغسطيون أنفسهم. فمثلا لو أخذنا وصف 
إنيوس لإسقاط الأشجار وإعداد المحرقة («الحوليات» الكتاب السادس 
أبيات 191-187) لوجدنا أن له أصولا عند هوميروس «الإلياذة» الكتاب 
الثالث والعشرون أبيات :)١120-118‏ وأصداء عند كل من فرجيليوس (فى 
فقرتين «بالإينيادة» إحداهما «الكتاب السادس أبيات 179- 82! معدو لاخر 
في الكتاب الحادي عشر أبيات 138-135): وسينيكا («هرقل فوق جبل أويتا» 
بيت 1617- وما يليه)2'2. بيد أن هذه المقطوعات نفسها تعطي لكل شاعر 
سماته المميزة. فهوميروس سريع وواضح ومباشر في طرح أفكاره كما أنه 
متفرد في سموه ووفاره. وفي بعض الشذرات نجد إنيوس يقترب إلى حد 
ما من السمت الهوميري المهيب. ولكنه قط لا يستطيع أن يزعم بأنه هوميري. 
إنه ليس مترجما لهوميروس ولكنه شاعر انتقائي. فهو يستغل كل الموروث 
الملحمي من هوميروس حتى العصر الهيللينستي ليصنع شيئًا جديدا. 

ولقد سبق أن أشرنا باختصار إلى عبارة إنيوس عن فابيوس ماكسيموس؛ 
وكونكتاتور (المتاني) وعلينا الآن أن نكملها: 

«رجل واحد أعاد لنا الجمهورية سالمة بالتأني 

دون أن يقامر بأمننا. 


ولذا يسطع مجده أكثر فاكثر كلما مر الزمن .» 


الوزن الساتورنى والرواد الأوائل 


(«الحوليات» الكتاب الثاني عشرء أبيات 372-370) 

وتعكس هذه الأبيات رؤية إنيوس للتاريخ: فهي رؤية أخلاقية أرستقراطية 
تتركز حول الفرد وتقبع الفضيلة الرومانية في قلبهاء وبعبارة أخرى فطبقا 
لهذه الرؤية يعتمد الصالح العام على فضيلة كل فرد . لقد استطاع إنيوس- 
ربط الأسطورة بالماضي البعيد؛. ووصل الماضي بالحاضر .أن يقوي فكرة 
التواصل الحضاري للأمة الرومانية. 

والآن نستطيع أن نتفهم سر شهرة «الحوليات» وشعبيتها التي اكتسبتها 
بسرعة مذهلة؛ حتى أنها كانت تنشد في المحافل العامة تماما كما كانت 
تنشد أعمال هوميروس في بلاد الإغريق» وأصبحت «الحوليات» بمثابة 
المرجع الأساسي للتعرف على مواقف الرومان وقيمهم. ومع أن دارسي 
التراث القديم في القرن الثاني الميلادي قرءوا إنيوس إلا أن مخطوطاته 
في القرن الخامس الميلادي أصبحت نادرة. ولم تطبع الشذرات الباقية إلا 
عام .١564‏ وكتب سكاليجر باللاتينية عن إنيوس فقال: 

«إنيوسء» شاعر فذ؛ ذو عبقرية 

يا ليت حولياته قد بقيت وفقدنا 

لوكانوس وستاتيوس وسيليوس إيتاليكوس 

وكل هؤلاء المراهقين 

قد تفوح منه رائحة النوم إلا أن روحه رائعة». 

حقا إن فقدان «حوليات» إنيوس تجد من الخسائر الآدبية التي لا 


5 1 
تعوض !13 . 


20 


الدورامسا 


١-الأصول‏ المحلية والتأثيرات الا فريقية: 

من المشاكل المستعصية على الحل في تاريخ 
الآدب اللاتيني عدم القدرة على الإجابة بيقين عن 
السؤال المطروح دوما وهو: 

هل المسرح الروماني أصيل في التربة الإيطالية 
أم هو فن أجنبي مستورد من بلاد الإغريق ؟ وعند 
هذا السؤال نجد أنفسنا مضطرين للتوقف قليلا . 

فبعد موت مناندروس شاعر الكوميديا الحديثة 
عام 292 ق. م تبددت مهرجانات المسرح الإغريقية 
واختفت العروض المسرحية ومهنة التمثيل من أثينا 
لتنتشر عبر أرجاء الدويلات الهيللينستية؛ فبنت 
كل المدن الإغريقية هناك مسارح ضخمة وجددت 
بعض المسارح القديمة. وهذه المسارح المؤسسة إبان 
العصر الهيللينستي هي التي بقيت لنا لأن مسارح 
الفترة الكلاسيكية قد تهدم معظمها. وفي الفترة 
التي كان كاليماخوس شاعر الإسكندرية وفقيهها 
يعمل في المكتبة والموسيون. وكان ثيوكريتوس 
الصقلي ينظم رعوياته كان الشاعر-الإغريقي أصلا- 
ليفيوس أندرونيكوس لا يزال صبيا يلعب في تارنتم. 
في تلك الفترة اكتسبت مهنة التمثيل قيمة متزايدة 
وتأثيرا ملموسا حتى في الحياة السياسية نفسها. 


الأدب اللاتينى 


فانتظم الممثلون والموسيقيون وكتاب التراجيديا والكوميديا في دوائر أو 
فرق أو جمعيات وسموا أنفسهم فناني ديونيسوسء وكان لهذه الفرق نفوذ 
كبير تعدى مجالات الفن. وألفت مسرحيات جديدة وعرضت ولكن التركيز 
كان على إعادة عرض الأعمال الكلاسيكية؛ وفاز بنصيب الأسد مناندروس 
وفيليمون وديفيلوس في الكوميدياء وسوفوكليس ويوربيديس في ا 
لتواجينناك!, 

ومن سوء الحظ أن مصادرنا ومعلوماتنا عن بدايات الدراما الرومانية 
ستيلو وأكيوس-وكذا فقيه عصر شيشرون) فيما بين 83 و 43 ق. م (فارو لا 
يعرفون إلا أقل القليل عن هذه الدراماء مما جعل الباحثين يتخبطون في 
الظلام ويتعلقون بكل بصيص للنور. وهناك مصدر قديم يعتمد عليه 
هوراتيوس 7 وفحواه أن طقوس عيد الحصاد الفيسكينيني-وقد سبقت 
الإشارة إليه-كانت تمارس أيضا في حفلات الزواج والانتصارات: وكان 
الهدف منها هو طرد الأرواح الشريرة. المهم أنه قد نجم عن هذه الطقوس 
فن يشبه غن الكوميديا القديمة في أثينا . وبعد حين حظرت ممارسة هذه 
الطقوس يسبب محتواها الفاضح. 

وهناك شهادة أخرى يوجزها لنا ليفيوس وفاليريوس ماكسيموس ومؤداها 
أن ليفيوس أندرونيكوس كان بالفعل «المبدع الأول» باعتباره أول من قدم 
وسيلة للتسلية في قالب درامي 9" ولكن صاحب هذه الشهادة لا يهتم 
الشهادة نفسها إلى ما يمكن أن نسميه «خلطة درامية» أي الساتورا-التي 
تقدم: ذكرها-وكانت موجودة قبل أندرونيكوس . وكان الموسيقيون يقومون 
بدور بارز فيها كما لعب أدوار شخصياتها ممثلون محترفون. ويحتقر صاحب 
الشهادة أيضا هؤلاء الممثلين-الراقصين على أساس أنهم مثل ممثلي القصص 
الأتيلانية من الشبيبة الأرستقراطية التى ضلت الطريق 2179. 

وهكذا فإن الدراما الرومانية المبكرة تتصل بعمل الراقصين الإترسكيين 
وبالقصص الأتيلانية الهزلية والموسيقيين والميموس والأشعار الفسكينية. 
هذا ما تذكره المصادر الرومانية وهو على صحته يغفل العنصر الإغريقى. 
فهناك مسرحيات كوميدية نثرية وشعرية وجدت منذ زمن بعيد في صقلية 


الدراما 


بالإضافة إتى الكوديديات الدورية هي جندوب إيطاتيا وهزليات ريتكون 
(«مطاسنطع) المسماة «التراجيديات المرحة» أو «مساخر تراجيدية:29. لقد 
لعبت هذه الألوان المسرحية كلها بالإضافة إلى المخزون الكلاسيكي الإغريقي 
الدور الرئيس في تشكيل الدراما الرومانية المبكرة. 

ولم يكن هناك في روما مسرح دائم حتى عام 55 ق. م وكانوا يستخدمون 
منصة تمثيل معدة سلفاء وينتقلون بها من مكان إلى آخر أينما وجدت 
المهرجانات والألعاب. وكانت هذه المنصة والمعدات المسرحية الأخرى من 
ممطكات اللمكل النتع أو دين القرقة مثل موس بومليوين بيلليو الذي 
ارتبط اسمه زمنا طويلا باسم بلاوتوسء؛ ومثل لوكيوس أمبيفيوس توربيو 
الذي أنتج وأدار ومثل مسرحيات ترنتيوس وكايكيليوس. ومن ثم فإننا لا 
نأخذ بالرأي القائل إن الممثلين الرومان كانوا يعيشون في الظل ويعانون من 
الفقر لأن اسم هذين الممثلين موضع الحديث يشي بأصلهما الأرستقراطي. 
ولا ننسى أن الممثل أمبيفيوس يقدم نفسه في إحدى مسرحيات ترنتيوس 
على راع لقن امسرح كوو وم بميقة الشمكيل :راق لقة علميام في قدرته 
على أن يقلتب تقل يهن اللأصمال السرحية إلى قجاج واسن كما شفل بالقسية 
لمسرحية «الحماة». وهذا ما سنعود إليه في حينه. 

وفيما بعد الحروب البونية وفتوحات الشرق تدفقت الأموال عل روماء 
وانعكس أثر ذلك على الأعياد الدينية التي تضخمت فامتدت أيامها وتنوعت 
قيها فنون اللفب والتسلية: إذ جرت مسابشات فى الجري ومسايقات 
مسرحية. وعلى هامش الأخيرة جرت مباريات في الملاكمة والشي على 
الحبل. يفتتح الموسم بأعياد (كوبيلي) الأم العظمى في أوائل أبريل؛ وتتبعها 
أعياد كيريس إلهة الزراعة في أواخر أبريل؛ ثم أعياد إلهة الزهور فلورا 
وأعياد أبوللو في منتصف يوليوء وبعدها الألعاب أو الأعياد الرومانية في 
منتصف سبتمبرء وأعياد طرد الملوك وعودة الشعب في أوائل نوفمبر. مع 
العلم أنه بتغيير نظام التقويم تغيرت مواقيت هذه الأعياد . وجدير بالذكر 
أن الألعاب الرومانية هي الأقدم. وبالإضافة إلى هذه الأعياد الرسمية 
العامة التى كانت تعرض فيها المسرحيات كانت هناك مناسبات خاصة مثل 
الآلعات الجقاكزية والهاب التذدن وحمت رةه الأضياد يحض فقون السيقيل: 
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المسرحيات كانت تعاد مع الطقوس جميعا مرة 


الأدب اللاتينى 


أخرى أو مرات إذا ثبت أنها لم تؤد على نحو كامل وسليم أو أنها لم تفي 
بالغرض المطلوب 27. 

ويمكن للمرء أن يستخلص صورة لجمهور المسرح الروماني من قراءة 
مقدمات مسرحيات بلاوتوس وترنتيوس ولا سيما «الفينيقي الصغير» للأول؛ 
و«الحماة» للثاني. كان الجمهور الروماني مختلطا من حيث المستوى 
الاجتماعي والسن والجنس ومن ثم فهو جمهور صعب المراس. ومنذ عام 
4 ق. م كانت الأماكن الأمامية تخصص لأعضاء مجلس الشيوخ 29 وإن 
كان ذلك لم يرق لعامة الناس. ويبدو أنه كان يعاد أحيانا عرض بعض 
الأعمال الإغريقية الكلاسيكية أيام بلاوتوس. بيد أن أغلبية العروض كانت 
مسرحيات جديدة ولم يعبأً الجمهور الروماني بمعرفة أصول هذه 
السرحيات: وإذا تسرب السآه والخلل إلى أفراد الجمهور دكوا الأرض :دكا 
بأقدامهم: وأوقفوا العرض أو هجروا المسرح (2. ولكننا لا نعرف كيف 
كانت تنظم عملية التنافس بين المتسابقين في هذه العروض سواء بالنسبة 

يلاحظ أن ليفيوس أندرونيكوس ونايفيوس قد كتبا في فرعي الدراما 
أي التراجيديا والكوميديا وكان إنيوس آخر من فعل ذلك. أما بلاوتوس 
وترنتيوس وغيرهما من الكتاب الرومان فقد مالوا للتخصص في هذا 
الفرع أو ذاك. وبالنسبة للتمثيل نجد كوينتوس مينوكيوس بروثيموس في 
عصر ترنتيوس يلعب أدوارا تراجيدية وكوميدية. وفعل بروسكيوس في 
غصر لاحق الشيء نفسه: ومن المغروف آن كل آأتواع الدراما الزومانية 
تحفل بالعنصر الموسيقي أكثر من الدراما الإغريقية ومن ثم فهي أشبه 
بالأوبرا. وتذكر سجلات العروض الرومانية أسماء الموسيقيين وتفاصيل 
كثيرة عن آلاتهم وما إلى ذلك وهو ما لم يحدث قط فى سجلات المسرح 
الإغريقي. ولم يعترف بلاوتوس وترنتيوس بالمبدأ الإغريقي الذي يحتم 
دفعة واحدة. 

وكان الوزن المستخدم في الكوميديا الرومانية-الوزن الإيامبي التروخي 
القائم على التوزيع الكمي-بمثابة توفيق بين أوزان التراجيديا والكوميديا 


5“ 


الدراما 


الإغريقية المتباينة فيما بينها. 

ويبدو أن الملابس قد لعبت دورا بارزا في المسرح الروماني بدليل أننا 
نتعرف على أنواع الدراماء ونميز فيما بينها بمجرد معرفة الملابس التي 
يرتديها الممثلون. ومع ذلك فمن الواضح أن هذه الملابس مأخوذة عن ملابس 
المسرح الإغريقي المعاصر بدليل أن الكوميديا المأخوذة من المسرحيات 
الإغريقية كانت تسمى «مسرجات بملابس (أو بعباءة) إغريقية» (عدانامع؟ 
ع ) نسبة إلى (تصدائاله2) باللاتينية وهي ترجمة (دهدسنط) باليونانية 
القديمة ومعتاها «العباءة الإغريقية». أما التراجيديا فكانت تسمى 
«مسرحيات ذات الحذاء عالى الساق» (102:26معته عداداط5) وهى من الكلمة 
اليونانية القديمة (5زمعها) التى ترجمت إلى اللاتينية (دل0امعته) 596 هذه 
النسبة. وهذا الحذاء عالي الساق استخدم بكثرة في تراجيديا العصر 
الهيللينستي في مقابل الحذاء الأعلى والذي كان يصل إلى منتصف الساق 
ويسمى باللاتينية (5نامسطامء) (باليونانية(101507205 وهو الذي كان يستخدم 
في التراجيديا الإغريقية الكلاسيكية. 

ولقد جاءت «الكوميديا بالملابس الرومانية» ردا على هذه الملابس 
الإغريقية ومسرحياتها. يقول دوناتوس أن ليفيوس أندرونيكوس هو مخترع 
«الكوميديا بالعباءة الرومانية»» ولكننا لا نستطيع أن نستدل على صحة 
هذه المقولة. على أي حال فإن العنصر الروماني يبدو واضحا بصورة أفضل 
في مسرح نايفيوس وبلاتوس وان كانا لم يخترعا نوعا جديدا من الدراما. 
ولكن بعد أن أغرق كل من كايكيليوس وترنتيوس الكوميديا بالملابس الإغريقية 
(281113) أصبحت الحاجة ملحة لنشأة نوع كوميدي روماني أصيل. ويبدو أن 
هذا الاتجاه لم يتبلور إلا في أواخر حياة كاتو الرقيب. ومن مؤلفي هذا 
النوع من الكوميديا نعرف تيتينوس ولوكيوس أفرانيوس وتيتوس كوينكتيوس 
اتا الذي مات عام 77 ق. م. أما تيتينوس فقد كان المعاصر الأكبر سنا 
لترنتيوس في حين ينتمي أفرانيوس إلى أواخر القرن الثاني ق. م. ولم يبق 
لنا من إنتاج هؤلاء المؤلفين سوى 70 عنوانا و. 65 بيتا. ومنا نعرف أن 
الحدث في هذه المسرحيات بصفة عامة يجري في روما أو في الريف 
الأيظالي وان الأبطال هامح نظا النايس لا الأمسراء .ولا القاذة كبنا هن 
المسرحيات الرومانية التاريخية. ولذلك تسمى هذه الكوميديات أحيانا 


الأدب اللاتينى 


(متتقصيعطهة)) أو «الكوميديا السوقية» نسبة إلى (»مء:1206) بمعنى «محل البيع 
والشراء». وتلعب النساء في هذه الكوميديات دورا بارزا حتى أنه يكثر بها 
ظلهون شخصيية نمطية نسائية وه «الخبيزة بالقانون» ]و «الحامية الهاوية»: 
وفي هذه الكوميديات لا يظهر العبيد أكثر ذكاء من سادتهم كما في 
الكوميديات ذات الملابس والموضوعات الإغريقية. وتعطى الكوميديات ذات 
العباءة الرومانية صورة صادقة للحياة الرومانية في الأسواق والمحاكم 
والحقول والمزادات وما إلى ذلك. ومن الموضوعات المفضلة فيها المقارنة 
بين حياة الأقاليم وحياة العاصمة فهذا ما يبدو من عنوان مثل «نساء 
برونديسيوم». وهناك عناوين أخرى مشابهة. 

ويبدو أن ممثلي المسرح الروماني لم يضعوا أقنعة على وجوههم في 
بداية الأمر لأنهم لم يكونوا في الواقع ممثلين بل «مقلدانية» أو «ممثلي 
ميموس» هكذا يقول بعض العلماء الباحثين في الدراما الرومانية المبكرة, 
ولكن هناك باحثين آخرين يرفضون هذا الرأي ويقولون إن الراقصين 
الإترسكيين كانوا مقنعينء بل إن الكلمة اللاتينية بمعنى «القناع» أي (لهمصمكمعم) 
يرجح أنها إترسكية الأصل. أما ممثلو القصص الأتيلانية المحترفون والهواة 
فكانوا يستخدمون دائما الأقنعة لتقديم شخصيات نمطية مثل «الأبله» 
و«العجوز الخرف». و«الشره» وما إلى ذلك. ومن غير المعقول أن من احترفوا 
غن التمثيل (راقصين مقنعين في طقوس دينية) والفنانين المسرحيين الآخرين 
قد أشهاروا الحيكة الدراهية والوزن واملابس من الإأشريق وتركيا الأقدمة 
فقالوفي بع السرحيات مكل «الأخوان التوام بنايهيمومن» و« أمفيكريو»: 
وسنتحدث عنهما بالتفصيل بعد قليل-5 هناك أدوار لتوائم أو لشخصيات 
ذات ملامح واحدة فكيف يمكن تقديم هذه المسرحيات بدون أقنعة ؟ 


2- بسلاوتوس . . . هبة ربة 81 همال وام ضحاك : 

في سارسينا ا في إقليم أومبريا ولد الشاعر تيتوس ماكيوس 
بلاوتوس. ويقول شيشرون إنه مات عام ١84‏ ق. م؛ وإن كان قوله ربما يعني 
أنه لمتطور كد ولق مسدريمق يعن ذلك التاريخ. نسبت إليه حوالي 30! 
مسرحية وهو عدد مبالغ فيه ومشكوك في أمره. إذ إن قارو يحفظ لنا 
قائمة بإحدى وعشرين مسرحية هي المتفق على أنها من تأليف بلاوتوس 


56 


الدراما 


ويطلق عليها اسم «المسرحيات الفارونية». ويبدو أن المسرحيات الإحدى 
والنشرين الثي وصلتنا بالفعل لواآخرها «السلة» في هيكة شذرات اىغين 
مكتملة) هي نفسها المذكورة في قائمة فارو. وهذه المسرحيات عبارة عن 
طبعة منقحة ظهرت لأول مرة في القرن الثاني الميلادي وهي كما يلي: 

- «أمفيتريو» ْ 1ش 

وتدور حول ميلاد البطل الأشهر-هرقل. ذلك أن جوبيتر المتنكر في 
هيئة أمفيتريو ملك طيبة الذي كان يحارب بالخارج دخل على زوجة الملك 
وزعم أنه أمفيتريو العائد من الحرب وقضى وطره من هذه الزوجة وتدعى 
الكيمنا. وكان ميركوريوس رسول جوبيتر قد تنكر هو أيضا في صورة خادم 
الملك أي سوسيا وكان قد مهد لدخول جوبيتر المتنكر تمهيدا جيدا . ويصف 
بلاوتوس نفسه المسرحية على أنها من نوع التراجيكوميديا . ولكل من موليير 
ودرايدن مسرحية بالعنوان نفسه ويقلدان فيها بلاوتوس تقليدا واضحا .(22) 

+ الحمينة 

وفيها يحاول الأب المتساهل ديماينيتوس أن يساعد ابنه أرجيريبوس في 
الحصول على عشيقة له تدعى فيلاينيوم التي هي في حوزة إحدى القوادات. 
ويفشل هذا الآب تماما في الإغلات من سلطان زوجته أرتيمونا التي تقبض 
بيد من حديد على أموال العائلة. وبحيلة ماكرة من أحد العبيد يحصل 
الآب هلان مشرين نتاف (عملة إغريقية) كان تبني ادك لهذا المي 
كخادم للزوجة-ثمنا لبعض الحمير التي بيعت. ويقضي الأب والابن سهرة 
جميلة مع طيالاينيوم يفخ ظالك شويما يسعى وراء حب هله القعاة وشاءة 
أن يسبقه أحد إلى ذلك. فوشى بالآب وابنه لدى الزوجة أرتيمونا التي 
فاجأت زوجها عند فيلاينيوم. وبعد التهديد والوعيد بالويل والثبور وعظائم 
الآمور تعود أرتيمونا بزوجها المذنب إلى بيت الزوجية. وجدير بالذكر أن 
القول المأثور «الإنسان ذئب لآخيه الإنسان» ورد في هذه المسرحية (بيت 
رقم 495). ا 

- «جرة الذهب» 

يلقى البرولوجوس (المقدمة) في هذه المسرحية الإله الروماني الأصيل 
دإله أو رب العاكلة». وكان يوكليو ذلك البخيل العجوز قد وجد جرة مليئة 
والخقي كلها و شماه رضن معان غيم مافماق التزل. وال وعظاهر 


537 


الأدب اللاتينى 


بالفقر المدقع وبالغ في ذلك خشية أن يكتشف أمره فتسرق منه جرته . وفي 
تلك الأثناء اغتصب الشاب ليكونيديس فايدربا ابنة ذلك البخيل في أعياد 
الربة كيريس. وأراد ليكونيديس بعد أن تاب وندم على ما فعل أن يصلح ما 
أفسد ويصحح غلطته ويتزوج الفتاة زواجا شرعيا. بيد أن عم ليكونيديس 
ويدعى ميجادوروس تقدم طالبا يد فايدريا من أبيها. وظن يوكليو أن 
ميجادوروس يدبر للاستيلاء على جرة الذهب تحت ستار هذا الزواج. 
فأخذ الجرة من مدفنها وراح يدسها هنا مرة وهناك مرة أخرى. حتى رآه 
أحد عبيد الشابء ليكونيديس فذهب الأخير واستولى على الجرة وسلمها 
إلى يوكليو الذي طار فرحا بها بعد أن كان قد استبد به الحزن لفقدها. 
ويبدو أن يوكليو قد وافق في النهاية على زواج ابنته من هذا الشاب الأمين 
ليكونيديسء بيد أن نهاية المسرحية الحقيقية قد فقدت من النص الأصلي 
الذي وصلنا. 

- «الأختان التوأم باكخيس» 

شرع شاب في البحث نيابة عن صديقه الغائب ومن أجله عن عشيقة 
هذا الصديق باكخيس من مدينة أثينا . وبعودة الصديق الذي لم يكن يفطن 
إلى وجود أختين توأم بالاسم نفسه بدأ يشك في سلوك الشاب الآخر 
صديقه. وكان العبد خريسالوس هو محور الأحداث بهذه المسرحية إذ كان 
يساعد سيده الشاب في لقاء حبيبته ومواصلة قصة الحب. وكان هذا 
العبد في سبيل ذلك يخترع العديد من الأكاذيب ويتحايل بمكر شديد ودون 
حياء. فبحيلة شجاعة وذكيه استطاع أن يحصل من الأب على الأموال 
اللازمة حتى تتكلل قصة الحب بالنجاح. وعندئذ يزهو العبد بنفسه ويزعم 
أنه أحد غزاة طروادة ! وفي نهاية المسرحية تنجح الأختان باكخيس في 
استدراج الأبوين الغاضبين إلى السماح والعفو عن ابنيهما وتنتهي كافة 
الأمور على خير ما يرام كما هي العادة في الكوميديا ١‏ لبلاوتية. 

- «الأسرى» 

وهي من نوع الكوميديا العاطفية الرقيقة مع أنها تخلو من الشخصيات 
النسائية. وتعد من أهم مسرحيات بلاوتوس بيد أن البرولوجوس من وضع 
كاتب لاحق فيما يرجح. لقد أسر ابن هيجيو عند الإيليين وخطف ابنه 
الثاني أحد الخدم فلم يظهر له أثر بعد ذلك. وحدث في الوقت نفسه أن 


الدراما 


وقع بعض الإيليين في الأسر فاشترى هيجيو اثنين منهم وهما فيلوكراتيس 
وعبده تينداروس. كان هيجيو يأمل بذلك أن يفتدي ابنه الأسير بمبادلته 
بهذين الأسيرين الإيليين. وكان على العبد الأسير أن يذهب إلى إيليس 
لإجراء المفاوضات الخاصة بهذا التبادل. ولكن العبد تينداروس ومن باب 
الولاء لسيده فيلوكراتيس كان قد ارتدى ملابسه بينما أخذ الأخير مظهر 
العبيد. ومن ثم فإن فيلوكراتيس هو الذي حرر وأرسل إلى إيليس على أنه 
العبد تينداروس وبقى هذا الأخير في الأسر. واكتشف هذا الأمر مصادفة 
عندما ظهر أسير إيلي جديد تعرف على العبد الأسير. فلما عرف هيجيو 
أنه قد خدع وأن أمله في استرجاع ابنه الأسير قد ضاع للأبد أرسل هذا 
العبد تينداروس الذي خدعه مقيدا بالأصفاد لكي يرحل بعيدا ويعمل في 
المحاجر. ولا يمضي وقت طويل حتى يعود فيلوكراتيس ومعه ليس فقط 
الابن الأسير بل أيضا العبد الذي كان قد اختطف الابن الثاني رضيعا. 
وتتوالى عمليات كشف وتعرف متعددة الجوانب ومعقدة التركيب ومنها 
تعرف أن الابن المخطوف كان قد بيع عبدا لوالد فيلوكراتيسء أي أنه هو 
تينداروس نفسه الذي عاقبه هيجيو أشد العقاب فيندم الأخير على سوء 
معاملة ابنه ويرسل في استدعاته فورا . 

وقع رجل أثيني مسن وابنه في حب كاسينا الخادمة التي كانت أصلا 
قد ألقيت في العراء طفلة رضيعة فتم إنقاذها على أيديهما بعد أن التقطاها 
وتعهداها بالتربية لتكبر وتترعرع في بيتهما. وتظاهر الأب بأنه يريد أن 
يزوجها إلى ناظر مزرعته بينما الابن يزعم بأنه يريدها لخادمه خالينوس. 
أما الزوجة فلم تكن على بينة من خطط زوجها ولم تعرف شيئا عن المشكلة. 
لجأ الأب والابن لضرب القرعة فيما بينهما وكان الحظ من نصيب الأب. 
وفي ليلة زفافها إلى ناظر المزرعة تحاك مؤامرة ويخدع الأخير ويزف إليها 
بدلا منه خالينوس الذي تنكر في زي العروس نفسها. وفي أثناء ذلك وقبل 
أن تتم عملية الزفاف يتعرض الأب للضرب المبرح. وتنتهي المسرحية باكتشاف 
أن كاسينا من أصل أثيني حر فتزف في نهاية المطاف إلى الابن نفسه. 

- دعلبة المجوهرات» . ْ 

وفي هذه المسرحية يتم التعرف على أصل فتاة لقيطة بفضل علبة 


5© 


الأدب اللاتينى 


مجوهراتها . تدعى هذه الفتاة سيلينيوم وقد وقعت في حوزة إحدى العاهرات 
التي تعهدتها بالرعاية؛ فلما كبرت أحبها شاب يدعى ألكيسيمار خوس. 
وبعد أن يكتشف أنها بنت مواطن حر يدعى ديميفو يتم تزويجها من حبيبها . 

- «كوركوليو» 

أحب الشاب فايدروموس بلانيسيوم الفتاة التي كانت من العبيد وضي 
حوزة من يريد أن يبيعها بمال كثير. وجاء الخادم الطفيلي-ويدعى 
كوركوليو(ويعني اسمه «السوسة»-(عارضا خدماته على فايدروموس . وبالفعل 
سرق كوركوليو خاتم الجندي المتبجح ثيرابونتيجونوس الذي كان قد عهد 
بنقوده إلى تاجر عملة حتى تحين الفرصة ليشتري بلانيسيوم لنفسه. وكتب 
كوركوليو خطابا ختمه بالختم المسروق وبذلك حصل على النقود المطلوبة 
والتي اشترى بها بلانيسيوم لصالح فايدروموس. فلما اكتشف 
ثيرابونتيجونوس اللعبة هاج وماج ولكن الخاتم نفسه قد كشف عن حقيقة 
أخرى وهي أن بلانيسيوم هي أخت ثيرابونتيجونوس نفسه. وكان في ذلك 
الاكتشاف نهاية لكل المتاعب والمشاكل المعقدة. 

- «إبيديكوس» 

تدور حبكة هذه الكوميديا حول تصرفات العبد الوغد إبيديكوس, فهو 
يحتال على سيده المسن ويحصل منه على نقود تدفع ثمنا لفتاة تعزف على 
القيثار. كان ابن هذا السيد قد وقع في أحابيلها فاحبها. وبعد أن ذهب 
هذا الابن للحرب خارج البلاد نسي حبه القديم وأحب هناك فتاة أخرى 
أخضرها معة يعن أن وضعت الحرب أوزارهاء إذ كان شل اشتراها أسيرة 
بنقود استعارها . وهكذا كان على إبيديكوس مرة أخرى تدبير أمر الحصول 
على نقود لسداد هذا الدين. ولكن السيد الوالد يكتشف الحيلة ويستشيط 
غضبا ثم تهدأ سورة غضبه ويعتق العبد إبيديكوس عندما يتم التعرف على 
أصل هذه الفتاة الحرة. 

- «الآخوان التوأم مينايخيموس» 

كان لتاجر من سيراكوياي (سراقوصة بصقلية) ابنان توأم وكان كل 
منهما يشبه الآخر بشكل لا يسمح بالتفرقة فيما بينهما. خطف أحدهما 
وهو في سن السابعة وكان اسمه مينايخيموس. أما الابن الثاني سوسيكليس 
فقد غير اسمه إلى مينايخيموس تحليدا لذكرى أخيه المفقود. فلما كبر 


420 


الدراما 


وصار شابا انطلق سوسيكليس أي مينايخيموس (2) للبحث عن أخيه 
مينايخيموس .)١(‏ فوصل إلى إبيد امنوس حيث يعيش الأخير دون أن يعرف 
ميايخيموس (2). وهنا تقع مواقف وأحداث كوميدية معقدة عندما يلتقي 
ميايخيموس (2) بعشيقة وزوجة وصهر أخيه مينايخيموس )١1(‏ وذلك على 
العواتي. فكل مح هؤلاء يعائله على أثهمومينا يخيموس (1). ونا لم يكجاوب 
معهم ظنوا أنه فقد صوابه واختل ميزان عقله فقرروا أن يحبسوه ولم ينقذه 
سوى ظهور الزوج الأصلي مينايخيموس (ا1. (فعندئذن يلتقي الأخوان 
مينايخيموس وجها لوجه لأول مرة ويحل اللغز. 

- «التاجر» 

أرسل الأب الأثيني ابنه الشاب الصغير في مهمة تجارية بالخارج وفي 
رودس وقع الشاب في حب فتاة فأحضرها معه إلى أثينا متظاهرا بأنها 
هدية السفر إلى أمه. ولكن بمرور الزمن يقع الأب نفسه في حبها فتحدث 
مقارقات كوميدية كليرة زمشابهة ا وفع هي المسرعيات السابقة: 

- «الجندي الجعجاع» 

هو الكابتن بيرجوبولينيكيس (كثير النزاع حول القلاع) الذي يمصطحب 
الققاة كرارفوعاسووم من اتنا إلى [تسويى :اش غبية عشيقها الأول شن 
نوباكتوس ويدعى بليوسيكليس. أسرع خادم الأخير وراح يخبر سيده بما 
وقع ولكنه وهو في طريق الرحلة البعيدة وقع في قبضة القراصنة الذين 
بساموكة البوررحويو لمتكي في لبسو ويضطر العيد إلى كثاية وبتالة 
مع بها الح سنوضرا فيسل الأخيربالفدل إلى امسوس ورنقة للقوية 
مسكنا بجوار مسكن بيرجوبولينيكيس . ويظهر الخادم الداهية مهارة فائقة 
في تدبير اللقاء بين سيده بليوسيكليس وعشيقته المحتجزة فيلوكوماسيوم 
وذلك عن طريق ثغرة يتم ثقبها في الجدار العازل بين الدارين. ويشاع في 
المدينة أن أخت فيلوكوماسيوم التوأم قد وصلت ومن ثم يسهل تبرير ظهور 
فيلوكوماسيوم في المنزل المجاور. وهكذا تنطلي الحيلة على الجندي الجعجاع 
بيرجوبولينيكيس الذي يقنعونه أيضا بان صاحب المنزل المجاور الذي يقيم 
فيه بليوسيكليس له زوجة صغيرة وقاتنة الجمال تهيم شغفا به أي 
ببيرجوبولينيكيس. ولكي يصل إليها عليه أن يتخلص من فيلوكوماسيوم في 
الال لبق الطروى الني:الحدية والقدل وفك شرااد الحتدى العسعساءد 


اله 


الأدب اللاتينى 


واستدراجه إلى المنزل المجاور حيث يتلقى ضربا مبرحا باعتباره معتديا 
أثيما على حرمة الجوار. وهكذا يتمكن بليوسيكليس من الهرب بحبيبته إلى 
أثينا . 

ويبدو أن شخصية «الجندي الجعجاع» كانت من مخزون الكوميديا 
الرومانية المحلية ونموذجا متكررا . فهكذا نفهم من برولوجوس مسرحية 
«الأسرى» سالفة الذكر. وعلى أي حال فإن هذه الشخصية كانت النموذج 
لشخصية رالف روسيتر دويسترء وبوباديل وغيرهما في المسرح الإليزابيثي. 

- «بيت الأشباح» 

البطل الحقيقى فى هذه المسرحية هو العبد تزانيو ذو الحيل الواسعة 
والأكاذيي الك لا ذياية ليا ]إذ كان اللغناب قل لكيس أقام غيات أيه كن 
الكرى واعدق فتاه من العليد لآنه كان يحبها حبا جماء واستها نالعاب 
أموالا طائلة من تاجر مرابي ليدفع ثمن هذه الفتاة التي تعيش معه الآن في 
منزل أبيه. يعود الأب فجأة وعلى غير انتظار أو توقع. ولكي يمنع ترانيو 
الأب من دخول المنزل يقنعه بان المنزل مسكون بشبح رجل قتيل ومن ثم لزم 
إخلاؤه وعدم الإقامة فيه. بيد أن المرابي يظهر أمام المنزل ويطالب بأمواله. 
مما يضطر ترانيو إلى افتراء أكذوبة جديدة وهي أن فيلولا خيس قد استعار 
النقود ليشتري بيت الجار سيموء وهكذا تنتقل بنا المسرحية من أكذوبة إلى 
أخرى حتى تكتشف جميع الأكاذيب دفعة واحدة: ويتم استرضاء الأب في 
النهاية بوسيلة أو بأخرى. 

- «الفارس» 

يدور موضوع هذه المسرحية حول قواد باعه فارسي شخصا وقال له إنه 
أسير عربي. وفيما بعد يتضح أن الفارس ليس إلا الطفيلي ساتوريو (الممتلئ 
بمختلف ألوان الأطعمة). أما الأسير العربي المباع فيتضح أنه ليس في 
الواقع سوى ابنة هذا الطفيلي الذي باعها وورط نفسه هذه الورطة المعقدة 
بهدف الحصول على وليمة فاخرة وليس إلا . 

- «القرطاجني الصغير» 

اختطفت بنتا القرطاجني هانو في طفولتهما فتعهد بتربيتهما قواد كان 
قد أخذهما إلى سيكيون. وهناك كان يقيم أجوراستوكليس وهو ابن لابن 
عم هانو. وكان هذا الشاب أيضا اختطف طفلا صغيرا فرياه وتبناه أحد 


412 


الدراما 


اقرواء سيكيرق, وقوهة] القان اك يعن كير الأحقين ذون افلم شيا 
عن علاقة قرابته بها. وفكر مع خادمه مليا في الطريقة التي يدمران بها 
القواد في سبيل تحرير هذه الفتاة. وضي الوقت نفسه يصل هانو إلى سيكيون 
بحثا عن بنتيه فيكتشف مكانهما ويتعرف على أجوراستوكليس قريبه فيزوجه 
موحينة القيهى الكقة الكيرف بو لف ارووقى كلمات مزترفيها 
مركم كات الله الفوطلسية آي الفينيقية: 

- «بسيودولوس» 

اشترى قبطان مقدوني فتاة تدعى فوينيكيوم ص ت أحد تجار الرقيق 
وترون سرناى وكع منها كيبلا عش تف السبات على أن عسل التساة 
لخادمه الذي سيحمل بقية الثمن أي خمسة مينايات. وعندكذ ستكون معه 
علامة مميزة ومتفق عليها. المهم أن شابا أثينيا يدعى كاليدوروس كان 
يحب هذه الفتاة. ثم تدور بقية المسرحية حول حيل بسيودولوس خادم أسرة 
هذا الشاب.من آجل الآستيلاء على الرساكة والعلامنة اللثين يحماهها بخادم 
القبطان. وبالفعل يحصل عليهما ويذهب بهما إلى تاجر الرقيق ويتسلم 
الفقاة لصبالع سيده كاليدوووس: 

د اسيل 

وهي كوميدية رومانتيكية وتعد من أكثر مسرحيات بلاوتوس متعة: ويلقى 
الدروك حريى الفجه اركتزروين زتهم السماء الرابم اح سحفوغة الجواءاو 
راعى اسان الذى يستيل االسرحية والبرولوسوين بالانيانة القاليةة 

«أثا من سكان مملكة الآلهة السسماوية: أنا مواطن وزميل لمن يحكم كافة 
البشان والآرطن حمسن وكذا كل البغار::. آنا تج امم 

ويجري الحدث على الساحل الصخري لقوريني (السحات بليبيا) بالقرب 
من معبد فينوس والمنزل الريفي لمواطن أثيني. إنه دايمونيس الذي سرقت 
ابنته بالايسترا منذ نعومة أظفارهاء ووقعت في يد أحد النخاسين ويدعى 
لابراكس القوريني وأحبها الشاب الأثيني بليسيديبوس ودفع جزءا من ثمنها . 
وكان لابراكس يطمع في زيادة ثروته فقرر الهرب سرا بالفتاة إلى صقلية 
عه أن قيض معظم الخمن عقيف أقان التجم ارككوروى غاصيف ةا بسرية 
وحطم سفينة لابراكس بالقرب من المكان الذي تجري فيه الأحداث. ووصلت 
بالايسترا مع فتاة أخرى على ظهر قارب صغير إلى البر سالمتين فرحبت 


4253 


الأدب اللاتينى 


بهما كاهنة فينوس وأحسنت استقبالهما. وتم إنقاذ لابراكس أيضا فما أن 
وصل إلى الشاطىّ حتى شرع ينتزع الفتاتين انتزاعا من معبد فيوس ليعود 
بهما إلى البحرء ودافع عتهما دايمونيس دفاعا مسثميتا وأنقذهما 
بليسيديبوس الذي رفع دعوى قضائية ضد لابراكس. وفي تلك الأثناء عثر 
صياد على صندوق يخص لابراكس التقطته الشباك صدفة من البحر. 
ويتشاجر الصياد مع عبد بليسيديبوسء على الصندوق بينما يسحب الصياد 
حبل شباكه. وتنتهي المعركة باكتشاف كنز من الذهب داخل صندوق لابراكس 
هذاء ولكنها في الواقع مجوهرات خاصة ببالايسترا فتكون هذه المجوهرات 
هي وسيلة التعرف على أن صاحبتها بنت دايمونيس. فتعم الفرحة ويسود 
الهرج والمرج وتزف بالايسترا إلى بلجسيديبوس. 

- «ستيخوس» 

أخذ هذا العنوان من اسم العبد الذي حول حيله وأكاذيبه تدور أحداث 
المسرحية ذات الحبكة الدرامية الضعيفة نسبيا. إذ تزوجت بنتا أنتيفو من 
أخوين. ذهبا إلى الخارج في مهمة تجارية فغابا ثلاث سنوات وانقطعت 
أخبارهما طيلة هذه المدة. فحث أنتيفو بنتيه على الزواج من جديد ولكنهما 
أصرتا على البقاء مخلصتين لعهد الزواج القديم. ويعد أن راجت تجارة 
الآخوين الزوجين وجمعا مالا كثيرا عادا إلى الوطن وأقيم احتفال بهيج 
فرحا لعودتهما الظافرة. وفي تلك الآثناء تتخلل الأحداث أحاديث فكاهية 
حول الطفيلي النهم وحيل الخدم وما إلى ذلك. 

- «ثلاث قطع من العملة» 

بينما كان الثري الأثيني خارميديس بالخارج كان ابنه المدلل ليسبونيكوس 
قد يعثر أموالة غلى ملذاته حتى أنه عرض متزل الأسرة نفسه للبيع.وكان 
خارميديس قبل سفره قد عهد بابنه وابنته وكل مصالحه إلى صديقه 
كالليكليس. وفي الوقت نفسه أسر إليه بسر بالغ الأهمية وهو أنه يوجد 
بالمنزل كنز مدفون. ولكي يحول كالليكليس دون وقوع المنزل بكنزه في يد 
أنجبية تقدم هو بنفسه لشراء البيت. وكان لليسبونيكوس صديق ثري 
هوليسيتيليس الذي أراد أن يقدم له الخدمات لينقذه من الآزمة المالية. 
فعرض عليه أن يتزوج أخته متنازلا عن هدية الزواج التي من المعتاد. كما 
جرى العرفء أن تقدمها العروس. ولكن ليسبونيكوس برغم وقوعه في 


441 


الدراما 


ردذيلة الإسراف لم يقبل هذا العرض الذي رأى فيه مساسا بكبرياء وكرامة 
وسمعة العائلة. وفى الوقت نفسه يعبر عن استعداده لأن يقبل بكل سرور 
زواج أخته من صديقه ليسيتيليس ولكن بطريقة مشرفة وليس كما عرض. 
وكان كالليكليس راضيا عن هذا الزواج وفكر في أن يقدم للعروس مبلغا من 
المال لكى تدفعه كهدية زواجها. وكان عليه أن يأخن هذا المبلغ من الكتز 
المدفون في المنزل دون أن يعلم أحد من أقراد العائلة. فاستأجر شخصا 
مهما كان بخسا». وبالفعل عرض عليه أجر بسيط وهو «ثلاث قطع من 
من أبيه مع ألف قطعة من العملة الذهبية أرسلها كهدية زواج ابنته أي أخت 
ليسبونيكوس . وكان هذا الأجير قد نجح فعلا في أخذ هذه القطع الذهبية 
من الكنز دون أن يراه أحد. ووصل خارميديس فجأة وفي اللحظة نفسها 
الشكان نهها هيدا الرسراق ازيف يطرح باح | بعرة كا راسد يس فاكك فيه 
الحيلة وافتضح الأمر وتبين لخارميديس أن منزله لم يعد ملكه بل اشتراه 
كالليكليسء فلما شرع في توبيخه شرح له الموقف فعاد يشكره بحرارة 
لأمانته وإخلاصه. وتزف ابنة خارميديس إلى ليسيتيليس مع هدية زواج 
كبيرة. ويعفو الأب عن اينه النادم التائب. 

- «الفظ» أو «تروكولينتوس» 

وهو اسم إحدى شخصيات المسرحية وريما يعني «الفلاح» غير المتمدين 
أو المتفتح. فهي مسرحية تدور حول عاهرة شرهة تستغل سذاجة ثلاثة 
عشاق في آن واحد ودون أدق خجل. أولهم شاب أثيني منحل. والثاني 
قطام ممجاء يو افر شاب وووقي زتها تدع الليظان وترهمزاتيا انحيت 
منه طفلة. ولم تكن هذه الطفلة في الواقع سوى بنت لفتاة أثينية حرة المولد 
اغتصيها شاب ثم عاد وندم وتزوجها. أما تروكلينتوس فهو خادم هذا 
الشاب الريفي ولقد حاول مرارا وتكرارا أن يمنع سيده من أن يبعثر أمواله 
على هذه المرأة اللعوب فكانت النتيجة أنه هو نفسه أي الخادم قد وفع في 
حب خادمتها التى لا تقل عنها دهاء وشراهة. 

- «السلة» 

وصلتنا هذه المسرحية كمخطوط على رق شبه ممسوح: ومن ثم فلم 


425 


الأدب اللاتينى 


يكن الباحتون من :كراد مظع شغرابت هذا الخطوط. ومتى أ حال 
يرجح أن حبكة هذه المسرحية لا تختلف كثيرا عن مسرحية «الحبل» التى 

وهاه المجانة الخاطنة الس للا ينيع الخال تعيرشاءارننا اوتعظى 
فكرة سريعة عن كل مسرحيات بلاوتوس حتى يتسنى لنا تناول قنه المسرحي 
بشيء يسير من التفصيل. وأول ما يلفت النظر في عناوين بلاوتوس أن 
خمسا متها ضتهي بالنهاية (40)نهما يشى بتاثير ثايفيوين. كما أنه من 
المحال أن نؤّرخ مسرحيات بلاوتوس كلها وإن كنا نعلم أن مسرحية «ستيخوس» 
قد عرصت عام 9 ق.م وأن مسرحية «علية المجوهرات» تؤرخ بفترة ما 
قبل نهاية الحرب البونية الثانية أي عرضت عام 204 ق. م: تقريبا. أما 
مسرحية «تروكولينتوس» فهي من نتاج سن الشيخوخة؛. وتسبق «إبيديكوس» 
مسرحية «الأخوان التوأم مينايخيموس».: ولا بد من أن «بسيودولوس» تأتي 
تسريكيات بالاوكوين كلياء وشفات كل الحاولاك لاليصياط كاريت هن 
ايها ك مخ الدلاقك الدالكلية [ى القاكية ماع قعايل الحدسى زسحارنة 
استخلاص تطور عام في البنية الدرامية والأجزاء الغناكية: 

ولعل نظرة سريعة إلى مصادر بلاوتوس ستساعدنا على تكوين صورة 
متوازنة لدور هذا الشاعر في تاريخ الكوميديا ونحن نعرف أن مسرحية 
متاندروس«الأخوان» هى أصل «ستيخوس». وبالمثل كانت مسرحية الشاعر 
وكانت مسرحيته «التنساء علن مائدة الغداء» أصلا لمسرحية «علية 
المجوهرات». أما «جرة الذهب» فهي مأخوذة من مسرحية مجهولة 
لمناندروس. ويعتقد أن مسرحيات «التاجر» ودثلاث قطع من العملة» وريما 
«منزل الأشباح» مستوحاة من مؤلفات الشاعر فيليمون (360/368 - 263/ 
7 ق. م). وافتبيس بلاوتوس مسرحيتي «كاسينا» و«الحبل» من ديفيلوس 
(حوالى 300-360 ق.م) فى حين أخذ مسرحية «الحمير» من شاعر لا تعرف 
عنه شيئًا ويدعى ديموفيلوس. المهم أن بلاوتوس اتكأ على مؤلفات شعراء 
الكوطهيا الحديكة ولم راح شيغاسن الكرصيديا الوسظي آما القديمة له 


410 


الدراما 


يكن من المعقول أن يفكر في الاقتباس منها. وبدراسة مسرحيات بلاوتوس 
يتبين لنا أنه لا يلتزم التزاما متزمتا بالأصل فهو في بعض الحالات يضيف 
من عنده أو حتى من مسرحيات أخرىء أي يدمج مسرحيتين في مسرحية 
واحدة وهو ما يعرف في تاريخ النقد المسرحي الروماني باسم «الخلط». 

ولا يخبرنا بلاوتوس نفسه عن مصادره إلا في حالة واحدة هي مسرحية 
«الجندي الجعجاع». قمصدرها الإغريقي يذكر على أنه «الجعجاع». وعنوان 
أو اثنان من عناوين بلاوتوس يعد ترجمة حرفية للأصل الإغريقي مثل 
«التاجر» فهي ترجمة (01:همدم8). أما العناوين الأخرى فلا تدلنا بسهولة 
على الأصول. وهناك ثلاث مسرحيات بلاوتية أخذت عناوينها من اسم 
العبد البطل في كل منهاء وهذا ما لا يتفق مع تقاليد الكوميديا الآتيكية 
الحديثة. المهم أن أسماء هؤلاء العبيد إبيديكوس وبسيودولوس وستيخوس 
تحل محل أسماء السادة والآلهة مثل بلوتوس وهرقل في الظهور على المسرح. 
ولا علاقة لمسرحية بلاوتوس «الفظ» بمسرحية مناندروس بالعنوان نفسه. 
وعلينا أن نتذكر أن حديثنا عن المصادر الإغريقية لمسرحيات بلاوتوس لم 
يكن ليعني في كثير أو قليل جمهور هذا الشاعر الروماني. 

وقد قدمت لنا البرديات المكتشفة حديثا والمنشورة في الخمسينات 
والستينات دلائل مؤكدة عن علاقة بلاوتوس بمصادره. وكلها توضح كيف 
أعطى بلاوتوس نفسه الحرية في معاملة هذه النماذج المسرحية الإغريقية 
وحبكاتها . فمثلا الفقرات الكبيرة التي اكتشفت من مسرحية «الخائن مرتين» 
لمناندروس قد أوضحت أن بلاوتوس في «الأختان التوأم باكخيس» قد حذف 
مشهدا كاملا وغير في الحبكة والبنية الدرامية وسير الأحداث بصفة 
عامة!20 , 

ويرى جراتويك (6:805101 .4.5) أن بلاوتوس قد أقحم على موضوع 
«القرطاجني الصغير»-وهي مأخوذة أصلا من مسرحية أليكسيس (حوالي 
5- 275 ق. م والعرظ ادي ودر من مسرحية مناندروس «أهل سيك 
والتي تم اكتشافها مؤخرا على بردية نشرت عام 1964. فبلاوتوس إذا قد 
عرف مسرحية مناندروس هذه بدليل أنه استمد منها اسم الجندي 
ستراتوفائيس في مسرحية أخرى هي «الفظ» التي ظهرت في الفترة نفسها 
التي تؤرخ بها والخرطايتي الصعييه أن فيما بين عات 89و ا 


417 


الأدب اللاتينى 


لقد استمد بلاوتوس موضوعاته من مناندروس وغيره من شعراء 
الكوميديا الحديثة ولكنه أعطى مسرحياته لونها الخاص والمتميز... كيف ؟ 
هذا ما سنحاول الإجابة عنه الآن. 

كان بلاوتوس يركز اهتمامه على كل مشهد بمفرده. وقد يضيف إليه ما 
يعمل على زيادة فرص نجاح المشهد كوميديا بغض النظر عن مدى انسجامه 
واتساقه مع البنية العضوية للمسرحية ككل. ونضرب لذلك مثلا بالحلم في 
مسرحية «التاجر» (بيت 225 وما يليه). و«الحبل» (بيت 597 وما يليه)؛ و«ثلاث 
قطع من العملة» (أبيات 1027-1008), غفي هذا المشهد من المسرحية الأخيرة 
يصف خاتما ولا علاقة لهذا الوصف بالحبكة الدرامية. 

ومعظم هذه الإضافات البلاوتية لا تستمد من مسرحيات أخرى بل هي 
من ابتداع المؤلف. مما يعني أنه قد أدخل عنصرا رومانيا على المادة 
الإغريقية. يوسع بلاوتوس المشهد الإغريقي في مسرحياته بمادة رومانية. 
وللتدليل على أن بلاوتوس يعتني بكل مشهد على حدة دونما احترام للوحدة 
الدرامية نضرب المثل من مسرحية «بسيودولوس» فصل )١(‏ مشهد (2) 
حيث يصف الشاعر بنات الهوى فنجد عشيقة إغريقية مهذبة تتحول فجأة 
إلى صاحبة ماخور روماني قدر. 

وأغفل بلاوتوس تقاليد المسرح الإغريقي ولم يعرها كبير احترامه إلا 
إذا وظفها لخدمة أغراضه الكوميدية أي عندما تزيد فرص الإضحاك. 
ويطيل بلاوتوس أحيانا في أحاديث الشخصيات لتحقيق الغرض نفسه. 
فهو على سبيل المثال يجعل الخادم في «الأختان التوأم باكخيس» (بيت 925 
وما يليه) يتحدث ملياء وبزهو زائد كما لو كان قائدا عسكريا عاد بالنصر 
لظف 

ولعل أفضل دليل على أصالة بلاوتوس وعدم تقيده بالأصول الإغريقية 
تقيدا أعمى هو أنه يتأثر بليفيوس أندرونيكوس ونايفيوس فينظم مقطوعات 
غنائية متعددة الأوزان مما هو أصلا مونولوجات إغريقية بالوزن الثلاثي. 
والمثل الواضح على ذلك «بيت الأشباح» (الفصل الأول المشهد الثاني). ولعل 
هذه المقطوعات الغنائية كانت تمثل نقاط الذروة في عروض بلاوتوس 
الدرامية فهي تتطلب ممثلا غاية في القدرة والموهبة. وكل مسرحيات 
بلاوتوس تتضمن هذه المقطوعات الغنائية فيما عدا «الجندي الجعجاع» 


48 


الدراما 


التي ربما لم يجد الشاعر ممثلا قديرا يقوم بها. ومن ابتداع بلاوتوس 
كذلك المشاهد الثنائية شبه الأوبرالية ييه في أوزان غنائية ولكنها 
ذات محتوى درامي بسيط للغاية لأنها تعتمد تعتمد في فقوتها على موسيقاها أي 
الإيقاع الشعري والجرس الصوتي. ونضرب لذلك مثلا بمسرحية «الفارس» 
(الفصل الأول المشهد الأول), و«بسيودولوس» (بيت 3- 264) و«الحبل» 
(بيت 179 وما يليه). و«وسيتخوس» (بيت 316 وما يليه)» و«ثلاث قطع من 
العملة» (بيت 1059 وما يليه). وفى مثل هذه المقطوعات يظهر لنا بلاوتوس 
شاعرا من الدرجة الأولى من حيث الهيمنة على أدواته الغنائية وقد لا 
يرقن إلى مكل هذا السكرى الرطيع من الغتائية هى الفنسن الدرامي سوق 

لم يحاول بلاوتوس أن يعيد يعيد صياغة ال الخاصة به والميز رمي 
بدقة وما إلى ذلك. ولكننا نجده يطمس هذه الملامح عن عمد بهدف أن 
يخلق لنفسه أسلوبا كوميديا جديدا يختلف عن طبيعة مناندروس (وترنتيوس) 
وكل كوميديا التراث الأوروبي المسماة كوميديا السلوك. 

وتوسع بلاوتوس في أدوار العبيد والطفيليين وظهر أثر ذلك في العناوين 
كفنا تقدم أن ذكركا .:ويصغة عامة ثم نهقم بلاوكوسن كثيرا بالتحفافك على 
الأشريقية تحوويصيف إلبها عتاضن روهانية. والتعيجة انا فجد في الكثير 
عن تخوصة فح هن لبن إشروقيا يك الصا م زلكتة الى بصنا ومني الى كد 81 

إن اقهم تقنية وسيم الشحضنيات عند بالازهرس :في :الواهم يجبت الزادية 
أسماء أفراد لا أنماط كما هو الحال فى القصص الأتيلانية. وإن كان هذا 
لا يعني أن مسرحيات بلاوتوس تخلو من الشخصيات النمطية. ولعله من 
امفيك ها أكون بالذاكرة راان وسم الشخصيات فى الكوميدي) الأخيكية 
الحديثة. كان المؤلف عندئن يبدأ بالحدث وكلما تطور هذا الحدث اتضحت 
(وعطعم1) أو ميرينا (5هنتت") وهكذا. وقد يخترع المؤلف شخصية جديدة 


49 


الأدب اللاتينى 


مثل ما فعل مناندروس عندما قدم شخصية كنيمون («مصمعه>ا) في «الفظ», 
وشخصية هيميلكون (111:105) القرطاجني في «القرطاجني». هاتان 
الشخصيتان ليستا نمطيتين ولكنهما قد تصبحان كذلك بمضي الزمن. 
ويلاحظ أن داؤس يظهر في حوالي ثماني مسرحيات على الأقل من الست 
عشرة مسرحية المعروفة لمناندروس. لقد كان من محاسن الشخصية النمطية 
أن الجمهور يتعرف عليها بمجرد ظهورها ودون أن يشكل ذلك قيدا على 
موهبة مؤلف مقتدر مثل مناندروس. ففي يد هذا الكاتب تتمتع هذه 
الشخصيات النمطية بقدر كبير من التلون وتصبح كأنها زجاجات قديمة 
فارغة تملأ بأنواع جيدة جديدة من الشراب. 

وقد نفهم رسم الشخصيات عند بلاوتوس بصورة أفضل إذا نظرنا 
إليها في !طار عناصر البناء الدرامي ككل ولا سيما الحبكة. وبادئّ ذي بدء 
ليست الحبكة الدرامية هي جوهر المسرحية البلاوتية. فكل مسرحيات 
بلاوتوس أبسط من حبكة «الفظ» لمناندروس. ويلاحظ أن خروج ودخول 
الممثلين عند بلاوتوس قد تضاءل مما أدى إلى ضمور في الحدث الدرامي 
نفه. ذلك أن بلاوتوس قد ضحى بأشياء كثيرة ثمينة في سبيل زيادة عنصر 
الهزل والضحك. الحب هو المحرك الأول للأحداث وهو بالطبع ليس حب 
الأزواج بل العشاق. والعشاق في مسرح بلاوتوس يكسبون تعاطفنا جنبا إلى 
إذا امرأة تبحث عن المال بأي ثمن ولكنها مع ذلك تستحق التضحية لأن 
صحبتها ممتعة. فإذا بادلت هذه المرأة العاشق حبا بحب أو إذا كانت عذراء 
في مأزق غلا مفر من إيجاد المال اللازم وذلك عن طريق خداع الأب البخيل 
أو الخشن. وعلى الخادم دائما تقع مسؤولية تدبير الخطط للتغلب على 
الشخصية المعوقة. وفى العادة لا يكتشف الشاب الولهان حسب ونسب 
حبييتة إلا إلى مرحلة متاكرة من السيحية حيف إن النناة فى الأصل كانت 
قد خطفت أو ألقي بها في العراء منذ نعومة أظفارها . وبعد عملية الاكتشاف 
والتعرف تزف الحبيبة إلى حبيبها. ولا يميل بلاوتوس إلى زرع حبكات 
صغرى أو جانبية في مسرحياته. فهو لا يلجا إلى ذلك إلا إذا كانت هذه 
الحبكة الصغرى ستقدم مزيدا من الهزل كان يكون الأب والابن غريمين في 
قصة حب واحدة مثلا. وفي هذه الحالة فإن الأعراف الكوميدية لا تجعل 


الدراما 


الشيخ العاشق يكسب السباق. ذلك لأن الأم-الزوجة تظهر في النهاية بعصاها 
الغليظة فتعيد للشيخ العاشق وعيه المفقود. إن الحب الهزلي إذا هو محور 
ومن المناسب أن نقف قليلا عند شخصية العبد التى احتلت مركزا بارزا 
في مسرح بلاوتوس كما سبق أن ذكرنا. فهذا العبد يدين بالولاء لسيده 
الشاب ولا يرضى بوقوعه في شرك الهيام بحب العاهرات الذي يعتبره 
«سقوطا في الهاوية». والعبد في مسرح بلاوتوس ذكي ونابه بل مثقف ماهر 
أو مكار وسيي لا يصلح لشيء. وقد ينحرف هذا العبد في خضم الأحداث 
فنجده مزهرا بنفسه ومغروراء بل قد يعطى لنفسه حقوق المواطنة وكافة 
امتيازات السادةء فيشرع في إصدار الأوامر ويسلك سلوك القادة العسكريين 
ويقارن نفسه بالملوك العظام وأبطال الملاحم والآساطير. والعبد في مسرح 
بلاوتوس يخاطب الجمهور مباشرة-بغض النظر عن قواعد الإيهام المسرحي- 
فهو يعتبر نفسه إذا واحدا من فرقة الممثلين وفردا من أفراد الجمهور في 
ويقية الشخضيات علق منضنة التمثيل: حقى أنه ليبدو فى يكن اللحظات 
كأنه ليس هناك ممثل خلف قناع هذا الخادم. 
بلاوتوس التي تعاني من مرض الانفصام أو الشيزوفرينيا بلغة علم النفس 
الحديث. فهو يعاني من عدم القدرة على ضبط النفس أو التحكم في 
أهوائهاء ومن ثم فهو قد يهتاج أو يرتجف من شدة الانفعال والانغفماس في 
سرور وفرح غامرين أو يأس وقنوط قاتلين. هذا ما يفعله خارينوس في 
الآلهة كما يفعل كاليدوروس في «بسيودولوس». وقد يضرب عبده بلا سبب 
كما يفعل أجورا ستوكليس في «القرطاجني الصغير». كل هذه التصرفات 
غير الحميدة ليس من ورائها سوى سبب واحد هو أن صاحبها يعاني في 
الحب ومن ثم فله كل العذر. فالحب اللاوتي ليس كالحب الأفلاطوني 
ضربا من ضروب الجنون المقدس ولكنه نوع من الهوس العاطفي. ولعل 
مونولوج مينيسيلوخوس في «الآختان التوأم باكخيس». (أبيات 525-500) 
يعد نموذجا في هذا الصدد . إنه يقابل حديثين لسوستراتوس في مسرحية 


الأدب اللاتينى 


«الخائن مرتين» لمناندروس. وفيهما يعبر العاشق الولهان عن اضطراب 
عواطفه ما بين خيبة أمله في صديقه ومرارته الناجمة عن سلوك عشيقته. 
وهو واهم في الحالين بالطبع. والغريب أن النغمة والأدوات التعبيرية في 
هذين الحديثين تذكرنا بمقطوعات غنائية سترد عند كاتوللوس فيما بعد, 
حيث العبارات القصيرة والكلمات الدارجة. وفي نهاية الحديث الثاني يميل 
سوستراتوس إلى لوم الفتاة لا صديقه غير المخلص أو «الخائن مرتين» 
(البيت 18 وما يليه؛ والبيت 89 وما يليه (اء500055. يبدأ مينيسيلوخوس-في 
«الأختان التوأم باكخيس» لبلاوتوس-حديثه كشخصية فردية مميزة المعالم 
لا نمط من الأنماط. إنه يطرح قضية هامة: من هو العدو والأسوأ هو أم 
هي 5 وكأننا أمام سؤال هاملت الشهير أكون أو لا أكون 5. ويقرر 
مينيسيلوخوس على الفور أن اللوم يقع على الفتاة أما الصديق فلا تثريب 
عليه فهو على الأقل ينساه الآن. وبعد ذلك. (بيت 503 وما يليه) لا نستمع 
إلى عاشق حزين بل إلى عبد يقال له «عاشق»؛ ويطلق نكاتا تنم عن إحساسه 
الداخلي بالهزيمة. وتأتي هذه النكات بضمير الغائب المفرد وتعد بمثابة 
أقوال مأثورة عن سلوك العشاق. تلك هي الزاوية الأخرى لصورة العاشق 
البلاوتي: إنه خادم في ثياب سيد. كلف قناع «العاشق» تقبع شخصية 
العبد الماكر في مسرح بلاوتوس. وبعبارة أخرى هناك خلط متعمد بين 
العبد و«العاشق». وهذا ما يساعد على خلق مفارقات كوميدية صريحة أو 

وإذا قيل فيما بعد إن الآباء في مسرح كايكيليوس ستاتيوس (وسنتحدث 
غنه بعد قليل) كانوا مشهورين بالقسوة00 فإن الآباء عند بلاوفوس فلقون 
لا قساة. بيد أن ملمحهم الكوميدي الرئيس هو أنه من العسير الحصول 
منهم على قطعة من النقود وهذا ما يجعلهم خصما قويا للعبد. حقا إن 
شخصية الأب في مسرح بلاوتوس لا يمكن أن تصل إلى حد اعتباره مهرجا 
مثل شخصية بنتالوني في كوميديا دي لارتي بإيطاليا عصر النهضة: ولكن 
ينبغي ألا ننسى حقيقة ملموسة وهي أن حوالي ربع أعمال بلاوتوس تتضمن 
شخصية «الشيخ العاشق» التي سبق أن أشرنا إليها. فهي موجودة في 
«الحمير»»؛ و«الآأختان التوأم باكخيس»»؛ و«كاسينا»» و«التاجر». و«أمفيتريو». 
وهذه الشخصية تثير الضحك لأنها تجمع بين جانبين متناقضين وهما كبر 


الدراما 


السن والوقار من ناحية والعشق المميز لصغر السن والمرتبط بالهوس العاطفي 
والعبودية من ناحية أخرى. فهو إذا شخصية تجمع بين الأب السيد من 
جانب والعبد العاشق من جانب آخر. إنه شيخ متأنق غير متزوج يبدو 
أبيقوري النزعة دون أن يصل به الأمر إلى حد أنانية وجشع الطفيلي. 
بالنسبة لهذا الشيخ الحب هو «التصرف بحكمة» لا «التصرف بحماقة». 
إنه يكرم إلهة بلاوتوس المفضلة أي فينوس جنبا إلى جنب مع إلهة الورع 
والتقوى بيتاس (كهاءن0) . 

نأتي لشخصية أخرى هامة عند بلاوتوس وهي القواد فنجده وغدا بالغ 
النذالة. مستعدا لعمل أي شيء في سبيل الحصول على المال. العمل الرئيس 
لهذه الشخصية هو الخيانة والخداع. وهدف حياته هو ما ينطوي تحت 
شعار «المكسب». إنه هو نفسه يتلذذ بترديد هذه المبادئّ صراحة. (قارن 
على سبيل المثال «بسيودولوس» بيت 264 وما يليه)؛ و«القرطاجي الصغير»بيت 
6 بيهر وو نهر » لبيك 7207 وها مليكون انكا ريى: ممكك ققق رفنا بلنيان 
وبالاستغلال الضمني لبعض جوانب وملامح القانون الروماني جعل بلاوتوس 
من هذه الشخصية شيئا يفوق في فظاعته أصل هذه الشخصية في الكوميديا 
الأتيكية الحديثة. في مسرحية «بسيودولوس» مثلا يجرؤ بالليو وبلا أدنى 
درجة من الورع أو التردد على نقض عقد روماني مقدس وذلك لأنه تلقى 
عرضا أفضل من غريم الطرف الآخر في هذا العقد. وفي مسرحيات 
«القرطاجني الصغير»؛ و«الحبل»؛ و«كوركوليو». و«الفارس» يكسر القواد 
المواد القانونية ويتاجر في فتيات يعلم أنهن من أصل حر. 

ولعل في شخصية الملفيلي النهم ما يقربنا كثيرا من الروح الإيطالية. 
فيلاحظ مثلا أن أغلبية الإشارات إلى الموضوعات والمدن الرومانية أو 
العادات والتقاليد الإيطالية تأتي في مشاهد الطفيليين. أما إذا أمعنا النظر 
في أحاديث الطفيليين وجدنا أن الزخرف والطنطنة هما السمتان المميزتان 
للغة والصور الشعرية الفاقعة. فكل من هؤلاء الطفيليين يتخن لنفسه مظهر 
الخطباءء؛ ولكنه لا يشغل نفسه بالمصلحة العامة وإنما يشرح فلسفته في 
الحياة وأسلوبه الخاص في مواجهة الأحياء والأشياء. واعتداده الراسخ 
بمهنة الآباء المشرفة. إنه يقدم نفسه على أنه رجل حر ولكن لسان حاله 
يقول غير ذلك. فهو يخضع لراعية ويعد عبدا من الناحية المعنوية على 


الأدب اللاتينى 


الأقل. إنه النقيض المباشر لشخصية العبد الماكر. ومن جهة أخرى فلعل في 
تكريس الطفيلي نفسه الطعام ما يقابل تقديس القواد للمكسب والمصلحة 
الشخصية. وعلى أي حال فالطفيلي كوركوليو يعد استثناء على نحو أو 
آخر. كما أن هناك طفيليا منافقا يدعى أرتوتروجوس (5ناعمنامتم - آكل 
الخبز (في مسرحية «الجندي الجعجاع». 

والجندي المحترف في مسرح بلاوتوس إغريقي الأصل وليس رومانيا 
بأي حال. وهو يقدم على أنه ذو أمجاد وهمية وانتصارات فارغة كما أنه 
أناني ومغرور ومصاب بداء خداع الذات. 

أما الشخصيات النساتية البلاوتية فمن الملاحظ أن المؤلف لم يحفل 
كثيرا بتحليلها سيكولوجيا وربما نستثني من ذلك شخصية ألكومينا -) 
ألكميني عند الإغريق (التي قدمها في صورة تراجيدية إلى حد بعيد في 
مسرحية «أمفيتريو». إنها سيدة متزوجة بمعنى الكلمة أي أنها تقبع داخل 
جدران منزل الزوجية كلما أمكن. ولا تظهر السيدة المتزوجة خارج منزلها 
في مسرحيات بلاوتوس إلا إذا كان زوجها غير مخلص لها كما هو الحال 
في مسرحيات «الأخوان التوأم مينايخيموس». و«الحمير»». و«كاسينا». وتتسم 
الفتاة العذراء في مسرح بلاوتوس بأنها-على نقيض العاشق-متسقة مع 
نفسهاء متواضعة لا يصدر عنها إلا كل قول حكيم؛ وكل ذلك يناقض ما نجد 
عليه الغانية. في غريبة الأطوار ومتهورة؛ لا تتمسك بأي مبادئ أخلاقية 
وهذا أظهر في شخصيتها من كونها خليعة. وهي تقابل وتوازي شخصية 
العبد الماكر فهي مثله بالفة الذكاء. مثقفة وسيئة لا تصلح لشيء» تنتقد 
الحب بالطريقة نفسها التي يتبعها العبد. وكما لا يحاول الأخير قط أن 
يجرب حظه معها أو أن يحتال عليها فإنها هي أيضا تتستر على بعض 
الاعيبه. 

وجدير بالذكر أن بعض شخصيات بلاوتوس بالغة التعقيد والتركيب 
بحيث لا يمكن تصنيفها بسهولة. فمثلا هانو في «القرطاجني الصغير» 
نجده ثلاثي الجوانب فهو أب ورع وشيخ متأنق وعبد ماكر. أما إذا أردنا أن 
نذك رأ عقد الشخصيات تكوينا وتركيبا في مسرح بلاوتوس قفز إلى الذهن 
على الفور يوكليو في «جرة الذهب». 

وهناك ثلاثة أجزاء نوعية في بنية المسرحية البلاوتية ونعني الجانبين 


5/1 


الدراما 


السردض والتفاق (الأريراليب :زو لضو الاخير أو السوان فيو الالقربي انيه 
حياة المتفرجين اليومية. ويكثر فى هذا الجزء الحديث عن عتبات البيوت 
والهمس الجانبي واللقاءات القصيرة الخاطفة. أما الجزآن السردي والغناكي 
كيين كك مرونة, وانجراكا شين شكمبية نا خلى المع امتمامل اغدية 
5 وما يليه. و«الأخوان التوأم مينايخيموس» 966 وما يليه). ويلقي الخدم 
عيها كافك بطويلة (حواكن مق .قدها هلي الأكفر): 

ويلعب الصبية دور النساء في مسرح بلاوتوسء وهم يؤدون هذه الأدوار 
غذلى تحن أؤيراتى»فالاكتان القرام تاكخيس»وبالايهر ا بوادبياينيةها هن 
«الحبل» وأدلفاسيوم وأنتراستيليس في «القرطاجني الصغير» وغيرهن لا 
يلقيق قط بقواوا فى الوزن الإكامين السداشى (تموفوة). وإذا فملك لخدف 
النسوة ذلك-مثل الفتاة في مسرحية «الفارس»-فإنه يحدث لأن الجو العام 
قد استقر بالنسبة للمشهد بوجود شخصية رجل غير مرغوب فيه. ولعل 
السيدة المتزوجة فى «الأخوان التوأم مينايخيموس» تعد استشاء. فهى التى 
أخنذت المبادرة فى بيت 559 وما يليه. وبيت !791 وما يليه. واختارت الوزن 
الآنامين السداسي وتو ها يعني :قرقين الاشارة الشكلية إلى انا لخ تشمر 
بالأسى بالنسبة لها. وعلى النقيض من ذلك يعيش الأوغاد مثل كبادوكس 
في «كوركوليو» وليكوس في «القرطاجني الصغير»». وكذا الشخصيات غير 
الحبوية مال المروى ليد وس :في رالكدعان القواك داكط يسرم ميكل ولام 
جميعا في عوالم الحوار بالوزن الإيامبى السباعى (نتتنةمعامء5). وصفوة 
القول .إن التخويم الخروضى لاشخسيية حنم تالاوقومن اليس مقضر باد 
معنى ولكنه يلعب دورا مهما في عالمه الدرامي. ولو أن الشاعر اللاتيني بين 
الأعين والسم يشالت اخليية ريخايكنا ينور التزقم: 

ولعل البرولوجوس في مسرح بلاوتوس يستحق وقفة قصيرة. ويلاحظ 
أن خمسا من مسرحياته-«كوركوليو»». و«إبيديكوس»», ودبيت الأشباح» 
و«الفارس». و«ستيخوس»-ليست لها برولوجات. وفقد يرولوجوس «الأختان 
و«ثلاث قطع من العملة» يدل على أن هده اليرولوجات لم تكن تساهم في 


الأدب اللاتينى 


تطوير الحدث الدرامي. وهذا ما نلاحظه كذلك من شذرات برولوجوس 
«بسيودولوس». أما برولوجوس «علبة المجوهرات»؛ و«الجندي الجعجاع» 
فلا تتنافس مع قولنا بصفة عامة إن بلاوتوس-مثل ترنتيو س كان أميل إلى 
الاستغناء عن البرولوجوس الإغريقي كلما أمكن ذلك. 

ويدين أسلوب بلاوتوس بالكثير لسابقيه ولا سيما نايفيوس. ومع ذلك 
فهو بصفة عامة أصيل مبدع. وفي العادة توجد ثلاثة عناصر في أي مسرحية 
بلاتية وهي كما يلي: 

1+ محادفات هادية تقية ثقرية بالوزق الإيامبي الشداسى. 

ب- أشعار طويلة في الوزن التروخي سواء أكانت سباعية الأقدام أم 
ثمانية (نتتتهدماءه) . 

ج- مقطوعات غنائية (دعتاصة) . 

كان العنصر الثالث يغنى: أما العنصر الثاني فهو يلقى بمصاحبة عزف 
على الفلوت وذلك في مقابل العنصر الأول الذي يلقى بلا موسيقى. ومن 
الواضح أن المستوى اللغوى يتباين فيما بين هذه الأجزاء . ذلك أن المقطوعات 
التناكة فيتخل كافة الامكاناف العبيرية فى اقلشة والوؤن اما الحادكات 
العادية فلغتها مسطحة: ا 

ويتميز أسلوب بلاوتوس بتراكم المترادفات وكثرة الجناس الصوتي 
والطباق وتتردد عنده أصداء كثيرة للغة اللاتينية العتيقة والمصطلح القانوني. 
كما أنه يبرع في نحت الكلمات الجديدة. ويتمتع بالاوتوس بخيال عربيد في 
تشغيل اللفة اكجانية الستهدة من مظاهر الحياة الإنسائية سواء أكانتك 
العسكرية أم الدستورية؛ القانونية أو الدينية؛ أو حياة العبيد في قصور 
السادة. ويستخدم بلاوتوس الأساطير الإغريقية بطريقة صحيحة وغير 
مسحيعة , ومهناك فيضن :فين الذهاء والضتفة أحيانا مما كن تسد العم 
الوجداني للمشهد, فمثلا يقدم المؤلف عبارة ملغزة ليبرر شرحه إياها. ولو 
أن هذا أمر نادر بالنسبة لبلاوتوس. 

لا يسير بلاوتوس على درب مناندروس الذي يقترب في أسلوبه من 
الواقعية النثرية. فحتى في الأحاديث العادية يبدو بلاوتوس أكثر شاعرية. 
وبالنسبة لترتيب وتركيب الجملة نجد بلاوتوس يقترب من لغة الحديث 
اليومي في عصره دون أن يعني ذلك أن لغته لغة سوقية. وهو يستعير 


56 


الدراما 


كلمات إغريقية أحيانا ومعظمها مأخوذ من اللهجة الدورية شبه الأدبية 
حيث ترد عند بلاوتوس على لسان شخصيات تنتمي إلى طبقات أدن. وكان 
بلاوتوس قادرا على صياغة عبارات معقدة وطويلة. ولعل أطول عبارة عنده 
هي في الأبيات الأولى في «أمفيتريو». وفي مقابل ذلك تكثر عنده العبارات 
القصيرة «التلغرافية» وهو الأسلوب المفضل عند ترنتيوس كما سنرى. ويميل 
بلاوتوس إلى استخدام صيغ التصغير أيضا. المهم أننا هكذا نتبين أن 
أسلوب بلاوتوس يتمتع بتنوع فريد في مصادره.؛ ففيه نجد الفكاهات 
والتعبيرات القانونية جنبا إلى جنب. 

وتقع الأحداث في مسرح بلاوتوس في أثينا أو إبيدامنوس أو أيتوليا أو 
أي مكان آخر ببلاد الإغريق. ولكننا في الواقع نشعر بأننا في دولة إغريقية 
رومانية. وهي دولة عالمية نلتفي فيها بالإغريق والرومان والكلت والسكثيين 
والأسبان والأفارقة وغيرهم. بيد أنه لم يذكر الرومان صراحة سوى مرة 
واحدة في «القرطاجني الصغير» (بيت 1314) مما دفع البعض إلى الشك 
في أمر هذه ا لفقرة. 

وجدير بالذكر أن التقسيم إلى فصول في مسرح بلاوتوس ليس من 
عمله هو ولكنه تقسيم متعسف قام به نقاد القرن السادس عشر بناء على 
فهم خاطئ لبعض أبيات وردت في «فن الشعر» لهوراتيوس (بيت 1989 وما 
يليه). ويلاحظ أنه في المخطوطات المعروفة إبان عصر النهضة لبلاوتوس 
والتي على أساسها خرجت طبعات مسرحياته يوجد إهمال ملموس في 
بدايات ونهايات السطور. ومن ثم فإن بعض الأوروبيين في عصر النهضة 
ظنوها مسرحيات نثرية وهذا ما يبرر استعمال النثر في الكوميديا الإيطالية 
وكوميديا العصر الإليزابيشي بإنجلترا. ْ 

وقبل أن نختم حديثنا عن بلاوتوس نشير إلى أن شيشرون يقتطف من 
«جرة الذهب» مرة واحدة؛ ومن «ثلاث قطع من العملة» مرات عديدة. أما 
«الأخوان التوأم مينايخيموس» فكانت شائعة ومحبوبة في عصر النهضة. 
ولقد أشار الناقد الألماني الفذ لينسج بمسرحية «الأسرى» واعتبرها أفضل 
مسرحية كتبت في العالم. ولعل المبدأ القائل إن الكوميديا مرآة لحياتنا 
ا مسرح بلآوتوس بصفة عامة وعلى هذه المسرحيات بوجه 
خاص/. 


57 


الأدب اللاتينى 


3- كايكيليوس ستاتيوس: 

من المنطقة التي تقع فيها الآن ميلانو جاء كايكيليوس ستاتيوس (دانا كع 
5 الذي عاش فيما بين عامي 209 و 166 ق. م تقريبا. وسيطر على 
المسرح الكوميدي في الفترة ما بين بلاوتوس وترنتيوس. وهو أول غالي) 
نسبة إلى غاليا كيسالبينا (يظهر في الأدب الروماني. جاء إلى روما كعبد أو 
أسير حرب ثم أعتق وعاش حرا مع إنيوس في منزل واحد. 

ظهرت أولى محاولاته في المسرح عام 190 ق. م وباءت بالفشل ثم بدأ 
النجاح يكلل جهوده بفضل صبره وأناة الممثل الأشهر لوكيوس أمبيفيوس 
توربيو الذي يفخر بذلك في برولوجوس مسرحية ترنتيوس «الحماة». كان 
كايكيليوس صديقا ورفيقا لإنيوسء وكان الاثنان معا أول المؤلفين المسرحيين 
الرومان المستفيدين من جهود علماء الدراسات الأدبية آنذاك. ولم يتطرق 
الشك قط إلى الأصالة في مسرحيات كل من كايكيليوس وإنيوس وهذا ما 
تعرض له كثيرا بلاوتوس نفسه. وأصبحت مؤلفات كايكيليوس وإنيوس من 
المقررات في المدارس الرومانية. ونلاحظ أن شيشرون يفترض دائما أن 
المحلفين في المحاكم والمتراسلين معه في خطاباته قد قرءوا وشاهدوا 

ويرى فولكاتيوس سيد يجيتوس (حوالي 100 ق. م) أن كايكيليوس هو 
أكثر المسرحيين الرومان فكاهة واضحا كما في حين يثني هوراتيوس على 
رزانته وجديته؛ ويمتدح فارو حبكاته الكوميدية» وينتقد شيشرون لاتينيته. 
ولكن الشذرات التي وصلتنا من أعماله قليلة وقصيرة جدا إلى حد أننا لا 
نستطيع التحقق من صحة هذه الأحكام. ولو أننا ومن خلال ما تبقى لنا من 
مسرحيته «بلوكيوم» (مناءه1م) فقط نستطيع أن نضعه في مكانة وسطى- 
تاريخيا وتقنيا-بين بلاوتوس وترنتيوس. هذا وتنسب إلى كايكيليوس خمسون 
مسرحية يلاحظ أن ثلثها مأخوذ من مناندروس 29. 


4- ترنتيوس (الأفريتي) : 
من أفريقيا يرجح أن الشاعر بوبليوس ترنتيوس أفير (على دنانامءه1 .5) 
قد جاء إلى روما وذلك كما يستدل من اسم الشهرة (عه) فهو يعني 


الدراما 


ترنتيوس لوكانوس الذي في منزله عاش ترنتيوس عبدا . ويبدو أن سيده قد 
توسم فيه خيرا فعلمه وأحسن تربيته ثم أعتقه. مات ترنتيوس في سن 
الخامسة والثلاثين. هذا ما أجمعت عليه معظم الروايات» بيد أن سويتونيوس 
يقول إنه مات في سن الخامسة والعشرين. وعلى أي حال فإن الروايات 
التي تتحدث عن حياة ترنتيوس غير محققة ولا موثقة ومن ثم فليست 
ضادقة ثمافا :أما بالسية لحياة تزتتيوسس الفتية فقك:وهلنا أفضل مصنون 
وأوثقه ألا وهو مسرحياته الست بمقدماتها التي رد فيها على نقاده. ومن 
حسن الحظ أننا نستطيع أن نرتب هذه المسرحيات ترتيبا تاريخيا كما يلي: 

- فتاة أندروس (هضلسه) 

عرضت «قفتاة أندروس» أو «الأندرية» عام 166 ق. م وفيها يعتدي الشاب 
الأثيني بامفيلوس على العذراء جيليكيروم باعتبار أنها أخت عاهرة من 
جزيرة أندروس. ثم يحاول الشاب أن يصلح غلطته ويخلص الفتاة من المأزق 
ولكن أباه سيمو كان يرتب لتزويجه من ابنة صديقه خريميس. وكان الأخير 
قد علم بعلاقة بامفيلوس وقصته مع جيليكيروم فسحب موافقته على 
الزواج. ويخفي سيمو ما أعلنه خريميس ويتظاهر بالاستعداد على عجل 
لإتمام هذا الزواج وهو يهدف بذلك إلى دفع ابنه لإنهاء قصة الحب المشينة. 
ولكن بامفيلوس يعلم بسر هذه الحيلة من خادمه دافوس الماكر فيتظاهر 
هو أيضا بالإذعان لأمر أبيه؛ ويعلن استعداده للزواج على الفور. وفي تلك 
الأثناء ينجح سيمو في إقناع خريميس بسحب اعتراضه على إتمام الزواج. 
وعندئن أسقط في يد بامفيلوس وصار يائسا . وزاد الطين بلة أن جيليكروم 
حملت منه طفلا. ومرة أخرى يرتب دافوس اللعين الأمر بحيث يعلم خريمير 
بهذا الحمل فيقرر من جديد رفض الزواج رفضا تاما. ويصل ضيف من 
جزيرة أندروس ويكشف النقاب لخريميس أن جيليكروم كانت قد وصلت 
إلى جزيرة أندروس على أثر تحطم سفينة قبالة شواطتهاء وأن ملابسات 
الحادث تثبت أنها في الواقع ابنة خريميس نفسه. وهكذا يجتمع خريمير 
مع سيمو ويتفقان على عقد زواج بامفيلوس من جيليكروم وتنتهي المسرحية 
في جو من السرور والحبور. 

ومن الملاحظ أن المشهد الأول في هذه المسرحية عبارة عن حوار بين 
الأب والعتيق الموثوق به. ويصور هذا الحوار علاقة فريدة في إطار الكوميديا 


59 


الأدب اللاتينى 


لأن الجانب الإنساني) الليبرالي (بارز ومؤثر للغاية بيد أنه من الناحية 
الدرامية البحتة لا أهمية لوجود العتيق سوى أن يسمع لشكوك ومخاوف 
ونوايا الأب. وفي نص مناندروس الأصلي «أندريا» لا وجود إلا للأب الذي 
يحكي كل هذا في البرولوجوس وهو حديث فردي (مونولوجوس) . والمسرحية 
الثانية لمناندروس والتي أفاد منها ترنتيوس وهو يعد مسرحيته موضوع 
الحديث-نجدها تتشابه مع «أندريا» للشاعر الإغريقي نفسه في الحبكة 
وإن اختلفت عنها في الأسلوب الفني؛ إذ كان المشهد الأول حوارا بين الأم 
والأب. ويعزو المعلق القديم على ترنتيوس أي دوناتوس (منتصف القرن 
الرابع الميلادي) فكرة الحوار بالمشهد الأول من مسرحية «فتاة أندروس» 
إلى «بيرنيثيا» التي يقول ترنتيوس نفسه أنه أخذ منها ما يناسبه. ومع ذلك 
فإن استبدال ترنتيوس العتيق بالزوجة تغيير كبير مهم ومن ابتكار الشاعر 
اللاتيني. ويعد هذا المشهد الاستهلالي بالفعل من أهم المشاهد التي توضح 
كيف يتصرف ترنتيوس في مصادره. وعلى أي حال فإن عملية الدمج 
التكاملية ليست ملموسة بدرجة كافية في هذه المسرحية. 

وأحدث ترنتيوس تغييرا أساسيا آخر وهو إضافة شخصية الشاب 
خارينوس وعبده بيريا. وفي مسرحية ترنتيوس كان سيمو هو الذي حاول 
أن يخلص بامفيلوس من قصة الحب غير الشرعي بالتظاهر أن الآخير 
سوف يتزوج بنت أحد الأصدقاء فورا . ولكن الفتاة التي كان بامفيلوس على 
علاقة غير شرعية بها ثبت أنها من أصل شريف أي يمكن أن يتزوجها 
بامفيلوس. وفي المسرحية الإغريقية تركت بنت الصديق دون زواج وحتى 
نهاية المسرحية لم تظهر قط. أما دور خارينوس الذي أضافه ترنتيوس فهو 
أن يكون صديق من يخطب ود الفتاة؛ ثم عليه بعد ذلك أن يتزوجها هو من 
بعد أن أسيء فهم نوايا بامفيلوس. وهكذا يتضح أن ترنتيوس قد أضاف 
حبكة ثانوية لا يستهان بها وباهميتها في الحدث الدرامي الأساسي. بيد 
أن هذه الحبكة الثانوية الترنتية (نسبة إلى ترنتيوس) ذات مسحة مناندرية. 
وكان هدف ترنتيوس من هذه الإضافة ألا تبقى في المسرحية أي سحابة 
حزن عندما تحبط فتاة وتترك بلا زواج؛ وذلك عندما يتم زواج بامفيلوس 
بفتاة أخرى. وهذا منحى جمالي له أهمية كبرى في فهم الكوميديا. لقد 
قرر ترنتيوس أن يدخل التعديلات والتحسينات على نص مناندروس مستوحيا 


00 


الدراما 


مناندروس نفسه. ولعل فى ذلك ما يصور بصفة عامة اتجاه الرومان فى 
التنافس مع الأصول الإغريقية ذات الجلال والإكرام في عقلية الرومان 
أنفسهم. وعلى أي حال فإن إضافات مناندروس في هذه المسرحية ليست 
بهذه الأهمية التي يوحي إلينا بها هو نفسه؛. بل يمكن أن نقول دون خوف 
من مغالاة إن حذف كل هذه الإضافات لن يغير من المسرحية كثيرا . وكل 
ذلك يثبت أن ترنتيوس لم يجن الكثير من منافسته نموذجه الإغريقي 
مناندروس. 

وجدير بالذكر أنه فى مسرحية «قتاة أندروس» وردت عبارات محكمة 
صارت من المأثورات مثل القول (المشهد الأول بالفصل الأول بيت 96) «من 
هنا تلك الدموع»”” ويضرب المثل عندما لا تكون الدموع حقيقية أو صادقة 
أو كما نقول «دموع التماسيح». 

وكذا القول الشهير) المشهد الثالث بالفصل الثالث بيت 23 («خصام 
المحبين تجديد للحب» وهو ما أخذه ترنتيوس عن قول مأثور لمناندروس من 
الحكم المنسوبة إليه وتقع كل منها في بيت واحد2 ومعناه «غضب المحب 
للا يدوم طويلا». 

- الحماة 

عرضت هذه المسرحية لأول مرة عام 165 ق. م وفشلت لأن الجمهور كان 
متلهفا على الذهاب خارج المسرح عندما علم بوجود مياراة للمالاكمة وعروض 
أكروبات للرقص على الحبال. ثم أقيم العرض الثاني لها عام 160 ق.م 
ولكن ما أن سرت شائعة بين الجمهور بأنه ستجرى مباراة بين المجالدين 
حتى ترك الناس المسرح على الفور لما هو أفضل وأهم بالنسبة لهم. أما 
العرض الثالث فقد وقع في عام 160 ق. م ولم تقاطعه أي منغصات فجلس 
الناس يشاهدون المسرحية في هدوء واهتمام بالغين فحقق العرض نجاحا 
باهرا. ولعل قبول الأيديليس إعادة عرض هذه المسرحية الفاشلة للمرة 
الثالثة ما يدل على الاقتناع بالقيمة الفنية الكامنة فيها. ولكن ينبفي ألا 
أمامها. فيا ترى هل العيب في المسرحية نفسها أم في طبيعة الجمهور 
الرومانى ؟ يرى بعض النقاد أن المسرحية بالفعل متواضعة من حيث الحدث 
الدرامي أما حوارها الصقيل فيحتاج إلى فرجة واعية وهذا ما لم يذهب 


ان 


الأدب اللاتينى 


إليه جمهور المسرح أيام ترنتيوس إذ كان هدفه الرئيس هو المتعة والضحك. 

وجاء في البرولوجوس رقم (١)الذي‏ ألقي عند عرضها للمرة الثانية ما 
يلي: «وعند تمثيلها لأول مرة قوطعت بحدث غريب جعل من غير المستطاع 
سماعها أو مشاهدتهاء فإن أناس بميولهم الحمقاء شغلوا عنها بالراقصين 
على الحبال». وجاء في البرولوجوس رقم (2)الذي ألقاه الممثل عند عرضها 
للمرة الثالثة ما يلي: «إنني أقف بينكم كسفير من الشاعر في شخصية 
قارئ المقدمة (البرولوجوس) فَهيئوا الفرصة كي أكون محاميا ناجحا حتى 
أتمتع في شيخوختي بالشيء نفسه الذي تمتعت به في صباي عندما عملت 
على إعادة مسرحيات لم تحز قبولا عند تمثيلها لأول مرة إلى مكانتها 
اللائقة بها ... ولقد طردت في بعضها من على المسرح وتمكنت من مواصلة 
التمثيل في بعضها الآخر بصعوبة... فأخذت في إعداد هذه المسرحيات 
بحماس حتى أقوم بتمثيل مسرحيات جديدة للمؤلف نفسه؛ وحتى لا يتوقف 
عن عمله ككاتب مسرحي. وأخرجت هذه المسرحيات على المسرح وقد 
لاقت استحسانا ممن شاهدها ... ولو كنت قد استهنت بأمر الكاتب وحاولت 
أن أثبط من عزيمته حتى يعيش عيشة أقرب إلى الخمول منها إلى العمل 
لكان من السهل علي أن أجعله ييأس من كتابة مسرحيات أخرى». وبعد أن 
يتعرض لظروف الفشل في العرضين السابقين يقول الممثل: «لا تعملوا على 
أن يصير الفن المسرحي في أيدي قليلين بل شدوا أزري بنفوذكم 
ومعاونتكم!29. 

ويبداً الحدث الدرامي في هذه المسرحية عندما يقنع الأب أبنه بامفيلوس 
فيقبل الأخير على مضض أن يهجر عشيقته باكخيس استعدادا الزواج. 

وبالفعل يتزوج بامفيلوس ويرسله أبوه إلى إمبروس في مهمة تجارية. 
وفي أثناء غيابه تترك العروس بيت حماتها متذرعة بحجة أو بأخرى. المهم 
أنها تقيم في بيت أمهاء وهناك تضع طفلا هو بالطبع ليس من نتاج زواجها 
حديث العهد. فالذي حدث أنه كان قد اعتدى عليها قبل الزواج رجل في 
الظلام ثم انتزع منها خاتمها. وبهذا الخاتم وبمساعدة العشيقة الأمينة 
باكخيس التي كان قد أهدى إليها هذا الخاتم تم التعرف على الحقيقة 
كاملة. غبامفيلوس نفسه هو ذلك الرجل الذي كان قد اعتدى على الفتاة 
في الظلام لأنه هو الذي أهدى الخاتم إلى باكخيس . المهم أن الطفل الوليد 


02 


الدراما 


هو ابنه. وهذا ما يجعله يتراجع عما سبق أن قرره وهو عدم الاعتراف 
بالطفل. وقد أولى ترنتيوس عناية خاصة لرسم شخصيتي أم الزوج وأم 
الزوجة. ولا يحتاج تأثير شخصية «الحماة» على فنون الأدب والمسرح 
والسبيتما والتلفاذ فى عصدرزنا الحديث إلى تبيان. 

عرضت هذه المسرحية عام 163 ق. م وهي تدور حول شخصية أثيني 
يدعى مينيديموس فرض على نفسه عقوبات صارمة ندما على فسوته في 
التعامل مع ابنه كلينيا مما دفع الأخير إلى الفرار خارج الوطن. وكان سبب 
قسوة الأب على ابنه أن الأخير وقع في حب أنتيفيلا التي كان يفترض أنها 
بنت لامرأة كورنثية فقيرة. اندهش جار مينيديموس ويدعى تريميس فتدخل 
لينقذه من تعذيبه لنفسه قاتلا له القول الذي ذهب مثلا: 

«أنا إنسان وأظن أن أي شيء من الإنسانية ليس غريبا علي». ثم ألقى 
على الأب محاضرة في فن التعامل مع الأبناء وتدليلهم أحيانا. 

وعلى أي حال لقد عاد الابن كلينيا إلى أتيكا بهدف أن يعيش مع صديقه 
كليتيفو بن خريميس الذي ينفق نقوده على عشيقته العاهرة باكخيس دون 
أن يعرف أبوه. وتجرى الترتيبات لكي تدخل باكخيس بيت خريمس على 
أنها عشيقة كلينيا الذي بدوره يحضر معها أنتيفيلا باعتبارها صديقة لها . 
وبحيلة يحيكها العبد سيروس يخدع الأب خريميس وتقتنص منه مبالغ 
مالية لصالح عشيقة كليتيفو المسرفة. وعندما يكتشف خريميس الخدعة 
ويعرف ما يدور في منزله من وراء ظهره يحرم ابنه من الميراث بعد أن أيقن 
أنه لا سبيل إلى إصلاحه؛ ويندم مر الندم على أنه قد عامله من قبل 
بالحسنى. ومن ثم فإنه يعود ليناقض نصيحته السابقة لمينيديموس عن 
ضرورة اللين في معاملة الأبناء. بيد أن زوجة خريميس تتدخل لديه من 
أجل العفو عن ابنها . وبالفعل يصفح عن الابن شريطة أن يتخلى عن عشيقته 
ويتزوج زواجا مشرفا ومناسبا وليس بأول فتاة «حمراء الشعراءء لها عيون 
القطط» تصادفه على قارعة الطريق. وفى الوقت نفسه يعود كلينيا إلى 
أبية تايا ثاذماء وعتدكذ يكقشف أن حبييةه أنكيفيلا ليست إلا ينث خريفيس 
ومن ثم يتم زواجها من كلينيا برضا وسرور الوالدين. 

ولقد قامت مسرحية روبرت بريجز ١844-1930(‏ وعع8210 :رء1200) «عيد 


05 


الأدب اللاتينى 


باكخوس» على أساس هذه المسرحية. 

- الخصي 

عرضت عام 16١‏ ق. م وتدور حول الشاب الأثيني فايدريا الذي وقع في 
حب الغانية ثايس. وهناك قبطان جعجاع-يتبعه طفيلي مسل يسمى جناثو- 
يتودد لهذه الغانية واسمه ثراسو. ولكي يحقق ماربه منها اشترى ثراسو لها 
وصيفة من العبيد التقطها من جزيرة رودس. وتكتشف ثايس أن هذه الوصيفة 
من أصل أثيني عريق ولكنها كانت قد اختطفت في طفولتها . وكانت الغانية 
متلهفة لإعادة هذه الوصيفة إلى أسرتها . ومن ثم فقد استأذنت من فايدريا 
أن تتظاهر بقبول عروض الغرام من قبل القبطان الجعجاع لكي تحصل 
على الوصيفة. وفي الوقت نفسه ابتاع فايدريا خصيا وقدمه هدية منه إلى 
ثايس لكي يقوم على خدمتها . وكان خايريااً خو فايدريا-قد رأى الوصيفة 
وهي في طريقها إلى بيت ثايس فأحبها من أول نظرة. ولكي يحقق مأربه 
منها تخفى في ملابس الخصي ودخل منزل ثايس وانتهز أول فرصة واغتصب 
هذه الوصيفة. فلما تم الكشف عن أصلها الآثيني الحر تزوجها . أما ثراسو 
الجعجاع فقد طردته ثايس بعد أن نالت ما كانت تسعى إليه. وهو يحاول 
الآن استرداد الوصيفة فتذهب جهوده سدىء ثم يتم الوصول إلى إبرام 
اتفاق يسمح لثراسو بأن يقاسم فايدريا حب ثايس 09 . 

وفي برولوجوس هذه المسرحية يرد القول المشهور: «لم يبق من قول 
يقال الآن فقد قيل كل شيء من قبل». 

وجدير بالذكر أن المؤلف الإنجليزي القديم أودال قد قلد هذه المسرحية 
في المشاهد الأخيرة من «رالف رويستر دويستر» التي ظهرت حوالي عام 
4.. ولا ننسى أن الصفة الذائعة والشائعة في المسرح الإليزابيثي أي 
«المتبجح» أو «الجعجاع» مشتقة من اسم ثراسو. ولقد ظهرت هذه الصفة 
نفسها في مسرحية شكسبير «كما تحبها» (لفصل الخامس المشهد الثاني 
بيت 4 حيث وردت عبارة «زهو قيصر الفارغ» إشارة إلى رسالته اللتصيرة 
التى أرسلها عقب انتصاراته فى آسيا «أتيت. رأيت. هزمت». (,نل1ل؟ بنمع7؟ 
١ 005‏ 

- فورميو 

عرضت عام 16١‏ ق. م وفى هذه المسرحية يسافر الآب الآثيني ديميفو 


4ن 


الدراما 


إلى خارج البلاد؛ وفي أثناء ذلك يقع ابنه أنتيفو في حب فتاة وجدها وحيدة 
تبكي وفاة أمها. ولجأ الطفيلي فورميو إلى التحايل على القاتون إذ وجد 
مادة تنص على أن اليتيمات ينبغي أن يتزوجن من أقرب الناس إليهن. 
واستصدر بالتعاون مع أنتيفو قرارا من المحكمة يلزم الآخير بالزواج فورا 
من الفتاة. وتم الزواج فعلا. وكان ابن عم أنتيفو ويدعى فايدريا يهيم حبا 
بفتاة تعزف الموسيقا ولكنه كان ياتسا لأنه لا يملك الأموال اللازمة لشرائها 
من النخاس. وكان أبوه خريميس في زيارة خارجية أي في جزيرة ليمنوس. 
وعاد كل من ديمفيو وخريميسء فاستشاط الأول غضبا وأصر على أن 
يطلق ابنه تلك الفتاة اليتيمة؛ مرة أخرى يتحايل فورميو فيأخذ الفتاة 
المطلقة ليتزوجها هو نفسه وذلك في مقابل مبلغ من المال يدفع له فيسلمه 
إلى فايدريا حتى يتمكن من شراء الفتاة عازفة الموسيقا . وفي الوقت نفسه 
تحدث المفاجأة إذ يتبين أن اليتيمة المطلقة هي بنت خريميس الذي كان قد 
أنجبها بعد قصة حب خفية في جزيرة ليمنوس. ولتجنب مزيد من المشاكل 
والتعقيدات يصل ديمفيو وخريميس إلى اتفاق بالاعتراف بزواج أنتيفو من 
بنت خريمير. وعندما يسعيان لاسترداد النقود المدفوعة لفورميو يفتضح 
أمر خريميس وحبه القديم أمام زوجته 2017 

- الأخوان 

عرضت عام 160 ق. م مع العرض الثالث لمسرحية «الحماة»» وذلك في 
إطار الألعاب الرياضية الجنائزية التي أقيمت تكريما للقائد الروماني 
لوكيوس أيميليوس باولوس المنتصر في معركة بيدنا على المقدونيين وابن 
أيميليوس باولوس الذي سقط في معركة كاناى. 

كان لديميا ولدان هما أيسخينوس وكتيسيفوء قام العم ميكيو على تربية 
الأول في المدينة. أما الثاني فقد تربى على يد أبيه في القرية. وهكذا تقوم 
المسرحية على فكرة التناقض بين أخلاق المدينة وأخلاق القرية. فالأب 
ديميا قد نجح في أن يجعل نفسه مكروها وغير موثوق به بسبب قسوته 
وبخله. أما ميكيو فقد سعى جاهدا لكي يبدو لطيفا وذلك عن طريق 
التدليل والتساهل في الصرف وغير ذلك. وكانت النتيجة أن أيسخينوس 
الذي تربى على يد عمه المتساهل قد اغتصب سيدة أثينية فقيرة فوقع في 
حبها وآراذ أن يتزوجها. أما كتيسيفو الريفي الذي ظن آبوه أنة آية في 


05 


الأدب اللاتينى 


الاعتدال والاستقامة فقد أحب فتاة تعزف الموسيقا. ولكي يساعد 
أيسخينوس أخاه اشترى له الفتاة عازفة الموسيقا من النخاس وأحضرها 
إلى بيت عمه ميكيو. وبذلك أثار الشك في قلب السيدة التي تحبه وتلح في 
الزواج منه. وعلى أي حال فإنه عندما اكتشفت الحقيقة غفر العم ميكيو 
لأيسخينوس وعمل على أن يتم زواجه بالسيدة. أما ديميا فقد غلى الدم في 
عروقه غضبا عندما علم بجريمة كتيسيفو. ذلك أنه قد تبين له أن أسلوبه 
التربوي كان عبثا. ومن ثم فقد تحول إلى النقيض محاولا الظهور بمظهر 
اللطيف أو «الليبرالي» فأرغم أخاه-المسن والممتنع عن الزواج-على الزواج 
من أم السيدة التي سيتزوجها ابنه. ومنح أهل هذه العجوز مزرعة بأكملها 
من ممتلكات ميكيو نفسه. ثم أرغم أخاه ميكيو كذلك على عتق عبده 
ومنحه قدرا لا باس به من المال يبدأ به حياته من جديد . وهو بكل ذلك 
يعمد إلى إثبات أن «الليبرالية» يمكن أن تكون أيضا وبالا على صاحيها . 

وبعد هذا العرض السريع لمسرحيات ترنتيوس الست نستطيع أن نتأمل 
إنجازه الدرامي. فمنن البداية يبدو أن ترنتيوس قد نظر إلى سابقيه- 
بلاوتوس وكايكيليوس بل غريمه ومعاصره لوسكيوس لا نوفينوس نفسه- 
على أنهم متخلفون عن ركب التطور. إنهم برأيه لم يستطيعوا أن يقلدوا 
مناندروس في سماته الرئيسة أي المباشرة والدقة والجاذبية. بل إنهم أغسدوا 
مبدأ أن الكوميديا «مرآة الحياة» ولم يجيدوا اختيار الأصول الإغريقية 
التي يأخذون عنها. هاهو لوسكيوس لانوفينوس-كما يقول ترنتيوس-يقدم 
عبدا يسترسل في حديث صاخب مليء بالزهو وهو يلهث من الجري. ولا 
تخلو مسرحياتهم كما يقول ترنتيوس من الطنطنة التراجيدية. ويعترف 
ترنتيوس أنه لم يستغن تماما عن كل هذه الأشياء؛ ولكنه خففها واستأنسها 
ووظفها لخدمة أغراضه الكوميدية. فهناك مثل للعبد الذي يجري متحدثا 
في «فتاة أندروس» (بيت 338 وما يليه) . وهناك مثل آخر للغضب التراجيدي 
المصطنع في «الأخوان». (بيت 789 وما يليه) . 

وإذا تتبعنا تطور ترنتيوس الفني فسنجد أن مسرحيته الأولى «فتاة 
أندروس» تقليدية الموضوع مع تجديد في التناول؛ ونحن لا نعني مجرد 
التغيير في الحبكة فلقد سبقه إلى ذلك نايفيوس وبلاوتوس وإنيوس. ويبدو 
أن لوسكيوس لانوفينوس لم يفلح في إضافة جديد إلى ما يقتبس فزعم 


ك4 


الدراما 


«أنه ليس من اللائق أن نفسد المسرحيات بدمج أشياء جديدة» («فتاة 
أندروس» بيت 9- 21). وينتقد ترنتيوس لوسكيوس-لانوفينوس-ومناندروس 
ضمنيا-بسبب عدم القدرة على تغيير الترتيب غير المعقول في حديثين 
بمسرحية «الكنز» لمناندروس («الخصي» بيت ١5‏ وما يليه). 

والواقع أن المصطلح النقدي «الدمج» الذي يتردد كثيرا في كتابات 
الكاووضى القدن 3و سول اتوتتير من عو لفطل بدا دوا فق القهرة اللتتتلقة يا 
من بيت رقم (17) في مسرحية «المعذب نفسه». ويستخدم هؤلاء الدارسون 
هذا اللفظ كما لو كان مصطلخا متداولا أيام ترئتيوس للدلالة على إضافة 
أي عنصر جديد مأخوذ من أي مصدر إلى النص الأصلي أو حتى مزج 
مسرحيتين إغريقيتين في مسرحية واحدة. ولدينا من الدلائل المباشرة ما 
يكفي لإثبات أن بلاوتوس كان يتبع الطريقة الأولى أي مجرد إضافة عناصر 
من هنا أو هناك إلى الأمل. أما مسالة دمج مسرحيتين في مسرحية واحدة 
فقد سمعنا عنها الكثير ولكننا لا نملك دليلا واحدا من داخل تنصوص 
المسرح الكوميدي الروماني وأصولها الإغريقية. وبعبارة أوضح لم يصل 
إلينا نص مسرحي كوميدي روماني مع أصليه الإغريقيين. والأرجح أن 
مصطلح «الدمج» جاء كوصف تعسفي على لسان لوسكيوس لانوفينوس 
الذي انتقد نهج ترنتيوس الخاص في التعامل مع النماذج الإغريقية. ومن 
الأفضل ألا نعول كثيرا على هذا المصطلح ومعانيه المختلفة حتى لا نقع في 
سوق الكيم يتحميل هذا اللفظ اكخرههنا تمل 

وإذا دققنا النظر في حبكات ترنتيوس الدرامية ستلاحظ نوعا من 
التطور المطرد. فواضح أن «فتاة أندروس» هي باكورة أعماله وكأنه بها 
ينافس مناندروس وينوي إدخال تحسينات على قنه . ثم يخطو خطوة للأمام 
هندما يركز على التحليل النفسى للشخصيات فى «الحماة». ولكنه ما لبك 
أن قدم يفص الحاذلات وان بدت مسرحية «التدذب نقسه كانها مسرعية 
بلا أخطاء جمالية. إنها-مثل «الحماة»-كوميدية هادئة بلا طفيليين ولا جنود 
أو قوادين. بيد أن حبكة «المعذب نفسه» معقدة ومتنوعة ويمكن أن نقول 
عنها إنها شبه استعراضية. فدخول باكخيس إلى مسرح الأحداث في هذه 
الكوميدية آية في الفن الدرامي. ومع كل ذلك الجهد المبذول من جانب 
ترنتيوس فإن الجمهور الذي ترك «الحماة»ليتفرج على الأكروبات قد يتثاءب 


07 


الأدب اللاتينى 


عندما يشاهد «المعذب نفسه». أما مسرحية «فورميو» المأخوذة عن نص 
متألق وحيوي فهي استثناء بين مسرحيات ترنتيوس لأن شخصية واحدة 
قوية هي المسيطرة على مشاهدها. وفي «الخصي» و«الأخوان» نجد أن 
إطباقاك ومو رسانت ل رتصوين فى قاقد الالخيرة ا عات وتحسيناك شتت 
فهنا كان ترنتيوس على غير عادته منشغلا بالعنصر الهزلي وتنويعه لكي 
يمتع جمهوره الذي لا يحتفي كثيرا بمسالة الأناقة في التعبير والرشاقة في 
البناء الدرامي. 

يسعى ترنتيوس أحيانا إلى الترويم أي إعطاء الصبغة الرومانية للأشياء 
والأحياء في مسرحه. فهو مثلا يضفي الطابع الروماني على بعض التفاصيل 
في مشهد من المشاهد بهدف تقريب المعنى إلى ذهن المتفرج الروماني أو 
بقصد تحقيق التواصل الدرامي. ونضرب على ذلك مثلا من «الخصي» 
(بيت 255 وما يليه) حيث نرى سوقا رومانية كاملة بما في ذلك القصابين. 
وفي بيت 319 من المسرحية نفسها إشارة لمنشور الحاكم القضائي (البرايتور) 
الروماني. ومع ذلك فإن ترنتيوس لا يصل قط إلى مستوى حيوية بلاوتوس 
راكد هنذا الاتحاه.يعيد ترنتيومن أحيانا صياغة نعكن:ققرات متصدره 
الإغريقي من منطلق أنها لا تتمشى مع تقاليد اللياقة الرومانية. فالحوار 
مثلا بين سيدة متزوجة وإحدى الغانيات لا يدور قط أمامنا على المسرح بل 
يسرد علينا. والعاشق المحبط لا يفكر قط في الانتحار بل في الفرار. 
وتجنب ترنتيوس أن يورط الشيوخ أو حتى الكهول في مغامرات عاطفية 
على نقيض ما حفلت به مسرحيات بلاوتوس. ومما لا شك فيه أن مساعي 
ترنتيوس هذه الواعية والهادفة إلى تحقيق الانضباط الروماني المعهود قد 
أضعفت مسرحياته. ولا ننسى أن مكان الأحداث عند ترنتيوس لم يتغير 
فهو دائما أثينا أو أي مدينة إغريقية أخرى. 

لقد تحاشى ترنتيوس دائما نهج بلاوتوس فحاول أن يعطي كلا من 
مسرحياته خصوصيتها . وذهب ترنتيوس إلى أبعد مما وصل إليه مناندروس 
في الحرص على النقاء اللغوي. وهنا نتذكر الإبجرامة التي نظمها يوليوس 
قيصر ووصف فيها ترنتيوس بأنه عاشق «اللفظ المصفى» ولكنه من جانب 
آخر وجه إليه سهم النقد النافذ حين خاطبه قائلا: «يا نصف مناندروس» 
على أساس أنه تنقصه قوة الدفع أو القدرة على الإضحاك 2" المميزة لفن 


08 


الدراما 


فاندروس والمتوافرة إلى حد كبير عند بلاوتوس. وإن صح التعبير فلربما لو 
اجتمع إهمال بلاوتوس وحيويته من ناحية مع صقل ترنتيوس ووعيه بفنه 
من ناحية أخرى لتوافر للرومان مناندروس جديد . المهم أن التغييرات التي 
ميزة وجود بؤرة مركزة أو خصوصية ظاهرة. 

حقا لم يستعمل بلاوتوس ولا إنيوس كلمة «الإنسان» (مصمط) و«إنسائى» 
(5ناسقصسط) بالمحتوى الثري نفسه الذي نجده عند ترنتيوس ولكن هذا لا 
يعني عدم وعيهما بعالم الحكمة والخيرء بل إن هذا الوعي نفسه يشكل 
لديهما جانبا من جوانب رؤيتهما العالمية أو الكونية للأمور. فلم يكن إذا 
ترنتيوس رائد الدعوة الإنسانية أو عالمية الحياة والوجود وإنما كان مروجا 
نشطا لها فقط. ولم يكن هناك ناد أو صالون أدبى خاص يسمى «دائرة 
كبير قد قرب إليه كلا من جايوس لايليوس 3" (قائد الهجوم على قرطاجة 
الإغريقي بانايتيوس) حوالي 185- 109 ق. م (2 والمؤرخ الإغريقي بوليبيوس) 
حوالي ١١8-200‏ ق. م (واعتبرهم جميعا من أصدقاته برغم ما بينه وبينهم 
من فوارق اجتماعية. والذي ساعد على هذا التخطي هو إيمانهم بالإنسانية 
(كقاتسقصسط) التى جعلتهم جميعا سواسية فى جمهورية الآداب. وتعنى هذه 
«الإنسانية»-بين أشياء أخرى-الدرس الذى نسميه اليوم «العلوم الإنسانية» 
ويتضمن هذا الدرس اللغة الإغريقية. بل إن النظام التربوي الإغريقي كان 
هو السائد فيما بعد انتصار الرومان على المقدونيين في موقعة بيدنا أي 
في عصر ترنتيوس. 

لقد واجه ترنتيوس متاعب جمة في حياته الفنية ليس فقط بسبب 
فافسة غريمه لوسكيوس لانوفينوس بل بسبب المتاعب التي واجهها في 
التوفيق بين أذواق الصفوة المميزة أعضاء دائرة سكيبيو من ناحية وأذواق 
أغلبية الناس وهم محافظون في العادة من ناحية أخرى. ولذلك نالاحظ 
صدعا واسعا بين مستويين في الذوق الأدبي أحدهما رفيع والآخر هابط. 
أما محاولات ترنتيوس الإصلاحية في التقنية الدرامية فتقع كلها في إطار 
القالب التقليدى الموروث والمعروف فيما نسميه مسرحيات البالياتا أوذات 


09 


الأدب اللاتينى 


الترذاك التخويظى ىناقيا ]13 احرلاهات عجشي ةلا اتظلاق قيياة 
تفتح, حتى أن ترنتيوس قد ألغى إلى حد ما التواصل المستمر بين أغراد 
الجمهور ومنصة التمثيل-أي بلغة نقدنا المعاصر كسر الإيهام المسرحي 064 
وهرها كا د قناكها كص سايق لعن اهف #رنتدومى بالقالاظة بيخ الو اللي 
والجداية. وبرع بصفة خاصة فى تصوير الشخصيات النسائية التى تعد 
بحق أمرا جديدا بالنسبة للمتفرج الروماني. ونسي ترنتيوس أو تناسى أن 
مكل هرد المحدييات الاسنانين مم الخاقية الكانية الكقايرية ومن اصورة 
اصطلاحية لمدينة أثينا. وكان الأحرى به أن ينقل المشهد من هذا المكان 
الاصطلاحي غير الملائم إلى إيطاليا الحقيقية التي ربما كانت هي الأنسب 


القت مه 359 
إن الجمهور العريض لا يحب ترنتيوس ولا هو نفسه يحب العامة أو 
الدهماء من الناس . ذلك أنه كان ب يسعى إلى أن ب يصبح «مناندروس الرومان». 


ولقد نجح في تحقيق ذلك بالفعل ولكن في الصو الدراسية والكتب 
النقدية لا على منصة التمثيل. ومن ثم فلقد نجح ترنتيوس في أن يضع 
الأسس السليمة للذوق والأسلوب اللذين سيقوم عليهما تطور الأدب اللاتيني 
في عصره الذهبي. 


5- كتاب التراجيديا 

(باكوفيوس-أكيوس) 

يؤرخ فارو أول عمل لليفيوس أندرونيكوس بعام 240 ق. م وربما كان 
مسرحية تراجيدية. وكان أول عمل لنايفيوس-وهو بالتأكيد تراجيدية-عام 
5 ق. م. ونفهم من مسرحيات بلاوتوس الكوميدية أن التراجيديا كانت 
في أيامه ضربا أدبيا متطورا ومحبوبا وذلك قبل نهاية الحرب البونية 
الثانية: وقد كانك اعمال الرواد ولأ سيعا تايفيوين قضع الآأسين حي 
الشكل الفني والأسلوب وكذلك المحتوى. 

وتظهر العناوين الباقية من ليفيوس أندرونيكوسء ونايفيوس اهتمامهما 
بأسطورة الحرب الطروادية ومصير البطلات المفجع . ولكنهما لم يهملا 
تماما أسطورة السفينة أرجو ولا دائر: أساطير طيبة بما في ذلك أسطورة 


70 


الدراما 


ديونيسوس واتباعه. ومن الملاحظ كذلك أن أوديب لم يشكل موضوعا مهما 
كن الخراديةهاالروكانية ,للد إك اندر وك وى على مسرويصض ع ط كيني 
«أياس» (حامل السوط) و«هيرميونى» (عممتصمعع) وهى مفقودة. وريما عاد 
نايفيوس إلى مسرحية أيسخولوس «ليكورجوس» المفقودة. ومسرحية 


بيوريبيديس رغم أن الشاعر اللاتيني لم يلتزم الأمانة المطلقة في تعامله مع 
مسرحيات نموذجه الإغريقي. ومع أن باكوفيوس لم يكن غزير الإنتاج إلا 
أنه استعمل مسرحيات المؤلفين التراجيديين الإغريق الثلاث. بل انه لجا 
إلى مؤلفات مقلدي يوريبيديس. أما أعمال أكيوس التراجيدية فتعادل كل 
أعمال المؤلفين الرومان الآخرين ولكنه كان انتقائيا في تعامله مع المصادر 
الإغريقية. 

كانت آخر مسرحية لأكيوس هي «تيريوس» التي عرضت عام ١04‏ ق. م. 
ويبدو أن مسرحيات أخرى كانت لا تزال تنظم وتعرض في التسعينات من 
القرن الأول ق.م. وطوال حياه شيشرون نشطت فكرة إحياء المسرح الروماني 
التراجيدي (والكوميدي). فآنذاك صارت مسرحيات باكوفيوس وأكيوس 
وإنيوس من الكلاسيكيات. في هذا الترتيب الذي أوردناه تظهر أولوية 
التكريم: وإن كان أكيوس قد قفز إلى المرتبة الأولى فيما بعد. وكان يحدث 
إسقاط من جانب الجمهور على الأوضاع السياسية المعاصرة إذ يرون في 
هذه العبارة أو ذلك المشهد ما يشير إلى حقيقة ما سياسية مما يعايشه 
الناس ويحسون به. 

يقول بلاوتوس في مسرحية «الحبل» (بيت 86): «إنها ليست العاصفة: 
بل ألكومينا (ألكميني) يوريبيديس.». وتثير هذه السخرية الكوميدية من 
جانب بلاوتوس إلى عرض مسرحي تراجيدي أقيم عام 190 ق. م تقريبا. 
المهم أن العواصف والسفن المحطمة والعذاب والألغاز والعرافة والأحلام 
والأهوال ونذر الشْؤم والثعابين والوحدة والحاجة والنفي والأشباح: والمعارك 
الحربية. والجنون والانجذاب الباكخي والسيدات المفجوعات في حياتهن 
هي العالم الذي تسمشخاضه هن الشذرات المفقية من الخراحيديا الترومافية 
المبكرة. وأيضا يمكن أن نلمس بعض الموضوعات اليوريبيدية المفضلة مثل 
التعرف والخيانة والانتقام وما إلى ذلك. ويبدو أن الموسيقا والأسلوب الصقيل 


7 


الأدب اللاتينى 


كانا سائدين لأنهما يؤثران في الجمهور تأثيرا وجدانيا وذهنيا. وضي الوقت 
نفسه تلاشت السمات اليوريبيدية المميزة ولا سيما الواقعية والميل إلى 
النقد الاجتماعي. 

وأول ما اجتذب المتفرج الروماني في التراجيديا هو الجانب البلاغي. 
حيث امتلأ الآسلوب التراجيدي بالجناس الصوتي والطباق والتكرار البلاغي 
وما إلى ذلك. في هذه الخصائص نجد ما يفسر جنوح التراجيديين الرومان 
إلى الاعتراف من يوريبيديس دون غيره. فهو الأكثر ثراء في الأساليب 
البلاغية والخطابية سواء في البرولوجات أو الأجزاء الحوارية من 
المونولوجات. ْ 

ولقد تصرف التراجيديون الرومان في مصادرهم الإغريقية مما يشير 
إلى الأصالة في مؤّلفاتهم. فجوقة الجنود في «إفيجينيا في أوليس» 
ليوريبيديس تتحول إلى جوقة من البنات عند إنيوس. ويخفض باكوفيوس 
من نغمة الأنين والبكاء في شخصية أوديسيوس الجريح في مسرحية 
«الحمام». ويدخل باكوفيوس فقرة استوحاها من مسرحية يوريبيديس 
«خريسيبيوس»وفيها تسخر إحدى الشخصيات من فكرة التنبؤٌ-على 
مسرحية أخذها عن سوفوكليس وهي «خريسيس». وغير أكيوس في بنود 
الاتفاق المبرم في «الفينيقيات» ليوريبيديس بين كل من بولينيكيس وأتيوكليس . 
فبدلا من الاتفاق على تناوب الحكم جعلهما يتفقان على الاشتراك مناصفة 
في الحكم. وفي مسرحية «أنتيجونا» لأكيوس تحول حديث الحارس من 
السرد عند سوفوكليس إلى حوار درامي حقيقي. 

وهكذا يتوازى موقف التراجيديين الرومان مع زملائهم الكوميديين من 
حيث الأصالة في التعامل مع المصادر الإغريقية. ولقد تجادل الكوميديون 
علانية فيما بينهم أي في مقدمات مسرحياتهم حول هذا الموضوع. ولا 
نعرف ما إذا كان قد دار مثل هذا الحوار بين التراجيديين. ومن المؤكد أن 
بعض المسرحيات التراجيدية الرومانية لا تستند إلى أي مصدر إغريقي. 
لقد كان موؤّلفو التراجيديا الرومان واسعي الاطلاع على الأدب الإغريقي 
كله بكافة فنونه من هوميروس إلى العصر السكندري ولم تقتصر قراءاتهم 
على المسرح. وكان بوسع هؤلاء المؤلفين أن ينظموا مسرحيات تعكس هذه 
الثقافة الواسعة. فمسرحيتا أكيوس «الخروج ليلا» ؟ و«المعركة فوق السفن» 


12 


الدراما 


تبدوان كأنهما مسرحة للأحداث التاريخية والأسطورية الرومانية التي 
أصبحت موضوع «الإنيادة» فيما بعد. 

ولعل مشكل جيل الرواد في التراجيديا الرومانية أنهم مالوا إلى التأثر 
بمدرسة برجامم لا بالمدرسة السكندرية مع أن الأخيرة هي التي صقلت 
موهبة إنيوس. على أي حال فإن الجيل التالي-جيل شيشرون-هو الذي تعلم 
الدرس وعاد إلى الإسكندرية يستلهمها من جديد. 

ولأنه قد سبق أن توقفنا عند بعض مؤلفي التراجيديا فقد بقى أن نلقى 
نظرة متمهلة على كل من باكوفيوس وأكيوس. 

يعتبر شيشرون الشاعر باكوفيوس (7800105 .31) أعظم التراجيديين 
الرومان. وقد عاصر باكوفيوس في سنوات شباب وكهولة بلاوتوس وامتد 
به العمر إلى عصر آلجراكوس. إذ ولد عام 220 ق. م في برونديسيوم وبلغ 
أرذل العمر إذ مات في سن التسعين تقريبا عام ١30‏ ق. م. وكانت قد 
عرضت له مسرحية في عام ١40‏ ق. م. ولأسباب صحية انسحب باكوفيوس 
بعد ذلك ليقضي سنواته الأخيرة بمدينة تارنتم. واسم باكوفيوس أوسكي 
الأصل. 

ويبدو أن باكوفيوس كان مقلا في إنتاجه. إذ بقيت لنا منه شذرات تبلغ 
خمسمائة بيت ولكنها لا تنتمي لأكثر من ثلاث عشرة مسرحية إحداها 
مسرحية تاريخية رومانية والمسرحيات الأخرى تراجيدية. ومن خلال هذه 
الشذرات نلاحظ أن باكفيوس كشاعر أوجد لنفسه أسلوبه الخاص. ونجده 
يفضل الطرائق الجانبية غير المطروقة والموضوعات الفرعية غير المعروفة 
على نحو ما كان يفعل السكندريون ولا سيما كاليماخوس. 

ومن بين العناوين التي وصلتنا لباكوفيوس مسرحية «أورديستيس عبدا» 
إذ يبدو أن أورديستيس في هذه المسرحية أراد أن ينتقم لأبيه من أمه 
وعشيقها فعاد إلى موكيناي (أرجوس (متنكرا في زي عبد. ومن عناوين 
باكوفيوس أيضا «إليونا»/**) و«الحمام» التي سبقت الإشارة إليهما. أما 
المسرحية التاريخية الرومانية الوحيدة فهي «باولوس». ومن المرجح أنها 
تحتفي بانتصار لوكيوس أيميليوس باولوس على المقدونيين في بيدنا عام 
8 ق.م. 

ويبدو أن باكوفيوس قد تفوق على إنيوس في تطعيم مسرحياته بالفكر 


13 


الأدب اللاتينى 


الفلسفي حتى أن هوراتيوس يطلق عليه لقب «المثقف»27. وتتميز لغته 
بالقوة والامتلاء أو الاكتناز كما يبدو ذلك من مقطوعة ساحرة يصف فيها 
عاصفة رعدية بالبحر. فذا كان شيشرون قد امتدح فقرة من مسرحية 
«الحمام» لأنها مكتوبة بروح رواقية رومانية تبرز فضيلة الرزانة؛ وهو يعني 
أنه جعل أوديسيوس في هذه الفقرة أقل أنينا وبكاء بعد أن جرح:؛ فإن 
شيشرون نفسه هو الذي يعيب على باكوفيوس عدم النقاء اللفغوي. ومن 
المؤكد أن شاعرا مثل باكوفيوس يسعى إلى قوة التعبير ليس من السهل عليه 
أن يكون نقيا . فهو يصف الدلافين (شذرة-408) على أنها «حيوانات نيريوس 
ذات الخياشيم المقلوبة والرقاب المعوجة». وهذا الوصف هو الذي سخر 
منه فيما بعد لوكيليوس واقتطفه كوينتيليانوس كمثل صارخ للتعسف البشع 
في تركيب الكلمات. 

وقد يقودنا كل ذلك إلى الظن بان باكوفيوس لم يكن كاتبا شعبيا محبوبا . 
بيد أن كل ما وصلنا من دلائل يوحي بأنه قد حقق بالفعل نجاحا كبيرا على 
المسرح. إذ إن مسرحياته قد عرضت كثيرا حتى بعد مماته وظلت تقراأً 
ردحا طويلا من الزمن. ويرجح أن باكفيوس قد استولى على انتباه جمهور 
المتفرجين بقوة كلماته وحدة مواقفه التراجيدية مما جعل أناس يتابعونه 
وإن لم يفهموا شيئًا. 

ويشير بلينيوس إلى صورة لباكوفيوس رسمها الشاعر بنفسه لنفسه 
ووضعت بعد موته في معبد هرقل في «سوق الماشية» تكريما وتعظيما 
لشانهة0 , 

وفي مقابل قلة أعمال باكوفيوس كان معاصره الأصغر لوكيوس أكيوس. 
(5داءة ..آ) سيال القلم بالإضافة إلى مقدرته اللغوية الفائقة التي أهلته 
لأن يتلقى صفة أو لقب «السامي» من أكبر ناقد روماني أي هوراتيوس!”. 
ولد أكيوس لأحذن العتقاء الذي كان يمتلك مزرعة في بيساوروم باومبريا 
عام 170 ق. م؛ وعرضت له أول مسرحية تراجيدية عام 140 ق. م حيث كان 
يناهز الثلاثين» وفي المهرجانات نفسها التي عرض فيها باكوفيوس أبن 
الثمانين آخر مسرحياته. وقد رأى شيشرون في سن الصبا الشيخ أكيوس 
وسجل لنا ذلك *©). ومن المعروف أن أكيوس قام برحلة ثقافية إلى أثينا 
والمدن الإغريقية الأخرى ولا سيما تلك الواقعة على ساحل آسيا الصغرى. 


1 4 


الدراما 


ولم يكن أكيوس عضوا في الدائرة الأدبية الملتفة حول سكيبيو ولكن كان 
بروتوس كاللايكوس 021121015 5نان:8 .1 .2) القنصل عام ١38‏ ق. م من بين 
أصدقاء أكيوس: ويمكن أن تعكيرف أى هذا القنضلء راغيا لأكيوس وكان 
قد حقق انتصارا على اللوسيتانيين والكاللايكيين في إيبيريا)اي أسبانيا 
(.ومن هنا جاء لقبه كاللايكوس أو الكاللايكي. ولقد نظم أكيوس قصيدة 
بالوزن الساتورني لتنقش على جدران المعبد الذي أقيم بمناسبة هذه 
الانتصارات والفتوحات الأسبانية. 

ون مولشاك] كبوين تكله آله لم يغه لما شملة ياكوظوسس أى لم يتصضن 
تمه للتراجيدها دجسي إلنة الأعمال الثالية 

- ديد اسكاليكا (:(0ءذله210050 وتقع في تسعة كتب وتسجل تاريخ الأدب- 
لا المسرح فقط-من عصر هوميروس حتى أكيوس نفسه. ولم يبق لنا من 
هذا العمل سوى اثنين وعشرين سطرا بعضها شعر والبعض الآخر فيما 
يبدوانثن. ومن المعتمل أن المؤلف كقب هذا العمل عامها المزج بين الشعق 
والنثر وربما اتخذ هيئة المحاورة. ومما يقلل من أسفنا على ضياع هذا 
العمل أن صاحبه قد أخطاً حتى وهو يؤرخ للدراما الرومانية نفسها. وقد 
متحح غارو تلك الألخطاء يما يعد. 

- براجماتيكا (:(0عناهسوه:<2 وهو عمل آخر عن الدراما نظم شعراء ولكننا 
لا نعرف عنه أكثر من ذلك. 

#جارهيها (لزموسدة لذ ترف قنيقا تعن منسنواء و لعن مسوم فهر 

- «الحوليات» (:(22165هكى وهى عمل بالوزن السداسى ولكنه ليس تاريخا 
ولا شعرا ملحمياء ولكنه نمثل قصيدة «الأعياد» (8880) لأوفيديوس والتي 
متتجدت عنها بالتفصيل :فى البات الثاني ا 

- سوتاديكا (:(5020162 0 قصائد 000 

- المسرحيات: ونعرف لأكيوس عناوين ما لا يقل عن خمس وأربعين 
سوس مدا شترهيطا ومن التاريع الرومات ات برانع كييها وما سو تويين» 
مؤسس الجمهورية الرومانية ودسلالة آينياس»(86062026) . وتتناول الأخيرة 
موضوع تضحية دكيوس (1105 5نازه106 .2) بنفسه عام 295 ق. م في سينتينوم 
هدق » ريما كان كيو تقليديا ض اكتيازه لوطتوفات سبرهياته 
فهي في الغالب مأخوذة عن يويبيديس وتدور حول أسطورة طروادة؛ ولكنه 


15 


الأدب اللاتينى 


كان مجددا في أسلوب التناول. 

ومن العبارات التي قالها أكيوس في مسرحياته وصارت مثلا تلك التي 
وردت على لسان أتريوس ذي الميول الطغيانية: 

«دعهم يكرهونني طللما يخشوني» 

وتتبدى المكانة المرموقة التي احتلها أكيوس في جمعية الأدباء بروما من 
الرواية التي تقول إنه في اجتماعات هذه الجمعية لم ينهض أكيوس قط من 
مجلسه لأي قادم كائنا من كان. ولقد كان هذا سلوكه في حالة قدوم علية 
القوم والمسؤولين هواة الأدب مثل جايوس يوليوس قيصر سترابو. 

أما بالنسبة لموقف أكيوس من مصادره الإغريقية فقد سبق أن أشرنا 
إلى أنه أخذ عن يوريبيديس معظم مسرحياته وبعضها مستوحى من 
سوفوكليس والقليل فقط من أيسخولوس. لكن الغريب أن بعض مسرحياته 
مأخوذ عن فترة ما بعد يوريبيديس أي عن دراما القرن الرابع والثالث ق. 
م. ومن شذرات مسرحيته «عابدات باكخوس» و«الفينيقيات» يمكن أن نعقد 
مقارنة بينه وبين الأصول التي بالفعل وصلت سليمة. ونلاحظ أنه مثل 
إنيوس قد تحرر في تقليده للإغريق ولم يكن عبدا لهم. وبالنسبة لمسرحيته 
«التحكيم بشان الأسلحة» يبدو أنه أخذ هذا الموضوع من أيسخولوس وأضاف 
إليه شيئًا من «أياس» سوفوكليس. 

ولقد أعجب الخطباء الرومان بأسلوب أكيوس القوي والبليغ والمليء 
أيضا بالجناس الصوتي واللفظي بالإضافة إلى أسلوب اللعب بالكلمات وما 
بينها من تناقضات ظاهرة أو ضمنية وكذا الكلمات المنحوتة. اقتطف 
شيشرون الكثير من فقرات أكيوس وقلده فرجيليوس واعتبره الرومان بصفة 
عامة أديبا عالما مما يذكرنا بفقهاء الإسكندرية ومديري مكتبتها من الأدباء. 
حقا لقد ترك أكيوس بصمة قوية في تاريخ الأدب واللغة بروما!". 


10 


لوكبيليوس ومسكله 
خض الساتورا 


وكما رأينا فإن الذاتية وحب النقد والانحياز 
السياسي كلها كانت ظواهر مميزة لفن النثر 
اللاتيني في تلك الآونة. ونجد الشيء نفسه في 
الشعر ولاسيما في قصائد جايوس لوكيليوس (.© 
فنانااءنه]) المعروفة باسم الساتوراي. بل إنها قصائد 
أقرب شا ككون إلى النخر حكى أن الشاضو الؤلك 
نفسه سماها-وقلده في ذلك هوراتيوس فيما بعد- 
واللعاديك ىوهي الخووت مدن المتمو نان 
بجذوره في التربة الرومانية كما أنه يعد مميزا 
للوكيليوس وعصره. وجدير بالذكر أن لوكيليوس 
هو أول شاعر روماني يتمتع بمركز اجتماعي 
مرموق. فهو ليس مثل أغلب من سبقوه من الشعراء 
مدعلر كا 1ن فيان |د أههرا اوصفاا دهده النفيفة 
ف حب زانها قشي نان الأد يدا ييحظىبالأولوية 
في عالم الحياة الرومانية. 

ولا نعرف متى ولد لوكيليوس بالضبط ولكنه 
بالتاكيد مات رجلا مسنا عام 101-102 ق. م ونعرف 
أيضا أنه خدم في سلاح الفرسان التابع للكتيبة 


717 


الأدب اللاتينى 


البرايتورية تحت فيادة سكيبيو في نومانتيا عام 4- 33ا ق.م وهو لا 
يصغر عن سكيبيو أفريكانوس (29-185! ق. م) كثيراء ومن المحتمل أنهما 
كبرا معا فى المنطقة نفسها . ذلك أن عائلة سكيبيو كانت تمتلك مزرعة فى 
سويسا أورنكا على حدود كامبانيا حيث ولد لوكيليوس. كانت عائلة لوكيليوس 
ثرية وامتلك الشاعر نفسه إلى جانب مزرعة العائلة منزلا أنيقا في روما 
وربما حظائر لتربية المواشي في صقلية. ومع ذلك فلم يتوفر لنا الدليل 
الموثوق به عن حصول لوكيليوس على حقوق المواطنة الرومانية وإن كان من 
المسلم به أنه قد حصل عليها . ذلك أن أخاه لوكيوس كان عضوا بمجلس 
أن لوكيليوس لم يكن يتطلع إلى عضوية مجلس الشيوخ مع أن إمكاناته كانت 
تؤهله لذلك. 

انكب لوكيليوس على دراسة الفلسفة وقضى وقتا طويلا فى أثينا حيث 
أهدى إليه كليتوماخوس-رئيس الأكاديمية من 127/126 إلى ١10‏ ق. م-أحد 
ولكن ذلك لم يمنعه من أن يظهر احترامه لتيبيريوس جراكوس . كان لوكيليوس 
حساسا في مواجهة الهجوم عليه من قبل أي إنسان حتى أنه أقام دعوى 
قضائية ضد أحد الممثلين الذي انتقده مرتجلا من فوق منصة التمثيل ضفي 
المسرح. ورفضت الدعوى على أي حال. ومثل الكثيرين من الهجاءين لم 
يحتقر لوكيليوس المرأة ولكنه أضرب في عناد عن الزواج. وبرجع ذلك أول 
ما يرجع إلى رغبته في أن يكون سيد نفسه وهو أمر لا يفوقه شيء في 
الدنيا من حيث القيمة والأهمية. 

ولم ينظم لوكيليوس الشعر الهجائي إلا بعد عودته من نومانتيا وكان 
آنذاك قد بلغ سن الرجولة الناضجة . ويبدو أنه أحس بالغربة في زمنه. أي 
أنه لم ينسجم مع التيارات الجديدة الأجيال الطالعة. وكانت قصائده تتداولها 
الأيادي والأذن متفرقة وفرادى قبل أن تجمع وتنشر في مجموعتين الأولى 
(الكتب 30-26) عام 123 ق. م أما الكتب 21-١‏ فقد نشرت بعد ذلك على يد 
المؤلف. ولم تنشر الكتب 22- 25 إلا بعد وفاته حيث نشرت طبعة كاملة قام 
بها بوبليوس فاليريوس كاتو ولم يبق لنا منه سوى 1300 بيت.. ويمكن أن 
نستخلص متها صورة لا بان بها عن شخصية المؤلف وطبيعة هجائياته. 


718 


لوكيليوس ومشكله فن الساتورا 


وأققر فج قلات اخنا ومقع اين يتان سسكوداشييطي لفقي فيد اقل 
الكتاب 26 بحوار يدافع فيه لوكيليوس عن أشعاره الهجائية. فهو يحس 
بدافع قوي يلح عليه داخل نفسه ويفرض عليه كتابه هذا النوع الشعري. ولا 
يستطيع أي شيء مهما كان أن يخلصه من هذا الإلحاح إلا نظم هذه 
القصائد. ويقول لوكيليوس إنه ينظم هذا الشعر لآناس ليسوا بالضرورة 
من هواة النقد والانتقاد. ولكنهم في الوقت نفسه ليسوا بسطاء أكثر من 
اللازم ويبدو أن القصيدة المحورية في هذا الكتاب هجائية تنتقد الرقيب 
لعام ١31‏ ق. م ويدعى كونيتوس كايكيليوس ميتيللوس المقدوني. وكان قد 
ألقى خطبة عامة قال فيها إن الزواج عبء ثقيل يرهق كاهل الناس ولكنه 
في الوقت نفسه واجب وطني. وهذه الخطبة هي التي اتخذها أوغسطس 
سابقة وذريعة ليسن قانونا جديدا للزواج. المهم أنه في هذه الخطبة انتقد 
ميتيللوس من يحملون الآلهة مسؤولية أمراضهم ومتاعبهم: ويقول لوكيليوس 
في هذه القصيدة التي تنتقد ميتيللوس: 

«يثقل أناس كاهل بعضهم بعضا فهم يتزوجون وينجبون الأطفال لكي 
يتقاسموا فيما بينهم متاعبهم وأثقالهم. أما أنا فمعتوه. إنني لم أتزوج 
وقررت أن أتحمل بنفسي كافة مسؤولياتي». 

كان ميتيللوس معارضا قويا لسكيبيو. أما لوكيليوس المضرب عن الزواج 
فقد عرف كيف وأين يوجه ضربته. وموضوع آخر مثير يرد في هذا الكتاب 
نفسه هو موضوع الحديث؛ وهو معارضة ساخرة للتراجيديا. ويبدو أن 
الضحية هنا كان الشاعر التراجيدي-سالف الذكر-أكيوس حيث إن أسلوبه 
الفضفاض وقامته الأدبية الضئيلة كانا من الأهداف القريبة والمحببة إلى 
لسان لوكيليوس اللاذع ولا سيما أنه اهتم كثيرا بمشكلة إصلاح وضبط 
حروف الهجاء وأصول الكتابة والنطق فى اللغة اللاتينية. 

ويصف لوكيليوس في الكتاب 28 افيد بعض الفلاسفة الأثينيين ويعرج 
على مغامرات عاشق روماني. وفي الكتاب 30 نجد خليطا من كل لون 
وصنف. فهناك قصة الثعلب والأسد والرجل الذي يذوب كالشمعة في لينه 
ولطفه بين أصابع زوجته اللعوب والخؤون. وهناك هجوم نقدي على شعراء 
الكوميديا ووصف لإحدى الولائم. ولم يفت الشاعر أن يضمن كتابه هذا 
إشارة انتقادية إلى تدمير المدينة الحليفة للرومان أي فريجيلاي عام 25 


70 


الأدب اللاتينى 


ق. م وإن كان ذلك صحيحا فإن روح سكيبيو تقف وراء هذه القصيدة حيث 
كان يناصر دائما قضايا الإيطاليين والحلفاء. ومن ثم فمن المرجح أن يكون 
القائد المذكور في سياق هذه القصيدة والذي يمتدحه لوكيليوس كصديق 
للحلفاء هو سكيبيو نفسه. 

ومما يلفت النظر أنه في الكتاب الأول يرد وصف لاجتماع مجلس 
الآلهة تشتم منه رائحة المعارضة الساخرة لملاحم نايفيوس وإنيوس . فالآلهة 
التي تحمي روما وترعاها قد لاحظت أن لوكيوس كورنيليوس لينتولوس 
لوبوس الذي أدين بالابتزاز عام 154 ق. م قد صار زعيم مجلس الشيوخ عام 
31 ق. مء ومن ثم تقرر الآلهة إعدامه. ويتحدث رومولوس المؤله ومؤسس 
السلالة الرومانية عن تدهور الأجيال وسوء الأحوال في تاريخ أحفاده. 

وتجرى محاكمة قضائية في الكتاب الثاني. فتيتوس ألبوكيوس كان في 
عام ١19/118‏ ق. م قد اتهم كرينتوس موكيوس سكايفولا بالابتزاز وبجرائم 
أخرى ارتكبها أثناء ولايته القضائية (البرايتورية) في آسيا الصغرى عام 
2 ق. م وبرئت ساحة سكايفولا. على أي حال يبدو أن لوكيليوس في 
هذه القصيدة قد عقد مقارنة بينهما كفريمين فلسفيين أحدهما رواقي 
والآخر أبيقوري. 

أما الكتاب الثالث فهو يسمى في العادة «الرحلة الصقلية» وهو الذي 
أوحى إلى هوراتيوس نظم قصيدته المعروفة «الرحلة البرونديسيومية» (أو 
«البرتديزية)220 .لقل شافر لوكيليوس إلى.«ضقاية تضسية.حاشية ومروا 
بكابوا. ويصف لنا هذه الرحلة في صورة خطاب لصديقه الذي يزمع القيام 
برحلة مماثلة. ويتعرض لوكيليوس لبعض مغامراته أثناء الرحلة كتلك المبارزة 
التي رآها بين المجاهدين والضيافة التي قدمتها له سيدة سوريا في منزلها . 

اقتطف الكتاب اللاحقون القليل من كتب لوكيليوس الأخرى ومع ذلك 
فيمكن استنباط بعض المعلومات من هذه المقتطفات اليسيرة فنلاحظ أن 
هذه الكتب لا تقل تنوعا عن الكتب الأخرى. ففيها عتاب لصديق عندما 
أهمل الأخير أن يزور الشاعر أثناء مرضه. وهناك وصف لرجل بخيل لا 
يترك كيس نقوده يفلت من يده ليل نهار في حال اليقظة والنوم. ويصف 
الشاعر في قصيدة أخرى أدوات التجميل الخاصة بالفغانية فريني. ولا 
تخلو هذه الكتب من النقد الأدبي وانتقاد الخزعبلات. ويبدو أن النقد 


لوكيليوس ومشكله فن الساتورا 


السياسي احتل مكانا هاما حتى أن لوكيوس أوبيميوس الذي رشاه يوجورثا 
قد ورد اسمه في الكتاب الحادي عشر. 

وتتميز لغة لوكيليوس بالقوة البالغة والحيوية الظاهرة ولكنه أساء اختيار 
تعبيراته أحيانا. أو أنه لا يريد أن يكون صافيا فى لغته فيكتب بالدارجة 
ولكة الخريك اليومي و أنحيانا يكنب براعة اجنود القية ).وهاو يزكر 
ببللاوتوس في إهماله وميله لخلط اللاتينية بالإغريقية. ولكن علينا أن 
نتذكر طبيعة شعر الساتورا منن القدم فهو يتسم بخشونة اللغة وفحشها 
أحيانا. وكان على لوكيليوس أن يضحي بالكثير من فاعليته الهجائية لو 
تنازل كليا عن تلك السمة الجوهرية. وهوراتيوس نفسه ذلك الشاعر المهذب 
والصقيل لا يتورع عن تقليد لوكيليوس والإشادة به رغم أنه قد كال له النقد 
المرير. يقول هوراتيوس في إحدى قصائده الهجائية المبكرة(): 

«كان لوكيليوس معيبا في هذا : كان بوسعه أن يقف ع قدم واحدة 
ويملي مائتي بيت في الساعة كما لو كان ذلك عملا عظيماء ولكنه في 
الواقع كان يتدفق كالفيضان الذي يجرف مع مياهه الخير تن الأوساخ. 
كان في شعره شيء ما تود أن تحذفه؛ كان ثرثارا وكسولا لا يتحمل عبء 
الكتابة.. واعني الكقابة المدققة». 

وفي قصيدة أخرى لاحقة يقول هوراتيوس: 

«لقد اعتاد لوكيليوس أن يبوح بأسرار نفسه إلى كتبه كما لو كان يحادث 
أصدقاءه الحصيم . فهو لا يتوقف عن الحديث مهما كان موضوعه؛ حسنا 
كان أم سيئًا. والنتيجة أنه عندما بلغ سن الشيخوخة وجد أن حياته قد 
لسعم كان مكشوفا للجميع كما لو كان نقشا محفورا على لوحة نذور 
عارية». 

بيد أن هناك من الرومان من يضع لوكيليوس في مكانة تسبق مكانة 
هوراتيوس بل في صدارة الشعراء الرومان أجمعين. ومن الملاحظ أن الشعر 
الهجائي الروماني عند سينيكا وبترونيوس بل عند يوفيناليس أيضا يقترب 
من لوكيليوس بقدر ما يبتعد عن هوراتيوس. 

ومن الملاحظ كذلك أن أقدم كتب لوكيليوس (26- 29) تستخدم أوزانا 
متنوعة منها الإيامبي والسداسي والتروخي والسباعي. لكن بعد ذلك اقتصر 
الشاعر على استخدام الوزن السادس الذي صار فيما بعد هو وزن الشعر 


)44( 


الأدب اللاتينى 


الهجائي. ولعل لوكيليوس هو أول شاعر روماني يأخذ بيد الشعر الهجائي 
متعدد الأوزان ومختلط الموضوعات ليتخلى عن التنوع في الأوزان ويحتفظط 
بسمة الخلط في الموضوعات. وهو يتميز بسلاسة التنقل من موضوع إلى 
الخر ما يعطى لتتضباكده مسغنة الحديث السيظ أو «الدردشة». بيد أن 
صرحة خلط المسنوعاك مكو لذ كتيسن كسيافد اركبل وس سينة الاتيجاء : 
وتجمم هذه القصائد بيخ السشحرية المليحة والتهكم اللاذع وكذا النقد والوجوم 
من جهة؛ وأقوال الحكمة الباسمة ووعظ الفيلسوف المتجول في الشوارع 
من جهة أخرى. فلوكيليوس يضع نصب عينه هدفا ساميا هو تعليم القارئّ 
وتثقيفه. فمع أن شعر الهجاء الروماني قد تأثر بالإغريق إلا أنه وثيق 
الصلة بالتربة الإيطالية والتراث المحلي. فهجائيات لوكيليوس لا يمكن 
مقارنتها بأشعار أرخيليوخوسء كما أنها تختلف عن كوميديات يوبوليس 
وكراتينوس وأريستوفانئيس وهم من مصادر لوكيليوس فيما يزعم هوراتيوس. 
وتختلف هجائيات لوكيليوس عن قصائد كاليماخوس. وصفوة القول إن 
هجائيات لوكيليوس في جوهرها وأسلوبها-كما في عنوانها «الساتوراي»- 
رومانية أصيلة. 45) 


4 | قطورات في النثر والشعو 


قل سسشوون 


١‏ - بدايات النشر الأدبى: 

من ثلاثينات القرن الثاني ق. م اعتقد الرومان 
أن أبا النثر الأدبي عندهم هو أبيوس كلاوديوس 
كايكوس (الرقيب 308-312 ق. م)وسمي باسمه طريق 
أبيوس (2نمم4 713) الذي عاصر فيليمون, 
وبطليموس الأول؛ وبيرهوس. ويشير شيشرون إلى 
خطاب للفيلسوف الرواقي يانايتيوس يمتدح فيه 
الآخير مؤلفا لأبيوس يسميه (65«مده)؛ وهو اسم 
لا يعني بالضرورة «أغنية شعرية» أو «قصيدة»», 
ويلاحظ أنه كان ذا طابع بيثاجوري. أما شيشرون 
نفسه فيعتبرها بالتحديد خطبة نثرية عارض فيها 
أبيوس معاهدة السلام مع بيرهوس. ونسب 
شيشرون إلى أبيوس بعض الخطب الجنائزية. (40) 

ومن الغريب أنه بينما الإغريقي أندرونيكوس 
والميسابياني إنيوس كانا من رواد الشعر اللاتيني 
وكان ترنتيوس الأفريقي من رواد الكوميديا 
وباكوفيوس الأوسكي من رواد التراجيديا فإن 
المؤرخين الرومان الأوائل كانوا من الأسر الرومانية 
العريقة بل من طبقة أعضاء مجلس الشيوخ. 


الأدب اللاتينى 


والمدهش أنهم كانوا يكتبون تواريخهم باللغة الإغريقية. ذلك أن هذه اللغة 
كانت هى لغة الثقافة فى حوض البحر المتوسط من الإسكندرية فى الشرق 
إلى ماسيليا (مارسيليا) وقرطائجة في الغرب مرو ياكينا وكوونته في الوشمط» 
وبعد الحرب البونية كان من الطبيعي أن ينظر الروماني إلى تاريخه العريق 
في إطار الرؤية العامة للتاريخ العالمي؛ وأن يقدم تاريخه إلى من هم حوله 
بلغتهم: أي باللغة الثقافية المتداولة. بيد أن هذا في الواقع لم يكن هو 
الهدف الرئيس للمؤّرخين الرومان الذين كتبوا تواريخهم بالإغريقية. ذلك 
أنهم كانوا يخاطبون جمهورهم الروماني بالدرجة الأولى ! 

ويعرف المؤرخون الرومان الأوائل باسم «الحوليون». ويتحدث شيشرون 
وليفيوس عن مؤلفاتهم تحت عنوان «الحوليات الإغريقية» أو «الحوليات 
القديمة». ولكن التفرقة في المصطلح بين التاريخ بالمعنى الحديث والكتابات 
الحولية القديمة لم تتبلور وتتحدد إلا عند تاكيتوس في القرن الأول الميلادي. 

بدأ الحوليون القدامى تواريخهم من تأسيس المدينة أي روما حتى أيامهم. 
وبرغم أسلوبهم الحولي في السرد إلا أن روايتهم التاريخية لم تكن بصرامة 
وجمود حوليات الكهنة. فلقد جمع المؤرخون الإغريق مادتهم التاريخية 
ونظموها في شكل فنيء وفي هذا يسعى الرومان وراء تقليدهم أو حتى 
منافستهم. لقد ذهب المؤرخ الروماني جايوس أكيليوس 7" (ازدهر في 
أواسط القرن الثاني ق. م) أكثر من ذلك عندما توهم لقاء بين هانيبال 
وسكيبيو في إفيسوس . وكان هدفه من ذلك أن يضع القائدين المتصارعين 
وجها لوجه بدلا من سرد ما وقع بينهما. إنها إذا حرية لا يتمتع بها في 
الواقع سوى شاعر درامي ولا يحلم أي مؤرخ معاصر قط بمثلها . 

وكان فابيوس بيكتور (:00ئ2 ونازطة15 .0) هو أول الحوليين في حدود ما 
نعلم على الأقل. فبعد هزيمة كاناي عام 216 ق. م عين رئيسا لبعثة ذهبت 
إلى دلفي لتستشير نبوءة أبوللو. وهذا كل ما نعرفه عن حياته العامة. بدأ 
تواريخه من تأسيس المدينة روما (747 ق. م عنده) ويستمر حتى عصره وهو 
يطنب في سرد رواياته وينثر الأدوات الخطابية هنا وهناك. اعتمد عليه 
بوليبيوس في تاريخه للحروب البونية معترفا له بالدقة التي لم يفسدها 
سوى انحيازه لوطنه. ويبدو أن فابيوس بيكتور قد بالغ في تكريم الأسرة 
الفابية التي ينتمي هو نفسه اليها وذلك في مقابل ظلمه أسرة كلاوديوس 


84 


تطورات فى النثر والشعر قبل شيشرون 


وتحامله عليها لأنها كانت على عداء مع أسرته. 

جاء كينكيوس أليمينتوس (05اعمنا4 5تازعمك ..آ) من عامة الشعب وهو 
يصغر فابيوس بيكتور سنا. شغل منصب الحاكم القضائي (برايتور) عام 
0 ق. م. وفي العام التالي أرسل إلى صقلية في مهمة صعبة وهي أن يقود 
فلول الجيش المنهزم في كاناي وأن يعيد إليها الضبط بالري .وقع أسيرا 
في يد هانيبال الذي ماله بسنابلة. حسلة رمحارو ل + يفطن الموضموهات 
العسكرية. ويبدأ تاريخ كينكيوس بما قبل تاريخ روما وينتهي بآخر الأحداث 
التى عاصرها الكاتب. 

شغل بوستوميوس ألبينوس (15الزطلى 2050115 .4) منصب القنصلية 
عام ١5١‏ ق. م وهو ينتمي للجيل التالي بعد كينكيوس فهو معاصر أصغر 
لكاتو. ولقد احتقر الأخير بوستوميوس ألبينوس بسبب عشقه المعلن للثقافة 
الإغريقية. والى جانب «الحوليات» التي جمعها بوستوميوس ألبينوس يبدو 
انه قد عالج أسطورة آينياس في عمل منفصل. 

أما المؤرخ الذي سبقت الإشارة إليه أي جايوس أكيليوس (كدتاعه .0©) 
فهو معاصر بوستوميوس ألبينوس. ولقد قام بدور المترجم في مفاوضات 
مجلس الشيوخ مع وفد من فلاسفة أثينا عام 155 ق. م 0). شغف أكيليوس 
حبا بسرد الطرائف ضي كتاباته التاريخية. غفي شذرة من الشذرات الباقية 
منه نقرأ قصة الأسير القرطاجني السجين في روما والذي أطلق سراحه 
بعد أن أقسم على العودة ببعض الأسرى القرطاجنيين في مقابل خروجه 
من السجن. ولكنه ما أن خرج من باب السجن حتى عاد إلى داخله على 
الفور مرة أخرى بحجة أنه نسي شيئًا ما. ثم خرج دون أن يلتزم بشيء ما 
هذه المرة. وهكذا كان بوسعه أن يعيش في روما حرا دون أن يلزمه أحد 
بإحضار الأسرى القرطاجنيين ولا بدخول السجن مرة أخرى. 

كتب الابن الأكبر لسكيبيو تاريخا باللغة الإغريقية. وكان لوكيوس كاسيوس 
هيرمينا حوالي عام 146 ق. م ومعاصره نجايوس جيلليوس هما اللذان فتحا 
الباب لفكرة التخلي عن اللغة الإغريقية. فمؤرخو الفترة الجراكية كتبوا 
تواريخهم باللغة اللاتينية. 49) 

أما بالشسفة للكتابات القانونية فهي بالطبع تخدم أغراضا عملية. وكان 
أول عمل روماني قانوني قد كتب في بداية القرن الثاني ق. م ونعني 


الأدب اللاتينى 


«تريبيرتيتا» (هاناتهم1:1)” لسكستوس آيليوس بايتوس القنصل عام ١98‏ ق. 
م. وهي عبارة عن مجموعة تشريعات تضم ليس فقط الألواح الإثنى عشر 
بل أيضا مشروعات قوانين وكذا بعض التفسيرات. وكان قد تراكم تراث 
كبير من القرارات القانونية العديدة. وسميت هذه المجموعة باسم «دستور 
آيليوس».: واعترف المشرعون الرومان اللاحقون بان هذا الدستور كان بمثابة 
المهد للقانون الروماني. 

ويطبيعة الحال كانت الكلمة القانونية المنطوقة والمسموعة قد سبقت 
تلك المكتوبة في تاريخ القانون الروماني. فالممارسات القانونية وسن 
التشريعات فى اجتماعات مجلس الشيوح أو الجمعيات العمومية الشعبية 
الأخرى قد أدث إلى تطوير أسلوب نثري صار يعرف ظيما بغد في مدارس 
الخطاية باسم «المناقشات الخطابية» و«المقاللات الخطابية». ويبضاف إلى 
ذلك أن العادة القديمة بإلقاء خطبة تكريم جنائزية في حالة وفاة بعض 

هذه الأشكال البدائية الثلاثة للفن الخطابى كانت أصلا قد نشأت 
وتطورت من قبل عند الإغريق حيث كان الخطياء والنقاد قد قعدوا لها 
القواعد ونظروا لها فيما يعرف ياسم الريطوريقا (دعةماعطم) أوفن الخطاية 
المنظمة للخطيب وذلك حتى القرن الثاني ق. م. وكان اعتمادهم على الموهبة 
والموروث وما توحي به الممارسات نفسها. ولقد نجح الإنسان الروماني في 
أن يخلع على فن الخطابة الدفء والحيوية الإيطاليين وكذا الوقار والرزانة 
(كمتتكمع) ولا يعنى هذا أن خطياء روما لم يتأثروا بأسلوب كبار الخطياء 
الإغريق وأتباعهم الهيللينستيين. فلقد تزايد هذا التأثير كلما زاد التصاق 
الرومان بالثقافة الإغريقية: ورويدا رويدا أصبح تقليدا متبعا فى روما أن 
ترسل البراعم الشابة من تلاميذ المدارس أو الواعدين في مجال الخطابة 
إلى أثينا ورؤدس لكي يستكملوا دراساتهم ويصقلوا مواهبهم. 

وجرى العرف بان الخطبة-أي خطبة-لا تدخل حظيرة الأدب ما لم تنشرء 
فليس كل ما يلقى من الخطب شفويا يعتبر أدبا . ولقد نشر أبيوس كلاوديوس 
* هذا العنوان اللاتيني يعني «الثلاثية» ولا ندري سر هذه التسمية؛ وللشاعر نوفيرس (800:105) 
(ازدهر80-95 ق. م) مسرحية كوميدية بهذا العنوان. 


036 





تطورات فى النثر والشعر قبل شيشرون 


كني ووه س1 الات الور الب موسير عرزن بامتا رقا يوان نمبانسار 
وله محدظ قنروادويقذ الشيل ايان السروت الببونية برضو قاقر هد 
الخطباء المرموقين آنذاك. وخلد إنيوس ذكر الخطيب ماركوس كورنيليوس 
كبارجرين (قسيا هام 204 و رابيد أن يقطية لم تققير “وقرا البيشروج 
خطبة هيوسن كرتكتاتور (التجقى) السناكوية البى الخاها فى كابيق ابنه: 
وأعجب شيشرون بهذه الخطبة وبفلسفة صاحبها . ومن المحتمل أن تكون 
عائلة فابيوس قد احتفظت بهذه الخطبة في سجلاتها أو حولياتها فيما 


000 


2- كاتو الر ضيب: 

كان ماركوس بوركيوس كاتو (0380 ونا:20 .341) هو أول خطيب رومانى 
يستن قاعدة نشر الخطب. نشأ كاتو-المعروف باسم كاتو الأكبر أو كاتو 
الرقيب-في أسرة من عامة الناس في توسكولوم اللاتينية حيث ولد عام 
4 ق. م. قضى سني الطفولة والصبا والشباب في مزرعة العائلة برياتي 
السابينية: وكا بلغ سن الررجولة دخل معترك الحياة السياسية ولم يسبق 
لأحد من أسرته أن تقلد منصبا سياسيا عاما ومن ثم عرف «بالرجل 
القتال أثناء الحرب البونية الثانية ولا سيما في معركة سينا (565) عام 207 
ق. م. وعندما تقلد منصب القنصلية عام 195 ق. م هزم الأسبان. وكقائد 
عسكري في جيش مانيوس أكيليوس جالابريو حسم معركة ثرموبيلاي ضد 
أنطيوخوس السوري عام اواق. م وتميز كاتو بإدارته الحكيمة والرشيدة. 
وقيل عنه إنه كان صارما وفاسيا وغير قابل للافساد. داقع بضراوة عن 
جزيرة سردينيا ضد المستغلين من الرومان. أما أهم ما اشتهر به كاتو فهو 
عداوته المعلنة للطبقات العليا أى الأرستقراطية المتأغرقة) كالمتفرنجة بالنسبة 
لنا نحن العرب (في المجتمع الروماني. 

نشركاتو كل خطبه السياسية والقضائية فغرف شيشرون متها ١50‏ 
خطية أو أكثر. ووصلتنا شدرات من حوالي ثمانين خطبة. ونستطيع أن 
نكون فكرة لا باس بها عن بعض خطبه كتلك التي دبجها دفاعا عن أبناء 
رودس (167 ق. م). ويمتدح شيشرون خطب كاتو لثرائها الفكري وبنائها 


6867 


الأدب اللاتينى 


واضح المعالم وثقل محتواها وشدة حيويتها . أما النقص في الرشاقة والأناقة 
فسمة مميزة لأعمال الرواد بصفة عامة. ويقول شيشرون إنه لا يستحق أي 
خطيب قبل كاتو مجرد القراءة. 

وجاء كاتو بشيء جديد تماما عندما كتب «الأصول» (وءمنع:0) باللغة 
اللاتينية. وموضوعها ليس روما والعالم الإغريقي بل روما وإيطاليا. قبعد 
أن عالج تاريخ روما منذ التأسيس حتى سقوط الملوك في الكتاب الأول 
تناول في الكتابين الثاني والثالث أصول المدن الإيطالية التي استولت عليها 
روما واحدة بعد الأخرى. وفي الكتاب الرابع تبدأ الحرب البونية الأولى. 
ويضم الكتاب الخامس الحرب البونية الثانية. ويشمل الكتابان السادس 
والسابع التاريخ المعاصر حتى موت كاتو تقريبا . ولا يوجد في الأدب الروماني 
كله ما يمكن مقارنته بمؤلف كاتو هذا «الأصول». وعلى أي حال لا يمكن 
تصور خلو هذا العمل من التآثير الإغريقي. فبمجرد إلقاء نظرة سريعة 
على بنيته نتذكر هيرودوتوس. وفي الواقع فإن المؤرخين الإغريق قبل كاتو 
وأثناء حياته كانوا قد التفتوا إلى العالم الغربي من حوض البحر المتوسط 
وبدءوا يكتبون تواريخ أصولية للمدن الإيطالية. ومع كل ذلك فإن «أصول» 
كاتو عمل أصيل يقترن بصاحبه شخصيا أكثر من أي شخص آخر. بل إن 
المؤلف يؤنب الحوليين الرومان الذين مجدوا عائلاتهم وأجدادهم في كتاباتهم 
التاريخية. ومن ثم فإنه هو نفسه لا يحفل كثيرا بأعمال القواد الرومان بما 
في ذلك العمل البطولي الذي قام به نقيب العامة كوينتوس كايديكيوس 
أثناء الحرب البونية الأولى فاكتفى بسرد قصته دون ذكر اسمه. ولعل 
الاسم الوحيد المسجل هو سوروس (نتنا5) ذلك الفيل الشجاع في الجيش 
القرطاجني ! وطبق كاتو هذا المبدأ على نفسه فلم يرد اسمه ولم يشر إلى 
نفسه فى «الأصول» إلا فى مواقف محددة رأى أنه الأولى بالثقة بها وعندئن 

ومن الواضح أن الهدف الرئيس من تأليف «الأصول» هو تأسيس اتجاه 
قومي في كتابة التاريخ الروماني نقضا ودرءا للاتجاه الهيلليني الأقدم 
والمتمثل في الحوليين الأوائل. وكان كاتو يسعى للغرض نفسه وهو يكتب عن 
الزراعة والصحة وفن الخطابة واضعا نصب عينيه أن يتحدى كتاب 
الموسوعات الإغريق. ولقد اختار كاتو الشكل الروماني التقليدي لتعليم 


تطورات فى النثر والشعر قبل شيشرون 


وتربية. ابنه فهو يخاطبه قائلا: 

«ماركوس يا بني اعرف أن الخطيب هو رجل خير وخبير بفن القول؛ 
والفلاح أيضا يا ابني ماركوس رجل طيب لأنه خبير بفن فلاحة الأرض». 

ويتبع كاتو في الكتابة بوجه عام نظاما صارما ويقول: 

«شدد قبضتك على الموضوع وستئنساب الكلمات» 

وكما كتب كاتو في القانون والحروب فله مؤلف يحمل عنوان «أغنية عن 
الآخلاق» وهو مكتوب نثراء ويشهد بان كاتو كان أول روماني-ولن يكون 
آخرهم-يشكو من تدهور الأجيال وسوء الأحوال. 

وهناك نوعان من الأشعار منسوبان لكاتو أحدهما يسمى مونوستيخا أو 
قصائد كل منها مكونة من بيت واحد (2102056652): والثاني يسمى ديستيخا 
أي قصائد مكونة من بيتين (0150652): ولكن هذين النوعين الشعريين لم 
يعرفا في الواقع إلا في أواخر الإمبراطورية الرومانية. بيد أن هذه الأشعار 
المتسوية خظا إلى كاتو شناعت إنان 'العضون الوسطى المسيحية وأؤاكل عضينر 
النهضة وترجمت عدة مراتء وأعدت منها طبعات خاصة للمدارس حتى 
أنه لا تزال هناك كتب أطفال بالإسبانية يطلق عليها اسم كاتون (دمندع) ! 

ومما يؤسف له أشد الأسف أنه من بين أعمال كاتو العديدة لم يصلنا 
كاملا سوى عمل واحد فقط هو «فضي قلاحة الأرض». وهو دليل للمزارعين 
بلغة بسيطة ويعتمد فى كثير من أجزائه على التراث الأدبى الإغريقى فى 
هذا المجال وكذا على تجربة المؤلف الشخصية. وفي الواقع يضم هذا 
الكتاب كافة أوجه الحياة في مزرعة رومانية أي ما يتعلق بالزرع والضرع 
وعصر الزيوت وتقديم القرابين والصلوات والتعاويد السحرية والنصائح 
الطبية وأعمال الطبخ. 

ويتناول جزء كبير من الكتاب موضوع التعامل مع العبيد فينصح كاتو 
بني جلدته من المواطنين الرومان بالا يعطوا العبيد ملابس جديدة قبل أن 
يسلموا الملابس القديمة طالما هي صالحة للترقيع. 

وعلينا ألا نستهين بنصائح كاتو فبعضها لا يزال صالحا في أيامنا هذه. 
فهو مثلا يقول إن المزرعة ينبغي أن تنتج فائضا تصدره للسوق «فأبو العائلة 
ينبغي أن يبيع لا أن يبتاع». وهو يؤمن بأن الاستثمار في مجال الإنتاج 
الزراعي هو أفضل وسائل الاستثمار لأن التجارة التي ربما تدر ربحا أكثر 


0690 


الأدب اللاتينى 


تتهددها الأخطار. حقا إن تجارة العملة (الصرافة) مهنة مربحة ولكنها غير 
مشرفة. (61) 
3- حالة الأدب فيما بين 68 1 ق. م و 82 ق. م 

في الأربعة عقود التي أعقبت انتصار باولوس في موقعة بيدنا عام 68! 
ق. م. أي حتى عام ١29‏ ق. م حين مات سكيبيو الآصغر كانت روما قد 
وصلت إلى مرحلة متقدمة من النضج الثقافي هي في الواقع نقطة تحول 
مهمة للغاية في مسار الأدب الروماني ككل. ولعل أهم ما يمكن أن يشار إليه 
من أحداث ثقافية هامة هو وقوع ألف أسير آخي مثقف في يد الرومان 
عام 167 ق. م. وكان بين هؤلاء الأسرى بوليبيوس (وقد سبقت الإشارة إليه) 
الذي كان من حسن حظه-وحظ الآدب والثقافة-أن حددت إقامته في بيت 
باولوس نفسه فاستخدمه معلما لأبناته. وحاز بوليبيوس رضا بوبليوس بن 
باولوس فصار ملازما دائما لهذا المعلم الإغريقي الآسر الذي بدوره وقع 
أسيرا في حب روما وطريقة الحياة الرومانية فوهب حياته مؤرخا لروما 
بالإغريقية. ولقد علل عظمة روما بعبقرية الدستور الروماني الذي جمع 
في انسجام ووئام بين نظم الحكم الثلاث: النظام الفردي, والأرستقراطي. 
والديموقراطي. 

وفي هذه الفترة أيضا مارس الفيلسوف الرواقي بانايتيوس من رودس 
تأثيرا هائلا لأنه نجح في تبسيط الرواقية وتهذيبها مما حبب الرومان 
فيها. ولقد انضم هذا الفيلسوف إلى دائرة سكيبير الذي صحبه في رحلة 
دبلوماسية إلى الشرق وإلى الإسكندرية وتم اللقاء والتعرف بين هذا 
الفيلسوف وفيلسوف التاريخ بوليبيوس عند سكيبيو وضي صحبته. وهنا 
تجدر الإشارة إلى أن الفجوة بين سكيبيو مشجع الهيللينية وكاتو حامل لواء 
الأصالة الرومانية لم تكن بهذا الاتساع الذي يتصوره المرء لأول وهلة. فمن 
الشذرات المتبقية من كتابات سكيبيو نلاحظ قدرا ملموسا من الاحترام 
والتبجيل للموروث من القيم الرومانية التقليدية مثل الولاء والرجولة والعزوف 
عن الرخاء والاسترخاء والتحلل. لقد تغير فقط مركز الثقل وبؤرة الاهتمام 
بحيث إن «سنة السلف الصالحح لم تعد لها سلطة الأمر والنهي المطلقة في 
كل شيء؛ ولم تعد ملزمة بالطاعة العمياء. ولكنها صارت قانونا مفهوما ذا 


560 


تطورات فى النثر والشعر قبل شيشرون 


صوت مسموع وليس أكثر من ذلك. حقا كان أسلوب سكيبيو في الحياة 
مرنا ولكنه كان قويا وحازما دون أن يصل إلى حد الصرامة المعهودة ضفي 
أسلوب كاتو في الحياة وسلوكه بصفة عامة. ْ 

ومكفوقف الآن لحظة قصيرة للتأمل في أوضاع روما السياسية 
والاجتماعية حيث نجد بوليبيوس-وهو المتيم المعجب بالعبقرية الرومانية- 
قد بدأ يسمح للشكوك تتسرب إلى نفسه وقلمه وهو يؤرخ لروما بعد تدمير 
قرطاجة وكورنثة في العام نفسه أي ١46‏ ق. م. فالآن ظهرت للعيان أنياب 
روما الوحشية؛ وحتى مملكة برجامم التي صارت ولاية رومانية عام ١29‏ ق. 
م سلمت كفريسة تنهشها أطماع جباة الضرائب والمرابين. لقد تمت بعض 
الإصلاحات الاجتماعية والسياسية على يد الآخوين جراكوسء ولكن ذلك 
نفسه استلزم واستتبع سلسلة من عمليات الخرق المتعمد للدستور الروماني. 
ودفع الأخوان جراكوس الأول بعد الثاني حياتهما ثمنا لأعمالهما الإصلاحية 
التي أحبطت في النهاية. واستمر العنف سائدا بين عامة الشعب. وتفشى 
الفساد في طبقة مجلس الشيوخ الأرستقراطية (ولا سيما إبان الحرب ضد 
يوجورثا 105-١1١‏ ق. م (وقد تمخض كل ذلك عن خلق البيئة المناسبة لنمو 
الزعامات الغوغائية)الديماجوجية). 

وكان جايوس جراكوس بموجب قانون المحاكم قد أحل أفرادا من طبقة 
الفرسان محل أعضاء مجلس الشيوخ كمحلفين في المحاكم فزرع بذلك 
جرثومة التفرقة الطبقية في نظام العدالة. مما أفسد هذا النظام الذي 
كان ذلك القانون يهدف أصلا إلى القضاء على بذرة الفساد فيه. ولا أدل 
على فساد العدالة في روما من قصة بوبليوس روتيليوس روفوس المسؤول 
عن ولاية آسياء فقد وقف ضد ظلم وجشع جباة الضرائب الرومان. وعندما 
عاد إلى روما عام 92 ق. م اتهم بالابتزاز أمام محكمة تضم محلفين من 
طبقة الفرسان-التي ينتمي هو نفسه إليها-وأدين. واضطر روفوس لمفادرة 
روما منفيا فذهب ليعيش بقية أيامه ضيفا مكرما ومعززا في ولاية آسيا 
نفسها التي اتهم ظلما بنهبها ! 

وهزت ثورات العبيد الدولة الرومانية من الداخل وأفزعتها تهديدات 
الكيمبريين والتيوتونيين من الخارج. وبعد حرب ضروس حصل الإيطاليون 
على حقوق المواطنة الرومانية عام 89 ق. م وفي تلك الظروف الحرجة كان 


9 


الأدب اللاتينى 


نجم جايوس ماريوس يصعد وهو ابن فلاح بسيط من منطقة أربينوم. 
وتقلد ماريولى منصب القنصلية سبع مرات. ودارت رحى الحرب الأهلية 
بينه كقائد عسكري للحزب الشعبي وبين لوكيوس كورنيليوس سلا زعيم 
الحزب الأرستقراطي. ولم تنته هذه الحرب الفتاكة إلا يعد خمس سنوات 
من موت ماريوس وانتصار سلا النهائي عام 82 ق. م وتتضح معالم الصورة 
أكثر إذا تذكرنا أنه منذ عام 133 ق. م حين اغتيل جراكوس قد أصبح شيئًا 
عاديا في روما أن تتكرر حوادث الاغتيال السياسي وأعمال العنف بصفة 
عامة: وأحكام الإبعاد السياسي أو النفي وسيطرة المصالح الحزبية على 
نظام العمل بالمحاكم القضائية وما إلى ذلك من ألوان الفساد والاضطراب؛: 
وهي جرثومة التدهور التي ستودي في النهاية بالجمهورية الرومانية ليحل 
محلها النظام الإمبراطوري. 52) 

وفي تلك الفترة تفاخر بعض القادة والزعماء بجهلهم وعلى رأسهم 
ماريوس. أما سلا الذي استولى على مكتبة أرسطو ومخطوطاته وكتابات 
ثيوفراستوس وأحضرها جميعا من أثينا إلى روما فإنه هو نفسه كان ينظم 
الإبجرامات باللغة الإغريقية. وكتب سلا ترجمة ذاتية على النمط الهيللينستى 
إلا أنه لم يحفل كثيرا بالأنشطة الأدبية وتشجيعها إلا في حدود ما يخدم 
سياسته؛ أي ما يعد دعاية إعلامية له. وتحت رعاية سلأً تمت إعادة كتابة 
التاريخ الروماني ولا سيما ما يتعلق بالصراع الطبقي فلقد كان يهمه أن 
تسيطر وجهة نظر الطبقة الأرستقراطية: أي طبقة مجلس الشيوخ. حقا 
لقد شغف سلا بالمسرح ولكنه اعتبره مكانا للتسلية. ولم يزدهر في ظل 
تلك الأزمة سوى فن الخطابة وتقدم بعض الشيء فن كتابة التاريخ: وكذا 
انتشرت المعارف والمكتبات. على أي حال يمكن اعتبار هذه الفترة مرحلة 
كمون وسكون استعدادا للانطلاق الذي سيتحقق في الجيل التالي؛ أي إبان 
عصر شيشرون. 

ولقد أصبح من المعتاد في تلك الفترة أن يتتلمذ المرء على خطيب 
محترف. وصار النمط الإغريقي هو السائد لا في الخطابة وحدها بل في 
سائر فنون النثر. وتعلم الرومان على أيدي الإغريق كيف يختارون ويرتبون 
كلماتهم بعناية فائقة. وعرفوا كيف يرتفعون بمستوى ما هو شعبي فج أو 
بدائي منحط إلى أعلى درجات السموء وأفلحوا في صياغة أفكارهم في 


92 


تطورات فى النثر والشعر قبل شيشرون 


نسق متسق سواء أكان ذلك في جمل طويلة مدورة أم عبارات قصيرة 
محكمة تطرب الأذن بنهاياتها الإيقاعية. وجنبا إلى جنب مع البنية الفعالة 
والتناول المثمر للتفاصيل برع الخطباء الرومان في الإلقاء وحسن الأداء. 

وفي منزله كان تيبيروس جراكوس قد تلقى دروسا خاصة في الخطابة 
على يد معلم إغريقي. وكان هو نفسه خطيبا موهوبا ولكنه لم يعش طويلا 
فلم تتح له الفرصة لكي يصل إلى حد النضوج. فتفوق عليه مؤيده جايوس 
بابيريوس كاربو) قنصل 20 ق. م. (وكذا أخوه جايوس جراكوس) نقيب 
العامة 123, ١22‏ ق. م كان الآخير ذا شخصية أقوى من حيث الممارسة 
السياسية والموهبة الخطابية. كان ناريا وناضجا في الوقت نفسه وتوصل 
إلى ذلك بفضل أستاذه مينيلاوس خطيب آسيا الصغرى. كما كان جايوس 
جراكوس أيضا أستاذا في التهكم ولم ينقصه سوى الصقل. 

ومن عشرينات القرن الثاني ق. م وصلتنا شذرات من خطاب منسوب 
إلى كورنيليا أم جايوس جراكوس تحثه فيه على عدم ترشيح نفسه لمنصب 
النقيب العام لسنة ١23‏ ق. م. فإذا صحت نسبة هذا الخطاب السياسي إلى 
كورنيليا-وهو ما يختلف فيه العلماء كثيرا-فإنه يكون أول عمل أدبي نثري 
نسائي في العالم. لقد وردت مقتطفات من هذا الخطاب عند نيبوس (51) 
وجاء في هذه المقتطفات ما يلي: 

«قد أقسم قسما غليظا أنه بغض النظر عن أولئك الذين قتلوا أخاك 
تيبيريوس جراكوس فإن أحدا لم يسبب لي من التعب والألم مثلك أنت يا 
ولدي. أنت يا من عليك أن تحل محل كل أبنائي الذين كانوا لي. ضع في 
حسبانك أنه من الواجب عليك أن تخفف من أعبائي ما استطعت إلى ذلك 
سبيلا. لقد بلغت السن بي ما بلغت. وأيا كانت مطامحك فعليك أن تجعلها 
تنفق مع رغباتي. وعليك أن تعده إثما كل ما تتخذ من خطوات دون موافقتي. 
هذا إذا وضعت في الاعتبار قلة ما بقى من أيامي في هذه الدنيا. وهل من 
المحال تماما في هذه المدة القصيرة المتبقية من عمري أن تطيعني ولا 
تخالف أمري ولا تحطم الوطن ؟ وإلى أين ينتهي كل ذلك 5 ألن يقف الجنون 
بعائلتنا عند حد 5 حقا... أليست هناك نهاية.. . 5 هل سنظل للأبد نعيش 
في مواجهة الآلام التي نسببها لأنفسنا ؟ ألم يئن الأوان لآن تشعر بالحياء 
حقا لأنك تسببت في ارتباك القوانين واضطراب الدستور 5 


ان 


الأدب اللاتينى 


يا بني إذا كان ذلك من المحال حقا فاصبر قليلا حتى أفارق الحياة 
وافعل بعد ذلك ما تشاء ورشح نفسك نقيبا للعامة. افعل ما يحلو لك طاما 
لن أكون على ظهر الأرض ولن أجني ثمار أفعالك. وعندما أموت سوف 
تقدم القرابين على قبري وتدعوني أمك المبجلة. وعندئن.. . ألن تشعر 
بالخجل وأنت تطلب شفاعتى وشفاعة أولئك المبجلين-والديك-اللذين فى 
حياتهما وحضورهما لم تعاملهما بالحسنى وعصيت أمرهما ولم تحقق 
رغباتهما ؟ 

ليت جوبيتر الأعلى لا يدعك تصر على رأيك ولا يجعل هذا المس من 
الجنون يتسرب إلى عقلك. أما إذا ركبت رأسك فان أخشى ما أخشاه هو 
أ بيب خلظتك هذه ستواجة طوال تحياتك هن العاف :ما آن يكرك تلك 
وقتا للراحة.» 

تكتب كورنيليا هذا الخطاب من ميسينوم حيث كانت قد ابتعدت عن 
روما بعد اغتيال ابنها تيبيريوس ١33(‏ ق. م). والخطاب يأخذ شكل الخطبة 
العامة. ومن الجدير بالذكر أنه لم يتح لأي امرأة رومانية أن تلقي خطبة في 
محفل عام. ويبدو أن كورنيليا كانت تشكل استثناء من حيث تكوينها 
الشخصى. 

فبلوتارخوس يشيد بثقافتها9" الواسعة. ويرى شيشرون أن أسلوبها 
يتسم بخصائص خطب ابنها جايوس نفسها”*. وهذا يعني أن أسلوبها 
«رجالى» وليس من الآدب «النسائى» حتى أنها لا تستخدم صيغة التصغير 
قط. 

ومن غرماء جايوس جراكوس برز صهر لآيليوس أي جايوس فانيوس 
(قنصل 122 ق. م). وكان رفيق سلاح لنيبيريوس جراكوس أمام أسوار 
قرطاجة. ومن خطبه الشهيرة تلك التي ألقاها وعارض فيها الاقتراح بمنح 
الإيطاليين حقوق المواطنة الرومانية. ومن الخطباء البارزين في تلك الفترة 
كذلك ماركوس أيميليوس سكاوروس (قنصل 5!! ق. م) المعروف كزعيم 
يناصر قضية الحزب الأرستقراطىء وينتقده شيشرون كخطيب لفقدانه 
سمت الرشاقة وسمة الإقناع. وكان بويليوس روتيليوس روفوس-وقد سبقت 
الإشارة إليه-وكوينتوس ايليوس توبيرو هما الرائدان في كتابة «المذكرات 
الخاضة». لقد سيقهما كثات العصر الهيالينستن مثل اراكوس قاكن التجلف 


9 


تطورات فى النثر والشعر قبل شيشرون 

الآخي (حوالي 205 ق. م) الذي نثر ترجمة ذاتية. أما في روما فان مثل هذا 
الفن الأدبي كان جديدا ولكنه على أي حال قد فتح الباب بمعنى أنه تلته 
مذكرات كويناتوس لوتاتيوس كاتولوس (فنصل 102 ق. م) والدكتاتور سلآ. 

ومن طبقة الفرسان كان جايوس تيتيوس خطيبا متميزا بدقته وصقل 
الحياة المدنية. إذ يمتحده شيشرون لهاتين الصفتين. ولقد كتب تيتيوس 
أيضا تراجيديات بأسلوب خطابي تعسفي فيما يبدو. 

واستمع شيشرون اشاب لكل يزخ طصيجين امظكا كاضية زثلفة اتلؤلية * 
النثرية بعد نضوجهاء وأتقنا استغفلال الأدوات الفنية الموروثة عن الخطابة 
الإغريقية. وهكذا جسد هذان الخطيبان نموذج الخطيب الكامل بالنسبة 
لشيشرون. انهما ماركوس أنطونيوس (قنصل 99 ق. م)؛ ولوكيوس ليكينيوس 
كراسوس (قنصل 95 ق. م). ولقد قتل أنطونيوس عام 87 ق. م على يد 
أنصار ماربوس. سجل شيشرون إعجابه بهما في مؤلفه «بروتوس». وجعلهما 
المتحدثين الرئيسين في مؤلف آخر هو «عن الخطيب». جمع هذان الخطيبان- 
كما يقول شيشروننبين الثقافة الواسعة والتدريب الجيد . وتميز أنطونيوس 
بعقلية ذكية وألمعية متقدة لإلقاء نفاذ. وأدرك أن فن الخطيب الكامل يتبدى 
عندما يفلح في إخفاء فنه تطبيقا للمبدأ القائل «الفن أن تخفي الفن». ومن 
المعروف أن أنطونيوس درس الخطابة في أثينا ورودس وآسيا الصغرى. أما 
كراسوس فقد وضعه شيشرون في مرتبة أعلى من أنطونيوس لأنه تفوق 
في القول المتقن والتعبير الرزين ولم يضارعه أحد في براعة التفسير 
القانوني. كان معروفا أنه نصير مبدأ المساواة والإنصاف حتى لو كان ذلك 
على حساب التنفيذ الحرفي للقانون. وكسب كراسوس قضية أمام أكبر 
محامي العصر وهو الكاهن كوياتوس موكيوس سكايفولا (قنصل عام 95 ق. 
م) الذي قتل عام 82 ق. م على يد أنصار ماريوس. كان أنطونيوس قد تعمد 
أن لا ينثر خطبه حتى لا تستغل كسلاح ضده. أو ريما لآنه أدرك أنها 
ستفقد الكثير فيما لو قرأت. وبعبارة أخرى فان قيمتها الحقيقية في إلقائها 
بأسلوبه المؤثر. وبصفة عامة لم يبق لنا شيء من خطباء هذه الفترة. 

ولعله من المفيد هنا أن نشير إلى ما ذكره تاكيتوس وهو تلخيص لوجهات 
النظر التقليدية في الخطابة الرومانية حيث قال: 

«يعد جايوس جراكوس أكثر امتلاء وثراء من كاتو الأكبر تماما كما كان 


05 


الأدب اللاتينى 


كراسوس أكثر صقلا وزخرفا من جراكوس. وكما كان شيشرون أكثر أبهة 
وصقلا وسموا منهم جميعاء©. وهذا ما سنتحقق منه في الباب التالي. 

دعنا الآن نعود إلى غن كتابة التاريخ حيث نجد أن اهتمام مؤرخي عصر 
الأخوين جراكوس قد انصب على التاريخ للأحداث المعاصرة نفسها. ولا 
يتضح هذا كثيرا في تاريخ لوكيوس كالبورنيوس بيسوفروجي الذي كان لا 
يزال ينتمي بنهجه وروحه إلى فترة آل سكيبيو. وقد شغل منصب نقيب 
العامة سنة ١49‏ ق. م والقنصلية ١33‏ ق. م. وكان مغرما بإعطاء مسحة 
عقلانية للأحداث. ولطالما انزلق إلى الاستطراد في التاريخ الطبيعي. ومع 
أنه كان وطنيا غيورا ومحافظا مثل كاتو إلا أنه كتب وصفا حقيقيا يعتمد 
عليه لالأحداث حتى عام ١46‏ ق. م. وبرأي شيشرون كان أسلوب هذا الكاتب 
بدائيا سواء في تواريخه أو خطبه. أما «حوليات» المؤرخ جايوس فانيوس 
(قنصل عام 122 ق. م) فكانت برغم عنوانها تسجيلا للأحداث المعاصرة 
فقط. وكتب سيمبرونيوس أسيلليو (النقيب العسكري تحت قيادة سكيبيو 
في نومانتيا عام ١34‏ /133 ق. م) تاريخا معاصرا كذلك. أما مؤلفه الآخر 
«التواريخ» الذي أنجزه في أواخر سني عمره فقد امتد ليشمل عام ا9 ق.م 
على الأقل. وفي شذرة بقيت لنا من مقدمة هذه «التواريخ» يقول سيمبرونيوس 
أسيلليو إنه فيلسوف نفعي يسير على نهج وخطوات بوليبيوس. 

وفي تلك الفترة ظهرت الكتابات التاريخية التي لا تؤرخ لكل الأحداث 
والشخصيات بل تقتصر على موضوع واحد . فكتب لوكيوس كويليوس أنتيباتر 
(فيما بعد 12١‏ ق. م) تاريخا للحرب البونية الثانية. وهو ما اعتمد عليه 
فيما بعد مؤرخ كبير مثل ليفيوس. وأهدى أنتيباتر مؤلفه إلى لوكيوس 
آيليوس ستيلو. ولقد استخدم عدة مصادر فينيقية ورومانية بهدف أن يكون 
موضوعيا في تاريخه. ويظهر هذا المؤرخ اهتماما خاصا بالبلدان والشعوب 
والأساطير. وكان يميل إلى تأليف ملحمة نثرية؛ واستهوته تقنية العرض 
الشيق وأجاد استخدام الأدوات التعبيرية الخطابية. وبسبب تلك السمات 
جميعا امتدحه شيشرون. 

أما في عصر سلا (الثمانينات والسبعينات من القرن الأول ق. م) فان 
الكتابة التاريخية قد اتخذت صورة مخالفة لذلك. فالبحث عن المصادر أو 
استقصاء الحقائق لم يعد ذا أهمية؛ فالأهم من هذا وذاك هو السعي وراء 


9 


تطورات فى النثر والشعر قبل شيشرون 


العرض الشيق للأحداث. وهكذا تسربت أساطير شتى إلى كتب التاريخ 
لتصبح مسلية وممتعة. ومال المؤرخون إلى الدخول في التفاصيل التي قد 
تكون أو لا تكون حقيقية. ومن أشهر مؤرخي هذه الفترة نذكر اثنين هما 
كلاوديوس كوادريجاريوس وقاليربوس أنتياس. وكان هذان المؤرخان يعيشان 
في كنف الأسر النبيلة ويكتبان تحت رعاية وامرأة أبناء هذه الطبقة. يبدأ 
تاريخ كلاوديوس كوادريجاريوس بالغزو الغالي لروما عام 389 ق. م وهو 
يقلد أسلوب كويليوس أنتيباتر حتى أنه يضع في مؤلفه بعض الخطب 
والخطابات التي يؤلفها هو نفسه وينسبها إلى الشخصيات التي يؤْرخ لها . 
ولا يمكن الاعتماد على «حوليات» فاليريوس أنتياس ولا سيما فيما يتصل 
بالأرقام. تكونت هذه «الحوليات» من خمس وسبعين كتابا إتكا عليها ليفيوس 
ولكنه كان حذرا حتى أنه كان يضاهي ما يقرأ فيها بمصادر أخرى دوما. 

ولم يستطع أي مؤرخ من معارضي الأشراف الأرستقراطيين أن يكتب 
شيئًا قبل أن يطمئن إلى وفاة سلا عام 78 ق. م هذا ما حدث بالنسبة 
لجايوس ليكينيوس ماكير الذي كان قنصلا عام 74 ق. م؛ وانتحر عندما 
اتهم بالابتزاز عام 66 ق. م ولم يجد فيه شيشرون شيئًا ليمتدحه سواء 
كخطيب أو كمؤرخ. ومع ذلك فيبدو أن ماكير قد أولى عناية بالغة لدراسة 
المصادر التي يعتمد عليها مما جعله يتمتع في كتابته بقدر من الرؤية النقدية, 
وهو أمر لم يكن مألوفا بعد في الكتابات التاريخية الرومانية. 

ومن بين صفوف الآرستقراطيين جاء لوكيوس كورنيليوس 67-١18(‏ ق. 
م) وكتب مؤلفه «التواريخ» في أثنى عشر كتابا . وهناك ما يدل على أنه كان 
يميل إلى السرد وقص الأقاصيص على نهج مؤرخي الإسكندر الأكبرء بيد 
أنه قد صار من أهم المصادر بالنسبة لفترة سلا ولا سيما الحرب المسماة 
حرب الحلفاء. وبوصفه خبيرا في شؤون الحرب اهتم بالأمور العسكرية. 
هذا ما نلاحظه من الشذرات القليلة المتبقية منه. 

ويبدو أن سلا كان يشجع الاتجاه التهربي في الأدب لأن سيسينا ترجم 
«حواديت ميليتوس» لمؤلف يحمل اسم أريستيديس وهي قصص قصيرة 
(تشبه «العشرة أيام» («ممعمموءء12) للمؤلف الإيطالي بوكاشيو). ولقد شاعت 
قصص سيسينا المترجمة في روما حتى عام 53 ق. م حيث وجدت على 
مقاير الجئود الرومان الذي سقطوا في معركة كارهاي (عمطسدت) (الحران 


97 


الأدب اللاتينى 


الحديثة) عام 53 ق. م ومن الأهمية بمكان أن نذكر هنا أن مجلس الشيوخ 
بعد تدمير قرطاجة أمر بترجمة أعمال ماجو القرطاجي (31280) عن الزراعة 
وصلتنا ثلاث كتب بعنوان «عن القانون المدني» لماركوس يونيوس بروتوس» 
وهو يعد أول مؤلف مكتوب بالنثر العلمي وفي شكل حوار بين أب وابنه. 
وبالنسبة للدراسات الأدبية والفقهية في روما فان نشأتها تعود إلى 
زيارة كراتيس من ماللوس رئيس مكتبة برجامم حيث جاء إلى روما في وفد 
رسمي من قبل أتاللوس عام 168 ق. م. وفي أثناء إقامته بروما ألقى 
محاضرات في النحو. والى جانب نقد النصوص وتحقيقها (وهو أمر مميز 
لمدرسة الإسكندرية) اهتم كراتئيس على نحو خاص بتفسير الشعر. وبوصفه 
رواقيا فقد فسر الشعر تفسيرا مجازيا أو استعارياء إذ رأى في الشعر 
تعاليم أخلاقية وعلمية مستترة. كان لكراتيس تأثير قوي إلا أن الدراسات 
الأدبية والفقهية في روما كانت تسير ببطء شديد. ورائد هذه الدراسات 
هو لوكيوس ايليوس ستيلو المولود في لانوفينوم عام ١50‏ ق. م؛ واشتق 
الشهرة ستيلو (510) من (105ا5) بمعنى «القلم الإردوازي» (أو الريشة): 
وحصل على هذا اللقب لأنه كان يكتب الخطب للآخرين (وهو ما يوازي 
العرضحالجي في مصر). وتكمن الرواقية وراء اهتمام ستيلو بالاشتقاق 
اللغوي والتركيبات النحوية. ولقد فسر الأدب الروماني القديم من الأناشيد 
الأولى إلى الألواح الإتنى عشر على أساس من الخلفية الثقافية والتاريخية: 
ولفت نظره بلاوتوس على نحو خاص. ومن بين تلاميذ ستيلو نذكر فارو 
وشيشرون. 57 
ولعله من نافلة القول إن الشعر المسرحي قد انحدر حتى أن مؤلفي 
القرن الثاني ق. م قد أصبحوا من الكلاسيكيين. وربما أعيد عرض 
مسرحياتهم على نحو أفضل مما تم في عصرهم. إلا أنه لم يظهر أي 
مؤلف جديد ذو خطر. وآخر فرسان مسرحيات الملابس الإغريقية كان 
توربيليوس (5دناتمت1) الذي وصلتنا منه ثلاثة عشر عنوانا وفيها يقلد 
النماذج الإغريقية-مثل ترنتيوس-بحرية كبيرة. ومات عام 103 ق. م طاعنا 
في السن. وظل أكيوس وحده وقد عرضت له مسرحية «تيريوس» عام 04! 
ق.م تقريبا لان كان لا يزال نشطا إبان عصر سلا . والى جانب ذلك وجدت 


508 


تطورات فى النثر والشعر قبل شيشرون 


الكوميديات ذات الملابس الرومانية (توجاتا). وكذا القصص الأتيلانية التى 
أغرم بها سلا باعتبارها أيضا من الأدب التهربي. وسرعان ما جد جديد؛ 


3 58 
قيضي 69 


وكان جنايوس ماتيوس (02.112015) فد نظم «إيامبيات ميمية (عرجاء)» 
(أتسدتسنص) وهي استكشات واقعية على منوال قصائد هيرونداس. ومن 
خلال مقتطفات جيلليوس نعرف أن لغتها كانت أصيلة وان كانت شعبية 
فجة. وتتسع هذه المقتطفات بثراء في الموضوعات وحيوية في التعبير. 
وترجم ماتيوس «الإلياذة» الهوميرية إلى اللاتينية. وفي تلك الآونة ظهرت 
أشكال أدبية جديدة مأخوذة عن السكندريين مثل الإبجرامة. فقد نظم 
كوينتوس لوتاتيوس كاتولوس (قنصل ١02‏ ق. م) إبجرامتين. ثم ظهرت 
إبجرامات الحب والجنس التي نظمها فاليريوس آيديتؤوس وبومبيليوس 
وبروكيوس ليكينوس. ثم نظم لايفيوس قصائد أكثر تبرجا وفسقا سماها 
«ألاعيب الحب الحسي» واستخدم فيها أوزانا غنائية مختلفة ودس فيها 
بعض الموضوعات الأسطورية. وكل ذلك يعني أننا دخلنا بالفعل عالم المجددين 
في الشعر اللاتيني الذين سنتوقف عند أعمالهم في الباب التالي. 


99 


اباب الثاني 
(شترة يشرو 25-85 3.م) 


«أحب وأكره 0 وقد تسأل لماذا ؟ 
لا أدري... سوى أني أتعذب بحق وأتمزق» 


(كاتوللوس؛ قصيدة 85) 


«الآن يهز الفلاح العجوز رأسه وتذهب نفسه حسرات فوق المحراث 
ويتنهد عدة مرات... لأن جهوده في الحرث وفلاحة الأرض تذهب. سدى» 
ولأنه وهو يقارن الحاضر بالماضي يحسد حظ أبيه ويدمدم كيف أن السلالة 
القديمة التي امتلأت تماما شعورا بالواجب كانت تعول نفسها على نحو 
أيسرء وعلى رقعة من الأرض أضيق». 


(لوكريتيوسء الكتاب الثاني؛ 1170-1164) 


تسمى الفترة فيما بين عام 82 و 43 ق. م فترة 
شيشرون لأنه فى شخصية هذا الخطيب وحده 
بلغت مسيرة التطور الأدبي اللاتيني إحدى قممها 
الشامخة. وشخصية شيشرون هى التى تربط ما 
بين فترة آل سكيبيو. حيث عاصر بعض أفرادها 
وأهم رموزهاء وفترة أغسطس التي بزغت نجومها 
في شيخوخة شيشرون. ففي فترة تحول تاريخية 
أكد شيشرون فكرة التواضل بين الأجيال: بل إنه 
لعب دور الوسيط بين أقطاب السياسة المتطرفين 
في تناقضاتهم. وحتى بعد موته ضحية قضية 
خاسرة مند البداية ترك من الفكر والقول ما قدم 
للفترة الجديدة صيغا مقبولة رسم لها المسار الذي 
يمكن أن تسير عليه. 

فبعد أن تبدد حلم سلا في زرع السلام واندلعت 
الاضطرابات فور موته عام 78 ق. م ازدادت الحال 
سوءا فى الولايات» وقامت محاولة فى أسبانيا 
يتزعمها سيرتوريوس (56]005) لإقامة دولة 
أسبانية مستقلة حليفة لروما. وكان هذا الخط لو 
فج كيلا بان يؤدي في النهاية إلى نشاة مايمكن 
تسميته «كومنولت رومانى» لا «إميراطورية رومانية». 
ولكن الذي حدث أن هذه الثورة سحقت في الفترة 
من 72-80 ق. م وأضطر مجلس الشيوخ تحت وطأة 
المخاطر الداخلية والخارجية إلى أن يعطى «السلطة 
العسكرية العليا» (تصناةءمص]) صورة تلو الأخرى 
لبومبى الأكبر ذلك القائد الموهوب والطموح. وأدى 


الأدب اللاتينى 


تسلط مجلس الشيوخ بعد أزمة مؤامرة كاتيلينا إلى أن بومبي-الذي 
حقق انتصارات رائعة بالشرق-قد تحالف مع يوليوس قيصر وكراسوس 
طويلا وانتهى بدخول بومبي وقيصر كطرفي الصراع في الحرب الأهلية 
الثانية-وكانت الأولى بين سلا وماريوس-وانتهى الصراع بانتصار يوليوس 
قيصر. وعندما اغفل الأخير أمر الجمهوريين أي دعاة الحفاظ على 
الجمهورية الرومانية سقط صريعا في مجلس الشيوخ: وكان قاتلوه يحملون 
للغاية الخلفية السياسية لفترة شيشرون (). 


كانوللس وحركة التجديد 
السكندويده 


يطلق اسم الشعراء الجدى على عرد من الشتعراء 
يكونون فيما بينهم مجموعة متكاملة وإن لم تكن 
مدرسة جديدة في الشعر. إنهم يمثلون جيلا جاء 
صباهم وباكورة شبابهم تحت شبح الحكم 
الدكتاتوري لسلآً, أما موتهم وشيخوختهم فقد وقعا 
بين موقعة فارسالوس (عام 48 ق. م بين بومبي 
وقيصر) ومعركة أكتيوم (عام 31 ق.م بين أوغسطس 
وأنطونيو سكليوباترا ). الكثيرون من هؤلاء الشعراء 
كاثوا قد جاءوا أصلا من غاليا على الجاتب 
الشماتي لتهر البواوبادوسء والمدهفش أن ما يجمع 
هؤلاء الشعراء في حركة شعرية أو اتجاه أدبي واحد 
ليس هو ما يقبلونه معا بل ما يرفضونه ويكرهونه؛ 
إنه ليس ما يحاربون من أجله كأهداف إيجابية بل 
ما اجتمعوا على نقضه وهدمه. إنهم مثلا يديرون 
ظهورهم لإنيوس ويعرضون عن الشعر الروماني 
المبكر وينكرونه شكلا ومضمونا. إنهم يريدون أن 
السكندريون. شعارهم هو الفن للفن ورؤيتهم للشعر 


الأدب اللاتينى 


جمالية في المقام الأول. ويحرصون على تقديم مادة جديدة لم يسبقهم 
أسعن إليما بدا لحوتها كن الحداق رفي مسيكون عون ال عبراقة شكل 
أدنئ متكامل وفادر على نقل التجارب الإنسانية البسيطة أو حتى العابرة. 
وكل تلك الجهود تستهدف في النهاية الوصول إلى الكمال الشكلي المطلق 
والجمال الفني المتكامل أو المتوائم مع المضمون. وفي سبيل تحقيق هذا 
الهدرف النبيل فهم على أتم استعداد لبذل أقصى ما يستطيعون من وقفت 
وجهد وتضحية. لقد أراد هؤلاء الشعراء الشبان أن يحدتوا تغييرا فى 
قصائد كاتاللوس التي وصلت كاملة لأنه بالقطع أشعرهم وأشهره. وهاهو 
أحدهم جايوس هيلفيوس كينا (02ه0 81618115 .0) يقضي تسعة أعوام فى 
نظم ملحمة سكندرية الطابع بيعنوان «أزميريا » (لممتومج) والتى اعتيرت 
رائعة من روائع حركة التجديد في الشعرء وأعجب بها كل من ماتوللوس 
وفرجيليوس. تدور هذه الملحمة حول الحب المحرم الذي أصاب هذه الفتاة 
أمام المؤلف لكي يمارس هوايته الموروثة عن المدرسة السكندرية وهي التحليل 
النفسي للعاطفة. وبلغ من غموض هذه الملحمة أنها استلزمت-بعد جيل أو 
جيلين من ظهورها -شرحا قام به ونال بسببه شهرة فائقة العالم الفقيه 
لوكيوس كراسيكيوس . 

وليس من قبيل الصدفة أنه فى هذه الفترة ظهرت القصائد التى تنظم 
خصيصا للاحتفاء بزواج أو لرثاء شخص ما. وهى عادة هيللينستية مميزة 
ربما أدخلها إلى روما بارثينيوس صديق كينا والذي جاء من بيثينيا ليزور 
روما فيما بين 73 و 66 ق. م وكانت الإيجرامة والقصيدة الغنائية قد عرقتا 
فى روما مند أيام لوتاتيوس كاتولوس (02401]05 1]3005:آ .©) الذى شغل 
منصب القنصل عام 2 ق. مم وكان همزة الوصل فيما بين أعضاء دائرة 
مر ل احبر امنا يا بر لحي خ 01 
جاللوس روسكيوس ال ممثل المشهور والفنان القدير وقد وصلت إليناء والأآخرى 
لا نعرف عنها شيئًا. وكان كاتولوس خطيبا مفوهاء كتب خطبة تأبينية لأمه 
بوبيليا فكرم المرأة الرومانية أجمل تكريم . وفي مرحة متقدمة صار راعيا 


104 


كاتوللس وحركه التحجديد السكندريه 


للآأدب والفن. 

ومن بين المجددين نذكر لايفيوس- الذي يعرف أحيانا باسيم الشهرة 
ميليسوس (11[15505 115أ1:316]) . وتنسب إليه قصيدة «ألاعيب الحب الحسي» 
التي تقدم ذكرها في نهاية الباب السابق وتعود إلى السنوات الأولى من 
القرن الأول ق. م وهي قصائد غنائية خفيفة؛ وتنسب للشاعر عناوين 
أخرى من المرجح أنها عناوين قصائد بالديوان نفسه. فهناك عناوين«أدونيس» 
و«هيلينا» و«ألكيستيس» و«إيو». وما إلى ذلك من عناوين تجعلنا نفهم هذه 
القصائد على أنها معالجات لقصص الحب الأسطورية بأسلوب خيالي 
وعاطفي أي رومانتيكي. وتحفل هذه القصائد بخليط من الأوزان وتركيبات 
لغوية غريبة أو مستحدثة بما في ذلك صبغ التصغير المتكررة. وضي قصيدة 
العنقاء («ندءهط2). يبدو أن لايفيوس قد أحيا الحيلة الفنية الهيللينستية: 
أي أن تشكل أطوال الأبيات في القصيدة الواحدة شكلا ما. وهكذا يتضح 
أن لايفيوس كان مهما في تقنيته ومضمون أشعاره باعتباره رائدا لحركة 
التجديد السكندرية بروما. وهناك سمات مشتركة بينه ويين كاتوللوس: 
ولكن نظرة متعمقة كفيلة بأن تضع أيدينا على بعض نقاط الاختلاف. 
ويقول روس (01.1055) إنه لا جدال في أن لايفيوس يمثل همزة الوصل بين 
التيار السلفي والتيار التجديدي في الشعر اللاتيني: ولكن القول إن كاتوللوس 
يدين له بالكثير أمر يحتاج إلى تمحيص. 2) 

عندئذ شاعت في الشعر اللاتيني كلمات إغريقية كما تشكلت كلمات 
لاتينية على نمطهاء واستخدمت هذه وتلك بناء على قيمتها الموسيقية في 
المقاح الأول واضيف الحرفان الافريقيان (808 إن الأتجدية اللاتنية, 
أما بالنسبة للوزن السداسي فقد اعتاد الشعراء أن ينهوا البيت نهاية سكندرية 
ناعمة أي سبوندي مزدوج (--/--). ومن الواضح أن الشعراء وجمهورهم 
أصبحوا أكثر حساسية من ذي قبل فيما يتعلق بموسيقا الكلمة مما أدى 
إلى زيادة العناية في اختيار المفردات وترتيبها في الجملة الواحدة. 

بيد أن هذه الشفافية الجمالية لم تصرف الشعراء عن المشاركة في 
الحياة العامة فكان كالفوسسر(021705 5نائهزه11 .0) الذي عاش فيما بين عامي 
2 و 47 ق. م وكذا كورنيفيكيوس (110105م00 .0) الذي مات في أوتيكا أو 
بالقرب منها عام 42 ق. م ينظمان مليحمات عن قصص الحب الأسطورية 


الأدب اللاتينى 


وينهجان نهج المدرسة السكندرية؛ ولكنهما في الوقت نفسه كانا يشغلان 
المناصب العامة والهامة ويكتبان الخطب السياسية والبلاغية بالأسلوب 
الأتيكي التقليدي. وكان كورنيفيكيوس وهيافيوس كينا سالف الذكر-من أنشط 
مجموعة الشعراء المجددين في عالم السياسة الرومانية؛ فهما من أتباع 
يوليوس قيصر. ونظم كاتوللوس وكالفوس وغيرهما من هذه المجموعة 
قصائد سياسية شكاذ ومضهونا : ومع ذلك هإن الشعراء التجددين لم ينثموا 
إلى حزب واحد بعينه بل إن بعضهم أحدث تغييرا في موقفه السياسي مثل 
فوريوس بيباكواس (5نااناء81 .5) الذي تحول من خصم عنيد ليوليوس 
قصر إلى مؤيد شديد الحماس وغزير الدعاية له ولسياسته. 

ويمكن أن نضع على رأس هؤلاء الشعراء المجددين فاليريوس كاتو ( .5 
0 ونانرء[ة1) الذي ولد فيما بين عامي 100 و90 ق. م وتتلمذ عليه كينا 
وفوريوس بيباكولوس وغيرهما من أعضاء مدرسة المجددين. ولم يبق لنا 
من أشعاره شيء يذكر وإن كانت تنسب إليه قصائد أو ملحمات بعنوان 
«ليديا» (1:3:412) و ديانا (دصهزط) أو ديكتينا (2صدرزءزط) وكلها قصائد قصصية 
في أساطير الحب على ما يبدو. وعنه قيل هذا القول المأثور: «إنه الشاعر 
الوحيد الذي يقول ويفعل». وكان قد فقد ثروته الموروثة عن أسرته من 
جراء قوانين العزل السياسي التي أصدرها سلاً. فشرع يكسب قوت يومه 
كمدرس وظل محتفظا بكبريائه. وعلى أي حال لقد درت عليه الدروس 
أرباحا طائلة. وصلتنا قصيدة له بعنوان «السخط» وهي ذات محتويين 
خاض وشخصي. 

يعد كالفوس من أكثر مجموعة المجددين تقلبا في الشعر والسياسة: 
فهو الذي نظم قصيدة رئاء لزوجته؛ وله أغنية من أغاني الزفاف جنبا إلى 
جنب مع القصائد السياسية التي هاجم فيها كلا من بومبي وقيصر. أما 
بيباكولوس ضعندما أراد أن يمتدح قيصر-وكان قد هاجمه من قبل بشدة- 
نظم ملحمة حولية سماها «حوليات الحرب الغالية». ولعل مجرد التفكير 
في نظم ملحمة حولية يعني أنه تمرد على اتجاه التجديد في الشعر وعلى 
ماضيه الفني. ولكن هذا لا يعني أن تقلب هؤلاء المجددين قد أدى إلى 
نكسة في اتجاههم الرئيس. فلقد أينعت التجربة في النهاية وهذا ما سنراه 
في أشعار كاتوللوس. لكن تنبغي الإشارة هنا إلى أن شيشرون نفسه في 


1١006 


كاتوللس وحركه التحجديد السكندريه 


بواكي ن إتتاجهالشعرى مل قصيدةااراقومن»» ودظيون القاونب (ومتع وض !68 
ظهر وكأنه واحد من هؤلاء المجددين. وكانت عودته للتراث القديم إن في 
شعره وإن في أحكامه النقدية بدوافع وطنية وأخلاقية. ذلك أنه بالنسبة 
الشيشتووق تمدن الطعن لعية جمالئة ولكنه عمل سؤول أى ملقم باتصناك 
العام ورضاهية المجتمع. 

وعلى النقيض من شيشرون كان ترنتيوس غارو (مسه؟؟ دنشمعيه؟ ,5) 
الذي عاش فيما بين عامي 82 و37 ق. م. فهو الذي نظم ملحمة عام 55 ق. 
على نيف مكوليا كن [كبو ولكن يعذوار>«الخرب السك ونيا انبية إلى 
سيكوانا (دصددوء5) وهو نهر السين الحالي. ثم عاد وتحول إلى النموذج 
السكندري فنظم ملحمة «بحارة السفينة أرجو» على نمط «الأرجونوتيكا» 
لأبولارنيرين الترودسى وان كان هذا ادوع نتسه يخارل تعليد واجياء 
القديم بالنسية للعصر السكتدرى: الهم آن يعضن الشدرات المعبشية هن 
«بحارة السفينة أرجو» تثبت أنها تفوقت على النموذج:؛ ولا سيما في 
المقطوعات الوصفية؛ أي وصف الطبيعة بصفة خاصة. 

لم يصلنا النتاج الكامل لأي من هؤلاء الشعراء فيما عدا قصائد كاتوللوس 
(كناالتطة© كسشتعلة7؟ .0) الذي ولد في فيرونا (هدمه17) عام 84 ق. م تقريبا. 
كان أبوه صديقا مقربا ليوليوس قيصر الذي كان يحب الإقامة في بيت 
عائلة كاتوللوس كلما زار المنطقة. ذهب كاتوللوس يتعلم في روما من الصباء 
وكان يقضي معظم أوقاته هناك ولا يزور فيرونا مسقط رأسه إلا لماما .كان 
كافوالرين بطوعة يمرل اتبوفصباهية ايقاء الطيكقة الأريستغ را طرق وبع ذللت 
كان شعو بالراعة مددها خضي ارخف ميسو اطفيه كان خاليا علي 
الضفة الشمالية لنهر البوء وأبرزهم كورنيليوس نيبوس أول كاتب للسير 
بائلقة اللافيتية والشاعرين اللجددين كالفوس وكين وذكل >كالقوسن هانجم 
كالرللودن كل زجال الاتقادف الفاققي الأولر و اتتاميم بارا شل متدرمة يعدم 
خاصة على الضابط المسمى 5058 (#تتناحتة]8) الذي استغل تقريب قيصر 
له لكي يجمع ثروات طائلة . وكان كاتوللوس يكرهه كراهية عمياء لأنه سلبه 
شيعه كاردا البسسييا) > الى تنموك منها بالتتصيل- به | نوكم يكات لوس 
إل أن يفظم آبياما بيجو هيه هذا القارس وقيضر ويقيمها بالشدوة حيتت 


يقول: 


107 


الأدب اللاتينى 


«مامورا وفيصر المنحرفان 

كأنهما توأم في الرذيلة شريكان 

لهما أمجاد في ميدان الحب 

ونفس الفراش يقتسمان». 

واشتكى قيصر من أن سمعته قد عانت «ندبة لا تزول» من جراء هجوم 
كاتوللوس الساخر عليه في قصيدتيه (رقم 29 و 57) فاعتذر كاتوللوس -كما 
يروي سويتونيوس*- ولما علم قيصر بذلك دعاه في اليوم نفسه إلى الغداء. 
وفي وقت لاحق عوض كاتوللوس قيصر بقصيدة امتدحه فيها (رقم 1١‏ 9- 
12) وقال مشيرا إلى أمجاد قيصر: 

«أن له (أي كاتوللوس) أن يخترق جبال الآلب العالية 

ليشهد آثار قيصر العظيمة نهر الراين الغالي والممر البحري الصعب 

والبريطانيين في أقصى الغرب». 

كان كاتوللوس على صلة ودية بكل من الخطيب هورتينسيوس (المولود 
عام ١14‏ ق. م). وفي إحدى قصائده يتوجه بالشكر إلى شيشرون ريما 
لجميل قدمه له الأخير مع أن نغمة التقريظ العالية تشي بشيء من السخرية. 
وفي الواقع لم يحفل كاتوللوس كثيرا بالمناصب العامة ولا بالحياة السياسية 
وفضل أن يعيش حياته الخاصة؛ وأن يتمتع بوقت فراغه (د0) وإن كان 
قد أعطى من نفسه الكثير لعلاقاته الاجتماعية وصحبة الأصدقاء وخفقان 
القلب حبا ولنبض الفؤاد شعرا . ويقع نتاجه الشعري فيما بين عامي 60 و55 
(أو 54 ق.م). 

ومما لا شك فيه أن الذي ارتفع بكاتوللوس فوق أقرانه من أبناء جيله 
هوقوة وعمق تجربته. إذ عاش كاتوللوس قصة حب عنيفة مع سيدة رومانية 
هي كلوديا أخت نقيب العامة بوبليوس كلوديوس بولكيرء وزوجة كوينتوس 
كايكيليوس ميتيللوس كيلير. ويتحدث عنها كاتوللوس في أشعاره باسم مستعار 
هو ليسبيا (6153و1.6) المشتق من جزيرة ليسبوس (1.68605) اليونانية ومسقط 
رأس ساقو. كان جمال كلوديا وثقافتها من الذيوع والشهرة بقدر سلوكها 
سيئ السمعة: حتى أن شيشرون قد سجل لها صورة شائنة في خطبته 
«دفاعا عن كايليوس» (026110 2:0) . وفي قصائد كاتوللوس الموجهة إلى 
ليسبيا نتقلب مع الشاعر على جمر الألم والعذاب من ناحية وجنات السعادة 


كاتوللس وحركه التحجديد السكندريه 


والنعيم من ناحية أخرى؛ وذلك حسبما يتعرض له في الحب. ونستمر 
معهما هكذا حتى نهاية المطاف عندما يذهب كل منهما في طريقه. وتتوطن 
في القلب آلام الجرح ويسود الحزن وتدوم الذكرى الموجعة. والمدهش أن 
كاتوللوس استطاع-رغم هذه المباشرة السافرة في التداول-أن يسمو بتجربته 
إلى آفاق الفن المتقن. وفي عام 56/57 ق. م يرحل كاتوللوس مع كتيبة 
ميميوس البرايتورية إلى ابيثينيا في آسيا الصغرى وهناك يزور قبر أخيه 
بمنطقة طروادة. وريما كان بذلك يسعى إلى نسيان كلوديا (ليسبيا) أو ريما 
كان يسعى إلى تحسين أحواله المادية. بل لعله كان يسعى وراء منصب 
سياسيء وعلى أي حال فإن الرحلة لم تسفر عن شيء من هذا قط ومات 
كاتوللوس عام 54 ق. م في سن الثلاثين. 

وتضم مجموعة أشعار كاتوللوس ١١6‏ قصيدة. يضم القسم الآول منها 
قصائد قصيرة-يسميها كاتوللوس نفسه «صغائر»-منظومة في أوزان مختلفة. 

ويضم القسم الثاني قصائد أطول وذات طابع ثقافي. أما القسم الثالث 
فيتكون من إبجرامات في الوزن الإليجي الثنائي. والمجموعة ككل مهداة 
إلى كورنيليوس نيبوس. وخارج نطاق هذه المجموعة بقيت لنا من كاتوللوس 
قصيدة عن بريابوس الإله العربيد حامي حمى الغابات والحدائق. ويالاحظ 
أن كافة أشعار كاتوللوس قد رتبت في المجموعة على أسس جمالية شكلية 
لا علاقة لها بالتاريخ الذي قيلت فيه كل قصيدة. 

المهم بالنسبة لنا الآن أن نوضح كيف أن كل سمات حركة التجديد 
السكندرية في الشعر اللاتيني متجسدة في قصائد كاتوللوس. وتدخل في 
ذلك بالطبع الموضوعات المفضلة لدى رواد هذه الحركة أي الحب والصداقة, 
ووصف الطبيعة؛ والنقد السياسيء والهجائيات الخاصة؛ وأغاني الزفاف, 
والمراثي وكل ما يمكن تسميته شعر المناسبات. وفي قصائد كاتوللوس الغنائية 
وإبجراماته تبرز المباشرة على نحو فريد . فمثلا لا تقل قصيدته في فيصر 
عن أشعاره إلى ليسبيا من حيث روح المداعبة والخصوصية. علاوة على أن 
أحدا لا ينازع كاتوللوس في مرارة نقده وهجائه. وإذا كانت مفرداته ثرية 
متنوعة عندما يتناول أرق الأحاسيس وأكثرها دفئا وصراحة: أي الحب. 
فإنه أيضا يمتلك نبعا لا ينضب معينه من الثراء اللفوي وهو يتناول أخشن 
الأمور وأفظعها. نعم فمن الواضح أن مشاعر الحب والكراهية وانفعالات 


109 


الأدب اللاتينى 


الرضا والسخط كانت عنده متساوية فى وفتها وشدتها. فلم يستطع أن 
يتخلض مخ :وطاتها وتغلها الى لا يحتمل إلا بقول الشمر: 

بيد أن هناك بعض القصائد القليلة التى تشكل فيما بينها مجموعة 
خاصة من حيث الهدوء والرزانة . كتلك القصيدة التي يهدي فيها كاتوللوس 
قاربه القديم إلى ابني جوبيثر التوأم كاستور وبوليديوكيسن (تتتاعوم1ط)؛ 
وكذا القصيدة التي يتقدم فيها بالتحية إلى النتوء الجبلي سيرميو على 
بحيرة بيناكوس) جاردا الحديثة. (وفي هذه المجموعة ينبغي أن نضع قصيدة 
«وداعا والى اللقاء» التى وجهها إلى أخيه فى قبره. فالحزن العميق الذي 
يعبر الشاعر عنه هنا يتسم بالرزانة على نقيض الحزن العنيف في مرثية 
أليوس. 

أما القصائد الطويلة في القسم الأوسط من المجموعة فإنها تظهر 
كاتوللوس كشاعر مثقف. فالمللحمة الصغيرة (رقم 4) عن زواج بيليوس 
وثيتير تدور حول محورين: الأول البساط القيم الذي رسمت عليه أسطورة 
نيسيوس وأريادنى (الأبيات 264-50). وأغنية ربات القدر ياركاى (عدعندم) 
التى تتكرر فيها اثنتا عشرة لازمة غنائية (الأبيات 381-323).. وانقلب الوصف 
البسيط هنا إلى سرد لقصة كاملة داخل القصة الأسطورية الرئيسة. والهدف 
هو المقارنة بين الحب المحظوظ والحب التعيس المنكوب من جهة. وبين 
الوفاء والخيانة من جهة أخرى. وحتى يومنا هذا لم يتعرف العلماء على 
النموذج الأصلى-الإغريقى الكلاسيكى أو السكندري-لهذه القصيدة. وربما 
أستخدم كاتوللوس موضوعات «وموتيقات» وتقنيات شعراء الإسكندرية ولكنه 
في النهاية ابتدع شيئًا جديدا . وفسر بعض العلماء هذه القصيدة على أنها 
معالجة موضوعية أي تعبير غير ذاتي عن تجربته الذاتية وهى قصة حبه 
مع ليسبيا. والثقافة الظاهرة في هذه القصيدة لا تشكل هدفا مرصودا من 
قبل الشاعرء ولا هي بالقدر الذي يفسد الفن والشعرء أي أنها لا تزيد عن 
المعقول المقيول . 

لقد نظم كل الشعراء المجددين-كما هو متوقع-ملحمات. نستثنى من 
ذلك فوريوس بيباكولوس وتيكيداس (111085). أما كورنيفيكيوس فقد نظم 
ملحمة يعنوان «جلاوكوس» (5تاعننلة0[1) . وبالنسية لكاتوللوس نجد قصيدة 
«زواج بيليوس وثيتيس» أطول أشعاره وأكثرها طموحا فهي رائعته بحق. 


كاتوللس وحركه التحجديد السكندريه 


حقا لم يمض كاتوللوس تسع سنوات في نظمها كما فعل كينا في ملحمته 
«أزميرنا»-ومع ذلك فمات المؤكد أنها قصيدة ليست نتاج حالة انفعالية 
واحدة أو تجربة سريعة؛ وإنما هي قصيدة مدروسة ومعتنى بها ومخطط 
لها سلفا. وتعد نموذجا جيدا للفن المصنوع بدقة؛ أي صناعة الشعر على 
الطريقة السكندرية. 

وإذا كانت معظم قصائد كاتوللوس الصغيرة تبدأ بخطاب موجه لهذا 
الصديق أو ذاك فإننا نجد الشاعر يبدأ قصيدة «زواج بيليوس وثيتيس» 
كذاية محتلفة تاها إذ يقول: 

«ذات مرة فوق قمة جبل بيليوت ولدت أشجار الصنوير 

ويقال إنها سبحت هناك عبر أمواج نيبتونوس 

إلى مياه.كاسيسن زخدود: اللك أنينيس»:. 

هنا نلمس الإبعاد الملحمي المعروف والمسافة المتعارف عليها بين الشاعر 
المؤلف للملحمة والقارئ أو المتلقي بوجه عام. وهذا يناقض بدايات القصائد 
القصيرة لكاتوللوس حيث تبدأ بخطاب مباشر يمكن أن يستهل به شيشرون 
إحدى رسائله إلى أقاربه أو أصدقاته المقربين. ولعل هذا الإبعاد المللحمى 
الاستهلالي في قصيدة كاتوللوس يذكرنا بالآبيات الأولى الملحمة تفيكالي: 
(110216) لكاليماخوس والتي قلدها كل من ثيوكريتوس و موسخوس. 

إن قصيدة «زواج بيليوس وثئيتيس» تبلغ من التعقيد حدا يمكن القول 
معه إن الشاعر ما كان لينظمها على هذا النحو ما لم يرسم لها خطة 
مسبقة. ونضيف إلى ذلك رأينا بأن القارئّ الدارس عليه أن يفعل الشيء 
نفسه وهو يهم بالاطلاع على هذه القصيدة الملحمية. ففي الأبيات من -١‏ 
0 يشرع بحارة السفينة أرجو في الإبحار. وتخرج عرائس البحر بنات 
نيريوس فيقع يليوس في الحال عاشقا لسيدتهن ثيتيس. وفي الآبيات |3- 
9 يتم الزواج بين العاشقين في فرسالوس حيث يحضر حفل الزفاف 
ضيوف من البشر. وفي الآبيات 264-50 تروي قصة ثيسيوس ى وأريادني 
وانتحار أيجيوس وكيف أنقذ باكخوس أريادني من فوق الجزيرة المهجورة 
ديا (215). وهذه كلها أساطير مرسومة على البساط الذي فرض فوق سرير 
عرس بيليوس وثيتيس وتلك هي الذريعة الفنية لسرد هذه الأساطير. وضي 
الأبيات 302-265 يعود كاتوللوس إلى موضوعه الرئيس أو بيت القصيد 


الأدب اللاتينى 


حيث يغادر حفل العرس الضيوف الأرضيون من أبناء البشر ويحل محلهم 
الآلهة الخالدون. وفي الأبيات 381-303 تتغنى ربات القدر-العجائز-بأغنية 
زفات يمدحن قيها الابن المنتظر كثمرة لهذا الزواج؛ أي أخيلليس. وضي 
الآبيات 408-382 يترك كاتوللوس الوهم الشعري ليتأمل في مرارة سوء 
الأحوال السائدة في عصره. فينعى تدهور الأجيال بسبب ضياع الإيمان 
والآمان. 

ولقد ترجم كاتوللوس قصيدة كاليماخوس «خصلة شعر بيرينيقي» التي 
لم تصلنا ولم تعرف إلا على ظهر بردية تحمل شذرة منهاء وأهدى كاتوللوس 
الترجمة إلى هورتينسيوس. ومن الواضح أن كاليماخوس قد صار هو الزعيم 
الكلاسيكي لفن الشعر اللاتيني غير الكلاسيكي أي التجديدي. فهو النموذج 
المثالي للأناقة السكندرية التي من دونهاء ربما ما كتب الكثير من شعر هذا 
الجيل الذي نتحدث عنه والجيل التالي له. 

وفي قصيدة أتيس (4015) يقلد كاتوللوس كاليماخوس. وتحتل هذه 
القصيدة مكانة خاصة لا بوصفها تجربة رائدة وناجحة بل بفضل قيمتها 
الأدبية. فوصف الطقوس الجزلية الشرقية في الجزء الأول من القصيدة 
يتناقض تناقضا مثمرا مع شكوى أتيس المخصي في الجزء الثاني منها. 

وتبدأ مجموعة القصائد الطويلة بقصيدتين من أغاني الزفاف: الأولى 
منهما منظومة بمناسبة زفاف مانليوس توركواتوسء وفينيا أورونكوليا (دنهة؟ 
نءسنهسراة) . وتمزج هذه القصيدة بين بعض سمات الأشعار الرومانية 
الفسكينية القديمة من جهة والأسلوب الإغريقي التقليدي من جهة أخرى. 
وآخر القصائد الطويلة هي «مرثية أليوس» حوالي 68 ق. م. وبرغم حالة 
الحداد التي كان يمر بها كاتوللوس حزنا على موت أخيه وفقدان حب 
حبيبته؛ وبرغم أنه كان بعيدا عن كتبه التي لا يستغني عنها وهو يؤلف 
قصائد ثقافية الطابع والخلفية فقد رأى أنه من الضروري أن يرد جميل 
صديقه الذي طاما التقى في منزله بحبيبته ليسبيا. إنه يذكره بآيام الحب 
الصافية التي مرت كسحابة صيف بسرعة مثل أيام لاؤداميا التي فقدت 
حبيبها في طروادة وهو بروتيسيلاؤس. وهناك أيضا في طروادة يرقد أخو 
كاتوللوس في قبره الذي زاره الشاعر وعاد لتوه إلى أرض الوطن. هذه هي 
خلفية القصيدة الرثائية وذاك هو محورها وإطارها. بيد أنه في نهاية 


كاتوللس وحركه التحجديد السكندريه 


القصيدة يعود إلى حيث بدأ فيقف ليودع-لا أليوس الذي يرثيه-بل ليسبيا 
التي ضاعت من بين يديه. وتسبق قصيدة كاتوللوس هذه الإليجية الذاتية 
التي برع فيها الشعراء الرومان-كما سنرى-» كما أنها تعد من الإيداع الخالص 
لصاحبها. وفى هذا الاتجاه تسير بعض إبجرامات كاتوللوس التي وصفت 
بحق أنها إليجيات قصيرة. ولعل أكثر أجزاء القصيدة تأثيرا هو النهاية 
التي تأخذ شكل ما يشبه الصلوات الدينية. 

وأدخل كاتوللوس في الشعر اللاتيني المقطوعة السافية؛ إذ ترجم قصيدة 
مشهورة لسافو. وفي مرارة حادة اختار شكل المقطوعة السافية لوداع ليسبيا 
الأخير. وجدير بالذكر أن ليسبيا الاسم المستعار يقابل ولوازي عروضيا 
الاسم الحقيقي كلوديا. ولكن الاسم ليسبيا ريما يشير بطرف خفي إلى 
الحب المشترك لسافو شاعر ليسبوس الذي ربما جمع قلبي كلوديا وكاتوللوس 
لأول مرة. برع إذا كاتوللوس في صياغة المقطوعات السافية وان كان قد 
أظهر مهارة أيضا في نظم المقطوعات الأيولية. وذلك في «النشيد إلى 
ديانا»» وفي أغنية زفاف. ولكنه على أي حال ترك لهوراتيوس مهمة الهيمنة 
الكاملة على هذه المقطوعات الأيولية وضمها نهائيا إلى الممتلكات الأدبية 
الرومانية. وإذا كانت القصيدة الإليجية السردية قد نظمت من قبل بقلم 
كاليماخوس وفيليتاس وهيرميسيأًناكسء؛ وإذا كان بروبرتيوس نفسه قد 
اعترف بفضل كاليماخوس وفيليتاس فإن الإيجرامات الإليجية الصغيرة 
هي التي قدمت للشعراء الرومان النموذج الصحيح لكي يقيموا عليه نوعا 
جديدا من الشعر الذاتي. 

ولعل من المناسب الآن أن نتعرض لموقف شيشرون من حركة التجديد 
السكندرية. ليس شيشرون شاعرا فحلا ولكنه يحتل في تاريخ الشعر أهمية 
أكبر مما يعترف له به فى العادة. فلا أحد يفوق شيشرون إحساسا بالإمكانات 
الإيقاعية في اللغة اللاصنية. وقد للا يكون سوه حيدا ولكن الشذرات 
المتبقية من ترجماته عن أصول إغريقية لها أهمية قصوى في تاريخ الأدب 
اللاتيني ولا سيما ترجمة الظواهر لأراتوس. وكانت هذه الترجمة من نتاج 
سني شبابه. وعرف لوكريتيوس هذه الترجمة وقلدها. وتظهر لنا هذه 
الترجمة شيشرون-الذي تحفظ على الحركة التجديدية السكندرية في الشعر 
اللاتيني-شاعرا مجدداء بل رائدا في مجال التجديد على نحو أكبر مما 


الأدب اللاتينى 


يعزى للايفيوس نفسه . فالمجددون كانوا يركزون على الحرقية الكاليماخية. 
والوزن السداسي الذي استخدمه شيشرون يبدو أشد صقلا منه عند إنيوس 
ولوكريتيوسء وأقرب إلى روح كاتوللوس. 

يقول شيشرون حوالي عام 6 4 أو45 ق. م: إن إسقاط حرف أل 5 في 
نهاية الكلمات كان يوما ما علامة من علامات الحديث الراقيء ولكنه الآن 
أصبح سمة من سمات الحديث الريفي الذي يتهرب منه الشعراء الجدد0© . 
وجدير بالذكر أن شيشرون هو أول من أطلق عليهم هذا اللقب. وفي عام 
4 ق. م يشير شيشرون إلى هؤلاء الشعراء مرة أخرى مادحا فضائل 
الشاعر القديم إنيوس حيث يقول مخاطبا إياه: 

«يالك من شاعر فحل ! يقلل من شانه جوقة شعراء يوفوريون»©). فمن 
هم جوقة شعراء يوفوريون (5نه0:0طمنا8 وعدهغمة2) ؟ من المؤكد أن كاتوللوس 
ليس منهم فلقد مات منذ عقد من الزمانء. ولكن ربما يكون بينهم كينا 
صديقه المتحمس لأشعار يوفوريون. لكن من المؤكد أن شيشرون يعني هذا 
الشويعر أو ذاك من مقلدي كينا مثل كورنيليوس جاللوس الذي في أواسط 
العشرينات من عمره ترجم يوفوريون. 

حقا كان كاليماخوس معروفا في روما منذ أيام إنيوس ولكن الذي عرف 
الرومان تعريفا ممتازا بهذا الشاعر السكندري هو بارثينيوس من نيكاياء 
الشاعر الإغريقي الذي أسر في الحرب الثالثة مع ميتريد اتيس وأرسل إلى 
إيطاليا عام 73 ق. م وهناك تم عتقه بسبب علمه وفنهء ومارس تأثيرا 
ضخما على الشعراء المجددين. ويقال كذلك إنه أصبح فيما بعد أستاذا 
لفرجيليوسء ويقال إنه كان في روما بمثابة «نبي المدرسة الكاليماخية» فهو 
كاليماخي حتى النخاع. ومن تلاميذه كينا صاحب ملحمة «أزميرنا» التي 
فرح كاتوللوس بصدورها فرحا غامرا بفضل نكهتها الكاليماخية. يقول 
كاتوللوس: (قصيدة رقم 95): 

«في النهاية صدرت ملحمة صديقي كينا «أزميرنا» 

بعد أن مرت تسع سنوات على ولادة فكرتها 

وستصل «أزميرنا» في رحلتها إلى آفاق أمواج ساتراخوس المتلاحقة: 

وستظل القرون تلو القرون مفعمة بالحيوية. 

أما «حوليات» فولوسيوس فستغرق في مكانها 


1 4 


كاتوللس وحركه التجديد السكندريه 


في نهر البو نفسه حيث تتخطفها أسماك البحر شرائح ممزقة». 

ونظم كاتوللوس قصيدة أخرى (رقم 365) يهجو فيها «حوليات» 
فولوسيوس المسكين هذا (كنأكنآه170) وهي الحوليات التي ل انعرف عن 
موضوعها أو صاحبها شيئا آخر. على أي حال ففي الأبيات المقتطفة مقارنة 
سافرة بين نهر البو العريض والمعروف بغزارة طميه وأوساخه الطافية (مثل 
النهر الآشوري في النشيد الثاني لكاليماخوس والذي يرمز به إلى فن 
خصومه) من جهة ونهر ساتراخوس السريع والصافي من جهة أخرى. 

وجدير بالذكر أن قصائد كاتوللوس الغزلية الموجهة لليسبيا مفعمة 
بالإشارات السياسية. فهي تعده بالحب (:70:ث)؛ وهو يحلم بالحصول منها 
على «رباط الصداقة المقدس والدائم». فالعبارات «رباط الصداقة» و«الأمانة» 
أو «الثقة» و«الأمين» أو «الصادق» و«الظلم» و«البر» «أو الشعور بالواجب» 
و«البار» أو «الذي يلتزم بواجباته» و«الواجب» و«فعل الخير» و«النية الطيبة». 

كل هذه العبارات والمفردات التي يستخدمها كاتوللوس بكثرة في غزلياته 
لها ظلال سياسية لا تخطتها العين من أول نظرة. وبالنسبة لنا نحن العرب 
فإن نزار قباني هو أقرب الشعراء المعاصرين لما يرمز إليه كاتوللوس في 
الشعر اللاتيني . 


لوكريتبوس شاعر الأنقورية 


تضاربت الآراء حول كل ما وصلنا من معلومات 
عن حياة تيتوس لوكريتيوس كاروس. على أن ما 
وصلنا عن هذا الشاعر قليل للغاية. تقول التواريخ 
التقريبية انه عاش سن عام 4ة إلى عام 55 قن : 
ومن المفترض أنه ينتمي إلى عائلة أرستقراطية 
هي أسرة اللوكريتيين التي تذكر أسماء بعض 
أفرادها في التقويم على أساس أنهم تقلدوا مناصب 
عامة. ولكن هذا الافتراض دحضته مؤخرا آراء 
أخرى تقول إن لقب الشاعر كاروس ليس من ألقاب 
الآسر النبيلة ولكنه لقب يطلق على العبيد أو 
المعتقين. بل ربما كان هذا اللقب صورة رومانية 
لاسم كلتي الأصل. وعلى هذا فمن المحتمل أن يكون 
لوكريتيوس عبدا في الآسرة اللوكريتية أعتق وحمل 
اسع العائلة وخر ها ظهن هخ الآراء وهم طعفية 
يزعم بآنه لوكريتيوس ولد في إقليم كامبانيا حيث 
كان يمتلك هناك مزرعة بالقرب من بومبي وتلقى 
دروسا في الأبيقورية بمدينة نابلي ثم جاء روما. 

ما نعلمه بيقين عن لوكريتيوس هو أنه كان 
صديق_ أو من رعايا-جايوس ميميوس راعي 
كاتوللوس شاعر الغزل وكينا. فإلى ميميوس هذا 


117 


الأدب اللاتينى 


يهدي لوكريتيوس قصيدته «في طبيعة الأشياء» (11203:2 ستنح :1 ء2) . وهناك 
سيرة للوكريتيوس جاءت في مقدمة إحدى المخطوطات المحفوظة بالمتحف 
البريطاني؛ وجاء في هذه السيرة أن الشاعر كان من الأصدقاء المقربين 
لدى أتيكوس وشيشرون وكاسيوس وبروتوسء ولكن هذه السيرة برمتها 
مشكوك في صحتهاء وتعزى إلى جيروم رواية شائعة. وهي التي تقول إن 
لوكريتيوس قد تناول شرابا سحريا للحب فأصابه بالجنون. وتمضي الرواية 
نفسها لتقول إن الشاعر كان ينظم قصيدته في فترات شفائه أو صفائه 
وإنه في النهاية انتحر. ويتخذ مؤيدو هذه الرواية من هجوم لوكريتيوس 
على الحب في الكتاب الب تيم يدعم موقفهم ويقوي حجتهم, 
بيد أن القصيدة ككل لا 5 تشي بأي حالة من الجنون يمكن أن تكون قد 
أصابت ناظمها . وجيروم أيضا هو الذي أذاع القول أن شيشرون كان قد 
قام بتعديل أو تصحيح القصيدة وهذا ما لا يعني سوى أنه قد قام بإعدادها 
للطبع بعد وفاة مؤّلفها. 

و«في طبيعة الأشياء» هي المؤلف الوحيد للوكريتيوس ويقع في ستة 
كتب يشرح فيها صاحبها الفلسفة الأبيقورية. ويهدف لوكريتيوس بصورة 
رئيسة إلى القضاء على المخاوف والخزعبلات الدينية حول تدخل الآلهة 
في حياة البشر على الأرض وتعذيبهم بأبشع ألوان العذاب في الحياة الأخرى 
بعد الموت. إنه يشرع فعلا في تبديد تلك المخاوف والخزعبلات بالقول إن 
أمور الكون تسير آليا بقوانين موجودة في الطبيعة نفسهاء وإن الروح مادة 
تفنى بفناء الجسد . وبتناول لوكريتيوس بالتفصيل تفسير النظرية الذرية 
للكون؛ أي أن العالم مكون من ذرات: وهي نظرية كان قد ورثها أبيقور(|34- 
0 ق. م) عن ليوكيبوس (النصف الثاني من القرن الخامس) الذي لا يمكن 
أن نفصله عن ديموكريتوس من أبديرا (ولد عام 460 أو 457 ق. م) . ويتعرض 
لوكريتيوس بين الحين والحين للنظرية الأخلاقية عند أبيقور أي أن اللذة 
(كةأمناه) باليونانية (عدملعط) هي غاية الوجود. أما بالنسبة للنظرية 
الأبيقورية في الخلق فتقول إن الذرات لا حصر لها وإنها تتحرك في فضاء 
لا نهائي: تتحد بالحب فتتخلق الأشياء وتنفصل بالكراهية فتتدمر. الفلسفة 
الأبيقورية إذا كما ينقلها لنا لوكريتيوس فلسفة مادية؛ ولكنها ليست مثل 
فلسفة ديموكريتوس حتمية؛ فهي تسلم للإنسان بحرية الإرادة التي بناء 


لوكريتيوس شاعر الابيقوريه 


عليها يحدث رد فعل عفوي في حركة الذرات (راجع الكتاب الثاني أبيات 
293-6). 

لكن دعنا نوجز في عجالة محتويات الكتب الستة لقصيدة «في طبيعة 
الأشياء» حتى يتسنى لنا أن نناقش هذا المضمون الفلسفي في إطار الشكل 
الشعري الذي اختاره لوكريتيوس. يبدأ الكتاب الأول بافتتاحية يخاطب 
فيها الشاعر فينوس ربة الجمال والحب والتناسل. وبعد ذلك يشرح 
لوكريتيوس كيف أن المادة باقية في شكل «الأجساد الأولى» التي هي الذرات 
الصلبة وغير القابلة للانشطارء ومن ثم فهي خالدة. ثم يستطرد ليرفض 
النظام الهيراكليتي (نسبه لهيراكليتوس) والذي يفسر الكون بفكرة العناصر 
الأولية. وللجيب على نظام هيراكليتوس أنه أحاديء أما نظام إمبيدوكليس 
فهو تعددي. ويخلص إلى نتيجة أن الكون ومكوناته (أي الذرات) والفضاء 
بلا حدود أو نهاية. ويبدأ الكتاب الثاني متغنيا بأفضال الفلسفة ثم يعالج 
حركات الذرات وأشكالها وتأثير التفاوت في أشكالها على تركيبة الأجسام 
التي تتكون منها. ويثبت لوكريتيوس أن الذرات لا تتسم بالسمات الثانوية 
العادية مثل اللون» ودرجة الحرارة: أو الصوت والمذاق والرائحة والإحساس. 
وينتهي الكتاب بالحديث عن عوالم مختلفة كيف تتخلق وكيف تتلاشى . 

والروح هي موضوع الكتاب الثالث ولكن ذلك لا يأتي إلا بعد الثناء على 
أبيقور في الاستهلال. ويناقش لوكريتيوس التكوين الذري للروح وعلاقتها 
بالجسد.ء ويتبع ذلك ببراهين عدة على قناء الروح بعد الموت وهو يستمد 
هذه البراهين من حقيقة مادية الروح؛ ومن ثم إمكانية تعرضها للمرض 
وإمكانية علاجها منه. وينتهي الكتاب بنشيد انتصار يتغنى بفكرة هلاك 
الروح بعد الموت لأنها تقضي على كل خوف جنوني من الموت. ومم يخاف 
المرء بعد الموت إذا كان يفنى جسدا وروحا ؟. 

ويبدأ الكتاب الرابع بالرسالة الرئيسة التي يريد لوكريتيوس توصيلها 
للمتلقي وهي تحرير البشرية من الخزعبلات. ويقول إنه يعتقد أن هذه هي 
رسالته كشاعر, ثم يعالج سيكولوجية الحس والفكر. ويدلل لوكريتيوس 
على أن الرؤية البصرية تحدث لأن الصور تخرج من الأشياء وتدخل العين. 
ويعرج على تحليل الاستدلال الكاذب إذا استند على الحس دون العقل لأن 
العقل لا يخطئ أبدا . وفي نهاية هذا الكتاب يتحدث عن وظائف الجسم ولا 


110 


الأدب اللاتينى 


سيما عاطفة الحب التي يدينها بشدة: وهو يعني الحب الجسدي المختلط 
بالألم والذي لا يشبع. فهو عبث لأنه يضعف ولا يقوي ويجعل العاشق أعمى 
حتى أنه يمتدح عيوب المعشوقة على أنها حسنات ومزايا. وهو يقول إن 
النساء جميعا شيء واحد. وهن جميعا يخفين عيوبهن ولو أن عواطف 
الشناء ليمت بالضروزة مضطتعة: والعادة أحياتا تولن اللحب: 

ويكرس لوكريتيوس الكتاب الخامس لظواهر الطبيعة؛ فبعد نشيد المديح 
الاستهلالي مرة أخرى لأبيقور والهجوم العنيف على التفسير اللاهوتي 
للكون يقول لوكريتيوس: «إنه حيث كانت هناك بداية للأشياء فحتما ستكون 
لها نهاية. ثم يصف تكوين العالم ويناقش بعض مسائل الفلك وأصول 
الخضرة والحياة الحيوانية على الأرضء وكذا خلق الإنسان ومراحل تطوره 
الحضاري. 

ويستهل الكتاب السادس والأخير مرة أخرى بالثتاء المستطاب على أبيقور, 
ثم يتناول بعض الظواهر الطبيعية المتفرقة سواء منها الموجودة في السماء 
أو الأرض. فيناقش الرعد والبرق والصواعق والأعاصير البحرية والسحب 
والمطر والزلازل والبراكين وظاهرة النيل والبحيرات المسمومة وعيون الماء 
الساخنة والمغناطيس والأوبئة. ويقوده الموضوع الأخير لدراسة الطاعون 
الذي وقع في أثينا إبان القرن الخامس ق. م؛ وهو الموضوع الذي تنتهي به 
قصيدة «في طبيعة الأشياء». 

ويلاحظ أنه في الكتب الأول والثاني والخامس يخاطب لوكريتيوس من 
يهدي إليه القصيدة ألا وهو «جايوس ميميوس» (وكان في السابعة والخمسين) 
الذي كان يشغل منصب الحاكم القضائي (#ماأعم رم هم) في بيثينيا. ويقول 
لوكريتيوس في القصيدة: إنه أراد بها أن يقنع ميميوس بالفلسفة الأبيقورية 
كوسيلة للتحرر من المخاوف. والطريقة التي يخاطب بها لوكريتيوس هذا 
الأرستقراطي لا تدل على وجود أي فروق طبقية بينهما. المهم بالنسبة لنا 
أن لوكريتيوس يحاول في القصيدة التي بين أيدينا أن يجمل ويسهل الأبيقورية 
لصاحبه فيبسطها في أحلى صورة لها . 

يبدو أحيانا أن لوكريتيوس نفسه يعطي أولوية لمهمته كفيلسوف على 
مهمته كشاعر-(الكتاب الآول؛ الآبيات من 931 إلى 934)-بيد أن البناء المعماري 
العجيب لقصيدته يعد إنجازا في حد ذاته مما يشهد بأنه فنان من الدرجة 


لوكريتيوس شاعر الابيقوريه 


الأولى. إنه كمفكر قد اقتفى أثر أستاذه أبيقور. ولكن المدقق سيرى أن 
محور الاهتمام الحقيقي عنده هو تحرير الناس من خوفهم الغريزي تجاه 
اللوثت. وسيالاحظ القارئٌ إذا أمعن النظر فى القصيدة أن لوكريتيوس قد 
تجنب ذكر النقاط العويصة في فلسفة أبيقور قدر الإمكان. وقد بالغ بعض 
نقاد لوكريتيوس إذ قالوا إن هناك بعض الفجوات فى القصيدة: وزعموا أنه 
نظم بعض الأشعار ولم يتمكن من وضعها في مكانها الصحيح حرصا على 
النسق المنطقي لأفكار أبيقور. وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن 
لوكريتيوس كان شاعرا حقيقيا. وقد لاحظ شيشرون نفسه فيه وميض 
العبقرية. حرص لوكريتيوس في الوقت نفسه على إثراء قصيدته بضرب 
الكثير من الأمثلة واستخدام المجاز المستمد من ملاحظة واعية للعالم. 

ومن حيث الأسلوب يدين لوكريتيوس بالكثير لإنيوس والشعراء الرومان 
القدامى أكثر من دينه للمجددين في عصره أي أتباع الحركة السكندرية. 
وهو يستخدم الجناس والسجع وتراكيب وأشكال قديمة وصفات مركبة. 
وتتأرجح الأفعال عنده فيما بين مجموعات تصريف الأفعال وكذا تفعل 
من فقر اللغة اللاتينية ولا يتردد في اختراع الكلمات كلما اضطره السياق 
إلى ذلك. على أي حال فإن الوزن السداسي في شعر لوكريتيوس يبدو جافا 
بلا رشاقة إذا قيس بما سيصل إليه عند فرجيليوس فيما بعد. وبتحرر 
لوكريتيوس في استخدام هذا الوزن على نحو لن ترضى عنه الأجيال التالية 
له. ومع ذلك فلا ينكر أحد قط على لوكريتيوس براعته في شرح النظرية 
الذوية شعرا ..وتتمتع آبياتة السداسية بالثقل واللهاية: وتسم بالعمق في 
جنبا إلى جنب مع فرجيليوس أو حتى قبله. 

يبدو لوكريتيوس شخصية غريبة في عصره. أما قصيدته «في طبيعة 
الأشياء» فهي درة غريدة في جبين الأدب اللاتيني. كان لوكريتيوس أبيقوريا 
مخلصاء إذ كرس نفسه وموهيته لهذه القصيدة الفلسفية. عزف عن معترك 
الحياة السياسية ليتفرغ لمهمته التعليمية. ولعل من الواضح أن شرح تعاليم 
أبيقور في قصيدة شعرية يعد مخاطرة مزدوجة وغير مأمونة العواقب. 


الأدب اللاتينى 


غفكرة القصيدة الفلسفية كانت أمرا غير معقول بالنسبة لأبيقوري مخلص 
من جهة؛ وأما تنفيذ تلك الفكرة فهو من جهة أخرى يواجه مصاعب لا 
حلول لها . ولقد ساعد لوكريتيوس في التغلب على هذه المصاعب والمخاطر 
أنه لم يلتزم التزاما تاما بالموقف الفلسفي النظري الرافض للشعر. لقد 
كان هو نفسه شاعرا بالسليقة قبل أن يعتنق الأبيقورية. كان ميالا بطبعه 
إلى الكآبة وشعر في داخل نفسه بدافع قوي للتحرر من الانقباضء؛ ووجد 
متنفسا في الأبيقورية التي صارت لديه بمثابة عقيدة يدافع عنها بكل ما 
يملك من حماس. هنا يكمن السر في نجاحه نجاحا منقطع النظير إذ 
استطاع أن يجعل من المادة الأبيقورية الجافة قصيدة رائعة وآية في الفن 
الشعري. إنها من القصائد التعليمية النادرة في العالم القديم والتي ما 
زالت تشد انتباهنا نحن أبناء القرن العشرين. 

وتسوق موهبة لوكريتيوس الشاعرية صاحبها إلى التخلي بين الحين 
والحين عن أهدافه التعليمية ولا سيما في مقدمات كتبه. فالصلاة التي 
يقدمها لوكريتيوس في الكتاب الأول تأتي بمثابة افتتاحية للقصيدة كلها 
ويتوجه بها إلى فينوس ربة الجمال والحب والتناسلء ويثني فيها على 
أستاذه أبيقور. ويلاحظ أن هذه الافتتاحية تجمع بين الشاعرية في أرقى 
صورها والتعاليم الفلسفية في أعمق تعقيداتها. بل إن هذه الافتتاحية 
القصيرةقيبيا كد #ننية التماليع الأنيطوبية الركيسة فى خاق الكو وظبينه. 

وإذا كان المصدر الرئيس للوكريتيوس هو كتابات أبيقور فإن نموذجه 
الفني هو قصيدة «في الطبيعة» لإمبيدوكليس الصقلي (450 ق. م تقريبا). 
فالعلاقة بين قصيدة لوكريتيوس «في طبيعة الأشياء» ومؤلف إمبيدوكليس 
«في الطبيعة» لا يقتصر على المادة بل يتعدى ذلك إلى شكل وروح القصيدة. 
إن نظم قصيدة علمية ناجحة أمر أثار الجدل ضد القدم ولم يحاوله إلا 
القليلون. وسبق أن أوضح أرسطو التناقضات التي يمكن أن يتضمنها مثل 
هذا العمل. وحتى في عصرنا الحديث نجد الشاعر الإنجليزي الرومانتيكي 
شيللي في مقدمة مسرحيته «بروميثيوس طليقا» يصرخ قائلا: 

«كم هو منفر بالنسبة لي ما يسمونه الشعر التعليمي !» ويشرح وجهة 
نظره فيقول: «ما من شيء يمكن الكتابة فيه بطريقة جيدة نثرا إلا صار 
مملا ومترهلا إذا حاولنا نظمه شعرا». وهذا ما دفع العلامة الألماني مومسن 


لوكريتيوس شاعر الابيقوريه 


إلى أن يحذف الجزء الأكبر من قصيدة لوكريتيوس «في طبيعة الأشياء» 
على أنه «رياضيات منظومة في إيقاعات». 

وهناك جدل واسع النطاق حول الهدف من نظم قصيدة «في طبيعة 
الأشياء» من جهة؛ وطبيعة الجمهور الذي يتوجه إليه المؤلف من جهة أخرى. 
ظاهر القول إن الشاعر يخاطب بهذه القصيدة صديقه النبيل ميميوس. 
بيد أن هذا تقليد في الشعر التعليمي له تاريخ قديم ومعروف لأنه موروث 
من هيسيودوس. وخلف ميميوس هذا لا بد من أن نضع المتلقي العام وهذا 
ما يمكن أن تشي به الأبيات التالية (الكتاب الأول أبيات 943- 946: وقارن 
الكتاب الرابعء أبيات 21-18): 

«حيث إن فلسفتي تبدو غير مستساغة لأولئك الذين لم يتذوقوهاء 

وحيث إن عامة الناس يعرضون عنهاء 

فرأيت أن أخاطبك أنت يا ميميوس 

وفي لغة ربات الفنون العذبة أشرح لك نظام الكون». 

فالشاعر كما يبدو لا يخاطب كافة الناس بل خاصتهم: أي الصفوة, 
أولتك القادرين على أن يتفهموا فلسفته وأسلويه. 

وبالفعل تتطلب قصيدة «في طبيعة الأشياء» تعاون القارئّ وتركيزه. ولا 
يرجع ذلك إلى عمق المضمون الفلسفي فحسب. بل إلى التعقيد التقني ضفي 
الإطار الشعري نفسه. ولقد بلغ هذا التعقيد في التقنيات الشعرية أن 
لوكريتيوس لا يتردد في استخدام أسلوب التلميح الضمني أو التضمين 
المميز لحركة التجديد السكندرية في الشعر اللاتيني. وفي الواقع لا يمكن 
تقييم حجم الإبداع الفني في قصيدة لوكريتيوس ما لم نضع في الاعتبار 
دينه الكبير لسابقيه من شعراء الإغريق والرومان. وإذا حصرنا القول في 
الأدباء الإغريق-لا الفلاسفة-سنجد أن لوكريتيوس قد هضم وتمثل كلا من 
هوميروس ويوريبيديس وثوكيديديس وهيبوكرايتس (أبقراط) وكاليماخوس 
وهيميودوس وسافو وأيسخولوس وأريستوفانيس. هذا وقد راعينا الأولوية 
وحجم التأثير على لوكريتيوس في ترتيب هذه الأسماء. 

ومن الطبيعة أن نقرن قصيدة «في طبيعة الأشياء» بالمحاورات الفلسفية 
الشيشرونية التي ترجع إلى الفترة نفسها ولها الهدف نفسه وهو تبسيط 
الفلسفة الإغريقية للمواطن الروماني. بيد أن أسلوب العمل الذي اتبعه 


الأدب اللاتينى 


شيشرون أقل حدة لأنه على وعي تام بطبيعة جمهوره: وهو على أتم استعداد 
لتغيير هذا الأسلوب في سبيل مزيد من التبسيط ولصالح هذا الجمهور. 
أما لوكريتيوس فهو أقل استعدادا لتقديم التنازلات» حتى أننا نجد العناصر 
الرومانية في قصيدته أقلء. بل تبدو ضئيلة أمام العناصر الإغريقية. ذلك 
أن موضوع لوكريتيوس هو «الاكتشافات الإغريقية الغامضة»؛ (الكتاب الأول 
بيت 136): وهو أيضا «أبيقور مجد السلالة الإغريقية»» (الكتاب الثالث بيت 
3. والخلفية العامة للقصيدة إغريقية لا رومانية حتى أن الكتاب السادس 
يبدأ بالثناء المستطاب على أثينا وينتهي بالأسى للطاعون الذي أصابها. 
وأسماء المواقع الجغرافية والمدن الإغريقية المذكورة في القصيدة هي أضعاف 
مايرد من أسماء رومانية. وطقوس العبادة الرومانية تكاد لا تذكر قط؛ فلا 
نجد إلا إشارات عابرة وقليلة لها مثل الإشارة إلى الطقوس الإترسكية: 
(الكتاب السادس بيت ا38) ؛ وعادة تغطية الرأس أثناء العبادة. (الكتاب 
الخامس البيتان ١!!98‏ و :)١١99‏ وطقس عبادة الآباء من الموتى» (الكتاب 
الثالث بيت .)5١‏ 

حقا إنه من غير المفهوم أن الشاعر الفيلسوف الذي شغل نفسه كثيرا 
بقضية الدين لا يتوقف طويلا عند تجربة بني جلدته الرومان في هذا 
التجال هل كان يعتق دبا الإشارة إلى الديانة الرومائيةة فى اقسيي#فلشفية 
تعليمية منظومة في قالب فني سكندري أمر غير مناسب 5 أم تراه أراد 
مخاطبة الرومان على نحو غير مباشرء أي بالحديث عن التجربة الإغريقية؟ 
على أي حال فمن المؤكد أن حرص لوكريتيوس على عدم الخوض في 
التجربة الدينية الرومانية يشي بصورة الجمهور المتلقي الذي استهدفه 
لوكريتيوس وهو ينظم «في طبيعة الأشياء». «إنهم يكدسون الثروات بسفك 
دم إخوانهم المواطنين ويضاعفونها بشراهة فتتراكم أكوام القتلى». 

ما من أحد معاصر للوكريتيوس يقرا هذين البيتينء (الكتاب الثالث 
البيتان 70 وا7) إلا وتقفز أمام مخيلته الأحداث السياسية المربعة, 
والاضطرابات والاضطهادات والمصادرات وسفك الدماء أثناء الحروب 
الأهلية بين سلا وماريوس. بيد أن مثل هذه الإشارات السياسية ليست 
كثيرة في قصيدة لوكريتيوسء. ذلك أن صاحبها لا يزعم لنفسه أنه يؤدي 
رسالة تستهدف إحياء الآمة الرومانية: بل إن دعوته الأبيقورية تنصب على 


1 4 


لوكريتيوس شاعر الابيقوريه 


فكرة الخلاص الفردي. ومع ذلك فعندما نصح أبيقور أتباعه ومريديه بان 
يتجنبوا الصراع السياسي لم يكن يهدف إلى تقويض أركان الدولة وإسقاطها 
في قاع الفوضى. فالنظرية الأبيقورية السياسية تفرق بوضوح بين ما ينبغي 
أن يكون عليه سلوك الفيلسوف من جهة وسلوك عامة المواطنين من جهة 
أخرىء كما أن النظرية الأبيقورية هذه تعترف بأنه لا وجود للسعادة 
والطمأنينة في هذه الحياة ما لم تخضع لسيادة القانون. وبين الرومان 
أنفسهم كان هناك بعض الأبيقوريين الذين استطاعوا أن يوفقوا بين عقيدتهم 
الفلسفية الأبيقورية ومتطلبات حياتهم السياسية العامة. ومن هؤلاء نذكر 
على سبيل المثال لا الحصر جايوس فيلليوس (15أ17116 .0©): ولوكيوس مانليوس 
توركواتوس 2( 

ومشكلة لوكريتيوس أنه ليس فيلسوفا توفيقيا . وقصيدته ليست قصيدة 
سياسية بل إنها لا تعالج موضوعات عصرية؛ حتى أن الوصف الذي تتضمنه 
القصيدة لتطور نظام الحكم (الكتاب الخامس أبيات )١160-1105‏ هو في 
الواقع وصف نظري لا يمكن أن نربطه بمفهوم الرومان حول دستورهم. 
وفي قولنا هذا ما يدحض بعض الشيء تأكيد النقاد الماركسيين الذين 
يبالغون في تفسير المضمون السياسي لقصيدة «في طبيعة الأشياء». فليس 
من المؤكد-على سبيل المثال-أن هجوم لوكريتيوس على الدين كان ينبع من 
موقف يناقض طبقة الأغنياء الذين اعتمدوا في جمع ثرواتهم على المعتقدات 
والخزعبلات الدينية. 

تتلخص فلسفة أبيقور فى مبداً اللذة التى تتحقق فى الحياة البسيطة 
القالية من المافاة والاخرطراه وكواشرهريا الظلمافينة اللاسيةسيه ينيك 
الإنسان بالطبيعة متعة معقولة ومعتدلة. وكذا يتلذذ المرء بدراسة طبيعة 
الأشياء لأنها تضع نهاية لكل المخاوف غير العقلانية أي الخزعبلات التقليدية 
الموروثة. وبالنسبة للوكريتيوس نجده يقول إن من يتغلب على الدين يصبح 
هو نفسه مؤسسا لديانة جديدة منطقية؛ وقد يصبح هكذا منقذا للبشرية: 
ومن ثم فهو في الواقع إله. ويشتد هجوم لوكريتيوس على الدين بحيث 
يصبح هذا الهجوم أحد المحاور الرئيسة لقصيدته حتى أن البعض يعتبره- 
مثل أستاذه أبيقور-ملحدا. 

يعلن لوكريتيوس نفسه أبيقوريا مخلصا لا يشك أحد في إخلاصه هذا . 


15 ل(لاتآطتة]/8 آ) . 


الأدب اللاتينى 


بيد أن قصيدته «في طبيعة الأشياء» ليست صورة طبق الأصل أو نسخة 
باهتة من كتابات أبيقور. فهناك فارق قاطع فيما بينهما ونعني به النغمة 
المسيطرة أو الطابع العام. ومرد ذلك أن لوكريتيوس يختلف عن أستاذه من 
حيث الشخصية والمزاج. فمن بين الذين حدثونا عن حياة لوكريتيوس-وهم 
قلة-يقول جيروم (420-348 م) في «حولياته:< «ولد تيتوس لوكريتيوس الشاعر 
بعد ذلك؛ وأصابه الجنون بسبب شراب سحري للحب. وفيما بين نوبات 
جنونه كتب عدة كتب؛. صححها بعد ذلك شيشرونء ومات منتحرا في سن 
الرابعة والأربعين». وكل جزئية في هذه الشهادة تثير من الشكوك لدى 
الباحثين ما يجعلهم يرفضونها وهو ما سبق أن ألمحنا إليه. 

ولكننا أشرنا إلى شهادة جيروم مراعاة منا لميول من تروق له محاولة 
اكتشاف الفروق النفسية بين لوكريتيوس وأبيقور. لقد راح أتباع مدرسة 
التحليل النفسي يركزون عنايتهم ودراستهم على تشاؤم لوكريتيوس حتى أن 
عالما إيطاليا مثل جيوساني (نمهوودة© .©) يقول: إن الكوميديا الأبيقورية 
عن الطبيعة قد تحولت في أيدي لوكريتيوس إلى ما يقرب من التراجيديا .!) 
وتباينت آراء هذه المجموعة من العلماء المهتمين بتحليل نفسية لوكريتيوس. 
فمنهم من شخص حالته على أنها اكتثاب عادي؛ ومنهم من قال إنها وصلت 
إلى مرحلة اليأس المرضي. ومما لا شك فيه أن كل هذه التحليلات نبعت 
من مقولة جيروم المشكوك في صحتهاء وبدلا من أن تزودنا هذه الدراسات 
بإضاءات مفيدة حول فهم لوكريتيوس ألقت بمزيد من الظلال حوله. وزاد 
الطين بلة أن لوكريتيوس نفسه قد انغمس بين الحين والحين في مسائل 
طبية وسيكولوجية حفلت بها قصيدته مما دفع باحثا مثل إلكسندر دالزل 
(1261ه8.2) إلى القول إن لوكريتيوس هو أكبر فرويدي في الشعر اللاتيني 9" . 
ذلك أنه يذهب إلى ما وراء العقلية البشرية فيحلل الأحلام والجنس والنتائج 
النفسية المترتبة على الشعور بالخوف وعدم الطمأنينة. ففي تحليله الأحلام 
مثلا (الكتاب الرابع أبيات 1036-962) يطرح في البداية» المقولة المقبولة 
والمعقولة وهي أن الأحلام تعكس شيئًا ما في الحياة الحقيقية؛ ثم يستطرد 
لوكريتيوس ليشرح الأحلام الجنسية وأحلام تحقيق الرغبات. وهذا الانشغال 
بالتحليل النفسي مميز للوكريتيوس عن سائر الأبيقوريين. بيد أن من الخطأ 
أن نتخذ هذه الفقرات كدليل على الصراع النفسي في شخصية لوكريتيوس 


1! 6 


لوكريتيوس شاعر الابيقوريه 


نفسه. فانشغاله بالتحليل النفسي انشغال علمي ومنطقي وليس مرضيا أو 
مفرطا. علينا إذا ألا نقع في المبالغة ونجسم الجانب المظلم في شخصية 
لوكريتيوس برغم حديثه المتكرر عن المعاناة والمأساة في الحياة الإنسانية. 
ذلك أن خيط الصرامة والجهامة متصل في الفكر الأبيقوري منذ البداية 
وإلى النهاية. 

وقبل كل شيء ينبغي أن نضع في الحسبان أن الأبيقورية نفسها تنطوي 
على بعض المتناقضات مثل التناقض بين الحرية والقانون من جهة والتناقض 
بين الاعتكاف أو الاعتزال والتورط من جهة أخرى. مثل هذه التناقضات 
الموجودة في الفكر الأبيقوري ليس من السهل حلها وليس من المستغرب أن 
تلقي بظلالها على قصيدة «في طبيعة الأشياء». يضاف إلى ذلك أن صاحب 
القصيدة شاعر وفنان مبدع مما يعمل على أن تظهر هذه التناقضات عنده 
على نحو أكثر حدة وتآكيدا . يؤمن أبيقور بان العالم في تدهور مستمر وأنه 
سيهلك يوما ما. وبشيء من السخرية يصف لوكريتيوس حرث الأرض فنرى 
مزارعا يقف على محراثه ويرمق التربة التي تفقد خصوبتها تدريجيا بنظرات 
الحسرة والحزن (الكتاب الثاني أبيات 64 ١‏ -1170): 

«الآن يهز الفلاح العجوز رأسه وتذهب نفسه حسرات قوق المحراث 

ويتنهد عدة مرات... لأن جهوده في الحرث وفلاحة الأرض 

تذهب سدىء ولأنه وهو يقارن الحاضر بالماضي 

يحسد حظ أبيه ويدمدم كيف أن السلالة القديمة 

التي امتلآت تماما شعورا بالواجب كانت تعول نفسها 

على نحو أيسرء وعلى رقعة من الأرض أضيق» 

ففي هذه الفقرة نجد الفكرة الأبيقورية النظرية والبسيطة قد تجسدت 
وتبلورت في صورة شعرية ملموسة ومحسوسة. وهذا هو الفارق بين أبيقور 
ولوكريتيوس أو بين الفلسفة الخالصة والشعر الفلسفي. 

ولعل نظرة فاحصة لبنية قصيدة «في طبيعة الأشياء» سوف تلقي إضاءة 
ساطعة على طبيعة عمل الشاعر. فهذه القصيدة-مثل «إبنيادة» فرجيليوس- 
حرمت فرصة المراجعة النهائية من قبل مؤلفها. ومع ذلك فليس هناك ما 
يدعو للاعتقاد بان «فى طبيعة الآأشياء» قصيدة ناقصة وأن المؤّلف كان 
سيضيف البيا شيكا ذا كيمة: فالمؤلف نفسه (الكتاب السادس أبيات 92- 


127 


الأدب اللاتينى 


5) يقول إن الكتاب السادس هو الأخيرء ومن ثم فإن وصف الطاعون الذي 
آغنات افعاهى نياية العكاب الساذسن أريد يه أكون نذريها اللخصسيدة 
كليا:ويوق اليانح اللدكق ان التسيدة ككل بهم يمزايا البهية الندية 
يبدأ باستهلال شكلي وينتهي بمقطوعة شعرية مبهرة. والكتاب الأول من 
كل قسم (أي الأول والثالث والخامس من القصيدة) يبدو دائما أكثر ترتيبا 
فى الجدل والنشائن. آنا الكعاب الكاتى من كل فسع راي الكاتي واكراية 
والسادس فى القصيدة) فهو أكثر رحابة واستطرادا . وهذا البناء المعماري 
المحكم سمة من سمات الشعر القديم والموروث. ولكن لوكريتيوس يخرجح 
فل هذا النظام والسيق اكيانا الإنصوات الضرع وكيدر حدة الركاية: وير 
بالذكر أن الانطباع العام الذي تتركه القصيدة من حيث بناتها الفنى هو 
البساطة والقوة. وهكذا يتفوق لوكريتيوس على أستاذه أبيقور في ترتيب 
انيه قوتي متطة ب واسلسااء قن | اتدوويظ اج كك ياك انكر متفكة اومان 
ويضبعقها داء التكراد. 119 

وفي ثلاثة مواضع يجأر لوكريتيوس بالشكوى من فقر اللغة اللاتينية 
اسيم كيه يطل ينقل التا ركو لنالوظة يوقي هتدم الشكي سحيو 
ويه العامل يدوو الراكد فى خطوير: اله اللذتينية الفسفية. كان عليه 
أن يستخدم هذا اللفظ أو ذاك بمعنى جديد غير مسبوقء وكان عليه أيضا 
أن ينحت ألفاظا جديدة بالقياس إلى ما هو موجود في اللغة الإغريقية. 

ويجمع أسلوب لوكريتيوس بين الموروث الملحمي اللاتيني-لا سيما إنيوس- 
من جهة ولغة العلم السائدة في عصره من جهة أخرى. فالمصدر الآول 
ماطددفى إكقا رهالة هن الركان والليانة على قضييته وإن ميكل الأمر. 
عن كدر ها بذ السكرية والورامية كلها جاق لك ركوس مدوم المي 
بالكلمات. إنه إذا أسلوب متعدد المصادر متباين السمات والجوانب وهذا 
سر تفرده. 

مضيو د كريغو جالتكراى الى ينان الصف ف اناف ليسي ار 
وهو في ذلك يذكرنا بهوميروس وإمبيدوكليس. والهدف من التكرار واضح 
تماما. إنه تثبيت المعلومات العلمية المنقولة. وفى الواقع يمكن أن نتحسس 
مستوين لغوين في القصيدة أحدهما يصل إلى قمة التعبير الشعريء والثاني 


لوكريتيوس شاعر الابيقوريه 


يقترب من النثر الذي يتضح كلما طرحت قضية فلسفية شائكة. ومن ثم 
فإن أي مقتطف بعينه لا يعبر عن أسلوب لوكريتيوس ولا بد من دراسة 
التضيزة ككل لمعرفة هذا الأسلون:وخضائصه. 

وطبقا لنظرية أبيقور تقوم المعرفة على الدليل الحسي وما يمكن إدراكه 
بالملاحظة المباشرة أو الاستدلال عليه قياسا بما سبق أن لوحظ وصار 
حقيقة ملموسة. وهذا التأكيد الأبيقوري على الإدراك الحسي قد يساعدنا 
على فهم الثراء المذهل والحيوية البالغة في لغة المجاز اللوكريتية. قليلون 
هم الشعراء الرومان الذين يمكن أن ينافسوا لوكريتيوس في ذلك . يستخدم 
لوكريتيوس التشبيهات لكي يوضح نقطة ما مطروحة؛ وهو يذهب في ذلك 
إلى ما وراء مجرد ضرب مثال أو القياس بشيء. وهو يلجأ أحيانا لصور 
عادية ومألوفة مثل صورة تجفيف الملابس التي أصبحت عنده صورة شعرية 
لطيفة ومحببة. فمثلا تقرن فرقعة الرعد باصطفاق أو خفقان الملابس 
المنشورة للتجفيف عند هبوب الرياح (الكتاب السادس بيتان 114- .)١١!5‏ 
ومثل هذه التشبيهات هي التي سهلت على لوكريتيوس صياغة العلم صياغة 
شعرية. ويتحدث لوكريتيوس عن الديك فيقول (البيت 710 من الكتاب الرابع) 
إنه: 

«يطرد الليل من فوق مسرح الحياة عندما يرفرف بجناحيه». 

ويصف المتهة التي لا تشبع بقوله (الكتاب الرابع أبيات 1144-1133): 

«حيث إنه من عمق النبع المتدفق بالملذات 

تنبثق قطرة من المرارة لتخنق المتعة حتى 

وسط الزهورء عندما يستيقظ ضمير المخطأ.. . الخ». 

ولعل أكثر ما أثار حيرة دارسي لوكريتيوس ونقاده هي المقطوعات 
الأسطورية الكثيرة الواردة في قصيدته لأنها لا تتسجم انسجاما كاملا مع 
السياق الأبيقوري الغلاب: وربما كانت هذه الأساطير من بقايا الموروث 
الملحمي. ومن أكثر المقطوعات الأسطورية المثيرة للجدل مقدمة الكتاب 
الأول-التي ترجمها وأوردناها سلفا-وخاتمة الكتاب السادس أي بداية ونهاية 
هذه القنصيتة: السجيية ؛ 12 


120 


7 شيشرون صانح عصره الأدبي 


ولد ماركوس تولليوس7”'' شيشرون (سنحعتةا! 
هع 115ئ11ن1) لآب من طبقة الفرسان ميسور الحال 
ومعروف في مدينة أربينوم الإقليمية وذلك في 3 
يناير عام 106 ق. م؛ أي في السنة التالية لقنصلية 
ماريوس الأولى حيث كان الأخير من مواليد أربينوم 
أيضاء بل على صلة قربى بعائلة شيشرون. كان أبو 
شيشرون ذكيا وطموحا مما جعله يحرص على أن 
يعلم ولديه ماركوس وكوينتوس تعليما ممتازا ضفي 
الفلسفة والخطابة. إذ أرسلهما إلى روما ثم إلى 
بلاد الإغريق مع ابني عمهما وزميليهما في 
الدراسة. والجدير بالذكر أن أبا شيشرون عاش 
ليرى بواكير صعود نجم ابنه ماركوس في عالم 
السياسة والأدب. إذ مات إبان حملة شيشرون 
الانتخابية لتقلد منصب القنصلية عام 63 ق. م. 
وأدى شيشرون الخدمة العسكرية عام 90/89 ق. م 
تحت قيادة والد بومبي الأكبر. 

في روما درس شيشرون على يد آيليوس ستيلو 
برايكونينوس أول عالم وفقيه روماني (ولد عام ١50‏ 
ق. م. في لانوفيوم) . تحاور شيشرون مع المؤلف 
التراجيدي آكيوس. ولازم الآخوين سكايفولا 
وأحدهما عراف والثاني كاهنء وكان كلاهما من 


الأدب اللاتينى 


الفقهاء في القانون. وعن طريق سكايفولا العراف تعرف شيشرون بتيتوس 
بومبونيوس أتيكوس صديق عمره. ولفت شيشرون نظر صهر سكايفولا أي 
لوكيوس كراسوس الخطيب ذائع الصيت. وشغف شيشرون حبا بالقراءة 
والدراسة وانشغل بهما عن مباهج روماء إذ كان يحلم بان يلعب دورا بارزا 
في الحياة العامة. ولعل صاحب أكبر أثر على شيشرون من حيث تعلم 
الخطابة هو الخطيب الرودسي مولو الذي كان يقيم آنذاك في روما. 

وعندما كان شيشرون في الثامنة عشرة من عمره حدث أن زار روما 
أحد الفلاسفة الكبار وهو فيلو من لاريسا رئيس الأكاديمية الأفلاطونية 
الجديدة في أثينا . وقد لازم تأثير هذا الفيلسوف شيشرون طول حياته. 
لقد تمتع فيلو بميزة قلما نجدها كن فالسوف [وخطيب ابر سين 
الاستماع؛ فهو يقف إلى جوار محدثه منصتا لكل كبيرة وصغيرة قبل أن 
يشرع في الحوار معه. ويؤمن فيلو بأنه لا توجد قط معرفة يقينية: ولذا 
فهو يدين التعصب للرأي. وواضح الآن لماذا اختار شيشرون أن يدرس في 
الآكاديمية عندما ذهب إلى أثيناء ولكن رئيسها عندئذ كان أنطيوخوس 
العسقلاني (المولود فيما بين 130 و 021 ق. م). 

وأول قضية تولى شيشرون الدفاع فيها كانت عام ا8 ق. م؛ حيث ألقى 
خطية «دفاعا عن رم ثم حقق نجاحا مذهلا في دفاعه عن 
سكستوس روسكيوس عام 80 ق. م وهو من أميريا (في أومبريا) وكان متهما 
بجريمة قتل الأب. وبعد ذلك شعر شيشرون أنه لا يزال بحاجة إلى المزيد 
من الهيمنة على فنه الخطابي فسافر إلى بلاد الإغريق وآسيا الصغرى من 
77-9 ق. م وهناك أمضى الوقت في دراسة الفلسفة والخطابة في أثينا 
ورودسء فتتلمذ على يد مولو مرة أخرى وأنصت لدروس بوسيدونيوس 
الفيلسوف الرواقي. وذهب لزيارة بوبليوس روتيليوس روفوس في أزمير. 

وعاد شيشرون من رحلته الدراسية الإغريقية موفور الصحة وشديد 
الحماس لممارسة مهمات المتاصب السياسية العامة. فانتكب: جاكما ماليا 
كوايستور (:0265]0) عام 75 ق. م لمدة سنة في غرب صقلية حيث فاز بثقة 
الصقليين واكتسب مزيدا من الثقافة. وفي شيخوخته كان يزهو بأنه أعاد 
اكتشاف قبر أرنهيدس (أرشميدس) الذي كان الصقليون قد نسوه وكانت 
غابة من نبات العليق تغطيه. وغضب بعض أغراد الطبقة الأرستقراطية في 


شيشرون صانع عصره الاديى 


روما-مثل لوكيوس ميتيللوس-لأن شيشرون كان يتحدث بالإغريقية في مجلس 
مدينة سيراكيوساي (سراقوصة) . وعند رحيله من صقلية وعد أهلها بالوقوف 
إلى جوارهم في أي مأزق: وسرعان ما تهيأت الفرصة أمامه للوفاء بوعده. 
ففي عام 70 ق. م ابتز الحاكم القضائي البرايتور (:5:360) جايوس فيريس 
الصقليين. وحقق شيشرون انتصارا ساحقا عندما نجح في إدانة فيريس 
الذي اضطر للهرب إلى المنفى الإرادي. وصار شيشرون بذلك الخطيب 
الأول في روما بعد أن تفوق على محامي خصمه الخطيب المشهور كوينتوس 
هورتينسيوس -١!!4(‏ 50 ق. م). ولكي يدعم شيشرون نجاحه نشر خمس 
خطب أخرى ضد فيريس مستغلا المادة الهائلة التي كان قد جمعها ولم يفد 
منها أثناء دفاعه أمام المحكمة. 

وفي عام 66 ق. م اختير شيشرون حاكما قضائيا برايتور ومن الجدير 
بالذكر أنه شغل هذا المنصب ومنصب الكوايستور سابقا في أصغفر سن 
يسمح بها القانون أي في بداية السن القانونية. وهذا ما كان شيشرون 
يفخر به دائما. وفي تلك الفترة أي في عام 67 ق. م. تقريبا امتلك شيشرون 
أول مزرعة ريفية له في توسكولوم وكانت حبيبة إلى نفسه وأعطت اسمها 
عنوانا لآحد مؤلفاته كما سنرى. وفي عام 66 ق. م وأثناء تقلده منصب 
الحاكم القضائي ألقى شيشرون خطبة عن منح السلطة العسكرية العليا 
(إمبريوم) لجنايوس بومبيوس حيث وضع نفسه وجها لوجه مع المعارضة 
الآرستقراطية القوية. فمن المؤكد أن شيشرون واجه مقاومة شديدة من 
قبل الأرستقراطيين والنبلاء وهو يشق طريقه في معترك السياسة. ربما 
أعجبوا بثقافته الواسعة وفصاحته المؤثرة ولكنه لم يكن برأيهم ممن يستحق 
أن ينضم إليهم أو يشاركهم لعبة السياسة. وزادت هذه المقاومة شيشرون 
عنادا وتصميما. المهم أنه في هذه الخطبة المشار إليها أيد اقتراح نقيب 
العامة مانيليوس بمنح قيادة الحرب ضد ميتريداتيس في آسيا لبومبي 
الآكبر. وهذه أول مرة يعلن فيها شيشرون على الملأ إعجابه بهذا الزعيم 
الروماني. وسيظل شيشرون على ولاثه له من الآن فصاعدا مع بعض فترات 
الانقطاع بين الحين والآخر. 

وضي ذلك الوقت بدأت أول خيوط مؤامرة كاتيلينا. وبعد ثلاثة أعوام 
كان أتباع كاتيلينا قد أكملوا حبك الخطة وأتموا استعداداتهم للانقضاض. 


الأدب اللاتينى 


وانتخب شيشرون قنصلا عام 63 ق. م؛ وهو أول «رجل جديد» يظهر في 
عالم السياسة الرومانية منن عام 94 ق. م ولولا تخوف الناخبين 
الأرستقراطيين لرشحوا زعيمهم كاتيلينا للمنصب نفسه وفي العام نفسه 
منافسا لشيشرون. وكان شريك أو زميل شيشرون في هذا المنصب (الثنائي 
بحكم الدستور) رجلا ضعيف الشخصية ومثيرا للشكوك هو جايوس 
أنطونيوس. ومع ذلك استطاع شيشرون أن يقنع مجلس الشيوخ بخطورة 
مؤامرة كاتيلينا واستصدر منه «القرار الأخير» ضد المتآمرين. وفر كاتيلينا 
من روما إلى أتباعه وجيشه في اترورياء وألقي القبض على خمسة من كبار 
المتآمرين وأعدموا في ديسمبر عام 63 ق. م. 

وكان اكتشاف موّامرة كاتيلينا وفضحها والقضاء عليها بمثابة ذروة 
النجاح السياسي الذي حققه شيشرون. ولكنها ذروة تراجيدية أيضا لأنها 
تمثل نقطة تحول رئيسة في حياته. غفي عام 64 ق. م كان أبوه قد مات وولد 
له ابن سماه ماركوس وتزوجت ابنته تولليا زواجها الأول من جايوس بيسو. 
وفي العام نفسه كتب أخوه كوينتوس-وهو لصيق لشيشرون رغم بعض 
الاختلافات أحيانا-رسالة بشان ترشيح شيشرون للقنصلية؛ وهي وثيقة 
تاريخية هامة. واستعار شيشرون من هذه الرسالة بعض أفكار أخيه في 
خطبة ألقاها كمرشح للقنصلية. وفي أثناء ولايته ألقى شيشرون أربع خطب 
ضد كاتيلينا نشرت الأولى والثالثة منها فيما بعدء ولكن بالنص نفسه الذي 
ألقى. واكتسبت الخطبة الأولى منها شهرة واسعة النطاق لأنها كانت في 
الأصل مرتجلة. وبإظهار مخاطر مؤامرة كاتيلينا حصل شيشرون على التأييد 
المطلوب لحفظ الأمن. ولكن التوتر السياسي لم يتح فرصة لتنفيذ برنامجه 
الإصلاحي الهادف إلى توحيد الصف بين كافة الطبقات. 

وبالرغم من أن مجلس الشيوخ بعد مناقشة مؤامرة كاتيلينا وتأثرا برأي 
شيشرون قد وافق على إعدام خمسة من كبار المتآمرين:؛ إلا أن إعدامهم 
نفسه (الذي تحمل شيشرون مسئوليته في النهاية) كان موضع شك وتساؤل 
مستمرين. ومع أن كافة الطبقات قد أيدت هذا العمل في البداية» وبسبب 
الرعب الذي أصابهم إلا أن قانونيته كانت غير مؤكدة: كما أن شيشرون لم 
يتصرف بحكمة حين راح يزهو به علنا ويكتب خطابا طويلا لبومبي الآكبر 
في الشرق يشرح له تفاصيل هذا العمل المجيد !. ولقد نشر شيشرون 


14 


شيشرون صانع عصره الاديى 


خطبه التي ألقاها عام 63 ق. م عن كاتيلينا ومؤامرته. وكتب عن هذا 
الموضوع نثرا وشعرا كثيرين باليونانية واللاتينية؛ بل دعا آخرين من أنصاره- 
مثل بوسيدونيوس.أن يفعلوا الشيء نفسه. وظل شيشرون طول عمره على 
رأيه هذا دون أن يتحرك عن موففه قيد أنملة معتقدا بأنه قد أنقد روما 
من دمار محقق وكارثة ماحقة. 

وبعد ثلاث سنوات وجد «منقذ روما» نفسه معزولا ومنيوذا . فالأشراف 
الأرستقراطيون انقضوا من حوله إذ لاحظوا ميله ناحية بومبي؛ أما 
الجمهوريين غرماؤه القدامى فقد تلقفوا قفضية الاختلاف حول شرعية 
إعدام أتباع كاتيلينا كسلاح يشهرونه في وجه شيشرون. وبذل شيشرون 
قصارى جهده للخروج من أسوار هذه العزلة دون جدوى. وليس من المحتمل 
آنه كا سيتجو فين الضاكمة لو اتفاقيل غروض قيسو فلن بضييان ماله 
السياسي. وفي عام 58 ق. م كان بوبليوس كلوديوس-الذي كان شيشرون قد 
خاصمه عاء 8361م عندما اتهمه بالؤنى نهو اهرك الركيس يوصقه نقيبا 
للعامة لحركة إحياء قانون قديم يقضي بنفي كل من أعدم مواطنا رومانيا 
دون محاكمة. ولم ينتظر شيشرون المحاكمة بل فر هاربا إلى مقدونيا 
فاستصدر كلوديوس قرارا-غير دستوري طبعا-بنفي شيشرون نفيا رسميا. 
وسهل ذلك على رجال كلوديوس أن يدمروا منزل شيشرون فوق تل البلاتين 
وأن يستولوا على جزء منه لإقامة «معبد الحرية» عليه. ودمرت كذلك 
مزرعة شيشرون الريفية في توسكولوم. 

وتدخل بومبي-بعد طول انتظار من شيشرون-وبتاييد من نقيب العامة 
فيلو استدعى شيشرون من المنفى بقرار شعبي عام يوم 4 أغسطس عام 57 
ق. م؛ فوصل روما في 4 سبتمبر واستقبل استقبالا حافلا من حيث وطئّت 
قدماه الآأرض الإيطالية حتى روما نفسها. وبدأ شيشرون على الفور شتاء 
ساخنا ومشحونا بالصراع من أجل الحصول على تعويضات مناسبة عن 
ممتلكاته المفقودة, ومن أجل الدفاع في مجلس الشيوخ والمحاكم عن أنصاره 
الذين غملوا كل ما استطاعوا في سبيل عودته من المنفى. 

وقبل أن نتابع هذه النشاطات نشير إلى خطبة شيشرون عن منع حقوق 
المواطنة الرومانية للشاعر الإغريقي أرخياس (عام 62 ق. م.): والتي جاءت 
كشهادة على «الإنسانية الشيشرونية» حيث أكسبته سمعة طيبة بين أوساط 


الأدب اللاتينى 


المجتمع الروماني العليا. وحتى عام 56 ق. م كان شيشرون لا يزال يمسعى 
لدى المؤرخ لوكيوس (5نائءدهنا.آ.©) أن يؤلف تاريخا تمجيديا عن قنصلية 
شيشرون (الرسائل «إلى الأقارب: 5. .١2‏ 10) وذلك على الطريقة 
الهيللينستية المعهودة. ولم يخرج الأمر عن نطاق الوعد من جانب المؤرخ 
والانتظار من جانب شيشرون الذي في النهاية تولى المسؤولية بنفسه وانبرى 
يدافع عن أمجاده. وألف تقريرا وصفيا باللغة الإغريقية عن قنصليته وضع 
في ثناياه قصيدة شعرية طويلة بعنوان «عن قنصلية (شيشرون) نفسه», 
وأثنى في هذه القصيدة على نفسه وقنصليته على نحو ما كان لأحد غيره 
أن يفعله. واتبع شيشرون ذلك بمؤلف آخر في عام 55 ق. م في ثلاثة كتب 
وسماه «عن عصر (شيشرون) نفسه». وكان هذا التمجيد الشعري من قبل 
شيشرون لذاته أمرا غير مستساغ لدى معاصريه؛ على الرغم من أن عادة 
مدح الذات لم تكن غريبة أو مستحدثة بالنسبة لهم. 

وفي حياة شيشرون الخاصة وفعت أمور كثيرة فقد فترت علاقته منذ 
زمن بزوجته الطموح تيرينتيا فانفصل عنها في عام 46 ق. م: وتزوج فتاة 
صغيرة هي بوبليليا (هناناذطناط) وكانت وريثة ثرية ربما طمع شيشرون بزواجه 
منها في تسديد ديونه لقيصرآنذاك. وفي فبراير عام 45 ق. م؛ ماتت تولليا 
ابنته بمجرد أن طلقت من زوجها دولا بيلا وبعد أن ولدت له ولدا. وكانت 
هذه ضربة قاصمة لظهر شيشرون. فلأول مرة-كما يعترف هو نفسه-نجح 
القدر في أن يسحقه سحقا. وصار يتنقل في ملل بين فيلاته (داراته) 
وعدا رهد محنطهي] الكرس الدرانا؛ رموناة ريك «الشاية احيانا لخر 
مما أدى في النهاية إلى الطلاق. ولم يجد شيشرون العزاء إلا في الفلسفة 
وكتابة مقالات تعزية؛ فالفلسفة فريدة في مجالهاء قميئّة بان تسري عن 
صاحبها . ثم كتب «هورتينسيوس» وهو عمل يحض فيه الخطباء على دراسة 
الفلسفة. 

وفي العامين 45 و 44 ق. م أنتج شيشرون أعماله الفلسفية الكبرى 
«الأكاديميات» (دءنصسعلدعة)؛ ودعن غايات الخيرين والأشرار» (كناطنمقء[ 
101 أء حتنرمصوط)؛ و«المناقشات التوسكولانية» (وعم60 انام كذطآ عمصهلده5ن1) , 
«وفي طبيعة الآلهة» (0012]! «سنتروء10 126) . ثم ترجم محاورات أغلاطون 
«بروتاجوراس» و«تيمايوس». ولو أن هذه الترجمات لم تترك تأثيرا كبيرا 


36 


شيشرون صانع عصره الاديى 


لأن من يريد الاطلاع على أعمال أفلاطون من معاصري شيشرون كان 
بوسعه قراءتها في نصوصها الأصلية. بيد أن الرومان المسيحيين فيما بعد 
اعتمدوا على هذه الترجمات في معرقتهم بالإغريق. وجاء عصر النهضة 
فجعل من هذه الترجمات اللاتينية ملكية عامة لجميع الثقافات الأوروبية 
الحديثة. 

وبعد أن دخل شيشرون دائرة قيصر كان عليه أن يؤدي فرائض الطاعة 
للملك غير المتوج. ومن الطبيعي أ ن يرتد هذا المفكر-بأفكاره فقط-إلى 
الماضي, و«دأيام زمان». ولذا كتب «كاتو الأكبر عن الشيخوخة» :منه]1 ملدع) 
(عاتاععمء5 عل ؛ وأتبعها بعد موت قيصر ب «لايليوس عن الصداقة» 5داناعم]) 
(2ءنددخ عل وكلاهما يحمل إهداء إلى صديقه أتيكوس. 

وفي الفترة بين اغتيال قيصر وعودة شيشرون للسياسة كتب بعض 
الأعمال الفلسفية مثل «عن فن التنبؤ» (»2805م1101 16) الذي يصر فيه 
على ضرورة التفرقة بين الديانة والخزعبلات؛ ودعن القدر» (0هة1 ء2) 
الذي يدافع فيه عن إرادة الإنسان في مواجهة الأقدار؛ ودعن الواجبات» 
(011 26) الذي أهداه إلى ابنه ماركوسء ويرسم فيه منهجا قويما لسلوك 
المواطن الشريف. وسنعود للحديث عن هذه الأعمال بالتفصيل. 

المهم أنه بعد هزيمة أنطونيوس في بلاد الغال على الناحية الجنوبية من 
الآلب (أي غالياكيسالبيا) في أبريل عام 43 ق. م. خدع أوكتافيانوس شيشرون 
مرة أخرى. فربما عرض عليه أن يكونا قنصلين زميلين ولكن كان الهدف 
من ذلك العرض شيئًا آخر. فبعد أن دخل أوكتافيانوس روما بجيشه لكي 
يؤمن لنفسه ولعمه كوينتوس بيديوس منصب القنصلية المشتركة, وبعد أن 
تشكل الائتلاف الثلاثي الثاني بين أوكتافيانوس وأنطونيوس وليبيدوس لم 
يعترض الأول على إدراج اسم شيشرون بين المرشحين للاعدام لتصفية 
رموز العهد المنصرم وبداية عهد جديد . وألقى جنود أنطونيوس القبض 
على شيشرون وهو يحاول الهرب بحرا في محاولة غير حاسمة للافلات. 
ولم يهجر خدم شيشرون سيدهم الذي مات ميتة الشجعان في 7 ديسمير 
عام 43 ق. م؛ء حيث قطع رأسه ويداه وقدمت جميعها لأنطونيوس فعرضها 
الآخير فرجة للناس في السوق العامة ! 

ومن الواضح أن شيشرون لم يكن يجيد تقدير نوايا حلفاته أو خصومه 


]7 


الأدب اللاتينى 


السياسيين. حتى أنه كانت تنطلي عليه ألاعيب النفاق والتملق. وقد أدى 
ذلك في النهاية إلى عزلة سياسية قاتلة بالنسبة له. كان يكرس نفسه 
وجهوده للإبقاء على الدستور الجمهوريء وسحرته فكرة توحيد الصف بين 
الطبقات؛ والتي ثبت أنها لم تكن سوى سرابا. لم يكن شيشرون مصلحا 
شعبيا ليبرالياء وفي الوقت نفسه لم تعترف به الطبقة الأرستقراطية التي 
كان أسوأ أفرادها ينتقدون أصله الوضيع.؛ أما بقيتهم فتشككوا في نواياه, 
ولم يكن له مريدون وأتباع كثيرون لآنه ليس نبيلا أو قائدا منتصراء ومن ثم 
افتقد قوة التأثير والنفوذ. وهذا الشعور بالعزلة هو الذي وثق علاقة شيشرون 
بصديق عمره تيتوس بومبونيوس أتيكوس (. كنءناا4 5ناندومسه2) وهو من 
طبقة الفرسان ويتمتع بثقافة واسعة في اللغة اللاتينية والإغريقية: وكان 
ممولا كبيرا وناصحا أمينا وناشرا وصديقا كريما لشيشرون. 

وكان شيشرون يعامل خدمه بالحسنى ويتخذ من بعضهم أصدقاء حتى 
أنه من بين خطاباته للآقارب وعددها 2١‏ يخص بستة عشر منها خادمه 
تيرو الذي أعتقه عام 53 ق. م «ليصبح صديقنا بدلا من خادمنا» على حد 
قول أخيه كوينتوس شيشرون. 

ولعل من الجلي الذي لا يحتاج إلى تبيان أن سيرة شيشرون منفمسة 
انغماسا كاملا فى عالمى السياسة والأدب بحيث إن اسمه يتردد كثيرا فى 
كنب القاريك السيابيى لآنة يذكل خطيا من اقطاب نلك الجدرة الى ديه 
عنها . أما في عالم الأدب فيكفيه فخرا وشرفا أنه أعطى اسمه للفترة كلها . 
وقد آن الأوان بالنسبة لنا أن نتناول إنجازه الأدبي بشيء يسير من التأني 
وقليل من التفاصيل. وبادئ ذي بدء نالاحظ أن سيرته الأدبية حافلة بالنشاط»؛ 
متعددة الجوانب, مثمرة في تأثيراتها . ويمكن أن نوجز إنجازه الأدبي في 
أربعة جوانب رئيسة هي كما يلي: 


أولا: الخطابة : 

لقد اكتسب شيشرون شهرته الخالدة ومجده السرمدي بوصفه خطيب 
زؤفا التوديل ضار يحكرب يه للخل كي الغصباعة واليلاقة" الولو أن 
النائن في آيامقا هذه بدموا يتتخولون بإعجابهم من طنظفة الخطب إلى 
الرسائل التي فيهاكما سنرىنيترك لنفسه ولقلمه العنان في الاسترسال. 


شيشرون صانع عصره الاديى 


حتى أنه في إحدى رسائله إلى أتيكوس يتندر بنفسه وعلو صوته في الإلقاء 
ويقول: 

«إنك لتعرف جيدا كيف أنني أستطيع أن أخطب بصوت كالرعد في 
كافة تلك القضاياء فلطالما ارتفع صوتي الذي ربما سمعته عندك.. هناك 
في بلاد الإغريق». 

ووصلتنا من شيشرون 58 خطبة بعضها غير كامل وفقدت 48 خطبة. 
وبالنسبة لنصوص خطبه التي وصلتنا غرب سائل يسال هل هي نفسها 
التي ألقيت في مجلس الشيوخ أو في المحاكم ؟ من المحتمل أن يكون فن 
الاختزال قد استخدم في تسجيل الخطب با محاكم. إذ كان الرومان يعلمون 
علم اليقين أن الخطب التي تنشر ليست تسجيلا حرفيا للنصوص التي 
ألقيت في المحاكم: وبعبارة أخرى فإن الخطب المنشورة تدخل في باب 
الأدب ولا علاقة لها بالنص الأصلي الذي كان قد ألقي ذات يوم في هذه 
المحكمة أو تلك. ومن باب الاستثناء تمتع هورتينسيوس بذاكرة قوية ونادرة 
إذ ألقى خطبة-كانت معدة أصلا للنشر-من الذاكرة ولم يفته منها حرف 
واحد. أما شيشرون فقد قرأ نص خطبة من خطبه بهدف تسجيلها وذلك 
بعد أن كانت قد ألقيت في مجلس الشيوخ. ونعرف من كوينتيليانوس أن 
شيشرون كان يعد سلفا الاستهلال أو المقدمة والخاتمة: والفقرات الحيوية 
الأخرى في خطبته حيث يهتم فيها بالإيقاع ثم يحفظها عن ظهر قلب. وكان 
يستعد لبقية الأجزاء برسم الخطوط العريضة لها في ذهنه فقط وربما 
استخدم مفكرة أو مذكرة. وجدير بالذكر أن شيشرون نثر الجزء الثاني من 
خطبه ضد فيريس في خمسة كتب وهي خطب لم تلق في المحكمة قط لآن 
محامي الخصم هورتينسيوس نفى نفسه بعد الخطبة الأولى. ولقد نشرت 
الخطب «ضد كاتيلينا» بعد عامين من إلقاتها . 


شاضيا: الفكر الريطور يفي جو عن الر يطو ر يضا: 

كتب شيشرون في شبابه بحثا فنيا يقع في كتابين كجزء من عمل أكبر 
لم يتم وعنونه يعنوان «عن الإبداع» (عمم تامع نتم[ ء) . وفي نوفميرد55 ق.م 
أنهى شيشرون الكتب الثلاثة التي تحمل عنوان «عن الخطيب» (ع«منه0 ء12) 
وهو عمل يعد أفضل كتب شيشرون الأدبية حيث عالج موضوعه بعناية 


36 


الأدب اللاتينى 


شديدة؛ واستخدم الشكل الحواري بمهارة ملحوظة. وفيه يدافع شيشرون 
على لسان الخطيب لوكيوس كراسوس عن التربية العميقة والثقافة الواسعة 
للخطيب بصفة عامة. وأعطى شيشرون لهذا المؤلف شكل الحوار الذي 
يديره بصفة رئيسة كل من أنطونيوس وكراسوس. يصور هذا العمل الخطيب 
السياسي الذي هو ليس سيد فنه فحسب. بل هو أيضا دارس جيد للفلسفة. 
في الكتاب الأول يتحدث كراسوس عن مستلزمات الإثقاء الخطابي وهي: 
الموهبة والتدريب والتقنية والإلمام بالقوانين. وفوق كل ذلك وقبله الذوق 
الرفيع. وفي الكتاب الثاني يبسط أنطونيوس موجزا للخطابة بالمعنى الدقيق 
للكلمة. ويعالج الكتاب الثالث الآسلوب (مناداءماء) والإلقاء (متاءعه) . ويستطرد 
كراسوس ليؤكد مرة أخرى أهمية التعليم الفلسفي بالنسبة للخطيب. 

ويضع شيشرون جنبا إلى جنب مع «عن الخطيب» مؤلفين آخرين هما 
«بروتوس» (5نن8) و«الخطيب» (:0:20) . وفيهما يوجه شيشرون مرة أخرى 
دعوة حارة من أجل التربية «الليبرالية» للخطيب؛ بيد أن هدفه الرئيس 
حين كتبهما عام 46 ق. م كان الرد على منتقديه وخصومه. 

ويحمل «بروتوس» عنوانا آخر هو دعن الخطياء اللامعين» (كتمهان عد[ 
5ا 6011 المهم أن هذا العمل عبارة عن حوار بين بروتوس واتيكوس من 
جهة والمتحدث الرئيس وهو شيشرون نفسه من جهة أخرى. ويبدأ شيشرون 
بالحديث عن موت هورتينسيوس عام 50 ق. م» ثم يسرد الخطوط العريضة 
لتاريخ الخطابة الرومانية من بداياتها حتى عصره تاركا لصاحبيه مهمة 
التعليق على قدراته الخطابية. وتبدو المرارة التي يحس بها شيشرون تجاه 
العصر إذ يقول: إن هورتينسيوس محظوظ لأنه قد مات قبل أن تموت 
حرية الكلام التي هي أساس الخطابة الحق. فهذا العمل إذا يعطينا مسحا 
تاريخيا للخطابة الرومانية وتفاصيل مفيدة عن التربية الخطابية والثقافة 
والتي تلقاها شيشرون نفسه. وهناك قسم استهلالي عن المؤلفين والخطباء 
الإغريق ينتهي بتناول المدارس الرئيسة في الخطابة الإغريقية وهي: الأتيكية 


والآسيوية والرودية) نسبة إلى رودس (. وهو يرجح كفة «الصحة» أو 
«السلامة» الأتيكية والخفة أو «سرعة الحركة» و«الثراء» في المدرسة 
الآسيوية. ويناقش المؤلف عدة خطباء منهم كالفوس حيث ينتقد أسلوبه 
البسيط ويستشهد بهورتينسيوس كواحد من أبرز الذين بسطوا النموذجين 


1 10 


شيشرون صانع عصره الاديى 


الآسيويينء. مثل ذلك الذي يعرف على أنه متوازن ومحكم. والثاني الذي 
يقال إنه ثري وزخرفي (فقرة 325). 

ويقدم المؤلف الذي يحمل عنوان «الخطيب» صورة للخطيب الكامل. 
فإذا كانت الفرصة قد أتيحت لشيشرون في «بروتوس» أن ينتقد الأسلوب 
الأتيكي أحادي الجانب والذي ينحاز إليه بروتوس . وإذا كان هذا الاتجاه قد 
شاع في روما في أواسط القرن الأول ق. م كرد فعل للأسلوب الآسيوي 
الفضفاض والذي تأثرت به الخطابة الرومانية بما في ذلك هورتينسيوس 
وشيشرون نفسه في شبابه. وإذا كان الآتيكيون قد ذهبوا إلى ما وراء ما 
يمكن أن يطيقه ذوق شيشرون حتى أن ليسياس صار النموذج الأوحد 
بالنسبة لهم فإن شيشرون قد فضل خلطا بين الاتجاهين: أي الأسلوب 
المعتدل والثري ورأى ذلك متجسدا في خطب ديموسثنيس. وهذا هو موضوع 
مؤلفه «الخطيب» الذي لا يعتوره أي فغر سياسيء وفيه يركز شيشرون على 
دعوته بأن يتسلح الخطيب بالفلسفة. وقد عبر عن الفكرة نفسها في عمل 
آخر صغير عنوانه «عن أفضل نوع من الخطباء». يهاجم شيشرون إذا في 
هذا المؤلف الأتيكية في الوقت الذي يدين فيه «السمنة السطحية» للآسيوية 
والتي يتنصل منها شيشرون نفسه (فقرة25). ثم يصنف الأسلوب الخطابي 
إلى ثلاثة أنواع: أولها الفخم وثانيها البسيط والثالث هو الوسط بين هذا 
وذاك (فقرة 22-20 و99-75). وهذه الآنواع الثلاثة من الآساليب الخطابية 
تقابل الجوانب الثلاثة لوظيفة الخطيب أي «التأثير» أو «التوجيه» و«الإقناع» 
و«الإمتاع» (فقرة 69). فالأساليب الثلاثة إذا مهمة ومطلوبة في أوقات 
مختلفة؛ ومن ثم فالخطيب الكامل مثل ديموسثنيس قادر على استخدامها 
جميعا. أما شيشرون فيزعم أنه يبذل المحاولات لعمل الشيء نفسه. والملمح 
الذي يميز الأسلوب الآسيوي من الأتيكي هو استخدام الإيقاع وهو موضوع 
سبق لشيشرون أن لمسه لمسا رفيقا في «عن الخطيب» (الكتاب الثالث فقرة 
198-0). وهو يعالجه الآن فيواقخطيث: بالتفصيل (فقرة 168 وما يليها) 
وهو يدافع عن مزايا الأسلوب النثري الإيقاعي. ومن الملاحظ أن شيشرون 
قد وقع في بعض التناقضات. 

أما «عن أفضل نوع من الخطباء» سالف الذكر فقد ظهر عام 46 ق. م 
كمقدمة للمؤلف الإغريقي عن الخطابة بعنوان «عن التاج» (00162 ع2): 


لكل 


الأدب اللاتينى 


وى ترمة لم تشيلنا يريما لتم قط امهم أن شيشوون كي هذا امول 
الصغير يقول إن ديموسثنيس ممتاز في كل شيء مما قد يعني أن وصف 
الأتيكية بأنها أسلوب صارم الوضوح قد يكون وصفا مغلوطا. 

ولعل كتاب «أجزاء الخطبة» قد كتب في أواخر الخمسينات وهو عبارة 
عن حوار تعليمي يجيب فيه شيشرون عن أسئلة ابنه حول مهنة الخطابة. 
ويقترب من طبيعة هذا المؤلف عمل آخر هوةالموضوعات» المكتوب عام 44 
ق. م؛ ويتوجه إلى تريباتيوس بهدف تبسيط آراء أرسطو في أنواع الجدل. 
ونصف هذا المؤلف خطابي ونصفه الآخر فلسفي يأخذ شكل وصف لرحلة 
بحرية بين فيليا وريجيوم على الساحل الإيطالي. ومن الملاحظ أن شيشرون 
بهذه الطريقة قد عاد في أواخر عمره إلى شرح فن الخطابة لصالح الخطباء 
المبتدئين, أي أنه عاد لفصول الدراسة حيث كان قد بدا حياته واستهل 
أعماله بمؤلف «عن الإبداع». إذ كان يعتقد اعتقادا راسخا بان الخطيب 
المبتدئ لا بد من أن يتعلم الفلسفة والقانون والتاريخ. وفي إحدى مؤلفاته 
المبكرة كتب شيشرون قائلا إن من أهم متطلبات فن الخطابة «الحكمة» أي 
التربية الفلسفية. وهذا ما طبقه شيشرون على نفسه من البداية وحتى 
النهاية. 


خالثا: الأعمال الفلسفية : 

وفي فترة الاعتكاف واعتزال السياسة تحت حكم يوليوس قيصر 
الدكتاتوري؛ وبعد موت ابنته تولليا سنحت لشيشرون الفرصة أخيرا لكي 
يعالج موضوعات فلسفية كان يتوق للكتابة عنها منذ مطلع الشباب ولم 
يسعفه الوقت. فلقد تأآثر ضفي شبابه بالفيلسوف الأبيقوري فايدروس 57) 
(حوالي 70-145 ق. م)؛ وزينون "2 من صيد (المولود عام 150 ق. م)؛ وتأثر 
كذلك بفلاسفة الأكاديمية فيلون من لاريسا (80-160/159 ق. م.)ء 
وأنطيوخوس العسقلاني (سبقت الإشارة إليه). ونهل من مبادئّ الرواقية 
على يد أستاذه بوسيدونيوس (5-135 أو 50 ق. م)؛ وديودوتوس 7" (ازدهر 
من 85- 60 ق. م). ونشر شيشرون مؤلفه «تناقضات الرواقيين» (2<هلممهم 
و01 أوائل عام 46 ق. م. ويعد هذا العمل مقدمه لبقية كتاباته الفلسفية: 
فبعد إنجاز هذا العمل شعر شيشرون بالحاجة الملحة لإثبات وجوده كمؤلف 


1 2 


شيشرون صانع عصره الاديى 


فلسفي. وهذا ما يتضح من «عن الواجبات» (فقرة 102) حيث يعترف بضحالة 
معرقته الفلسفية. وكان شيشرون يكن احتراما فائقا لأفلاطون حتى أنه 
يقول عنه «ذلك هو إلهنا» 9" ( 
بأرسطو. وبالجملة أراد شيشرون أن يقدم لبني وطنه الرومان أدبا فلسفيا 
ربما ليحل محل الأدب الإغريقي الفلسفي. على أنه من الأهمية بمكان 
التأكيد على حقيقة أن شيشرون كفيلسوف لا يقتصر عمله على الترجمة أو 
مجرد التبسيط والتعميم. لقد قارن هو نفسه كتاباته الفلسفية بالإعداد 
الروماني للمسرحيات الإغريقية؛ ومن ثم فإن علاقته بأغلاطون وأرسطو 
والرواقيين وغيرهم كعلاقة بلاوتوس ونرتيوس بالكوميديا الأتيكية الحديثة 
وزاكذها فنا روسن 

وعلى أي حال ينبغي الاعتراف بأن علاقة شيشرون بمصادره الإغريقية 
الااسيفية بعد :نوقفا إشكانيا لا نستطيع حسمه؛ ذلك أن معظم الكتابات 
الهيللينستية الفلسفية قد فقدت. 

وربما كتب بعض الأعمال الفلسفية المفقودة قبل فترة الاعتكاف والتعزية 
التي يعزي بها شيشرون نفسه لوفاة تولليا ابنته ربما كتبت في فترة سابقة. 
وعلى أي حال: فالأعمال الفلسفية الكبرى لشيشرون ينبغي أن تؤخذ كسلسلة 
متصلة ومتكاملة. وتقع هذه الأعمال في قسمين رئيسينء. يضم القسم 
الآول الكتابات السياسية في السنوات التي سبقت ولاية شيشرون على 
كيليكيا. أما القسم الثاني فيشمل أعماله حول أدب الرسائل والأخلاقيات 
واللاهوت وقد أ نجزها شيشرون قيما بين فبراير عام 45 ق. م ونوفمير 
عام 44 ق. م. 

وموضوعان «عن الجمهورية» (دعناطدامع5 ع12) ودعن القوانين» (ء12 
وناطزعء.]) هما الفلسفة السياسية أو بالأحرى النظرية السياسية؛ وهما 
عملان يدينان بالكثير لأغلاطون شكلا ومضمونا. أما إذا دخلنا في تفاصيل 
ما يرد فيهما فسنجد أنهما أيضا يدينان لعصر ما بعد أغلاطون في الفلسفة 
ولا سيما ديكايارخوس 7 (5دتجهعهء:0) (ازدهر حوا لي 326- 6 29 ق.م 
(الذي وضع الحياة النشطة فوق الحياة المتأملة. أي دخول معترك الحياة 
السياسية أفضل من تأملها عن بعد. وهنا تجدر الإشارة إلى أن حديث 
شيشرون عن السياسة الرومانية هو حديث الخبير بخباياها المحنك 


0516 م111 وناع) . وهو أيضا شديد الإعجاب 


|] 015 


الأدب اللاتينى 


والمطحون في دقائقها وكافة تقلباتها . 

تطرح محاورة «عن الجمهورية» السؤال حول نظام الحكم الأمثل والمواطن 
الأفضل. ويدور النقاش فيها حوالي عام ١29‏ ق.م بين أعضاء دائرة سكيبيو, 
أي بين سكيبيو نفسه ولايليوس وآخرين. ولم يصلنا سوى أجزاء من الكتب 
الستة التي تضمها المحاورة. وفي هذا المؤلف يناقش شيشرون أفضل نظام 
للحكم وهو يضع نصب عينيه الجمهورية الرومانية. وهو يفضل نظاما 
يجمع عناصر من أشكال الحكم الرئيسة والتقليدية المعروفة أي الحكم 
الفردي وحكم الأوليجاركية أو الأوليجارخية أي الأقلية والحكم 
الديموقراطي. وتعكس مناقشته الأحوال السياسية المضطربة في عصره.؛ 
وتتطلع إلى مصلح يمكن أن يعالج هذه الأمراض السياسية المتوطنة في 
النظام الروماني. ولعل أهم قيمة خلفها هذا المؤلف للأجيال التالية هي 
التأكيد على حقوق الإنسان وفكرة الأخوة البشرية التي استقاها شيشرون 
من الفلسفة الرواقية. 

الدولة هي شأن الشعبء فهناك محاولة غريزية للتقارب والانسجام.: 
(أو كما سماها الرواقيون) هي التي تجمع كافة أفراد الشعب والطبقات. 
وفي الكتاب الأول تبسط الخطوط العريضة لنظم الحكم المعروفة وكما 
أسلفناها . ويزودنا الكتاب الثاني بتاريخ موجز للدستور الروماني. وضي 
الكتاب الثالث يبدأ العرض المنظم للموضوع الرئيس فنجد العنصر الجوهري 
في الحكم هو مبدأ العدالة. وفي الكتاب الرابع يصمم شيشرون بنيانا 
جديدا لدولة مثالية. ولكنه ليس في صرامة أفلاطون ومدينته الفاضلة. 
فدولة شيشرون الفاضلة هي نفسها الدولة الرومانية مع كثير من التهذيب 
والتشذيب. أي هي الصورة المثالية للجمهورية الرومانية. 

وفي مناقشته لفكرة المواطن المثالي (في الكتاب 6-4) يتبنى شيشرون 
لكاريقه السياموة التخاضة . والسياسي الغاطال كلد شيشرون شو اقضل 
الخيرين ويمكن أن يكون حاكما مطلقا ومستبدا في وقت الشدائد ولكنه 
دائما وأبدا وفي أحلك الظروف يحترم الدستور؛ ويسميه شيشرون «المصلح» 
لا «الزعيم» أو «المواطن الأول». وحارس الدولة الشيشرونية الفاضلة لا 
يرجو من دنيانا الأرضية هذه جزاء أو ثواباء ولا مجدا أو شهرة. ذلك أن 
ثوابه الحقيقي هو الخلود الأبدي في الآخرة. وهذا ما يقود شيشرون إلى 


114 


شيشرون صانع عصره الاديى 


«حلم سكيبيو» وهو من الأجزاء التي وصلتنا سليمة وذلك بفضل اقتطاف 
ماكروبيوس (ازدهر في القرنين الرابع والخامس الميلاديين) إياه. وفيه يرى 
سكيبيو الحالم جده المنتصر على هانيبال-وهو ما يوازي بدفة رؤية العالم 
فيما وراء قبر ار (:8) عند أغلاطون. ويرى الحالم أيضا عالما يعيش فيه 
العظماء والخيرون من الرجال حياة سرمدية في تأمل مبارك حول الانسجام 
الكوني. فيحكي سكيبيو الأصغر كيف أن شابا جلس إلى الملك النوميدي 
ماسينيسا-الذي كرس نفسه لتخليد ذكرى سكيبيو الأفريقي (أي الأكبر). 
وأطال ماسينيسا حديثه حتى هبطت إسدال الظلام وتوغل في الليل حتى 
ظهر سكيبيو الأفريقي نفسه في الحلم لحفيده بالتبني سكيبيو الأصغرء 
وكشف له عن مكانته في السماء وبين النجوم. وحلم سكيبيو هذا يستبق ما 
سيراه اينياس في الكتاب السادس من «إينيادة» فرجيليوس. ويتضح مما 
يشرحه سكيبيو الآكبر وهو في موقعه الفلكي الممتاز كيف أن النجوم تكبر 
الأرض حجما بعدة مراحل. فهو يرى الأرض من العلياء فنجدها في وصفه 
لها صغيرة جدا حتى أن الإمبراطورية الرومانية مترامية الأطراف لم تعد 
تظهر إلا كنقطة ضئيلة للغاية. والرسالة التي يريد شيشرون توصيلها هي 
فكرة الخلود ولا سيما خلود العقل «فالعقل هو الإنسان الحقيقي». 

وما أن انتهى شيشرون من معظم الكتاب السابق «عن الجمهورية» حتى 
عكف على مؤلفه «عن القوانين». هذا ما يرجح: ولكنه على أي حال أجل 
نشره؛ وإن كان قد تم تأليفه فيما بعد عام 52 ق. م. وبقيت لنا ثلاثة كتب من 
هذا المؤلف ولا نعرف الحجم الإجمالي للعمل الذي ينظر إليه دائما على 
أنه المقابل اللاتيني «لقوانين» أغلاطون. وفي الواقع نجد «عن القوانين» 
المؤلف الشيشروني أكثر تحررا من تأثير أفلاطون في بقية أعمال الكاتب 
اللاتيني ولا ره الجمهورية». والكتب الثلاثة الباقية تعالج القانون 
الطبيعي والقانون الإلهي وكذا قانون الوظائف العامة. ويقال إن الكتب 
المفقودة تعالج قانون الحاكم ونظام التعليم. ويجري الحوار في هذا المؤلف 
بين شيشرون وكوينتوس وأتيكوس. ويشرح شيشرون في هذا المؤلف المفهوم 
الرواقي للقانون الإلهي القائم على المنطق. وهو يناقش كذلك الأعمال 
القانونية وعلاقتها بالدين وسلك المناصب الرومانية. 

وقد روجعت عدة مرات محاورة «الأكاديميات». وكانت الطبعة الأولى 


1 75 


الأدب اللاتينى 


مكونة من كتابين حملا اسمي الشخصيتين الرئيستين كويختوس لوتاتيوس 
كاتولوسء ولوكيوس ليكينيوس لوكوللوسء ولم يبق سوى الكتاب الثاني. وضفي 
طبعة لاحقة قدم شيشرون شخصية فاروء ولم يصلنا سوى بداية الكتاب 
الأول وبعض الشذرات. المهم أن شيشرون هنا يناقش رأي الأكاديمية الجديدة 
ولا سيما كارنياديس 229 (129-214 ق. م) القائل إنه من المحال الوصول إلى 

وفي الجانب الأخلاقي كان شيشرون شديد التأثر بالتعاليم الرواقية 
كما هو واضح من «عن غايات الأخيار والأشرار». وهنا يطرح شيشرون 
كافة النظريات حول «الخير الأسمى» ويرد على الأبيقوريين والرواقيين قبل 
أن يشرح آراء أنطيوخوس العسقلاني. والعمل مهدى إلى بروتوسء ويالاحظ 
فيه أن شيشرون يتعاطف مع الرواقيين وإن كان بالطبع يميل إلى الشكاكين 
والأكاديميين. 

ويعالج شيشرون فكرة الموت والحزن والخوف والعاطفة وكل ما يتصل 
بالحالة الذهنية وما هو ضروري لتحقيق السعادة؛ يعالج كل تلك الموضوعات 
في «مناقشات توسكولوم» (0120025م1(15 13026باه1115) حيث يتحدث شيشرون 
بحماسء وبعكس حديثه الكثير من التأثيرات الرواقية. ونلاحظ أن 
الموضوعات هنا محددة بدقة. غفي الكتاب الأول يعالج فكرة أن الموت ليس 
شراء ويدور الكتاب الثاني حول أن الألم أي ألم يمكن احتماله. أما الكتابان 
الثالث والرابع فيتناولان ما الذي يمكن أن يحدث اضطرابا للتوازنين النفسي 
والعقلي وكيف يمكن علاج ذلك. ويقول الكتاب الخامس إن الفضيلة تكفي 
وحدها لتحقيق السعادة. وهنا يتعاطف شيشرون مع الرواقيين دون أن 
يقبل آراءهم بالجملة أو دونما اعتراض. 

وأظهر شيشرون اهتماما بالفكر الديني وكان «في طبيعة الآلهة» (ء2 
تستصروء2 مستطه]8) أول أعماله في هذا المضمار. وهو يقع في ثلاثة كتب 
وصلتنا مع نقص في الكتاب الأخير ويتخذ شكل الحوار الذي يقول شيشرون 
إنه أداره عام 77 ق. م مع جايوس فيلليوس الأبيقوري. وكوينتوس لوكيليوس 
بالبوس الرواقي: وجايوس أوريليوس كوتا الخطيب الشهير والأآكاديمي. 
والآخير هو الذي يعقب على آراء زميليه الأبيقوري والرواقي فيفندها 
ويرفضها . وفي الواقع يعطي كل من الكتب الثلاثة وجهة نظر المدارس 


1! 06 


شيشرون صانع عصره الاديى 


الفلسفية الثلاث أي الأبيقورية والرواقية والأكاديمية حول طبيعة الآلهة 
والعناية الإلهية. وأنهى شيشرون المناقشة بالتعبير عن رأيه الذي جاء 
«أكاديميا قحا» في صياغته إذ قال (الكتاب الثالث. فقرة 95): «إن برهان 
الرواقيين يكاد يكون هو الصحيح». 

أما «عن فن التنبؤ» فقد نشر فور اغتيال يوليوس قيصر ويتحدث فيه 
شيشرون كعراف مع أخيه حول طبيعة العرافة والتنبؤ. وفي الكتاب الأول 
يطرح الفكرة الرواقية التي تحاول تبرير العرافة على أسس فلسفية . وتدحض 
هذه الفكرة في الكتاب الثاني. وتتاح للقارئ فرصة التعرف عن قرب على 
عالم العرافة والنبوءات بقلم كاتب لا تعوزه السخرية ولا التندر أو بالأحرى 
الشك في طبيعة وظيفته كعراف. وهنا لا يظهر شيشرون أي بادرة للتعاطف 
مع الرواقية. وبعد تأكيد اعتقاده بوجود كائن إلهي يقرر أنه من الأفضل 
الحفاظ على الطقوس التقليدية والشعائر المعتادة. 

وفي إطار الفكر الديني يكتب شيشرون «عن القدر» الذي لم تصلنا منه 
سوى شذرات. وفيه يناقش المؤلف مشكلة الإرادة البشرية وهو هنا يأخذ 
موقفا مخالفا للقدرية الرواقية. 

ومن المحتمل أن يكون مقال «كاتو الأكبر عن الشيخوخة» قد كتب قبل 
مقتل يوليوس قيصر بقليل. وكذلك مقال «لايليوس عن الصداقة» (دناناعم.1 
8ن نمك 26) وهما مقالان صقيلان يعبران عن صلابة شيشرون في وقت 
الشدة. وموضوع «لايليوس عن الصداقة» إشكالي ويطوره لايليوس على 
أسس رواقية ومشائية؛ ويحاوره صهراه جايوس فانيوس والعراف سكايفولا 
وذلك بعد موت سكيبيو الأصغر (129/ ق. م.). ويطرح في هذا المقال السؤّال 
التالي: إلى أي مدى يمكن التوفيق بين الصداقة الشخصية والمعارضة 
السياسية ؟ وبشرح المقال بصفة عامة أسس الصداقة الحقيقية. وأهم 
هذه الأسس هي الفضيلة بالطبع. 

وآخر أعمال شيشرون في الآأخلاقيات هو «عن الواجبات» (15ه015 06) 
الذي انتهى منه في نوفمبر عام 44 ق. م. وهو ترجمة موجزة لعمل بانايتيوس 
«عن السلوك القويم». يعالج الكتاب الأول موضوع الآمانة ويتناول الثاني 
مبداً الفائدة. أما الكتاب الثالث فيشرح الأمانة والفائدة كدافعين للسلوك 
الأخلاقي. ويوضح الصراع بين هذين الدافعين. ويهدف هذا المؤلف بصفة 


17 


الأدب اللاتينى 


عامة إلى إسداء النصح القائم على المبادئ الرواقية حول عدة مشاكل 
تتصل بسلوك الإنسان. ويبدو أنها نصيحة مسداة ومهداة إلى ابنه. ولقد 
وجد هذا المؤلف بصفة خاصة شعبية واسعة بين المسيحيين الأوائل كما لم 
يصادف أي عمل آخر لشيشرون. فاستوحاه أمبروسيوس (340- 397 م (ضي 
كتابه «عن واجبات الكهنة»(ستحممددنهن8 دززء0/6 26) . ويلاحظ أن مؤلفات 
شيشرون الثلاثة الأخيرة بصفة عامة مع «مناقشات توسكولوم» و«دحلم 
سكيبيو» هي التي ظلت تجذب القراء طوال العصور الوسطى عندما نسى 
أو كاد ينسى الجانبين السياسي والخطابي في حياته وذلك حتى أعيد 
اكتشافه إبان عصر النهضة. ويتمثل أكبر تأثير شيشرون في الفكر والأدب 
الأوروبيين في أنه كفيلسوف أعاد صياغة الكثير من الموضوعات المهمة ضفي 
الفلسفة الإغريقية وعلق عليهاء كما ترجع أهميته إلى أنه ابتدع قاموسا 
لاتينيا فلسفياء وهو كناشر صاحب أسلوب مبدع وصانع مرحلة في تطور 
اللغة اللاتينية الأدبية بصفة عامة والفلسفية بصفة خاصة. 


رابسعا: الرساضل: 

لقد أصبحت الرسالة فنا أدبيا منذ العصر الهيللينستي. ولقد استخدم 
تيموثيوس (أواسط القرن الرابع ق. م) الأديب والخطيب إيسوكراتيس لكي 
وتبنى أبيقور-مقلدا أغلاطون-شكل الرسالة وأسلوب إيسوكرايتس لكي يجسد 
مبادىء الفلسفة الأبيقورية. وفى المدارس الفلسفية الهيللينستية كانت توجد 
رسائل ذات مضمون اجتماعي مفيد كما كانت تصاغ رسائل خيالية على 
رويدا رويدا على الرسائل التي خطها المثقفون. وضي رسائل القديس بولس 
إلى أهل كورنثة بقيت آثار هذه الخطابية. 

نشر تيرو سكرتير شيشرون ستة عشر كتابا من الرسائل بعنوان «إلى 
الأقارب (وعنهنانسه7 44) وتغطى ستة عشر كتابا آخر بعنوان «إلى تيكوس» 
السنوات من 44-68 ق. م وقد رأى كورنيليوس نيبوس في هذه الرسائل قيمة 
تاريخية كبرى. وهناك سبع وعشرون رسالة مكتوبة إلى أخيه كوينتوس 
ترجع إلى الفترة التي افترقا فيهاء أي عندما رحل كوينتوس إلى الولايات 


1 8 


شيشرون صانع عصره الاديى 


الرومانية المختلفة فيما بين عامي 59 و 54 ق. م؛ وهناك خمس وعشرون 
رسالة متبادلة بين بروتوس وشيشرون وبينها رسالة فريدة موجهة من بروتوس 
إلى أتيكوس ينتقد فيها شيشرون. وهذه الرسائل جميعا تعود إلى عام 43 
ع 

ويتباين أسلوب شيشرون في هذه الرسائل بصورة ملفتة للنظر فبعضها 
عكر بيشارة شديدة وبعضها الآآخر سطو بسرعة مستافية وإعمال ملموسن 
ودون أي فكرة مسبقة في أنها ستنشر. ولكن بعض رسائل شيشرون تشي 
يان كامها كان يتوق أذ يقراها ترون لا الرسدل الوفمط وذ اناب 
شيشرون شغون بالسعادة الكاسزة عتدما شاع كعوى رسالة ساعة أرسلها 
الى وى قيضو بل إن بسع ليتكي التانى أن وشحقوها بيو كه إشاغة 
رأيه في الموقف السياسي الراهن. وفي المقابل نجد بعض رسائل شيشرون 
أذبا خالصا. آما رسائلة إلى أتيكوس هكانت من الخصوصية بحيث لم يكن 
في نية صاحبها أن ينشرهاء وبالفعل لم تنشر إلا في عصر نيرون. وتظهر 
كافة رسائل شيشرون كيف كان يتحدث المثقفون الرومان. 

على ا م كال كه تحال شيقووم جاهه | 1ن جعل واكله ساني مد 
المرسل إليه. غفي رسالة قصيرة إلى يوليوس قيصر («إلى الأقارب» رقم 
5) يسنان هن شعراء إخريق ويغول: 

«لقد استخدمت أسلوبا جديدا فى كتابة الرسائل عندما شرعت فى 
كتابه رسالتي هذه إليك.. .» ا ا 

ووصلتنا الرسالة التي تسلمها شيشرون من قبل سيرفيوس سولبيكيوس 
الذي أراد بها أن يعزيه في موت ابنته الغالية تولليا. ومما ضايق شيشروز 
كثيرا أن أنطونيوس قد خرج على آداب السلوك الاجتماعي المألوف والعرف 
المقيع إذ قشر نعكى الأسران الى بكصوىيها كيكترون رضالقة إليه ! 

ولعل شيشرون هو الآديب الوحيد بين كافة كتاب العصر الذهبي الذي 
نملك سيرته كاملة بفضل كتاباته هو شخصيا . فهو يتحدث في مؤّلفاته عن 
نفسنة:وملاسات تحياته العامة والتخاضة «وتاهيك:عما تكقف عنه رسائله 
التي تبادلها مع أقرب الناس إلى قلبه ومع كبار شخصيات عصره. وضي 
هذه الرساكل نجن«صاحنها نعف آمنامنا يدمة ولحمه وامالة والامنة: بأفراجه 
وأتراحه. نراه مرة يزهو بنجاحه وأخرى يتمزق لفشله المؤلم. ونتكشف من 


1] 0 


الأدب اللاتينى 


هذه الرسائل جديته ونبل تفكيره وانشغاله الصادق بوطنه وشعبه. ومن 
خلال هذه الرسائل نطلع على سريرة صاحبها وهو يجلس إلى نفسه متأملا 
أو مدبرا هذه الخطة أو تلك. وهي خطط قد ينفذها أو يعدل عنها فيما 
بعد . وترسم هذه الرسائل صورة لشيشرون الإنسان: فنجده رجلا غاية في 
الإخلاص لأسرته وأصدقائه بل لخدمه. إننا أمام عقلية نشطة تنهل من 
أنهار الأدب الصافية وينابيع الفلسفة والعلم المتدفقة ولا يشبع له ظمأ حتى 
نهاية العمر. 


خامسا: الأشعار: 

أراد شيشرون أن يحصل على الشهرة في ميادين كثيرة مما دفعه إلى 
تجريب نفسه وموهبته في الشعر. فبعد محاولة صبيانية في الشعر الملحمي 
تمثلت في «جلاوكوس البونطي: (كتانام20 كتاعنية[ ) ؛ التي ظلت موجودة 85 
عصر بلوتارخوسء استمر في محاولات أخرى إبان فترة الشباب؛ وانتهى به 
الآأمر إلى أن يكرس جهوده الشعرية في الترجمة فترجم «الظواهر» 
(8دعدمممعقطام) للشاعر السكندري أراتوس. ومن القسم الأول الذي يحمل 
اسم «أراتوس» أو «الأراتيات» (2:68:ه) عنوانا وصلتنا شذرات لا بأس بها. 
أما القسم الثاني وعنوانه «علامات التنبؤٌ بالطقس» (2ء50همع2:0) فقد 
ذكره شيشرون نفسه مرارا على أنه قصيدة منفصلة. وعلى أي حال من 
هذا القسم أفاد فرجيليوس كثيرا وهو يصوغ «الزراعيات». 

ومما يمكن جمعه من معلومات عن أشعار شيشرون المبكرة نستنتج أنها 
قصائد متنوعة من حيث الوزن والموضوعات. فمن «جلاوكوس البونطي» 
سالفة الذكر إلى «طيور القاوند» (وههمر1ه7)81”) و«المفتون بزوجته» 
(دناتده::ن])؛ و«النيل» (1-5ز/2) . ولعل في هذا ما يشي بأن شيشرون كان يحاول 
أن يكون رائدا لحركة التجديد السكندرية. كما أن اختياره لترجمة «الظواهر» 
لأراتوس له مغزى واضح لأن هذه القصيدة أثارت إعجاب هؤلاء الشعراء 
الشبان المجددين. 

وعلى أي حال فلشيشرون مترجمات شعرية أخرى تبدأ من أبيات متفرقة 
إلى فقرات كاملة. ومن هوميروس إلى شعراء التراجيديا الإغريق. فقد 
ترجم جزءا كبيرا من «بنات تراخيس» لسوفوكليس *" على سبيل المثال. 


شيشرون صانع عصره الاديى 


وبعد تقلده منصب القنصلية ونفيه أراد شيشرون أن ينظم بعض القصائد 
في الترجمة الذاتية فنظم «عن القنصلية» ودعن عصره». وهي قصائد لم 
تلق قبولا لدى معاصريه الذين سئموا حديث شيشرون عن نفسه وأمجاده. 
ولم يصلنا من هذه القصائد سوى 72 بيتا يتندرون بها لما اتسمت به من زهو 
مبالغ فيه. فأطفال المدارس عبر كل العصور التالية قد تعلموا كيف يضحكون- 
بفضل ما حفظه لهم كوينتيليانوس ويوفيناليس 7"-عندما يرددون بيت 
شيشرون المشهور: 

يالحظ روما أثناء فترة وجودي قنصلا ! ونظم شيشرون ملحمة بعنوان 
«ماريوس» وإن كنا لا نعرف متى تم ذلك. 

يفتقد شيشرون كما هو واضح الخيال الشعري وقوة الحركة والتنويع 
في الوقفات: ولعل أهم ما يقدمه شعر شيشرون لدارس الأدب اللاتيني هو 
أنه يمثل مرحلة من مراحل تطور الوزن السداسي فيما بين إنيوس 
وفرجيليوس. ومع ذلك فالاعتماد على هذا الشعر غير مأمون النتائج لأن 
هذه الأشعار لم تصل كاملة كما فقدت قصائد الشعراء الآخرين المعاصرين 
له. يقول بلوتارخوس في السيرة التي كتبها عن شيشرون أن الأخير كان 
يعد أفضل الشعراء كما كان أفضل الناثرين في عصره. ويقول بلوتارخوس 
أيضا إن شعر شيشرون قد أهمل بعد ذلك عندما ظهر شعراء أفضل منه 
كثيرا . ويمكن فهم هذه الشهادة في ضوء الفجوة الموجودة في الشعر اللاتيني 
قبل ظهور كاتوللوس وحركة التجديد السكندرية من ناحية؛ ولوكريتيوس 
من ناحية أخرىء أي فيما بين عامي 60 و 55 ق. م. وإذا كان كوينتيليانوس 
ويوفيناليس قد سخرا من شيشرون شاعرا . فلعل مرد ذلك أنه في عصرهما 
كانت الأذن قد تعودت على أشعار فرجيليوس وغيره من فحول الشعر 
اللاتيني في العصرين الذهبي والفضي. وآنذاك لم يكن شيشرون الشاعر 
صالحا قط لمثل هذه الأذن: ففيه كلف شديد بالجناس الصوتي والطباق 
والقافية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن شيشرون قد أعجب بإنيوس وصرخ 
قائلا «ياله من شاعر رائع»عندما قرأ أبياته التالية: 

«رأيت كل هذا يحترق بالعنف يموت برياموس وبالدم يتلطخ مذبح جوبيتر» 

حيث يلمس من يقرأ النص اللاتيني الجناس الصوتي والقافية بشكل لم 
يسبق له مثيل. بل لم يتكرر في الشعر اللاتيني إلا في عصور التدهور. 


الأدب اللاتينى 


وربما تصف أبيات إنيوس تدمير طروادة في إحدى تراجيدياته المفقودة. 

كان موقف الرومان بصفة عامة من الخطابة ذا جانبين: في الجانب 
الأول نجدهم يفضلون الخطبة القوية الموجزة بلا زخرف أو زركشة. وهذا 
الذوق هو حصاد المبادئ الرواقية التي لم تر في الخطابة خيرا إن لم تقم 
على حجة تقارعها حجة بحيث تنتصر الحقيقة في النهاية. هذه إذا الخطابة 
الجدلية التي يمثلها خير تمثيل بوبيليوس روتيليوس روفوس. أما الجانب 
الثاني للذوق الروماني الخطابي فيستجيب للطابع العاطفي في الشعب 
الإيطالي. وإذا كان أرسطو قد أكد أهمية العاطفة للخطابة فإن شيشرون 
قال: إن الخطيب عليه أن يؤثر على مستمعيه لا أن يسر أو يقنع. ومما 
يحكى عن الخطباء الرومان القدامى أن سيرفيوس سولبيكيوس جالبا (قتنصل 
عام 144 ق. م.) كان قد اتهم بالقسوة والخيانة. ومثل أمام المحكمة ولم 
يحصل على البراءة إلا بفضل خطبته الجياشة بالعاطفة. ذلك أنه فيما 
يحكى- أ حضر إلى المحكمة أطفاله يبكون وهو يستحثهم على البكاء بدموعه 
وكل ذلك بهدف استثارة موهبته الخطابية والتأثير فى المحكمة. وإذا كانت 
هده القضة شيه أسطورية فيي على الأكل تكسن حفيقة وجود الأسلوت 
العاظفي كن الإلقا ا 

وحتى سن الخامسة والعشرين كان شيشرون يلقي خطبه بحدة بالغة 
صوتا وحركة بدنية حتى أن صحته قد تأثرت. وبعد زيارته لرودس ومقابلة 
مولو تعلم شيشرون ضبط النفس. ومع ذلك فمن الملاحظ أن شيشرون كان 
يتمتع بحاسة الممثل ويعيش اللحظة التي يخطب فيهاء حتى أن كوينتيليانوس 
سماه «ذلك المعبر العظيم عن قلوب الناس»29). وضي الحقيقة استغل شيشرون 
معرفته بممثلين مرموقين مثل أيسوبوس وروسكيوس قدرباه على الإلقاء 
الدرامي. وهكذا يعود نجاح شيشرون كخطيب إلى تعاون عدة مواهب في 
شخصه بما في ذلك الدهاء وروح الدعابة أو السخرية حتى أن قيصر 
سماه «رائد وميدع الفصاحة». 

على أي حال فبعد فقترة من الزمن وفي أواخر عمره تحول شيشرون عن 
الحدة في الإلقاء والزخرف في القول؛ ومع ذلك كانت خطبه لا تزال دفاقة 
بالدفء. فعندما رغب بروتوس ضي أن ينشر خطبه التي ألقاها على الشعب 
بعد اغتيال قيضر سلم النص إلى شيشرون لينقده ويقومه. طقال شيشرون 


شيشرون صانع عصره الاديى 


لصديقه أتيكوس إنه لم يستطع أن يفعل شيئًا لآن الخطبة كانت من البرود 
والجفاف بحيث لا يمكن علاجها . وتمنى أن يكون الموضوع قد أوكل إليه من 
البداية لكان عندئذ قد صاغ الخطبة بطريقة مختلفة تماما . وجدير بالذكر 
أن خطبة بروتوس هذه هي التي يستغلها شكسبير في مسرحية «يوليوس 
قيصر» (الفصل الثالث المشهد الثاني). 

يطالب شيشرون الخطيب بان يهيمن على كل أساليب الخطابة»؛ ويقول 
إن ليسياس ببساطته المتناهية لا يصح أن يكون نموذجا عاماء كما أن 
كالفوس لاتباعه خطى هذا الخطيب الإغريقي قد صار هزيلا ومملا لا 
يستطيع أن يتقبله الرجل العادي. أما الخطيب الإغريقي الكامل فهو 
ديموسثنيس. وسنتوقف لحظة لنبين أن وضوح وبساطة ليسياس كانا 
مطلوبين تحت وطأة الدكتاتورية القيصرية التي أخمدت صوت الخطابة 
السياسية. أما بعد اغتيال قيصر فقد عاد الحماس من جديد لديموسثنيس 
حتى أن شيشرون يعنون خطبه ضد أنطونيوس ب «الفيليبيات» مستعيرا 
عنوان ديموسثنيس لخطبه ضد فيليب المقدوني. ولكن شيشرون كان يحاول 
أن يتأقلم مع التيار العام للذوق الروماني حتى أنه في خطبه الأكثر نضوجا 
نلاحظ أن أسلوبه أقل آسيوية وأقل إيسكوكراتية وإن كان أكثر طواعية 
وتماسكا. بل إن هذا الأسلوب يظهر في الخطبة الفيليبية التاسعة. 

لطالما قال شيشرون إنه بعد فترة قنصليته يتمنى أن يتمتع بوقت فراغ 
وقور بأن فيكرس نفسه لممارسة حرقة الآدب. ولكن الذي حدث بعد قنصليته 
أنه واجه المتاعب ست سنوات ولم ينل وقت الفراغ؛ وإنما فرض عليه بقليل 
من الاحترام م و الوقار عام 56 ق. م على يد رجال الائتلاف الثلاثي الأول. 
ومنذ ذلك التاريخ شرع شيشرون في وضع أسس النثر الأدبي اللاتيني. 
واختار شيشرون شكل المحاورات ولكنها ليست محاورات أفلاطونية بل هي 
أميل إلى أن تكون أرسطية تناسب طبيعة الخطيب. وفيما تتناول الشخصيات 
أحاديث طويلة ويطرحون آراءهم المستقرة لديهم سلفاء أو ليست وليدة 
الحوار. وعلى الذين أفسدهم تفوق أغلاطون في المحاورات أن يطلعوا على 
محاورة فارو «الشؤون الزراعية» لكي يقدروا قيمة محاورات شيشرون. 

يناقش شيشرون مسالة أن اللغة اللاتينية أقل قدرة على تركيب الكلمات 
من اللغة الإغريقية) «الخطيب» 164). لقد دخل أجانب كثيرون روما إبان 


الأدب اللاتينى 


القرن الثاني ق. م ومنهم ذلك العبد الأفريقي ترنتيوس الذي حياه قيصر 
بأنه «محب للغة الصافية». وهذا ما سبق أن أشرنا إليه في الباب الآول. 
لقد كانت الإمبراطووية الرومائية الذي تضم شعوبا عدة بعاجة إلى لاتينية 
غافية فقيه الأخريقية العافية (2082) التي سادت إبان العصر الهيالينستي. 
وكان شيشرون في خطبه حريصا على أن يستخدم كلمات صحيحة ومقبولة 
ولكنها أيضا منتقاة بعناية حتى أننا لا نجد عنده كلمات منحوتة لا ترد في 
خطبه سوى بضع كلمات إغريقية قليلة للغاية. وهي جميعا في خطبه ضد 
فيريس وعن جزيرة صقلية التي هي إغريقية الثقافة واللغة. ولقد آثار 
صفاء لغة شيشرون القديس جيروم فتحدث عن «النقاء اللغوي الشيشروني 
أو التوللياني» نسبة إلى «تولليوس» الاسم الذي عرف به آنذاك. 

ينتقد شيشرون أولئك الذين يستخدمون ألفاظا قديمة مهجورة وكذلك 
الذين ينطقون اللغة اللاتينية على الطريقة الريفية الفجة فيسقطون حرف 
ال (5) في نهاية الكلمات؛ وينتقد كذلك بعض الكتاب الأبيقوريين الذين 
يستخدمون اللهجة السوقية (115" 0«مه566) . وفي رسائله يستخدم شيشرون 
لغة مخالفة للفة خطبه: فهو يكتب ببساطة وتلقائية ويستخدم اللغة العامية 
الدارجة؛ بل توجد في رسائله 850 كلمة إغريقية ولا سيما في رسائله إلى 
أتيكوس الذي كان يقيم في أثينا معظم الوقت. ويلاحظ أن الكلمات الإغريقية 
شائعة في الكوميديا الرومانية ولا ترد على الإطلاق في التراجيديا ولا في 
أي ضرب من ضروب الأدب اللاتيني الجاد. 

أما في كتابات شيشرون الفلسفية-وهي بالطبع تعتمد على المصادر 
الإغريقية-فقد بذل صاحبها جهدا مضنيا في سبيل إيجاد المصطلح اللاتيني 
الذي ينقل المعاني الإغريقية الفلسفية. واضطر أحيانا لاستخدام كلمات 
قديمة بمعان جديدة؛ أو لنحت بعض المصطلحات. بل لجا إلى المجاز أحيانا . 
لقد تميزت اللغة اللاتينية بثقل الوزن الصوتي والإيجاز البليغ. ونلاحظ أن 
معظم عطاء شيشرون اللغوي 2 تركز في الجانب الصوتي وهو بذلك يعد 
خير خلف لخير سلف وهو إنيوس. ومع أنه بلغ أحيانا حد الإيجاز المذهل 
إلا أنه ترك للاحقيه مثل ساللوستيوس وهو راتيوس وتاكيتوس أن يصلوا 
باللغة اللاتينية في هذا المجال إلى درجة الجمال. 

وجد المسيحيون الأوائل في «حلم سكيبيو» ما أعجبهم عن فكرة الخلود . 


54 


شيشرون صانع عصره الاديى 


أما «هورتينسيوس» فهي المحاورة التي غيرت مجرى حياة أوغسطين وجعلته 
يتجه إلى الله («الاعترافات» 3, 7-4). وقبل هؤلاء كان تيتوس ليفيوس قد 
نصح كل من يريد أن يكون خطيبا أن يقرأ شيشرون وديموسثنيس قبل أي 
شي آخر. ومع أن الشعراء الأوغسطيين لا يذكرون شيشرون إلا أن ذكراه 
قد فرضت نفسها فرضا باعتباره خصما لغريم أوغسطس أي أنطونيوس, 
ومن ثم فإن اسم شيشرون ظل ماثلا في المدارس الخطابية. وأعجب به 
سينيكا الآكبرء وبوصفه خطيبا ومنظرا للخطابة امتدح أسلوب شيشرون. 
وكان شيشرون بالنسبة لكونيتيليانوس خطيبا كاملا وقال: «إنه لم يعد اسم 
رجل بل صار مرادفا للبلاغة». وأظهر بلينيوس الأصغر شغفا فائقا برسائل 
شيشرون وكذلك فرونتو مستشار ماركوس أويليوس. وهكذا امتد خيط 
التأثير الشيشروني من العصر الذهبي في الأدب اللاتيني إلى آباء الكنيسة 
ولا سيما لاكتانتيوس الذي وصف جيروم مؤّلفه «التعليم الإلهية» (وعممةنطنادمآ 
ع21518) على أنه «نهر من البلاغة الشيشرونية». ولقب بيكو (مءذم) 
لاكتانتيوس بلقب «شيشرون المسيحي». 77 


ذارو باحنا موسوعيا 


عاصر شيشرون كلا من ماركوس بروتوس (85- 
2 ق. م) وأسينيوس بولليو(76 ق. م - 4 م) وهما 
خطيبان أتيكيان. كما عاصر الكاتبين ماركوس 
كايليوس روفوس (48-82 ق. م) ولوكيوس موناتيوس 
بلاتكوس (ماكيمل 3هاق: م وهما عفان نيج 
شيشرون نفسه. ومن أشهر الخطباء الذين عاصروا 
شيشرون كوينتوس هورتينسيوس هورتالوس -١14(‏ 
هورتينسيوس وهو لا يزال في التاسعة عشرة من 
شيشرون انزوى هورتينسيوس إلى منطقة الظل. 
وظل هذان الخطييان صديقين سواء التكيا حون 
قضية كحليفين أو واجه كلا منهما الآخر كخصمين. 
ولزم هورتينسيوس الأسلوب الآسيوي حتى النهاية 
رجال الائتلاف الثلاثي الثاني فعارضت قانون فرض 
ضريبة على ممتلكات النساء. وكانت خطبتها ناجحة 
جا فقث ليا الشيية: اما جايوش ليكيتبوين 


]57 


الأدب اللاتينى 


كالفوس (47-82 ق. م) الشاعر فلم يكن خطيبا ماهراء وكان ماركوس كاتو 
الرواقي أو الآتيكي (46-95 ق. م.) خطيبا ذا شأن. 

ولكن من حيث القيمة الفنية والمهارة الإبداعية لا يأتي بعد شيشرون 
سوى ماركوس ترنتيوس قفارو (20ة7؟ 5لاتامعتاء'34.1) من رياتي (طوع؟).: والذي 
عاش بين عامي ١16‏ و27 ق.م. كان على علاقة وثيقة برائد العصر شيشرون, 
ولكنه لم يكن ذا أهمية كبرى كخطيب فهو يت يتبع الأسلوب الآسيوي .أما 
كفيلسوف وناظم أشعار الساتوراء وقبل كل شيء اكفاك موسوعي وباحث 
مدقق في مسائل كونية فيعد علما من الأعلام. فاق فارو كل معاصريه؛ بل 
إنه من حيث غزارة الإنتاج الأدبي والإنجاز والتأثير بعد موته قد بز شيشرون 
نفسه. فقد كتب حوالي 620 كتابا وهو نتاج قياسي لم يصل إلى مستوى 
حجمه أي مؤلف روماني آخرء وربما لم يصل إليه أي مؤلف إغريقي كذلك. 
وتشمل هذه الأعمال فن الهجاى. والذكن اللاهوتي. وعلم الاشتقاق اللغوي 
والملاحة وما إلى ذلك من موضوعات شتى ..ولقد تعمجب القديزر أوغسبطين 
في «مدينة الله» (206) كيف توافر لفارو الوقت ليقرأ كل ذلك ثم يكتب عنه 
بل كيف تسنى له أن يسطر كل تلك الكتب التي يعيا القراء عن استيعابها 
١‏ وبالإإضافة إلى ذلك كان فارو قائدا بحريا وبريا وكوفىئّ لشجاعته في سن 
الخمسين. وأدار عدة مزارع كبيرة وشغل مناصب كثيرة بما في ذلك 
البرايتورية وأمانة المكتبة العامة التي كان يخطط قيصر لتأسيسها . وأفلت 
من قبضة أنطونيوس بأعجوبة. 

وللأسف الشديد فقد أضاع الزمن أعمال قفارو فيما عدا مؤلفه «في 
اللغة اللاتينية» حيث وصلتنا منه ستة كتب في حالة رثة. أما مقاله «ضي 
الزراعة» فقد وصلنا كاملا. وبالطبع لن نستطيع أن نستعرض كل العناوين 
التي عرقناها لفارو ومن ثم فسوف نتعرض لبعضها فقط. 

يقع مؤلف فارو «الآثار القديمة» (665ةانسوناهة) في 4١‏ كتاباء تحمل 25 
كتاب منها عنوانا فرعيا هو «عن الآثار الإنسانية». أما الكتب الستة عشر 
الباقية فتاتي تحت عنوان «الآثار الإلهية» وهي مهداة إلى قيصر بوصفه 
الكاهن الأعظم. ومن المحتمل أن يكون هذا القسم قد نشر عام 47 ق. م 
ويعد المصدر الرئيس للديانة الرومانية القديمة ومن ثم فضياعه يعتبر 
حسارة حسينة: 


فارو باحث موسوعيا 


وكتب فارو «عن حياة الشعب الروماني» (ناصدده8 نانام0ط ماذلا 26) وهو 
يدخل في باب التاريخ الثقافي. وكتب كذلك «عن سلالة الشعب الروماني» 
(تصقددهع تانامهط عنمعءع6 26) حيث يحاول قارو أن يضع لروما تراثا أسطوريا 
علق تمطل التراك الافروق رركا ودود إلى قارو كملاع القارية الرزيساني 
الذي يبدا منذ تأسيس المدينة عام 753 ق. م.. أما «السباعيات» 
(وعلقتدملء8) أو «الصور» (5عصنعهمس1]) فهي مؤلف قد اكتمل عام 39 ق. م 
ويضم مجموعة من 700 صورة لشخصيات إغريقية رومانية مهمة في عالم 
السياسة والحرب والآدب.. . الخ. وكان يرفق بكل صورة نص أدبي شعرا 
كن ا رنثرا وق قسمها الات الريساكة تجموعة نظلم كل (منها سبع صيزو: 
ومن هنا جاء العنوان «السباعيات». 

أما مؤلفه «كتب التعليم التسعة» (©1 تنآ مستصهمنامنه015) فهو في التعليم 
الموسوعي الذي يرجع تطوره إلى العصر الهيللينستي. ويعالج غارو في هذه 
الكتب النحو واللهجات والخطابة والهندسة والحساب والفلك والموسيقى 
والطب والعمارة. تقدم الكتب السبعة الأولى موضوعات تعليمية عامة هي 
موجسلابات عليه الرجل الفاشل:وسميها غاروبالتذوح الحرة از افيه 
(5هلهمءطنآ دعاتة) وهي العبارة التي ورثتها العصور الوسطى كجزء من البرنامج 
الدراسي في المدارس. ومن المرجح أن هذا العمل من نتاج شيخوخة فارو. 

ومن حسن الحظ أننا نمتلك الكتب من 10-5 من مؤلف فارو الهام «ضي 
اللغة اللاتينية» (5منامآ ددومنآ ء2) الذي يضم أصلا25 كتابا. وكانت الكتب 
من 5- 25 مهداة إلى شيشرونء ومن ثم فهي مؤّلفة قبل عام 43 ق. م. وضي 
هذا المؤلف يتبع فارو أسلوب شيشرون في «الأكاديميات»: أي أنه يعرض 
أولا الآراء المناقضة لرأيه ثم يشرع في تفنيدها والرد عليها. 

وكتبت «الهجائيات المينيبية» (عدءممندمعء]2 156د53) المائة والخمسون فيما 
بين عافي 81 و67 قح وهئ تجمعبين الشعر والتكر ومخاط الواقعي 
بالتمثيلي مع وجود عنصر أخلاقي. وفي إحدى هذه المقطوعات ينصح 
فارو قراءه كيف يعدون وليمة وعدد الضيوف المناسب ونوع الحديث الذي 
يتلاءم مع هذه المناسبة. وفي بعض هذه المقطوعات يسخر قارو من الصراع 
بين المدازس الفلسفية والعبادات الأجنبية اللستوردة إلى داخل روما ويعارض 
بعض الأساطير بتهكم. ثم يعقد مقارنة بين روما القديمة وروما الحديثة 


56 


الأدب اللاتينى 


لصالح الأولى طبعا. 

وفي مؤّلفه «ابن الستين» (315وء56208) يستغرق أحد الرومان في النوم 
العميق وكان عندئذ في سن العاشرة ولم يستيقظ إلا بعد خمسين سنة 
فوجد نفسه بعيدا عن منزله ومدينته. لقد تغير كل شيء عما كان عليه في 
صباه. وفي النهاية وبعد فشل كل محاولاته في التأقلم مع الأوضاع الجديدة 
يلقي هذا الرجل بنفسه من فوق أحد الجسور في نهر التيبر. لقد تأثر فارو 
هنا بكتابات لوكيليوس وبفن الميموس. لكن هذا الموضوع الذي يعالجه في 
«ابن الستين» قد عالجه مؤلفون عديدون في الشرق والغرب ومنهم توفيق 
الحكيم في مسرحية «أهل الكهف». 29) 

وبعد أن بلغ فارو الثمانين كتب «الشؤون الزراعية» الذي يبدأ بالقول: 
«لو كان عندي وقت يافوندانيا لكتبت لك على مهل ولكنني سأقول لك ما 
أريده فورا لآنني في عجلة من أمريء وإذا كان الرجل-فيما يقولون-فقاعة 
سريعة الذوبان فما بالك بمن هو عجوز مثلي». 

وتحدث في الكتاب الأول عن الزراعة؛ وفي الثاني عن الغلال: وفي 
الثالث عن كردية الطيور والأسماك. وهذا الكتاب الككبيريكان يكون كاملا 
بين أيدينا. وفيه نجد عرضا شائقا بفضل الحوار الجذاب والذكاء اللماح 
واللغة البداتية. 

وبصفة عامة تمتع قارو بعقلية موسوعية مكنته من هضم التراث 
الإغريقي الفكري والعلمي. فاستطاع أن يطبق نظرياته على الشؤون 
الرومانية. ولقد وضع فارو نظاما تربويا لا يزال ساريا إلى حد ما في 
أوروبا إلى يومنا هذا . فالفنون الحرة الثلاثة (مستحتن) أي النحو والخطابة 
واللهجات كانت تؤلف الجزء التمهيدي من الفنون الحرة السبعة في مدارس 
العصر الوسيط. أما الآريعة الباقية (جد20:1دن) فهى الهندسة والرياضة 
والفلك والموسيقًا. جاءت فكرة الفنون السبعة الشرةامذوق مؤلى فاروكفن 
التعليم التسعة» الذي أنجزه في الثمانينات من عمره. وهكذا يمكن القول 
إن نظام التعليم الجامعي في أوروبا الحديثة والمعاصرة يدين بشيء ما 
لفارو. 

وتأثر غارو بالرواقية في اهتمامه بالاشتقاق اللغوي حيث يستخدمه 
كدليل لإثبات نظريته حول ما قبل التاريخ في إيطاليا. وهنا نلمح اعتقاده 


1600 


فارو باحث موسوعيا 


بأن التاريخين الثقافي واللغوي لا ينفصلان لأنهما صنوان. وينبغي أن ندرس 
اللغة بدقة لأن ذلك يلقي الضوء على الحياة في إيطاليا القديمة التي أحبها 
فارو بشدكدولا ودهشنا أن يجتمع القاريج الاجماعن مع الفراث الززاعى 
في كتاب عن اللغة أكثر من اندهاشنا لوجود اشتقاقات لغوية في كتاب «عن 
الرواعةو وقول كارو مكلا إن والخور» (تمهم) علمة جاءت من إن الاين 
كلتو كن البو ايا يطاحهون رقيات التي شام الذكل اطامة قمائن 
(كتتطوم) 2 


١‏ ا 


مؤلفات ساللوستيوس 
وكتابات تاريخية أخرى 


اهتم صديق شيشرون كورنيليوس نيبوس 
أصلا من جنوب إيطاليا وهو الذي أهداه كاتوللوس 
أشعاره مع تلميح إلى «حولياته» (دءنهممطه) التي 
ذكرها جيلليوس وكتاب آخرون ولاحقون ولكنها لم 
والرومانية وتعالج الأساطير على أنها التاريخ المبكر. 
على أي حال يعرف كورنيليوس نيبوس ككاتب للسير 
لها كاتو الآكبر وشيشرون. ومؤلفه الرئيس هو 
«مشاهير الرجال» (كناطتادن1!] وترزا ء2) الذي يقع 
لشخصيات إغريقية ورومانية مقسمة إلى 
مجموعات كما هو الحال في «الصور» لفارو. ولم 
يبق لنا من كورنيليوس نيبوس سوى «عن قادة 
الشعوب الأجنبية البارزين» 

(10أ122ع5 حطتتتةةاعاءرء كتاطاعندل دتاطتامع[اءعى»هء ع0[) 

وسيرتين من كتابه «عن المؤرخين اللاتين» (ء2 

ونصناة.] دتلعةماوتط) . ولقد اعتمد كورنيليوس نيبوس 


065 


الأدب اللاتينى 


على مصادر هيللينستية. ولاحظ بلينيوس الأكبر أنه لم يتمتع بعقلية نقدية. 
ويمكن القول إنه يمثل الأدباء متوسطي الثقافة في روما. 

وجدير بالذكر أن كورنيليوس نيبوس 7*) قد كتب سيرة مفصلة لصديقه 
وصديق شيشرون تيتوس بومبونيوس أتيكوس (109- 32 ق. م.)؛ وكان رجل 
أعمال وناشدا ذا ثقافة عالية. واهتم كورنيليوس نيبوس بتاريخ ونسب 
الأسر الرومانية على نحو خاصء وكتب «الكتاب الحولي» (للهصسك ءءطن1) 
المنشور عام 47 ق. م. وهو تاريخ سنوي للمدن ويتسع للسياسة ونسب الأسر 
والآدب. واعتمد المؤلف في كل ذلك على فارو. 

والذي يستحق عن جدارة لقب المؤرخ هو جايوس ساللوستيوس كريسبوس 
(5نام015 5011191005 .0) . ولد في مدينة أميتيرنوم السابينية عام 86 ق. م؛ 
وحاول مثل شيشرون أن يبني لنفسه مستقبلا سياسيا كرجل عصامي أو 
جديدء فانخرط في الصفوف تحت زعامة قيصر وشغل منصب الحاكم 
انالى كوا بسترن هه رضاية الاتتاؤف الثلاكى الأول كم منار نتيا اللساقنة 
أي تربيون عام 52 ق. م؛ وكان خصما قويا لكل من ميلومن لانوفيوم (مات 
عام 48 ق. م) وشيشرون. ولم تكن حياة ساللوستيوس الخاصة أفضل:وريما 
ليست أسوأ-من حياة الطبقة الرومانية العلياء والتي انتقدها في وقت لاحق 
بشدة وعنف. بل إن أسلوبه في الحياة مكن خصومه من الهجوم عليه. 
فطردوه من مجلس الشيوخ كواحد من المتحيزين لقيصر. وأعاده قيصر 
عام 47 ق. م. وبعد أن تولى منصب الحاكم القضائي أي البرايتور عام 46 
ق. م تولى حكم ولاية أفريقيا كنائب قنصل. وهكذا أشبع ساللوستيوس 
طموحه ورغباته وحصل بعد ولايته الآفريقية على براءة من تهمة بالابتزاز 
مما يدل على أنه كان يتمتع بنفوذ كبير. وكانت منازل وحدائق ساللوستيوس 
مشهورة والتي لا تزال آثارها موجودة على جبل بنشيو, وصارت من ممتلكات 
واستراحات أباطرة الرومان فيما بعد. ومات ساللوستيوس عام 35 ق. م. 

وكتبت جميع أعمال ساللوستيوس التاريخية في العقد الأخير من حياته. 
أي فيما بين عامي 45 و 35 ق. م؛ بعد أن كان قد اشمئز من الحياة السياسية 
ولا سيما دسائس أنطونيوس وعملائه في مجلس الشيوخ. فأعمال 
ساللوستيوس التاريخية إذا تأتي بمثابة الفصل الختامي لدراما حياته الحافلة 
بالأحداث. ولكنه بالإضافة إلى ذلك أراد أن يفسر التاريخ وأن يجعل دراسته 


1 4 


مؤلفات سللوستيوس وكتابات ناريخيه أخرى 


شيئا مفيدا للانسانية. وهكذا انتهى به الأمر إلى الاعتقاد بان من حق 
العو | سك بالحعرام يطاال بها يمام يه ردل الدولة النشط + وتعل مين 
الواضح أن مؤّرخا واعيا إلى هذا الحد بطبيعة عمله لا يمكن أن يضيع وقته 
فى تسطير« حوليات» بسيطة. ولكنه بالقطع سيبحث فى داخل الأشياء 
ويتفحص أعماق الأحياء تنقيبا عن معنى التاريخ وجوهره. 

كتب ساللوستيوس عملين يتناول كل منهما موضوعا واحدا بعينه: الأول 
عن مؤّامرة كاتيلينا بعنوان «حرب كاتيلينا» وشرف عادة باسم «كاتيلينا». 
والثاني بعنوان «حرب يوجورثا» ويعرف عادة باسم «يوجورثا». ولعل اختيار 
ساللوستيوس الموضوعين يشى بدلالة مميزة. أما مؤلفه الثالث «التواريخ» 
فيبدأ من عام 78 ق. م؛. ويصل إلى عام 67 ق. م في الكتاب الخامس الذي 
لم يتم. وإذا كان هذا المؤلف ضربا من الصياغة الفنية للمؤرخين السابقين 
فيبدو أنه لم يحتل أهمية كبيرة في العصر القديم بدليل أنه فقدء ولم 

ومع ذلك يحتل ساللوستيوس مكانة خاصة بين مؤّرخي الرومان» فالتاريخ 
بالنسية له عمل فنى بالدرجة الأولى. ولقد ساعده ذلك على التخلص من 
خطابية مؤرخي العصر الهيللينستي تأثرا بإيسوكراتيس من جهة. كما لم 
ينزلق إلى ما انتهى إليه مؤلفو سيرة الإسكندر الأكبر شبه الأسطورية من 
ديه أخو دربهاناوس وض لبنس موريكا برجم يا ككل بو لبسيوسن الا شري 
أو نظيره الروماني سيمبرونيوس أسيلليو (ازدهر حول عام 133 ق. م017, 
ذلك أن ساللوستيوس يضع نفسه خليفة لثوكيديديس مباشرة. ولذلك لم 
تكن الأحاديث المباشرة ولا الرسائل المتبادلة ولا الاستطرادات المطولة من 
هين القغرق البرامتسترولكتها كاحدكبا رمو العان عله كيدي 
توكيديديس يفحص الحقائق بعقلية نقدية يقظة ساللوستيوس فيحكم على 
التاريخ من منطلق رؤية مسبقة ويتعصب لرؤيته هذه تعصبا معيبا. حقا إنه 
ولذا نجده كثيرا ما يكرر عبارة «بقدر ما نستطيع من الدقة....» وقبل كل 

لقد سبق أن أعلن سيمبرونيوس أسيلليو أن السرد وحده لا يصنع 


65 


الأدب اللاتينى 


مؤرخا. فالمؤرخ ينبغي أن يكشف عن الأسباب والدوافع ويحلل أيضا النتائج. 
ولقد طور شيشرون هذا الرأي («عن الخطيب» ,2 63): وأضاف بأنه ينبغي 
أن تكون الشخصية الفردية محل عنايتنا. وهاهو ساللوستيوس يحاول أن 
يحقق هذه المطالب واضعا أمام عينيه نموذجه توكيديديس. ولكنه كان 
يفتقد قدرات هذا المؤرخ الإغريقي وموضوعيته. 

بالنسبة لساللوستيوس كانت «الشهرة» هي غاية ومحرك كل نشاط؛ 
وهي شهرة ينبغي الحصول عليها عن طريق الفضيلة:؛ والفضيلة هنا أليست 
تلك التي يتحدث عنها الفلاسفة وإنما هي فضيلة رجال روما القدامى. 
الفضيلة العملية التي أثبت التاريخ صدقها بالفعل لا بالقول النظري. هذه 
الفضيلة هي التي صنعت مجد روماء أما الذي أدى إلى تدهورها فهو 
الطموح والطمع في السلطات وكذا حب الثراء والرخاء. 

يبدأ ساللوستيوس «كاتيلينا» بالحديث مباشرة عن التدهور الأخلاقي 
العام في روما (5. 8): ثم يقدم (13-1) موجزا لتاريخ روما الاجتماعي 
والسياسي. فحيثما كان الشرف والوطنية يوجهان سلطة الأفراد ازدهرت 
الدولة (7). وعندما وصلت روما إلى ذروة المجد دبت وتوطنت في جسدها 
جركومة اكرضن :والفسياذ (10ى 8) إذ ظقن 'الطموح والطمع وقطي الخراء 
والرخاء وكذا الاسترخاء على سائر الفضائل الرومانية القديمة. فبعد أن 
زال الخطر الخارجي بتدمير قرطاجة عام ١46‏ ق. م بدأ التدهور الروماني 
يطرد . وعلى أي حال فهذه أحكام عامة تحتاج إلى كثير من الجدل والتثبت, 
وتختلف حولها الآراء والنظريات. ويبدو أن ساللوستيوس في تحليله هذا 
قد تأثر بكل من أغلاطون وكسينوفون وبوليبيوس وبوسيدونيوس. وهو يتفق 
مح الأخير في كثير من النقاط ولا سيما فكرة أن الخطر الخارجي كانت له 
تأثيراته الحسنة على روما . وفي كتابات ساللوستيوس نلمس ملامح التأثير 
الرواقي والأبيقوري. ويبدو أنه كان انتقائيا دون أن يعي ذلك. ومن المؤكد 
أنه تأثر بشيشرون رغم العداوة الناشبة بينهما. ا 

ويرى بعض النقاد المحدثين أن ساللوستيوس الفنان الآديب قد رأى في 
كااراها باذ فرانعيي) لآل مسنورسيةوط الألساق السكيى أو القدور. 
وذلك عندما يتمتع هذا الإنسان بقدرات بطولية, ونقع قن بقطا كيدي لكنه 
جوهري وحاسم. فيضطر للدخول في حرب طويلة في سبيل قضية خاسرة. 


| 6 


مؤلفات سللوستيوس وكتابات ناريخيه أخرى 


وقيل إن ساللوستيوس حاول أن يشوه صورة السنوات الأخيرة في حياة 
الجمهورية الرومانية وذلك يهدف الحط من شأن الطبقة الأرستقراطية 
فكتب «كاتيلينا». ويعتقد بعض الدارسين أنه كتبها لكي يبرئّ قيصر من 
تهمة التورط في مؤامرة كاتيليناء أو أنها رد على ما كتبه شيشرون عن 
قنصليته. ويدافع البعض عن ساللوسيتوس ويقولون إنه لم يكن مغرضاء 
ويفضلون أن توجه إليه تهمة عدم القدرة على التجرد بدلا من القول إنه 
تعمد التزييف. لقد أهمل ساللوسيتوس عن عمد خطب شيشرون ضد 
كاتيلينا التي كانت شائعة ومعروفة للجميع. ويلاحظ أن قيصر في هذا 
المؤلف يحتل مكانة أكبر. وفي مقارنة بين قيصر وكاتو يقول الأخير: «إنه 
يفضل أن يكون لا أن يبدو فاضلا» وهو مديح فائق للرجل الذي يكرهه 
قيصر. وقد يبدو ذلك مدهشا في عمل فيل إنه يهدف إلى تمجيد قيصر. 

وحاول ساللوستيوس أن يشبع نهم الرومان من ترديد وتداول الشائعات 
والفضائح. فضمن كتابه عن كاتيلينا وصفا مفصلا لشخصية سيمبرونيا 
(24, 3- 4). وهى امرأة ذات حسب ونسبء مثقفة وذكية إلى حد الدهاء. 
ساحرة الشحسية ولكنهنا شووافية حطرظ., وتفل ركاه ايناء دلف العمل القن 
في حبكه وبنيته لا ينطوي على أي زوائد سوى هذا الجزء الخاص بشخصية 
سيمبروينا. 

وفي «يوجورثا» يحاول ساللوستيوس أن يتابع الأحداث في أفريقيا من 
جهة والتطور السياسي في روما من جهة أخرى. ومن بداية العمل إلى 
نهايته يسعى إلى الربط بين هذين القطبين والمداخلة بينهما. وهكذا يتوزع 
اهتمام المؤلف بين يوجورثا الذي احتل الصدارة في البداية وماريوس الذي 
حل محله بعد ذلك. فهو لا يمجد ماريوس ولم يستغل مشهد جريوجورثا 
في الأغلال في موكب النصر بروما ولا حتى مشهد قتله. وفي هذا المؤلف 
يمجد كاتو الأكبر الشعب ككل مع إهمال لدور الفرد . وهذه رؤية لا يصح أن 
نطبقها على عصر كاتو الآكبر. أما بالنسبة لعصر ساللوستيوس نفسه- 
الذي شهد ماريوس وسلا وبومبي وقيصر وأوكتافيانوس-فإن إهمال دور 
الفرد في تشكيل مسار التاريخ يعد قصورا في الرؤية والتفسير. 

إن هيمنة ساللوستيوس على فن كتابة التاريخ تستحق الإعجاب ولا 
سيما في إطار البناء المعماري المحكم لأعماله. حيث يبدأ المؤلف من رؤيته 


167 


الأدب اللاتينى 


الموضوع ويصل إلى الذروة التي يصنعها بنفسه وبذكاء شديد . وهكذا يظل 
يشدنا إلى الرواية التاريخية حتى النهاية. وتسحرنا شخصياته التي يرسمها 
وتنال اقتناعنا بسهولة؛ ولو أنه لا يستغرق في التحليل النفسي لهذه 
الشخصيات. وقد اعتبر كوينتيليانوس مقدمات ساللستيوس فى مؤلفاته 
الثلاثة أبعد ما تكون عن التاريخ وأقرب إلى روح الخطابة والفلسفة 62 
وبالفعل نجد في نسيج هذه المقدمات تشابكا معقدا لكافة الموضوعات التي 
لا ترتبط ارتباطا وثيقا ببعضها البعض إلا بفضل براعة ساللوستيوس 
الفنية. 

كانت الخطابة الرومانية قد نجحت ونضجت قبل فن التاريخ بجيل على 
الأقل؛ء ومن ثم كانت مالاحظات شيشرون على التاريخ غير صحيحة؛ ذلك 
أنه لم ير مستقبلا زاهرا للنثر اللاتيني خارج نطاق الخطابة التي وصلت 
على يديه إلى ذروة النضوج. حتى أنه اعتبر التاريخ جزأ من عمل الخطيب, 
وفي أسلوب قريب من أسلوبه الخطابي. ومن هنا نتفهم تطلعه الملح لأن 
تسجل أمجاد قنصليته؛ وإصراره على أن يشرح للمؤرخ لوكيوس كيف يمكنه 
أن يفعل ذلك. ومن سخرية القدر أن الذي نفن رغبة شيشرون وحققها هو 
عدوه اللدود ساللوستيوس الذي قلل من دور شيشرون وأهميته في أحداث 
مؤامرة كاتيلينا. وكان شيشرون قد ضخم هذا الدور وظل يتباهى به طول 
العمر. وإذا كان شيشرون قد قال إن الرومان الموهوبين قد كرسوا جهودهم 
في الخطابة السياسية والقضائية على حساب التاريخ فإن ساللوستيوس 
قد قلب الميزان عندما كرس نفسه وحياته للتاريخ. وقد برر ذلك بأنه 
يحاول تغيير المركز الاجتماعي للمؤرخين إذ لم يحظوا في الماضي بالمكانة 
اللائقة. 

اكتمعث كل هذه العتاضير لتكسي الشعبية والشهرة لسحاللوشتيوس 
كمؤرخ. ولقد انتقد لغته-التي تذكرنا بكاتو الرقيب وإنيوس-كل من أسينيوس 
وبولليووتيتوس وليفيوس. أما تاكتيوس فيسميه «أينع زهرة بين المؤرخين 
الرومان». حقا لقد نجح ساللوستيوس في أن يجد لنفسه أسلوبا مميزا لم 
يسبق له مثيل في روما . فخالف أسلوب شيشرون وجمله المدورة ذات الإيقاع 
طويل النفس. وهو لا يستخدم اللغة الدارجة بل يلجا إلى اللغة القديمة 
والبدائية. ومن مميزاته الآسلوبية الإيجاز والحدة والجدة وكذا الخصوصية 


1 68 


مؤلفات سللوستيوس وكتابات ناريخيه أخرى 


الصافية. وبسبب الإيجاز وحده وضعه البعض إلى جانب ثوكيديديس فهو 
مثله يقول الكثير في أقل الكلمات. وهو يسرع بقول ما يريد فورا وهذا ما 
يوفر عليه الكثير من الوقت ويعفيه من الدخول في التفاصيل. وهو يقتصد 
اقتصادا واضحا في استخدام المصاحبات اللغوية مثل الأدوات وحروف 
الجر والأفعال المساعدة وما إلى ذلك. ومع ذلك تبدو الكلمات كأنها تتساقط 
مق قلمة: عفو الخاطر كان هنف سناللوسكيوس أن هر قزاءة ويععتفظل 
بانتباههم طول الوقت. وهو هكذا كان سلفيا ومجددا في آن واحد من حيث 
اللغة مما يذكرنا بلوكريتيوس في الشعر. وجدير بالذكر أن ساللوستيوس 
كان مشكلة صعبة أمام التربويين فلم يستطع كوينتيليانوس مثلا أن يهمله 
ولا أن يتواءم معه. فأوصى بأن يدرسه التلاميذ في مراحل التعليم المتقدمة 
لا الابتداثية. 

وصفوة القول بالنسبة لساللوستيوس أنه لا يمكن أن يكون ثوكيديديس 
آخرء ولكنه هو الوحيد الذي حال دون أن يصبح أسلوب شيشرون النثري 
النموذج الأوحد. ونجح في أن يحيي فن كتابة التاريخ ضي روما . (03) 


69 


المبصو نس 


أعطى كل من لوكيوس بومبنيوس من بونونيا 
(ازدهر 85-100 ق. م) 7*) ونوفيوس (ازدهر حوالي 
5- 80 ق. م.) 057 للقصص الأتيلانية شكلها الأدبي 
في الفترة حوالي عام 90 ق. م وبعد جيل من ذلك 
التاريخ جاء ديكيموس لابيريرس (43-115 ق. م) 
وهو من طبقة الفرسان. وبربليوس سيروس 647 
الميموس (كنادمنصم) الذي يبدو أنه جاء من صقلية 
إبان القرن الثالث ق. م وصار الميموس يقدم على 
أنه خاتمة للعروض الكوميدية الأصلية. مع العلم 
بان الميموس لم يكن مجرد تهريج بل انطوى على 
بعض الأفكار الفلسفية والمعارضات الساخرة ذات 
كذلك أغاضي ونوعنامن الحروض اتعارية بل 
ممارسات جنسية حية. وكل ذلك كان يقدم على 
ولم تستخدم أقنعة أو ملابس وكان عدد الممثلين 
وصرن نجوما مثل تيرتيا وأربوسكولا وكيثيريس. 
ولاكت الألسنة سيرة تلك الممثلات إبان فترة نهاية 


17 


الأدب اللاتينى 


وكان لابيريوس رجلا مثقفاء ومن شذراته 7 نجد إشارات فلسفية 
عديدة إلى الكلبيين وديموكريتوس وبيثاجوراس (فيثاغورس) . ومن عناوين 
لابيريوس نتعرف أيضا على موضوعات الكوميديات التي عرضت معها 
تلج كناف ور الحماة» و«الحكص ,سبفر لاببريوس ذى اح أعماله من 
قيصر الذي انتقم تنفسه عندما دعا لابيريوس وهو في سن الستين ليشترك 
في الاحتفالات والآلعاب التي تقام بمناسبة موكب انتصاره عام 46 ق. م 
وأمره بان يشترك في مباراة ارتجال ميمية وهو الفن الذي برع فيه غريمه- 
وصديق فيصر -بوبيليوس سيروس. 

وكان هذا يعني بالنسبة للابيريوس - الذي لا يستطيع رفض طلب 
قيصر - الظهور أمام الناس كممثل مهرج مما ينجم عنه فقدان الاحترام 
بين أفراد طبقته الاجتماعية. ووصلنا البرولوج الذي يتسلم فيه لابيريوس 
لقدرف أما الميعوس الارتجاك ثفسة ففقل ولم تضلنا منه سوق شثرات 
يهاجم فيها لابيريوس خصومه. بل يسخر من دكتاتورية قيصر. وكمحكم 
أعطى قيصر الجائزة لبوبيليوس وأعاد إلى لابيريوس الخاتم الذي يرمز 
إلى طبقة الفرسان. ومات لابيريوس في بتيولي في أوائل عام 43 ق. م. 
ولقن حظييت سيمياته رشفيية وانبعة: 

وبموت لابيريوس كان بوبيليوس سيروس متربعا على قمة الميموس. 
ولكننا لا نعرف عنه ولا عن أعماله إلا أقل القليل. وأطول شذرة فيه هي 
التي وودت :عند يترونيوس وتعالج الإسراف في المواكد وكا تيرج التنساء. 
ونسبت إلى بوبيليوس سيروس أقوال قصيرة محكمة ذهبت مذهب 
المأثورات (38) 


172 


ولوس قبصر 


لن نستطيع أن نطيل في الحديث عن سيرة 
يوليوس فيصر. فصفحات هذا الكتاب وطبيعة 
موضوعه لا تتسعان للدخول فى تفاصيل انتصاراته 
العسكرية وأمجاده وفتوحاته شرقا وغريا حتى صار 
أعظم قائد شهدته روما وانتهى به الأمر إلى أن 
أصبح دكتاتورا مدى الحياة؛ ثم اغتيل في مجلس 
الشيوخ يوم ١5‏ مارس عام 44 ق. ه. 09 

لذا سنتحدث مباشرة عن يوليوس قيصر 
كأديب. وأول ما نلاحظه أنه ذا كان يتمتع بشخصية 
طاغية لقوتها وتفردها في عالم السياسة فإن 
يوليوس فيصر «عن القياس» دفاعا عن النقاء 
اللغفوي الذي تميز به أسلوبه. وتم تأليف هذا الكتاب 
أثناء عبوره جبال الألب عام 54 ق. م. وفي طريقه 
إلى أسيانيا عام 46 ق. م نظم قصيدة شعرية يعنوان 
«الطريق» يفترض أنها تقلد فصيدة ما للوكيليوس. 
ولقيصر كتابان بعنوان «ضد كاتو» وهما يردذان على 
مديح شيشرون وبروتوس لكاتو الرواقي (الأتيكي) 
غريم قيصر. ويدخل هذان الكتابان في باب المقالات 
الأدبية المتداولة أثناء الصراعات السياسية. 
وكخطيب وضعه كوينتيليانوس ندا لشيشرون نفسه. 


|] 


الأدب اللاتينى 


أما الأخير فيمتدح نقاء لغة قيصر وصقلها علاوة على قوة تأثيرها. ثم ينوه 
على نحو خاص بأسلوبه الساحر في الإلقاء. وفي الشذرات المتبقية من 
خطب يوليوس قيصر نجده مختلفا كل الاختلاف عن شيشرون وهو يلتصق 
بالآسلوب الآتيكي. ولقيصر أيضا رسائل كثيرة لم يصلنا منها سوى تلك 
التي حفظها شيشرون في رسائله إلى أتيكوس. 

ومن العجيب أن قيصر نفسه لم يأخذ عطاءه الآدبي مأخذ الجد. 
فبالنسبة له كانت المسالة مجرد تسلية في وقت الفراغ من جهة ووسيلة 
للدعاية السياسية من جهة أخرى. هكذا ينبغي أن نغفل رأى قيصر وهو 
يتحدث عن أعماله التى وضعته بين الآدباء وهى كما يلى: 

«مذكرات عن الإنجا زات)(2تتتتمادعع تنلاع 00000 

«عن الحرب الغالية» (سبعة كتب)(مغذاله© ه1اء8 ء12) 

«عن الحرب الأهلية» (ثلاثة كتب)(111ك و1اء8 ء2) 

فهذه المؤلفات لم تكن دعاية بالمعنى الحديث والدقيق للكلمة وإن كانت 
أقرب ما تكون إلى «الإعلام». فوصفه لحروبه الغالية (من عام 59 إلى عام 
ادق.م) يستهدف الإبهار. ويحاول أن يبرر فتوحاته على أنها وسائل وقائية 
لحفظ الأمن على الحدود الرومانية. ويخاطب قيصر فى هذا المؤلف أبناء 
طيفكه الآرستغراطويق: ]ما جؤلقه عن الحرب الأقلية بيقة وبين بومبي 
الآكبر فيخاطب جمهورا أعرضء وهو بمثابة تبرئة للذات وتنصل من 
المسؤولية التي يلقي أعباءها على مجلس الشيوخ وبومبي؛ فهم الذين يتحملون 
مسؤولية نشوب الحرب. المؤلفان موضع الحديث إذا يعتبران مذكرات رجل 
سياسي يريد أن يروي روايته ويوضح رؤيته مسجلة مكتوبة. إنهما ليسا 
تاريخا بالمعنى الحرفي بل هما أشبه ما يكون بتقرير مفصل للأحداث. ومع 
ذلك فلم يستطع أحد أن يثبت على قيصر أنه زيف أو حور في روايته 
للأحداث. كل ما هنالك أنه أعاد ترتيبها وصاغها وفق هواه. 

بالنسبة «للمذكرات عن الإنجازات» فإن مصدر قيصر الرئيس هو تقارير 
ضباطه وما دونه هو بنفسه؛ وفيها أثبت قيصر أنه يهيمن على فن الكتابة. 
ومن الظواهر المؤثرة في هذه المذكرات أن قيصر يتحدث دائما عن نفسه 
بضمير الغائب مما يخلع على كلامه سمة الوضوح والتجردء ويعطي انطباعا 
بالموضوعية. وقد نشر فيصر«المذكرات» عام 5١‏ ق. م بهدف تامين مد فترة 


174 


يوليوس قيصر 


بر وقنصليته عام 49 ق. م. فهو مؤلف كتب على عجلء لكن ريما ألفه قيصر 
في عدة سنوات ثم هيأه للنشر عام 5١‏ ق. م. ونالاحظ اختلافا في الأسلوب 
بين الكتابين الأول والسابع. ويرد النقاد ذلك إلى مرور زمن طويل بين وقت 
تآليف كل منهما. 

ومصادر قيصر في «الحروب الغالية» هي تقاريره الرسمية التي كان 
يرسلها إلى مجلس الشيوخ. وتقع «الحروب الغالية» في كتب سبعة هي كما 
يلي: 

- الكتاب الآول: هزيمة الهيلفييين وأريوفيستوس الجرماني. 

- الكتاب الثاني: ثورة القبائل الغالية واللقاء مع النيرفيين. 

- الكتاب الثالث: إخضاع الفينيتيين. 

- الكتاب الرابع: 

- الكتاى الخامس: 

- الكتاب السادس: 

- الكتاب السابع: ثورة كينجيتوريكس وحصاره وأسره عام 52 ق. م 

وفي الكتاب الأول نجده يحافظ على شكل المذكرات اليومية. ونجد 
كذلك حملتيه على الهيلفيتيين وأريوفيستوس عام 58 ق. م تتبع كل منهما 
الأخرى دون أي وسيلة للربط. وفي الكتاب السابع يقدم دراما تاريخية 
ممتازة ويلجا إلى وسيلة الحديث المباشر على لسان الشخصيات الفاعلة 
للأحداث مما يحدث تأثيرا كبيرا . ولعل فيركينجيتوريكس هي الشخصية 
الغالية الوحيدة التي تقف أمامنا حية وتجري في عروقها الدماء. فهي تعد 
النقيض الشارع لشخصية قيصر نفسه. ومن سمات التاريخ الأدبي في 
مؤلف قيصر هذا الوصف الجغرافي والإتنوجرافي والاستطرادات التقنية 
مثل بناء جسر فوق الراين أو وصف السويفيين وبريطانيا وعادات الفال 
والجرمان وما إلى ذلك. 

يعدد قيصر إنجازاته في الحرب الغالية دون م ن يزيف الحقائق. فقرة 
وحيدة فقط تحوم حولها الشبهات (الكتاب الآول )١2‏ حيث يصف قيصر 
هزيمة التيجوريين (نمنسع:1) على نهر آرار (هنة)؛ فهو لا يذكر ضابطه 
لابينوس. بيد أن لابينوس هذا يعد أن ترك خدمة قيصر أثناء الحرب 
الأهلية أعلن أنه هو نفسه الذي حقق النصر* . ويتساءل الدارسون هل 


غزو الراين وتمرد القائدين الغاليين 
اندوتيوماروس وأمبيوريكس. 


]715 


الأدب اللاتينى 


عبر قيصر نهر التايمز على ظهر فيل ؟ هذا ما يذكره بولينايوس (5ناعة20130) 
ويغفله قيصر تماما!"". وفي الواقع أننا نستطيع أن نقرر أنه في حالة 
وجود بعض الغموض أو عدم توافر اليقين في رواية قيصر فمرد ذلك ليس 
نية المؤلف أن يلوي الحقائق وإنما عدم تمكنه من الوصول للحقيقة. حيث 
كان مشتبكا في حرب عصابات طويلة ومتقلبة دوما. 

والسمة الدالنة على «الحروب الغالية» هي الوضوح والدقة؛ وهذا ما 
دفع شيشرون-الذي لم يكن صديقا له-إلى الاعتراف بهما على الفورء إذ 
يقول «لا شيء أمتع من البساطة النقية والواضحة (في الحروب الغالية)».(42) 

وهناك فجوة من ثلاث سنوات (49-52 ق. م) تقع بين «الحروب الغالية» 
بكتبها السبعة حيث تغطي الأعوام 52-58 ق. م من جهة و«الحرب الأهلية» 
التي تغطي الأعوام من 48-49 ق. م من جهة أخرى. وغطى هذه الفجوة 
كتاب ثامن «عن الحرب الغالية» يلحق بكتب قيصر وألفه أحد قادته وهو 
أولوس هيرتيوس والذي ربما يكون هو أيضا مؤلف كتاب «الحرب السكندرية» 
(0لتاةتلصةءرهاى دنلا 8) عن حرب قيصر في الإسكندرية عام 48 ق.م حيث 
التقى هناك بكليوباترا السابعة. (43) 

ويعالج الكتابان الأول والثاني من «الحرب الأهلية» أحداث عام 49 ق. م 
أما الثالث فيتناول أحدات عام 48 ق. م. ولا نعرف شيئًا عن زمن كتابة هذا 
المؤلف كما أن الكتاب الثالث غير كامل. ويبدو العمل برمته كأنه تخطيط 
رديء أو رسم للخطوط العريضة: أي أنه لم يحظ بالصياغة النهائية والدقيقة 
التي حظيت بها «الحروب الغالية». ولقد انتقد أسينيوس بولليو هذه العيوب. 
ومن المحتمل أن قيصر قد ألف هذا العمل عام 47 ق. م: وهو في عجلة من 
أمره. 

وفي الأدب اللاتيني كله لا مثيل لأسلوب قيصر من حيث النقاء والصفاء 
فهو صاحب المبدأ الأسلوبي الشهير«تجنب الكلمة غير المسموع بها من قبل 
وغير المعتادة كما تهرب من صخرة تبدو لك على بعد وأنت في عرض 
البحر». اقتطف هذا المبدأ أولوس جيلليوس من كتاب يوليوس قصر «عن 
القياس» المفقود . ولقد طبق قيصر هذا المبدأ بحزم في «الحروب الغالية» 
كما يتضح من مفرداته وتكوين كلماته وبناء عباراته وترتيبها. أما «الحرب 
الآهلية» فلا تتمتع بهذه الثقة نفسها . وليس من الضروري أن يكون ذلك 


|] 


يوليوس قيصر 


متعمداء والأرجح أنه أي قيصر كان مشغولا واعتمد على تقارير ضباطه 
أكثر من ذي قبل. ومن الأمور المميزة لأسلوب قيصر الجمع بين الوضوح في 
عرض الأشياء والإيجاز المحكم في تقييمها وهذا ما نلاحظه في وصف 
المشاهد . فالهدف ليس مجرد تقديم صور طبيعية ومناظر خلابة: بل 
المساهمة في رسم المشهد الإجمالي لخلفية الأحداث من خلال رؤية قائد 
عسكري يحرك هذه الأحداث. 49) 


177 


لباب الثالث 
(ضره أوغسطس 5ك ق. م-؟ م) 


«والآن قد أنهيت عملي الذي لأغضب جوبيتر نفسه. 

ولا ناره... ولا الحديد... ولا الزمن القارض بقادر 

على تدميره. حتما سيأتي يوم ما فيه أجلي المحتوم. 

بيد أن سلطانه لا يمتد إلا إلى جسدي 

فسيضع حدا لعمري غير المعروف». 

ولكنني وبالجزء الأفضل مني سوف أحلق في سماء الخلود 
صاعدا فوق النجوم ولن ينمحي اسمي أبدا 

وفي أي مكان سيمتد الحكم الروماني فوق الأراضي المفتوحة 
سوف يقرئني الناس ويحركون ألسنتهم باسمي عبر كل العصور 
ولئّن صدقت نيوءات العرافين فلسوف أحيا 


(أوفيديوسء؛ «التناسخات»» الكتاب الخامس عشر أبيات 871-879). 


طئه 


بعد التخلص من خصم أوكتافيانوس اللدود في 
موقعة أكتيوم أي أنطونيوس (وكليوباترا) دخل العالم 
الروماني فترة سلام وازدهار. عندئذ تاق صاحب 
الفضل في هذا النعيم الجديد إلى أن يرى أمجاده 
موضوعا لفنون الآدب. وبالطبع يقدم بنداروس 
وكاليماخوس وثيوكريتوس-إن لم يكن هوميروس 
نفسه-النموذج الذي يحتذى, أي بهدف خلق شعر 
جديد يمكن أن نسميه «شعر البلاط الأوغسطي». 
وكان وزير أوغسطس مايكيناس 7(" خير مثال 
للراعي الذي يحتضن الشعراء والأدباء حتى أنه أ 
ضيح هضرب الأمخال هي ذلك بيد أن شعراء 
آخرين-مثل أوفيديوس وتيبوللوسكانوا يستظلون 
بظل راع آخر للآداب والفنون غير مايكيناس . المهم 
أنه حتى في حالة أولئك الذين كانوا شعراء بلاط 
حقا مثل فرجيليوس وهوراتيموس وبروبريتوس فإننا 
نجد عندهم قدرا من المقاومة والصمود بحيث يمكن 
القول إنهم فعلا لم ينظموا أشعارا تمجد أوغسطس 
وتتعارض مع وعيهم الفني والثقافيء أي بعبارة 
أخرى نؤكد أنهم ليسوا شعراء دعاية رخيصة. 
«فالزراعيات» لفرجيليوس لها هدفان أخلاقي 
وسياضى. آنا «الإيتيادت الت يال إنها تظليت 
خصيصا لتمجيد أوغسطس فقد مزجت الماضي 
بالحاضر أي المجد الغابر بالأمل في مستقبل زاهر. 
وتلؤحظ كي هذه المنحمة شيكا من الإذمان لذ الثقه 
بما يقال. وعند هوراتيوس نلمس شعورا بعدم 


170 


الأدب اللاتينى 


الارتياح إلى حد ما يمكن أن نسميه التغافل عما يدور من حوله. وإذا كنا 
أوفيديوس قد وصل إلى التلميح والسخرية بل كاد يعلنها صيحة تمرد 
مدوية. ذلك أنه عندما وقعت معركة أكتيوم كان أوفيديوس لا يزال صبياء 
فهو ينتمي إلى جيل آخر لم يذق مرارة الحروب الأهلية إلا في الروايات 
التي يتناقلها الناس وتعم بالسلام والطمأنينة. ومن ثم فهو لم يستشعر 
عمق الدعوة الإصلاحية الأوغسطية كما أن الشعر بالنسبة له كان دافعا 
وغاية في الوقت نفسه. إنه الشاعر الوحيد الذي نجد في قصائده تملقا 
سافرا لأوغسطس بيد أن الأخير لم يكن لينخدع بسهولة. 

من الظلم إذا أن نعتبر الشعر الأوغسطي برمته أداة دعائية في يد 
البلاط. ففي عام 28 ق. م افتتح أوغسطس معبد أبوللو فوق تل البلاتيوم. 
وضم هذا المعبد مكتبة عامة وهامة. وتوسط المعبد تمثال ضخم وفخم 
للاله أبوللو عازف القيثارة للفنان سكوباس . وأبوللو هر رب ربات الفنون أي 
الموسايء» وهو إله الضوء والنظام وقاهر الأمعى بيثون» وهو رمز أوغسطس 
الذي اتخذه حاميا وحافظا لأسرته ومنزله. وكان مايكيناس محورا لدائرة 
أدبية» وكان أيضا ماركوس فاليريوس ميسالا محورا لدائرة أخرى. ووقف 
جايوس أسينيوس بولليو مستقلا وكان قد أسس عام 39 ق. م أول مكتبة 
عامة في روما. واستطاع أن يوطد علاقاته الودية مع كل من شيشرون 
وكاتوللوس وكينا وكورنيليوس جاللوس والشاعرين الشابين آنذاك فرجيليوس 
وهوراتيوس. ومع ذلك فلم يكن أسينيوس بولليو محورا لدائرة أدبية. وضي 
المقابل كان شعراء البلاط يشكلون فعلا دائرة؛ وكان أوغسطس ملهما 
لأشعارهم: ولكن الأمر-كما أسلفنا القول-لم يصل إلى حد الدعاية الرخيصة. 
فالذي يفوت بعض النقاد أن فرجيليوس وهوراتيوس وغيرهما قد آمنوا 
فعلا برسالة أوغسطس ورأوا فى شخصه لا مجرد المخلص بل التجسيد 
الحي لكل ما كانوا يتوقون إليه ويحتاجه العصر. ومن جهة أخرى أدرك 
أوغسطس بموهبته أو فطنته الفنة القيمة السياسية لأدب عظيم يمكن أن 
يترعرع فى ظل حكمه. وأدرك أوغسطس كذلك أنه لكى يكون ذلك الآدب 
عظيما وصادقا ينبغى أن يترك حرا . ودليلنا على ذلك أن أي شاعر أوغسطي 
كان بوسعه ودون خوف على مصيره أن يتجنب مدح هذا الإمبراطور مباشرة. 


توطته 


وبالفعل رفض هوراتيوس أن يشغل منصبا هاما في بلاط أوغسطس دون 
أن يفقد هذا الشاعر ما تمتع به من حظوة لدى العاهل الكبير. 
وتتمثل في أنهم تمتعوا بمكانة اجتماعية لم يحظ بها أسلافهم فحتى 
شيشرون رجل الدولة وممثل عصره خير تمثيل كان لا يزال يشعر بالحاجة 
إلى تبرير انشغاله بالأدب قائلا: إن الفراغ غير الإرادي الذي فرضته عليه 
الحياة السياسية دفعه إلى ممارسة الأدب. أما هوراتيوس وهو ابن عتيق 
فقد اعتبر أن أغانيه جديرة بالغار الذي يزين جبين أي قائد روماني منتصر. 
والأهم من ذلك أن قوله هذا لم يصدر عن أمان مسرفة الخيال بل كان 
شيئًا مقبولا في عصره وهو ما لم يحلم به أدباء روما القدامى. 

لم يكن إذا تملق الشعراء الأوغسطيين مثل سابقيهم السكندريين: بل إن 
كليا متجهين مباشرة إلى النماذج الإغريقية الأصلية من هوميروس 
وهيسيودوس إلى داروس وغيرهم. ونلاحظ هذا التطور في سيرة فرجيليوس 
الأدبية نفسها فقد بدأ من قصائد قصيرة عابرة على نمط قصائد كاتوللوس 
إلى الشعر الرعوي تقليدا لثيوكريتوس إلى أعمال كبرى حاول فيها وبها أن 
يكون هوميروس (أوهيسيودوس) الرومان. ولكنه في رحلة البحث عن ذاته 
الأدبية تلك استطاع أن يجعل من الشعر الرعوي السكندري والشعر الإيامبي 
الأيوني والشعر الغنائي الأيولي فنونا أدبية رومانية الطابع والروح. 

وفي مقابل هذه النهضة الشعرية الأوغسطية نجد أن النثر-وكان قد بلغ 
ذروة النضوح على أيدي شيشرون-فد تقهقر بعض الشيء فيما عدا تواريخ 
تيتوس ليفيوس. وكان شيشرون قد أغنى الخطابة والفلسفة والعلم. وهذه 
المجالات لم تعد تشكل ركيزة التعليم في عصر أوغسطس. وتمثل أهم 
إنجاز علمي أوغسطي في خريطة العالم التي أمر قائد أوغسطس ماركوس 
فيسبانيوس أجريبا برسمها. وهي خريطة جاءت كثمرة للعلم التطبيقي 
وكانت لها قيمة علمية كبيرة». وعرضت في ساحة مارس أمام عيون الرومان 
فحققت دعاية ضخمة للاميراطور. 

وأهدى فيتروفيوس بولليو كتايه «عن العمارة» (2تتطءءانطعءة ء2) إلى 
أوغسطس. وقد 9 تكون لهذا الكتاب قيمة أدبية ولكن محتواه العلمى فى 


الأدب اللاتينى 


غاية الأهمية. كان المؤلف مهندسا عسكريا في جيش يوليوس قيصر مما 
أكسبه خبرة وثقافة واسعتين في ميدان عمله. وأراد أن يكرم هذا العاهل 
الروماني فألف كتابه هذا ليوضح أن قيصر «وجد روما قرية من القرميد 
فتركها مدينة من الرخام». 

أما مؤلف ماركوس فاليريوس فلاكوس الذي لم يبق منه سوى النزر 
اليسير فيحمل عنوانا «في معاني الكلمات» (صتضتوطع/؟ بخدعقتمع 51 ء<1) وهو 
بمثابة موسوعة تاريخية وأثرية عن روما القديمة. إنه كتاب ضخم يحقق 
رغبة أوغسطس في إحياء المجد الروماني العريق. 

عانت الكمتاية الشياسية بشدة ف ظل النظام الإمبراطوري لأن 
الاجتماعات الشعبية العامة قد أفرغت من محتواها السياسي. وأصبح 
مجلس الشيوخ بمثابة هيئة تابعة للإآمبراطور. بل أن القضايا القانونية 
الهامة صارت تنظر في حضرة الإمبراطور أو أمام لجنة من مجلس الشيوخ 
بدلا من ساحات المحاكم القديمة. وقد مارس كل من ميسالا وبولليو نشاطا 
خطابيا ملحوظا في العصر الجمهوري ثم انسحبا وانكمشا في مجال الأدب 
ودراسته عندما استقر النظام الإمبراطوري. أما كاسيوس سيفيروس أحد 
الخطباء القليلين في هذه الفترة فقد عان كثيرا واضطهد بسبب جرأته. 
وكذلك كان حال الخطيب المؤرخ تيتوس لابينوس الذي أحرقت كتبه بأمر 
من مجلس الشيوخ: وانتهى به الآمر إلى الانتحار عام ١2‏ م. وقيل إنه عندما 
كان يلقي بعض فقرات من تاريخه كان يضطر لحذف بعض السطور التي 
أوصى المقريين منه ألا يرددوها إلا بعد وفاته. 

ومع ذلك فنحن لا نزعم أن التمتع بتأليف الخطب وسماعها كفن قد 
اتتفى إلى الأيد. كل ما هتالك أنة اتسحب من مهده الطبيعى ومسرحة 
الحي أي «السوق العامة» إلى الأماكن المغلقة. وكان مدرسو البحظانة الذين 
حصلوا أعلى مستوى من الثقافة يدربون تلاميذهم على الإلقاء. وكانوا 
تقيمونق حقلاث خطائية 'مكتحمة تحكيرها جماهير حاشدة لهذا القرطن: 
وقد مهد ذلك لظهور فئة «الخطباء الجوالين». وما كان بالنسبة لشيشرون 
تمضية وقت فراغ صار الآن مهنة. وبرز آنذاك الأسباني ماركوس بوركيوس 
لاترو والإغريقي أريلليوس فوسكوس. ومع أن الأول كان ذا صوت أجش إلا 
أنه كان سيد فنه ومعبود تلاميذه. أما فوسكوس الذي خطب بالإغريقية 


توطته 


أكثر من اللاتينية فقد وصل بالأسلوب الأسيوي إلى ذروة جديدة. وجدير 
بالذكر أننا نستمد معلوماتنا عن الخطابة في روما إبان عصر أوغسطس 
وتيبيريوس من مؤلف لوكيوس أنايوس سينيكا الأكبر (الخطيب) وعنوانه 
«معانى وأجزاء ومميزات خطب الخطباء ومعلمى الخطابة» 
(وع:00101) ,وع01715100آ ,عد امع امع 5 1 أت 3011120 01)) 

كان قد كتبه أو بالأحرى جمعه معتمدا على ذاكرته القوية بهدف تعليم 
ولديه. وهو يضم عشرة كتب من «المناقشات الخطابية» (عفنم«متدمه) 
وكتابين على الأقل من «المقالات الخطابية» (عدترهكةنة) . 

وفى تلك الآونة ظهرت في روما عادة حفلات القراءة الأدبية. وهذه 
ها نشدي لأسواع إظريقية وررمانية قدي عسو كان ا لالت يعر فيه 
على يعن الأطيدقاء | لشروان شرل لابرد وكا بر تل رجهي اقيض اب فين 
الحياة العامة-هو أول من أرسل دعوات لحضور هذه القراءات العامة. 
ويمرور الزمن أصبحت هذه عادة متبعة». وباطراد اتسعت دائرة المدعوين 
لمتابعة القراءات الأدبية. وفي البداية كانت القراءة تقتصر على المؤلفات 
الحديثة لصاحب الدعوة وتطور الأمر ليشمل قراءات من الأدب القديم. 

ومن جهة أخرى ما زال قادة روما وحكامها يجدون الوقت لممارسة 
شوانانيم:اللذينة ب ودرب الك يها للترساوشتجملسى نقسة الذي عقن 
«دعوة إلى الفلسفة» (تصهنطم11050ط2 44 وعده110::2) . وألف ترجمة ذاتية 
وأشعار فسكينية وتراجيدية بعنوان «أياس» (خةزه) التي لم يرض عنها 
فدمرها في النهاية.أما«دليلالأعمال الحيدة (مستمعع] عرعلم]1 
مستختةزوع0)(المعرو ف باسم «نصب أنقرة» (1ناتقة على سناطمع دصسسهه8): وكذا 
الإحصائية التي وضعها للامبيراطورية (نتاءمص]آ دناه تصستة1وع:8) فكانتا 


فإجلسيوس أميسر 
الشعر اللاتبني 


ولد بوبليوس فرجيليوس مارو كطانوت؟ .5) 
0نة) بالقرب من مانتوا في ١5‏ أكتوبر عام 70 ق. 
م لآب يدعى فرجيليوس مارو وأم تدعى ماجيا 
بوللا (50110 هنعه91) . ويلاحظ أن اسم أبيه إترسكي 
واسم أمه أوسكي فيما يرجح. وقيل إنه من أصل 
كلتي ولكن ذلك شيء لا يمكن إثباته. وربما تمتع 
أبوه بحقوق المواطتة الرؤمانية:وكانت أخوال الأسرة 
بصفة عامة متواضعة: وللشاعر شقيقان ماتا في 
سن مبكرة. تلقى فرجيليوس دروسه الأولى في 
كريمونا حيث عاش بعض الوقت مع أسرته. وضي 
عيد ميلاده الخامس عشر ارتدى عياءة الرجولة 
(5ناتنلا مع10) وبعدها شرع يدرس الخطابة في 
ميلان ثم في روما. وعندما حاول فرجيليوس أن 
يجرب ننسه كي إلقاء الخطب الضف آنه ليس 
موهوباء إذ شدته الدراسات الفلسفية والرياضية 
والطبية أكثر من أي شيء آخر. وانضم إلى الدائرة 
الأدبية الملتفة حول سيرو الأبيقوري في نابلي والذي 
كان منزله ذات يوم ملجنًا لآسرة فرجيليوس كلها . 
ولما مات أبو فرجيليوس كان الأخير قد بلغ سن 


الأدب اللاتينى 


الرجولة وتزوجت أمه وأنجبت له أخا غير شقيق هو فاليريوس بروكولوس. 
وفي عام 4١‏ ق. م صودرت الأراضي التي على الشاطيّ الشمالي لنهر البو 
لصالح محاربي معركة فيليبي. وهكذا فقدت أسرة فرجيليوس مزرعتها 
الواقعة ضمن هذه الأراضي. واستطاع أسينيوس بولليو-الذي كان قد اكتشف 
مواهب فرجيليوس الشعرية-الحصول على تعويض للأسرة؛ بل ذهب إلى 
أبعد من ذلك فقدم الشاعر الشاب لأوكتا فيانوس. 

سوف نتناول أعمال فرجيليوس الكبرى بالتحليل؛ وسنبداً «بالرعويات». 
وعلى النقيض من كاتوللوس المسكين والمتبرم بالحياة ضفي فيرونا! لم يكن 
فرجيليوس يشتاق إلى الحياة في روما حيث لم يذهب هناك إلا قليلا وإن 
ذهب فكان يتهرب من اللقاءات العامة. ففرجيليوس ليس من أناس المدينة 
وعشافها بل إن ملامحه ريفية (قصمء نونج وزعوع)37) .ولكن سيرة فرجيليوس 
كما نعرفها لن تفسر لنا لماذا نظم شعرا رعويا ولو أن من ينظم هذا الشعر 
لا بد من أن يحب حياة الريف. وهذا ما نلمسه في كل أعمال فرجيليوس 
من أولها إلى آخرها بما في ذلك «الإينيادة» (قارن الكتاب الثاني عشر 
أبيات 520-517). 

يستهل فرجيليوس الرعوية السادسة (البيتان )2-١‏ بما يوحي أنه يعد 
نفسه ثيوكريتوس الرومان: أو بالأحرى أول شاعر لاتيني يقلد شاعر 
الإسكندرية هذا . والغريب أن ذلك يأتي في القصيدة التي لا تدين سوى 
بالقليل لثيوكريتوس مما يثير تساؤلا حول ما إذا كان ثيوكريتوس بالفعل 
رائد الشعر الرعوي في روما. وفي الواقع نجد أن الدلائل على وجود تأثير 
لثيوكريتوس في الشعر اللاتيني قبل فرجيليوس ضعيفة ومحيرة. إن علاقة 
فرجيليوس بثيوكريتوس علافة نادرة. فهي عملية معايشة لا نظير لها ضفي 
الأدبين الإغريقي واللاتيني. ولو أن مقارنة رعويات الشاعرين تأتي على 
حساب فرجيليوس في الغالبء كما أنه لا يمكن حصر إنجاز الشاعر 
السكندري في الرعويات فقط. وينبغي أن تقوم المقارنة على استيعاب 
ثيوكريتوس ككل ومقارنته «بالرعويات» وأجزاء من «الزراعيات» 
لفرجيليوس.!4) 

ورويدا رويدا يتخلص فرجيليوس من تقليد ثيوكريتوس الذي لم يكن 
قط تقليدا أعمى. وينجح فرجيليوس في الجمع بين قصائد ثيوكريتوس 


نا 


فرجيليوس أمير الشعر اللاتينى 


المتنافرة في وحدة متينة. فالرعوية الثامنة لفرجيليوس تجمع بين شكوى 
الصبي غير المحظوظ في الحب (وهو ما يقابل القصيدة الأولى لثيوكريتوس) 
من جهة: والعمل السحري الناجح الذي تقوم به الفتاة (وهو ما يقابل القصيدة 
الثانية لثيوكريتوس». أما النهاية السعيدة فهي من عند فرجيليوس. وتتغنى 
الرعويتان الثالثة والسابعة لفرجيليوس بمباريات ومسابقات بين الرعاة 
ويديرها أحد المحكمين (وهو ما يرد في القصيدة الخامسة لثيوكريتوس) . 
وعند فرجيليوس تنتهي إحدى المباريات بلا نتيجة حاسمة؛ وفي حالة أخرى 
يكسب أحد المتسابقين. ويهدي فرجيليوس القصيدة السادسة إلى فاروس 
كتحية بسيطة من شاعر رعوي لا يستطيع أن ينظم ما هو أكبر من ذلك. 
وفيها نرى سيلينوس نائما مخمورا يقيده الرعاة بالتاج نفسه الذي يتزين به 
فيوافق على أن يفدي نفسه بالغناء. وتمتد أغنيته لتشمل سلسلة كاملة من 
الموضوعات الشعرية وهى موضوعات كانت محببة إلى قلوب السكندريين 
وكذا المتتلمذين عليهم من الرومان. أما بداية هذه القصيدة التي تتناول 
أسطورة خلق العالم فيدين بها فرجيليوس إلى هيسيودوس. 
ويذكر أصدقاءه. وقد سبقه إلى ذلك ثيوكريتوس. وفى القصيدتين الأولى 
والتاسعة نلمس خلفية سياسية فيما يتحدث عنه الشاعر؛ أى هبات الأرض. 
بيد أن هذه الإشارات لا تصل إلئ حد الترجمة الذاتية. «قالشاب الإلهى». 
أي أوكتافيانوسء لم يعد ذلك الراعي المطرود والهارب إلى حقله. ويوحي 
لنا الشاعر أن الحياة الطيبة هي التي تمضي دون أن يمسنا فيها ضرر. 
وحتى لو لم ير فرجيليوس هنا في صعود نجم هذا السياسي الشاب 
أوكتافيانوس ما ينبئ بأنه سيكون مخلص روما في المستقبل فإن ما يقوله 
فرجيليوس يعدو مجرد الولاء لقيصر ووريثه من جانب شاعر جاء من 
الجانب الشمالي لنهر البو. إن ما يرد هنا ليس نبوءة بل هو نوع من التشوف. 
لكن قبل أن نقف عند الرعوية الرابعة نود الإشارة إلى أن جاللوس هو 
بطل القصيدة العاشرة: وفيها يغني فرجيليوس وكأنه راع أركاديا. يعزي 
بأغنيته صديقه الذي هجرته السيدة التي أوحت إليه القصائد الإليجية, 
أي ليوكريس. وتتعاطف الطبيعة كلها مع حزن جاللوس ويوصي آلهة الرعاة- 
أبوللو وبان-بالاعتدال والمنطق. وهنا يضع فرجيليوس بعض عناصر من 


167 


الأدب اللاتينى 


إليجيات صديقه جاللوس في القصيدة بعد أن يصوغها هو نفسه صياغة 
رعوية مناسبة. وفيها يتمنى جاللوس أن يتواءم مع هذا العالم الأركادي إلا 
أنه لا يستطيع الهرب من حقيقة حبه الذي لا حدود له مثل ألمه تماما. 
فحتى لو كانت ليوكريس غير مخلصة فهو لا يشعر نحوها إلا بمشاعر 
العشاق وقلقهم. وبعد أن يعترف فرجيليوس بصداقته لجاللوس ينهي 
القصيدة بشغفه بحياة الريف ورغبته الغلابة في أن يمضي أمسية ريفية 
هادئة. 

وتتجاوز «الرعوية الرابعة» الجو الرعوي التقليدي. فموضوعها الفعلي 
يقع خارج نطاق الرعويات ولو أن الموضوعات الرعوية تتردد أصداؤها بقوة 
في التفاصيل الواردة بهذه القصيدة. فالنبوءة السيبيللينية أو «أنشودة كوماي» 
(60تنة0© لنتاعددصد©) قد أعلنت عودة عصر ساتورنوس الذهبي (012تتط2 5 
دمعء2) (أبيات 6-4). إذ انتهت دورة الزمن والعصر الحديدي يوشك أن 
يتبعه على الفور عصر ذهبي. فالتغيير إذا ليس مفاجنًا وانقلابياء بل هو 
متدرج ويواكب ظهور «الطفل الإلهي» الذي سيأتي ليخلص العالم في «عام 
الخلاص». أي عام قنصلية بولليو. وسيأخن هذا الصبي يوما ما مكانه بين 
الأبطال والآلهة. وتبارك الأقدار نفسها هذا العهد الجديد الذي هو على 
الأبواب. وفي إطار هذه القصيدة الرعوية يعادل هذا الحلم رؤية الشاعر 
لأركاديا الخيالية كأنها واقع يتحقق. ولقد فسرت هذه القصيدة عدة 
تفسيرات حتى في عصر فرجيليوس نفسه. فإن أسينيوس جاللوس بن 
بولليو زعم بأنه هو ذلك الصبي المنتظر. وفسر رجال الكنيسة الأوائل هذه 
القصيدة بأنها تبشر بالمسيح. 

ومن سخرية القدر أن الرعوية الوحيدة لفرجيليوس التي يمكن أن نربطها 
بحادث تاريخية مؤكدة هي التي أسيء فهمها عدة قرون. ولعل القارئّ 
المعاصر لا يربط الآن بين الرعوية الرابعة هذه ووصول السيد المسيح وقيام 
مملكته الآمنة. ومع ذلك فمن المحال أن يقرأ المرء هذه القصيدة ولا يتذكر 
الإنجيل («إشعياء». الإصحاح الحادي عشر 8-6): 

«فيسكن الذثئب مع الخروف ويربض 

النمر مع الجدي والعجل والشبل والمسمن 

معا. وصبي صغير يسوقها والبقرة والدبة ترعيان 


فرجيليوس أمير الشعر اللاتينى 


تربض أولادهما معا. والأسد كالبقر يأكل تبنا. ويلعب 

الرضيع.... الخ» 

لقد أثارت معاهدة برونديسيوم بين أنطونيوس وأوكتافيانوس عام 40 
ق. م قريحة الشاعر فنظم هذه الرعوية. إذ كانت هذه المعاهدة تمثل بريق 
أمل في السلام المرتقب حيث يعود الأمن والنظام للدولة الرومانية» لكن 
سرعان ما تسرب الأمل وتلاشى. وكانت المفاوضات قد انتهت في أواخر 
سبتمبر وأوائل أكتوبر عام 40 ق. م؛ وكان القنصل بولليو يبذل الجهد نيابة 
عن أنطونيوس في روما ومن هنا جاء في القصيدة (أبيات -١١‏ 12): 

«في قنصليتك يا بولليو وفي عهدك سيبداً العصر الذهبي. 

وستتقدم الدنيا للأمام في تلك الشهور العظام» 

وهذه النبوءة الشعرية جاءت كأبعد ما تكون عن الوقائع السياسية 
والتاريخية. ويسود هذا الجو التتبؤي العام كل القصيدة مما يجعل من 
العسير تفسيرهاء وفي الوقت نفسه لا يمكن تجاهل هذه الخلفية السياسية. 
تبدأ القصيدة بهذا الوقار الديني الذي تشيعه هذه النبوءة حيث سيولد 
عصر جديد مع الطفل المعجزة (أبيات 8- 10): 

«أي لوكينا (إلهة الميلاد) !أيتها الآلهة الطاهرة باركي الولد الذي بمولده 
سيأتي العصر الحديدي (62632) إلى نهايته؛ ويبزغ فجر العصر الذهبي 
(دعتتنة كدعع) على الدنيا أجمعين» 

وتقول القصيدة أيضا إنه بنمو هذا الولد ووصوله إلى سن الرجولة 
سيأتي العصر الذهبي رويدا رويدا. وهذا يعني أنه يلزم بعض الوقت لتطهير 
الآثام. 

وجدير بالذكر أنه بعقد معاهدة برونديسيوم تم الاحتفال على الطريقة 
الرومانية؛ أي بعقد زواج يربط بين الأسر التي كانت تتصارع فتصالحت. 
وهكذا زف أنطونيوس إلى فراش عرس أوكتافيا الطاهرة. وريما لم يفكر 
معاصرو فرجيليوس كثيرا في أمر هذا الولد المخلص والمرتقب؛ وريما كان 
هو ابن أنطونيوس من أوكتافيا والذي هو وريث مجد أبيه العسكري. ولكن 
هذا الطفل لم يخرج للوجود قط وجاءت بدلا منه طفلة. وكل ذلك قد نسى 
حتى جاء أسينيوس جاللوس بن بولليو. فزعم أنه المقصود بهذه النبوءة 
الرعوية عند فرجيليوس. على أن ابن أنطونيوس-لو كان قد جاء للوجود-من 


إنن! 


الأدب اللاتينى 


نسل هرقل عن طريق أبيه ومن نسل فينوس عن طريق أمه أوكتافيا . وتوحي 
القصيدة أنه سيؤله مثل جده هرقلء. وسيرفعه الناس إلى عنان السماء 
(أبيات 16-15 , 63). (5) 

ومن أركاديا الخيالية يتحرك فرجيليوس ليضع قدمه على أرض الواقع 
الإيطالي في «الزراعيات». فهي قصيدة عن عمل وحياة الفلاح الروماني 
كما عايشه فرجيليوس من قبل في قريته؛ وكما يريده أوكتافيانوس أن يكون 
أي «رجل طيب خبير بالزراعة». ولآن فرجيليوس فلاح بحكم نشأته وتربيته 
فإنه من الطبيعي أن يطلع على الآدب الزراعي السابق عليه. وبالفعل يحاول 
فرجيليوس في «الزراعيات» أن يكون هيسيودوس الرومانء كما أنه قد تأثر 
في هذه القصيدة ب «الظواهر» للشاعر السكندري أراتوس. وتركت «في 
طبيعة الأشياء» للوكريتيوس بمحتواها الأبيقوري بصماتها على القصيدة. 
أما مصادر فرجيليوس العلمية فقد ضاع معظمها. قمما لا شك فيه أنه 
أفاد من كتابات ثيوفراستوس (في الكتاب الثاني)؛ وأرسطو (في الكتابين 
الثالث والرابع). أما مؤلف كاتو الأكبر «دعن فلاحة الأرض» (مسطلد تيه ء2) 
قلا يمكن إغفاله كمصدر مهم لفرجيليوس. وكذلك «الشؤون الريفية» (وع5 
1516 ) لفارو التي ظهرت عام 37/36 ق. م؛ أي في الوقت الذي شرع فيه 
فرجيليوس ينظم قصيدته. 

في عام 39 ق. م انضم فرجيليوس لدائرة مايكيناس اليد اليمنى 
لأوكتافيانوسء بيد أن اليد الطولى في الائثتلاف الثلاثي الثاني كانت 
لأنطونيوس . ولم يستطع أوكتافيانوس أن يفرض سيطرته الكاملة على إيطاليا 
إلا عام 36 ق. م بعد هزيمة سكستوس بومبيوس. وبذلك زال خطر المجاعة 
التي كانت تتهدد البلاد. ثم عزل ليبيدوس من الائثتلاف بوصفه الشريك 
الثالث: وكان أنطونيوس مشغولا في الشرق بحروبه وقصة حبه مع كليوباترا . 
وتقدم «الزراعيات» أهوال ما بعد اغتيال يوليوس قيصرء بل تصور النهاية 
البليغة للكتاب الآول (أبيات 514-466) الفوضى التي نجمت عن حادث 
الاغتيال وتقدم أوكتافيانوس بوصفه الأمل الوحيد الطالع. وفي زمن صياغة 
مقدمات الكتابين الأول والثالث والخاتمة كان أوكتافيانوس قد أصبح القائد 
الأوحد والمنتصر المرشح للتأليه. وفي تلك الأثناء كان وباء فتاك قد حل 
بالزراعة الإيطالية. ذلك أن صغار ملاك الآراضي الزراعية قد انخرطوا 


]00 


فرجيليوس أمير الشعر اللاتينى 


في صفوف الجيوش المتقاتلة أو كانوا قد طردوا من أرضهم لصالح المحاربين 
القدامى العائدين من الحروب المتتالية. وهؤلاء بالطبع كانوا أقل خبرة 
بفلاحة الأرض التى امتلكوها مؤخرا. وصفوة القول كانت البلاد تعانى من 
هقر الجاضلؤت الزراعية, ا 

عمل فرجيليوس في «الزراعيات» من عام 36 إلى عام 29 ق. م: أي 
حوالي ثلاثة عشر عاما. فوصل بالقصيدة إلى صورة من صور الكمال في 
البنية الشعرية واللغة حتى أن درايدن يعتبرها أفضل قصيدة لأفضل شاعر. 
وبالنسبة للنقاد شديدي الإحساس بالإيقاع الداخلي للشعر فإن «الزراعيات» 
تبدو كأنها سيمفونية من أربع حركات. ففيها عدة موضوعات مختلفة 
تنطلق مستقلة في البداية ثم تتآلف فيما بينها لتشكل وحدة عضوية في 
النؤاية: «هاتزراهيات» تعد هى قائيات من الكني كل ظاقية متها تسدرها 
مقدمة. فالكتابان الأول والثالث يؤكدان على الصراع ضد التدهور والمرض 
والموت وتسودهما نغمة داكنة كتثيبة. ولكن هذه تعميمات ساذجة لأن الانتقال 
من نغمة إلى أخرى يتم في ذكاء وحنكة. 

ويقول باييه ((1.82) إنه بينما يدور الكتاب الثالث حول الحب وانتصار 
الموت نجد الكتاب الرابع يعالج الطهارة والعفة وانتصار الحياةا). ويرى 
دكورتث (20:ه:«ماءدا2 .6.8) أن نهايات الكتب الأربعة على التوالي تعالج الحرب, 
السلام: الموت. البعث ). ويقول أوتيس (3نا0 .8) إثنا لا نستطيع أن نفهم 
«الزراعيات» إلا بالوصول إلى نهايتها حيث يكتمل المفهوم حول السبب 
والأصل في فكرة البعث. وتحل كل التناقضات عندما يجد الإنسان ويكدح 
ويمارس كل قواه. ويكرس حياته للعمل ويضحي في سبيل الوطن (هاتلهم) . 
وضي النهاية يجد أن المنطق وهو روح وجوهر الكون يؤيده بقوة من لدنه. (8) 

كان جاللوس أول وال على مصر عام 30 ق. م واتهم عام 27 ق. م 
بالخيانة فانتحر. وكان صديقا حميما لفرجيليوس . وأوحى إلينا المعلق القديم 
سيرفيوس أن نهاية الكتاب الرابع؛ أي نهاية «الزراعيات» ككل ص قد حذفت 
وحلت محلها نهاية جديدة. إذ كانت النهاية في الأصل تتضمن مديحا يكيله 
المؤلف لجاللوس فبدلها ووضع مكانها أسطورة أريستايوس. وقد يكون ذلك 
صحيحا فهناك ثمانية أبيات عن مصر (أبيات 294-287) حيث يتحدث عن 
سلالتها المحظوظة (بيت 288). ويقول سيجال ((0.5688©) إن أسطورة 


10 


الأدب اللاتينى 


أريستايوس التي يظن أنها مقحمة تربط القصيدة بيعضها البعض وتوحد 
فيما بين النشاط البشري والمقاومة الطبيعية أحياناء وما بين القوة البشرية 
المدمرة والقوى الطبيعية الخلاقة أحيانا أخرى” . ويعلق جريفين (متكنين .1) 
على موضوع هذه الأسطورة قائلا: إن مملكة النحل الشمولية المذكورة في 
هذه الأسطورة تثير الإعجاب ولكنها تتضمن مع ذلك عناصر من الصراع 
المأساوي لفقدان فردية الإنسان. وهذا ما سوف يشكل مأساوية «الإينيادة» 
نفسها حيث تعالج هذه الملحمة موضوع آينياس البطل الفردء وروما الوطن 
الغلاب والمسيطر على وجدان كل الأغراد . 9') 

هناك أربعة موضوعات رئيسة يشغل كل منها كتابا من الكتب الأربعة 
وهي الزراعة, تربية الأشجار والكرومء تربية المواشيء؛ تربية النحل. وسن 
الموضوعات الفلسفية الجوهرية تسري في كل الكتب الأربعة وترتبط فيما 
بينها من جهة؛ وتتواءم مع الموضوعات الأربعة التي تشكل المحتوى أو المضمون 
من جهة أخرى. ولعل هذا الانسجام بين المحتوى المادي والخلفية النظرية 
مع تباين العناصر المكونة لكل منهما هو الذي دفع بعض النقاد لاعتبار 
كتاهرة ونلموسة ولكنها للا كمثل تنوم بارزا ع موضوع كل كتاب على بحدة: 
أما الاستطرادات التقليدية في مثل هذه الأشعار-بوصفها من الموروث 
الملحمي-فتبع عضويا من المحتوى نفسه؛ ومن ثم فهي لا تبدو كبقع قرمزية 
أو زخرفية» وإنما توظف لخدمة البنية الكلية للقصيدة الزراعية شكلا 
ومضمونا. فحتى علامات الشْوؤم التي تتبدى أحيانا في الطبيعة كما حدث 
عقب اغتيال يوليوس قيصر لا تشكل استثناء.: فهي مثل علامات الطقس 
في السماء والتي يلم بها الفلاح المحنك. وعلامات الشوّم هذه تعلن عن 
خلل ما في الطبيعة أو مخاطر تتهدد البيان الاجتماعي. وتلك من نواميس 
الكون (5متومه) التي ألقي بها إلى الفوضى 02305)) عندما اغتيل يوليوس 
قيصر. وفى هذا الإطار تأتى فكرة المخلص المنتظر وكأنها نتيجة طبيعية. 

ولعل أكبر وأطول الاستطرادات هو ما يرد في الكتاب الثاني (بيت 36ا 
وما يليه) ويدور حول «أمجاد إيطاليا». وضي هذا الاستطراد تلتقي كافة 
الموضوعات المطروقة في القصيدة ككل حتى أن هذه المقطوعة: تبدو كأنها 
البوّرة أو الحركة الرئيسة في السمفونية. ثم يقول الشاعر في نهاية هذه 


12 


فرجيليوس أمير الشعر اللاتينى 


المقطوعة «أغني أغنية أسكرا عبر المدن الرومانية»» أي أنه يريد أن يكون 
«هيسيودوس الرومان» لأن أسكرا هي مسقط رأس ذلك الشاعر الإغريقي. 
ولكن فرجيليوس لا ينطلق مثل هيسيودوس-الذي ظلمه أخوه-من قضية 
خاصة ولكن من قضية عامة. وفرجيليوس ليس مثل الشاعر الإغريقي 
متشائما . فإيطاليا رغم كل شيء ما زالت هي «المنتجة الكبرى للغلال والمنجبة 
العظمى للرجال». ١‏ ْ 

ويدهشنا الكتاب الرابع من «الزراعيات» لأنه يعد عملا أدبيا في الحب 
ولكن بمعنى خاص جدا . ففرجيليوس مثل شعراء كثيرين سبقوه ولحقوه قد 
سخرة موضوع التحل وعالة النجيب: وهتاك فففشن ساقد لدى القدانين 
بأن النحل يمكن أن يتوالد من دم المواشي الذبيحة. وقد كشفت هذه الحقيقة 
عن سر الخلق للراعي أريستايوس الذي ماتت أسراب نحله عقابا له لأنه 
كان السبب في موت يوريديكي زوجة أورفيوس. وهكذا تدخل قصة حب 
يوريديكي وأورفيوس في نسيج هذه المقطوعة الختامية للقصيدة ككل. 
وكأن الشاعر يريد أن يقول إنه برغم الكمال الخارق للطبيعة في حياة 
مملكة النحل فإن أمام الإنسان ما هو أعظم. إنه الحب الأقوى من الموت. 
وإذا صدقنا سيرفيوس بان هذا الجزء قد حل محل الأبيات التي كانت تثني 
على جاللوس والتي حذفت بإيعاز من أوغسطس فإن ذلك يزيد من إعجابنا 
بالشاعر البارع الذي أغلح في مزج العناصر الأصلية في القصيدة بعنصر 
جديد إضافي زاد من تماسك القصيدة شكلا ومضمونا. 

ومنذ عدة سنوات أعد فرجيليوس نفسه لصياغة رائعته بحق «الإينيادة» 
فهي تمثل ذروة إنجازه الشعري. وكان الرومان يعتبرون أن الشعر الملحمي 
هو أسمى ضروب الآدب على الرغم من أن هوراتيوس وبروبرتيوس تقاعسا 
عن التصدي لهذه المهمة بحجة أنها أثقل من أن تحتملها كواهلهما. وهناك 
فقرة في «الرعويات» يقول فيها فرجيليوس إن أفكاره بدأت تتجه إلى 
الملحمة لولا أن أبوللو رب الشعر أنبه على ذلك. (الرعوية السادسة أبيات 
5-3): 

«عندما حاولت أن أتغنى بالملوك والمعارك شدني من أذني إله كنيثوس 
(أبوللو) ونصحني قائلا: أي تيتيروس (11053) قد يغذي الراعي غنمه 
اشبوخ ونكت عنم فتن شدي اغية رقرقة». ْ 


|0535 


الأدب اللاتينى 


وفي أثناء نظم «الزراعيات» كانت فكرة الصياغة الملحمية قد اختمرت 
في ذهن فرجيليوس. ففيها يرفض الأساطير الإغريقية لأنها أصبحت 
مبتذلة. هذا هو السبب المعلن الذي يخفي وراءه دافعا آخر أكثر قوة وهو 
اقتناع الشاعر بأنه لن يحقق ذاته ووالع يما حكن لصياغة ملحمة ما إذا لم 
يكن موضوع هذه الملحمة رومانيا قحا. فإذا كان فرجيليوس في «الزراعيات» 
قد آله حياة الفلاح الروماني وكان التاريخ بمثابة الخلفية للأحداث الجارية 
فقط فإن هذا التاريخ الروماني في «الإينيادة» هو الذي يحتل مركز الصدارة. 
وحتى قبل أن ينظم فرجيليوس «الرعويات» كان يفكر في صياغة أحداث 
التاريخ الروماني في قصيدة كبيرة؛ ولكنه تخلى عن الفكرة لأن الظروف 
الخاصة والعامة لم تكن مهيأة لمثل هذا العمل. في «الزراعيات» يعلن الشاعر 
صراحة أنه ينوي تمجيد أعمال أوكتافيانوسء وكان عليه أن يضع إنجازات 
أوغسطس المؤله في إطار أسطوري وتاريخي ضخم يتناسب مع قصيدة 
ماجمة كيرة: 

يتناول الكتاب الأول من الإينيادة قصة آينياس عندما اقترب من الأرض 
الموعودة في الغرب: فتضرب الرياح سفنه وتلقي بها على الساحل الأفريقي. 
ويتضح أن يونو زوجة جوبيتر هي التي أرسلت هذه العاصفة وسببت كل 
هذه المتاعب لأنها تعادي طروادة وسلالتها . وتستقبل ديدو الطرواديين في 
مملكتها المؤسسة حديثا . وفي الكتاب الثاني وعلى مأدبة حافلة تعدها در 
لآينياس يحكي لها الآخير قصة سقوط طروادة وقصة هروبه من ركام 
الحريق بأمر الآلهة ومعه والده أنخيسيس وابنه أسكانيوس وآلهة البيناتيس 
الطروادية. ويتضمن الكتاب الثالث في إطار هذه القصة نزول آينياس على 
ساحل أكتيوم الموطن الجديد للعراف الإغريقي هيلينوس. وينتهي بموت 
والد آينياس أي أنخيسيس في صقلية. 

في الكتاب الرابع ترغب يونو في إحباط خطة إقامة طروادة الجديدة 
في إيطالياء وتوحد جهودها مع إلهة الحب والجمال والتناسل فينوس بهدف 
إخضاع آينياس لحب الملكة الفينيقية ديدو. وكانت هذه الملكة قد عاهدت 
نفسها أن تظل على عهد الوفاء وألا ترتبط بأي رجل بعد وفاة زوجها 
سيخايوس. ولكنها تقع في حب آينياس وتنقض عهدها وتحاول إبقاء محبوبها 
إلى جوارها إلى الأبد. ويشتد إصرارها برغم علمها بأن الأقدار تنتظر هذا 


1 4 


فرجيليوس أمير الشعر اللاتينى 


البطل المفوار في مكان آخر. ويخضع آينياس نفسه لهذا الحب الطاغي 
وينسى رسالته السماوية» ووصل الأمر إلى حد أن جوبيتر اضطر لأن يذكره 
بهذه الرسالة على لسان رسوله ميركوريوس. فاستيقظ آينياس من غفوته 
وأحلامه وقرر الرحيل وباءت كل جهود ديدو بالفشل فلعنت حظها وانتحرت. 

وعتدما يبدا الكناب الخامين تفاجى آينياس غاضفة قوية وهو فى 
طريعه إلى السنادل الإيطالى ريت مراسية فى ميعلية:ومكاك يشيم 
احتفالات دينية وألعابا جنائزية بمناسبة ذكرى وفاة والده. وفي تلك الأثناء 
كانت يونو قد أوعزت إلى زوجات رجال آينياس بألا يذهبن معهم أكثر من 
ذلك: فقمن بإحراق السفن بهدف أن يمكث الجميع في صقلية ولا يبرحونها. 
وبديلؤة لسرهية يان اتدباس بيخول اللظوهدزارا فيظفع عتردق السفق: 
ولكله بياس منن مواصطة الررجلة لقياب الثقة هي غزم رجات ميظهر له 
والده اتخسيس في الظلم ويتصحه يان يقرك غير االتحسين في ستقلية 
ويأخن الباقين ويتوجه إلى إيطاليا ضفيهم الكفاية. ْ 

وبالقعل ذى الكتاب النادين قرئص اننظول)بنيانى مراسية في كوباق 
بإيظائيا وتقوده العامتة السببيلينية بعد أن يتزوذ بالقسن الذهبي السحرى 
حيث يدخل العالم السفلي عند بخيرة أفيرنوس- وهناك يلتقي بالكثيرين 
وهم بندوسويته الترتعية مرف كم لتقن يوالذع فى الالبسيوم معام 
السعداء والمباركين. ويطلعه أبوه على الأرواح التي ستولد يوما ما في روما 
فقيو وكير وكسيع تخصيات وريجالقت التاريخ الروياني نت كاسيس 
المدينة وحتى عصر أوغسطس. ويقول فرجيليوس على لسان أنخيسيس 
في فقرة مشهورة (الكتاب السادسء بيت 847 وما يليه): 

«قد ينحت الآخرون-يمهارة أكثر تفوقا-تماثيل من البرونز 

يجري في عروقها الدم إني أؤمن بذلك حقاء 

وقن مشكلون من الركام وسوها سبك ملاسسها بالهياة 

وفي ساحات القضاء قد يصوغون عبارات الدفاع ببراعة أكثر, 

قد تصف أقلامهوم أفلاك السماء ومداراتهاء وقد يلمون بمطالع النجوم. 

أما أنت أيها الروماني فرسالتك هي أن تحكم شعوب الدنيا بسلطانك 

وبراعتك هي أن تنشر أسس السلام وتعفو عن المغلوبين 

وت جن المتخطرسين 1 


05 


الأدب اللاتينى 


وبعد زيارة العالم السفلي نصل للكتاب السابع حيث يرسل آينياس وفدا 
إلى الملك لاتينوس الذي-طاعة لنبوءة قديمة-يستقبل الوفد بترحاب غامرء 
بل يعرض على آينياس يد ابنته لافينيا. بيد أن يونو الحقود تثير البغضاء 
بين الطرواديين واللاتين فتشتعل نار الحرب بين الطرفين لا يشترك لاتينوس 
نفسه في المعركة. ويقودها تورنوس الذي يطلب لافينيا لنفسه وتعضده 
افلكة إماها امون < التحريية!, 

وفي الكتاب الثامن يسعى آينياس إلى توسيع دائرة حلفائه. وبالفعل 
يبادر إفاندر حاكم المكان الذي ستقوم عليه روما فيما بعد بتزويد الطرواديين 
بقوات تحت قيادة ابنه الشاب باللاس. وكان لآينياس في الملك الإترسكي 
تارخون حليف آخر. وبطلب من فينوس صاغ فولكانوس إله الصناعة 
والحدادة أسلحة آينياس ومن بينها الدرع الذي زينته مشاهد تنبؤية تبشر 
بمستقبل التاريخ الروماني المجيد. 

ويشدد تورنوس في الكتاب التاسع الضغط العسكري على الطرواديين 
منتهزا فرصة غياب آينياس عن الساحة. ويحاول كل من نيسوس وصديقه 
يوريالوس أن يشقا طريقا بين صفوف العدو ليصلا إلى آينياس ويحيطانه 
علما بالموقف. ولكنهما وبسبب تهور يوريالوس يدفعان حياتهما ثمنا لهذه 
المغامرة. وفي اليوم التالي يخوض الطراوديين معركة خاسرة للمرة الثانية. 

ويبدأ الكتاب العاشر باجتماع إلهي علوي حيث يؤنب جوبيتر كلا من 
يونو وفينوس لتدخلهما في الصراع بين البشر. وفي هذا اليوم مضت 
الحرب الأرضية دون تدخل إلهيء وكان اينياس قد عاد إلى ساحة الوغى. 
وحدث أن كان تورنوس قد أحرز نصرا سهلا على الشاب الصغير باللاس 
فقتله واستولى على أسلحته ومثل بجثته. فيصر آينياس على الانتقام لباللاس 
من قاتلهء وتحاول يونو إنقاذ تورنوس. وعندئذ يجد آينياس غريما جديدا 
وقويا في شخص ميزينيتيوس فيدفع لاوسوس حياته ثمنا عندما حمى 
ظهر أبيه آينياس الذي انسحب من المعركة على اثر جرح أصابه. 

وفي الكتاب الحادي عشر تبرم هدنة ويوفف القتال لدفن الميت؛ ويعرض 
آينياس خطة لإنهاء الحرب وسفك الدماء على أن تجري مبارزة فردية بينه 
وبين تورنوس لحسم الموقف. ويظهر الملك لاتينوس استعداده لقبول هذا 
العرض ولكن تورنوس يصر على مواصلة الحرب. وبعد أن يقتل حليف 


06 


فرجيليوس أمير الشعر اللاتينى 


تورنوس القوي كاميللا يميل ميزان القتال لصالح آينياس الذي يستعد 
لدخول المدينة. 

ويبداً الكتاب الأخير بالاستعدادات للمبارزة الفردية؛ بيد أن تورنوس لا 
يقبل اللقاء بآينياس مبارزا إلا بعد أن انفض الحلفاء من حوله ودخل 
اينياس المدينة عنوة. وهكذا لم تعد يونو قادرة على أن توقف سير القدر. 
وعلى أي حال يقرر جوبيتر ألا تكون لاتيوم هي طروادة الجديدة. وضي 
النهاية يهزم تورنوس في المبارزة ويطلب الرحمة. ويميل اينياس للعفو عنه 
لولا أن تقع عيناه على الأسلاب الحربية ولا سيما أسلحة باللاس التي 
يتسلح بها تورنوس. فيعرف أنه ليس من الصواب أن يعفو عنه. وبالضربة 
القاضية التي يتلقاها تورنوس تنتهي «الإينيادة». 

وناك من يتسمون «الإينياذة» إلى قسمين ركيمتين؛ القسم الأول يكنم 
الكتب الستة الأولى والقسم الثاني يضم الكتب الستة الأخيرة. وهذان 
القسمان يقابلان على التوالي «الأوديسيا»-أي الرحلة في اتجاه الوطن 
الموعود-و«الإلياذة»-أي الحرب من أجل تأسيس هذا الوطن-ويقسم نقاد 
آخرون «الإينيادة» إلى ثلاثة أقسام. يضم القسم الأول الكتب من الأول إلى 
الرابع حيث يحتل موضوع قرطاجة مركز الصدارة؛ أما القسم الثاني فيضم 
الكتب من الخامس إلى الثامن ويتحدث عن الاستعدادات للحرب يعد الوصول 
إلى لاتيوم: أما القسم الثالث فيضم الكتب من التاسع إلى الثاني عشر 
وموضوعها المعارك الرئيسة في لاتيوم. ولكن هذه التقسيمات جميعا تبدو 
تعسفية لآن هناك عنصرا رئيسا وحدويا يسري في الملحمة من أولها إلى 
آخرها. 

ومن الملاحظ أن الكتاب الأول من «الإينيادة» يوازي الكتب من الخامس 
إلى الثامن في «الأوديسيا». ففيه تتحطم السفن ويرسو البطل على شاطيىٌ 
مجهول ويلتقي بإلهة متنكرة؛ وتستقبله مدينة غريبة بالترحاب وتقام المأدبة 
ويغني المنشد فيحكي البطل ما مر به من مغامرات. وهكذا يدفعنا فرجيليوس 
دفعا إلى أن نرى في اينياس أوديسيوس آخر جديداء ولكنه في الوقت 
نفسه يتحدانا بان يضع أيدينا على الفوارق بين هذين البطلين. وأهمها أن 
آينياس لا يبحث عن طريق العودة إلى وطنه القديم وإنما يسعى لأن يضع 
قدمه على طريق جديد غير مطروق من قبل نحو المستقبل المجهول. وهو 


107 


الأدب اللاتينى 


لن يؤسس مدينة جديدة فحسب بل سيضع الأسس لحياة جديدة تماما. 
ولأنه آخر طروادي على ظهر الأرض كتب عليه أن يكون أول روماني في 
إيطاليا. إنه إذا على النقيض من أوديسيوس يمثل مجتمعا بأسره أو بالأحرى 
فيه تكمن بذرة أمة جديدة. ويتحمل آينياس مسؤولية ضخمة تفوق ما 
تحمله أوديسيوس. وعندما يظهر اينياس ضعفا في بعض الأحيان فإن ذلك 
يؤكد المعنى الجديد للبطولة. 

وما بقية «الإينيادة» إلا سلسلة من الاختيارات والمحن التي يبتلى بها 
البطل آينياس لكي تثبت جدارته قبل أن يحقق رسالته. وفي الكتاب الثاني 
يفيف تراس عند انه وفك قوط متووادة :أها مقاف اسن اليارفي 
الكتاب الثالث فتدل على أنه بدأ يقبل قدره بمساعدة من نصائح أبيه. وفي 
الكتاب الرابع يأتي الإغراء بقرب السعادة الشخصية عن طريق الحب وهو 
ما يهدد بتوقف آينياس عن المسيرة نحو تحقيق رسالته. ويتمنى آينياس 
شخصيا أن يفعل ذلك ولكن الإحساس بالواجب يدفعه دفعا لمواصلة المسيرة. 
وهو بضعفه الإنساني يحسد من لا تثقلهم مثل هذه المهمة أو من انتهوا منها 
بالفعل. فهو ينظر إلى أسوار قرطاجة قائلا (الكتاب الأول؛ بيت 437): 

«يالهم من محظوظين ! أولئك من قامت بالفعل أسوار مدينتهم !» 

ويصف الكتاب الخامس على نحو مؤثر العبء الذي ينو به كاهل آينياس. 
إذ يبدأ بالعودة إلى الأحدات التي وقعت في قرطاجة ونهايتها المأساوية. ثم 
ينتقل المؤلف إلى نغمة أكثر بهجة عندما يصف الألعاب الجنائزية التي كرم 
بها (تخسسو. ولك سرهان ها كي كامكة هجام عدبا نضب يودق 
وتحرض الطرواديات على إحراق أسطول آينياس حتى لا يذهب إلى إيطاليا. 
واستجابة لدعوات وصلوات آينياس الصالح يطفيٌ جوبيتر نار الحريق بوابل 
من المطن.وقي غضون ذلك كاد اينياس يقرن التوقف ثولا آن.ظهر شبح 
والده-بإيعاز من جويتر-وأقنعه بالاستمرار. 

ويمتلئ الكتاب المنادس الذي يصف زيارة آينياس للعالم السقلي بالحزن 
والأسى لأن أشباح الماضي تطارد البطل وتذكره بما ارتكب من أخطاء 
وذنوب وكذا بما تحمل من مشاق ومصاعب. يلتقي آينياس بشبح بالينورويس 
الذي مات منذ فترة وجيزة وقبيل الوصول للشاطي الإيطالي؛ وذلك بعد أن 
كان قد أخلص الولاء لآينياس وقاد الأسطول الطروادي طوال سبع سنين 


18 


فرجيليوس أمير الشعر اللاتينى 


في البحار, ثم يلتقي آينياس بعشيقته المنتحرة بسبب هجره إياها أي ملكة 
قرطاجة ديدو حيث يعتبر اينياس نفسه مسؤولا عن موتها ولكن دون عمد. 
فقدره هو الذي أملى عليه ما فعل . ويلتقي اينياس بديفوبوس البطل الطروادي 
الذي مات في اللحظة نفسها التي أغلت فيها آينياس من المصير نفسه. 

وفي خضم هذا الحزن والمآسي تأتي بارقة الأمل مضيئة حتى في 
أعماق العالم السفلي. فعندما يصل آينياس إلى الإليسيوم يصف له أبوه 
طبيعة الحياة بعد الموت. ويطلعه على ثواب المحسنين وعقاب المذنبين. ثم 
يستعرض معه موكب الأبطال الرومان افين سيولدون مستقبلا ويحققون 
الأمجاد. ولكن كل ذلك يتوقف على تنفيذ آينياس لمهمته السماوية: أي 
تأسيس الدولة الرومانية. ولبدأ موكب الأبطال من رومولوس مؤسس روما 
حتى رومولوس الثاني: أي أوغسطس المؤسس الثاني للمجد الروماني. 
وهكذا لم يترك أنخيسيس ابنه آينياس يصعد من العالم السفلي إلى الدنيا 
إلا بعد أن «أشعل في روحه حب المجد القادم» (الكتاب الإما ف بيت 889). 
وهنا فقط يتحول قبول آينياس السلبي, أي الاستسلام لقدره؛ إلى نشاط 
إيجابي ومبادرة دافعة وفاعلة نحو تحقيق النصر. 

وإذا كانت الكتب الستة الأولى هكذا قد انتهت إلى مثل هذه النتيجة 
فإن الكتب الستة الباقية تتناول كيفية تحقيق الهدف المنشود بعد أن تآكد 
صدق العزم. يقول آينياس الكتاب السابع البيتان 44 و45 عن مقاومة 
الإيطاليين إياه: 

«تنتظرني سلسلة أكبر من الأحداث وسأنهض بعمل أكثر شرفا» 

وطوال حروبه في لاثيوم كان آينياس قائدا رحيما وحازماء حريصا على 
سلامة رجاله؛ وكريما مع أعدائه. فعندما طلب اللاتين هدنة لدفن الموتى 
وافق مرحباء وتمنى أن تكون هناك هدنة بين الأحياء ليمارسوا الحياة لا 
ليدفنوا الموتى (الكتاب الحادي عشرء بيت 156 ما يليه). إنه في الواقع يكره 
الحرب ولا يتورط فيها إلا للضرورة. هذا في مقابل غريمه تورنوس الذي لا 
تتحقق ذاته إلا فى ساحة الوغى. 

لم تكتمل [الأسيادةة تأليفا وصقلا. هذه مسألة واضحة لا تحتاج إلى 
مزيد تبيان وذلك من أنصاف الأبيات التى وصلتنا فى ثناياها. ويعطينا 
الكقانان لاني و مشر مميقة خاضة ]نابا ها بانهها لم مرا عشااء لد يعشاةة 


1090 


الأدب اللاتينى 


بل يلاحظ فيهما شيء من عدم الاتساق في الترتيب التاريخي للأحداث. 
ولقد أجمع كل من سيرفيوس ودوناتوس على القول إن فرجيليوس عندما 
مات عام 9 ق. م كان يريد أن يقضى ثلاث سنوات فى مراجعة «الإينيادة» 
قبل نشرها. وعندما اقتربت ساعته الأخيرة في الدنيا أمر بان تحرق. 
ويأمر من أوغسطس لم تحرق. وعهد إلى فاريوس بنشرها فحذف الزوائد 
ولم يضف شيئًا . وهناك شواهد كثيرة في النص تدل على أنه لم يحظ فعلا 
بالمراجعة الأخيرة. ومع ذلك «فالإينيادة» كما هي الآن ليست قصيدة ناقصة: 
وكل ما تفتقده هو تفاصيل ورتوش صغيرة جدا. ولم يؤد الفحص الدفيق 
العالي الذي وصل إلي فرجيليوس. أما ما يمكن أن يكتشف من هفوات 
وفجوات صغيرة فهو أمر طبيعي في مؤلف كبير مهما كان صاحبه. وملحمتا 
هوميروس نفسه لا تخلوان من مثل هذه الهفوات والفجوات. 

ويبدو أن فرجيليوس قد وضع مخططا عاما أو خطوطا عريضة بالنثر 
الوحيء ومن ثم كان يترك بعض الأجزاء ناقصة ليعود إليها مرة ثانية. وضي 
أجزاء أخرى كان يكتفي بوضع «الأسس» أو «الأعمدة» (وعمنطة) حتى 
تتماسك البنية» وعلى أمل أن يضع الصيغة الكاملة يأسسها تلك الثايتة. 

ولعل من المناسب الآن أن نتعرض لسؤال هو بالقطع مما يتبادر إلى 
الأذهان؛ أي كيف استطاع فرجيليوس أن يربط الأسطورة الطروادية بالتاريخ 
الروماني الع كرجا رسن الرسوق إلى د اعفد ساكل بأرضة :كيقاة اكيم 
نظاما زمنيا مزدوجا مما أتاح الفرصة لتصوير الأحداث الجزئية كأنها 
الماضي السحيق على أنه يذور الحاضر وجذور المستقبل. وفعل ما فعله 
هوميروس حين أورد قائمة بالمحاربين الإيطاليين (الكتاب السابع. بيت 647 
وما يليه) فاستطاع أن يشيد بالفضائل الإيطالية التقليدية. ثم يستغل 
فرجيليوس أسماء الأماكن والأسر الإيطالية ليورد أساطير تعلل وجود هذه 
لكي يحكي حوادث التاريخ الروماني. 

يدن أحم الوميا كل لت قيفي ظر جا تون اريف لاطي باالخاسين اتاد 


فرجيليوس أمير الشعر اللاتينى 


المجازي أو حتى الرمزي. فهو يوحي بالفكرة المستهدفة ولا يصرح بها. 
فمكلا قد بقصة ديدو آن تذكرنا بكليوبائرا . وهكذا عندما يلتق آيحياس 
توس :في مواجية جانسنة عادو فلي الغور إلى أهغنا |الواجهة ييخ 
أوغسطس وأنطونيوس في أكتيوم. يقول سيرفيوس في مقدمة تعليقه على 
«الإيبنيادة:< «كان هدف فرجيليوس أن يقلد هوميروس ويمدح أوغسطس 
عن طريق لأجداده». ويقول دوناتوس (حياة فرجيليوس (2) إن اهتمام 
فرجيليوس كان منصبا على موضوع البحث عن أصول روما وأوغسطس. 
لقد كان هدف فرجيليوؤس إإذا هو رسم صورة آينياس على أته النجى الأول 
والمجيد لأوغسطس الذي نظمت الملحمة أصلا لتكريمه. 

«فالإينيادة» هي ذروة الترحيب السائد في الأدب الأوغسطي بعهد ذلك 
العاهل الكبير الذي أنهى الحروب وجلب السلام. وبالنسبة لفرجيليوس بدأ 
هذا الترحيب في «الزراعيات»الكتاب الأول (أبيات498- 514) حيث يقول: 

ديا آلهة الوطنء يا آلهة هذه الأرضء رومولوس ! أفا فستا. يا من 
تحفظون نهرنا الإترسكي أي التيبر آمنا وكذا تل البلاتيوم الروماني لا 
غوقها هذا الاب (ارضمط) من اد يقة جيادا النوك. كيف يمن عبد 
ونحن نغسل بدمائنا أخطاء طروادة وذنوب لاؤميدون. 

منذ زمن بعيد وعرش السماء يضن علينا بك يا قيصر (أوغسطس) 

بدعوى أنك شكوف يتعقيق انتضازات فانية: 

فهنا على الآأرض حدث خلط بين الحق والباطل 

وحدثت كل هذه الحروب وتفشت كل أنواع الجرائم. 

ضاعت قيمة المحراث وحرمت الحقول من زارعيهاء 

مقع الفاكل القسر تاسوه خبلية: 

وعلى هذا الجانب يهب نهر الفرات مستعدا للحرب 

وعلى ذلك الجانب تفعل جرمانيا الشيء نفسه. 

والمدن المتجاورة نقضت عهود الولاء وحملت السلاح في وجه بعضها 

مغرو مارت الشسريى عيين كل اثعاله فا نقيت التمروب 

كما تتدفع العربات من نقاط الانطلاق فتسرع دورة بعد أخرى. 

ويعاول سائق الغرية عيكا أن يشيد. فيضك على عتان اتخيول: 


الأدب اللاتينى 


ولكنه يدفع بالخيول والعربة إلى حيث شاءت الأقدار فلا حول له ولا 
طول إذ لم :تعد له السيظرة»: 

ولم يجلب أوغسطس السلام فقط بل بشر بالعودة لسنة السلف الصالح: 
والإحساس العميق بالواجب, والالتزام بقواعد الدين: وطاعة الكبار 
والأساتذة؛ والثبات والصمودء والرزانة. ولم تكن هذه الفضائل الرومانية 
التقليدية رموزا أسطورية في الفولكلور الروماني القديم» بل تجسدت في 
شخصيات تاريخية عاشت على الأرض الإيطالية مثل فابريكيوس وريجولوس 
وفابيوس ماكسيموس وكاتو الرقيب وغيرهم. وهي فضائل تتجسد في 
الحكيم الرواقي الكامل كما يراه فلاسفة هذه المدرسة في روما . ولعله يبدو 
من الواضح الآن لماذا أقام أوغسطس دعايته السياسية على أساس القول 
إنه لا يهدف إلا إلى إعادة بناء الجمهورية؛ أي كما كانت في الماضي وكما 
كان من الطبيعي أن تستمر. وتجسد «الإينيادة» هذه الفضائل الرومانية 
كما تبشر بالآمال المعقودة على أبناء الجيل الأوغسطيء فهي إذا ملحمة 
قومية. 

وإذا كان أبطال هوميروس أفرادا نموذجيين فان اينياس فرجيليوس هو 
الممثل المثالي للشعب الرومانيء؛ ومن ثم فهو يفتقد الخصوصية الفردية. 
وبوصفه تجسيدا للنموذج الروماني نجده دائما واسع الأفق. وشديد الورع 
والإحساس بالواجب. لم إذا كان البطل الهوميري لا يستطيع أن يفلت من 
قدره إلا انه يستطيع أن يتخذ لنفسه قرارا ويصبح سيدا لهذا القرار. أما 
آينياس البطل الفرجيلي فإن قدره الإلهي أن يصبح جدا ومؤسسا للسلالة 
الرومانية وهذا هو السبب الوحيد لوجوده. هذا القدر هو أيضا بالنسبة 
لمعاصري فرجيليوس مغزى تاريخ العالم كله. فالأقدار هي نفسها جوبيتر 
ولذا وجدنا جوبيتر-الأقدار-يعلو على قوة وسلطة يونو التي ترفض وتحارب 
هذه الأقدار. وجوبيتر-الأقدار-هو أيضا الأعلى من فينوس التي تسعى 
لتحقيق أقدار أخرى. وكانت ديدو الملكة الفينيقية على علم بهذه الأقدار 
الرومانية ولكنها أغفلتها وتناستها بفعل قوة الحب الذي تغلب عليها وملك 
عليها فؤادها. أما تورنس الذي تجاهل هذه الأقدار فقد دفع حياته ثمنا 
لهذا التجاهل. 

يسير آينياس وفق خطة القدر. في البداية فعل ذلك طاعة لوالده. 


فرجيليوس أمير الشعر اللاتينى 


ورويدا رويدا صار الأمر عنده تلقائياء ثم وصل في النهاية إلى مرحلة 
الوعي بالقدرء وتنفيذ خطته عن اقتناع كامل وبحماس متدفق. وهكذا 
تتطور شخصية آينياس يعاني خلال مراحل التطور هذه. لآن المعاناة هي 
جوهر هذه الحياة الدنياء ولكن طالما هناك هدف مرصود هناك أيضا أمل. 

وبرع فرجيليوس في تصوير أقدار الأفراد على نحو رومانسي كما هو 
الحال بالنسبة لمصير ديدو ونيسوس ويوريالوس وإفاندر وباللاس 
رميزينتيوس ولاوسوس وكاميللاء حتى أنه يمكن القول إن صياغة أقدار 
هؤلاء الأفراد كل على حدة وبهذه الطريقة البارعة يعد من أروع إنجازات 
فرجيليوس. وإنه لشيء نادر في الأدب اللاتيني وصف موت بعض الشبان 
مثل: يوريالوس وباللاس وكاميللا. فلم يسبق فرجيليوس شاعر آخر في 
قوة تأثير هذه المقطوعات التي تتناول هذه الأحداث. يضاف إلى ذلك أن 
هذه الأحداث الجانبية تؤدي وظيفة أخرى هي المساهمة في البناء الكلي 
للملحمة. وتعلو هامة ديدو فوق كل هذه الشخصيات الثانوية. ولم يكن 
هجر آينياس لديدو هو سبب العداوة التقليدية بين روما وقرطاجة كما يرد 
عند نايفيوس. بل إن وجودها لا ينتهي بمجرد أن هجرها آينياس فهي 
تلتقي به في العالم السفلي في الكتاب السادسء وتشيح عنه بوجهها وتتركه؛ 
ويظل شبحها يطارده ويطاردنا حتى نهاية الملحمة. إنها تبدو في الملحمة 
كأنها الأضحية التي تقدم على مذبح الإمبراطورية الرومانية. ألم تكن 
قرطاجة الفينيقية كذلك 5. 

وبشهادة أوفيديوس ««الأحزان» الكتاب الثاني. البيتان 535- 536) كانت 
قصة ديدو هي أحب الأجزاء إلى قلوب الناس. وحتى القديس أوغسطين., 
الذي طالما انتقد القيم والمثل الوثنية في الأدب اللاتيني» ذرف الدمع على 
مصير ديدو التعس وهو يقرأ «الإينيادة». وتتضمن القصة كما يرويها 
فرجيليوس أكثر من موضوع مثل انسحاق الفرد والتضحية بسعادته الخاصة 
في سبيل المصلحة العامة ومستلزمات الواجب الوطني أو القومي. وضي 
الخلفية يقبع موضوع هزيمة قرطاجة أمام روما وكذا تغلب النموذج الرواقي 
على الأفكار الأبيقورية» ولا تخلو القصة من الإيحاء بتهديدات كليوباترا 
الخطرة على روما. 

ولكن العنصر الغالب هو بالطبع مصير ديدو التي تذكرنا بمصير أريادني 


الأدب اللاتينى 


عندما هجرها ثيسيوس في قصيدة لكاتوللوس. وهكذا استطاع فرجيليوس 
أن يزرع هموم الفرد وسمات الشعر الذاتي في ملحمة قومية: بل نتذكن 
كاتوللوس في كافة المواقف العاطفية الحساسة ولا سيما أحاديث ديدو 
التي يأتي على لسانها بعض تعبيرات أريادني في قصيدة كاتوللوس الرابعة. 

قو فده من الكتاب الأول في «الاشيافة ركه بعمرلة عاذي ديانا: 
وهي كريمة مع الطرواديين؛ ونشطة كثيرة الإنجازات. مرت ديدو في حياتها 
بالكثير من المشاق التي وصلت إلى حد النفيء ولكنها عادت منه أقوى مما 
كانت وحققت الحلم الذي يسعى آينياس إلى تحقيق مثله. وفي الكتاب 
الرابع يصل حبها لآينياس إلى حد عجزها عن المقاومة. فهو إذا حب مدمر 
حتى أنها على أتم استعداد لتدمير كل ما بنته في سبيل الاحتفاظ بحبيبها . 
ويهجرها هذا الحبيب ويتمكن اليأس من قلبها فتلعن الحبيب (أبيات 590- 
9 وتدهو الفرطاجتيين إلى كراهية الرومان وتدميرهم أيتها وجدواء 
وفي لحظاتها الآخيرة قبل الانتحار تتجسد فيها كل سمات الشخصية 
المأساوية. حيث تكره الآن بعمق وحدة من كانت تحبه بجنون. ليست ديدو 
إذا ساحرة معوقة للمسيرة-مثل كيركي وكاليبسو والسيرينات وغيرهن في 
«الأوديسيا» الهوميرية.ولكنها من البشر العاديين تلعب في ال ملحمة دور 
النقيض الشارح لشخصية آينياس نفسه ومصيره. فإذا كان حرص ديدو 
على سعادتها الشخصية ومصلحتها الفردية قد أديا بها إلى الدمار. فإن 
آينياس قد فعل النقيض لذلك السلوك. فهو الذي ضحى بحبه وسعادته 
كفرد في سبيل الصالح العام (دعناطنم وعع) . 

ويتناقض وجود تورنوس-مثل ديدو-مع فكرة وجود رسالة سماوية أمام 
آينياس. ؛ ومن ثم لا مفر من القضاء على تورنوس أيضاكما حدث لديدو- 
ولكن بعد أن يكسب تعاطفنا معه. يمثل تورنوس القوة الفردية غير المسؤولة 
وكذا النشاط البربري في مواجهة الفضائل العامة في مجتمع متكامل. 
ولذا نجد تورنوس عنيفا ووحشيا في مقابل ضبط النفس الذي يحاول أن 
يتسم به اينياس. فتورنوس هو الذي قتل باللاس بوحشية وتشفى فيه 
وتمنى أن يراه والده ميتاء وهي وحشية هيأت لفرجيليوس أن يقول (الكتاب 
العاشرء أبيات 503-501): 

«كم هي جاهلة عقول البشر بمستقبل الأحداث والقدر, 


204 


فرجيليوس أمير الشعر اللاتينى 


وبفضيلة الالتزام بالحدود في لحظة النشوة والظفر. 

نعم فسيأتي دور تورنوس يوما ما.. ليعلم ما قد جهل». 

وفي اللحظلة الانخيوة ورسل تعرييتن,اللجتون» إلى قور تومي كل شيك 
بومة تضرب بجناحيها وجهه. وهنا نتذكر المشهد الأخير في مصير ديدو 
حيث طاردتها الأحلام والكوابيس ولاحقتها أيضا بومة (الكتاب الرابع بيت 
2 وما يليه). ويزداد الشبه بين تورنوس وديدو حين تأتى يوتورنا لتودع 
أخاها كما كانت أنا قد ودعت أختها ديدو(قارن الكتاب الثاني عشرء أبيات, 
7١‏ و 881-880 بالرابع؛ أبيات 673 و 678-677). ومع ذلك فشجاعة تورنوس 
قد أثارت الإغجاب, أما سماته الإيطالية الأصيلة فقد كانت محظ اهتمام 
كثير من الكتاب والنقاد. فأشاد بشخصيته كل من فولتير وسكاليجر. وقيل 
إن ميلتون تأثر بشخصية تورنوس وهو يرسم الشيطان. بيد أن فرجيليوس 
أظهريظله ابنياس هتين سكل غريمه تورفوسن- إلى أفسى حد في ثلافة 
مواقف: الأول بعد موت باللاس (الكتاب العاشرء بيت 500 وما يليه). فهو 
يقبط ,على شائية من اأعوانه وقدمهم كريانا بهريا على كبو باللا 
(الكتاب الحادي عشرء بيت 8١‏ وما يليه). أما الموقف الثاني فهو عندما 
جرح آينياس (الكتاب الثاني عشرء بيت !44 وما يليه) فلقد أصبح أسدا 
جريحا لا يختلف في سلوكه عن بربرية تورنوس. ويتمثل الموقف الثالث في 
المبارزة الفردية مع تورنوس. وحرص فرجيليوس نفسه على أن تذكرنا هذه 
المبارزة بنظيرتها في «الإلياذة» بين أخيلليس وهيكتور حتى أننا يمكن أن 
تورد هنا طقراك متغابلة (مكل بالألياةة الكتاب الكانى والعشروة: ييقان 304 
و305 و«الإينيادة» الكتاب الثاني مشر بيكان ونه وبقخ :12 تاخياليين 
الإيطالي-أي تورنوس-يواجه هيكتور الجديد أي آينياس. وقد يظن البعض 
لأولوهلة أن اينياس كك تحكرا بوتعدينا حت من اخراليين نفشه: ولنذا 
فإنه أميل إلى أن يعفو عن غريمه ولا يقتله بعد أن تغلب عليه وجرحه. وفي 
الواقع لم يعف اينياس غريمه من القتل بعد أن تغلب عليه وجرحه. فحتى 
بعد ألف سنة فيما بين أخيلليس هوميروس وآينياس فرجيليوس لم يتغير 
مفهوم الغضب البطولي. وعلينا من جهة أخرى ألا ننسى المعبد الذي أقامه 
أوغسطس لمارس إله الحرب وسماه «مارس المنتقم» (102] 5نة31) . وعلينا 
اناكتقر انقاة اوضيطين مح خيلة بوليوس فيسي اتنا ابنياس فقن مكل 


الأدب اللاتينى 


أرضا جديدة غير متمدينة أو مستأنسة حيث يتساوى سلوك الصالح بالطالح 
شكلاهما يرتكب ماهو غير مقبول بح يضاخ :حال المجفوع. 

كان بطل فرجيليوس آينياس قد تعرض لهجوم شديد من قبل بعض 
النقاد فنعتوه بأنه «إما سخيف أو كريه دوما». ويرى البعض الآخر أن 
فرجيليوس نفسه غير سعيد بمثل هذا البطل. فهو إذا قورن بأخيلليس لا 
عدو آن يكون ظل رجحل بويفوو يكن الدارسين ذناف كله إلى انها شري 
تياس في أغلب الأحيان كدمية ميل إن هناك مخ يعتقد بآنه لا أمل فى 
فهم هذه الشخصية ما لم نعتبرها غير بطولية. ومرد ذلك أن فرجيليوس 
يصف طبيعة وسلوك بطل في عصر غير بطولي. إنه في الواقع لا يطمع 
في رسم أخيلليس أو أوديسيوس جديد ولو من الدرجة الثانية ولكنه يبحث 
عن السمات المطلوبة الآن في ظل حضارة معقدة لم تعد تجدي فيها فردية 
أخيلليس المبسطة والمباشرة. يخضع آينياس رغباته وطموحاته الفردية 
لمتطلبات وطموحات الجماعة. فهو إذا بطل من نوع جديد سمته الرئيسة 
أي تنفيذ خطة جوبيتر من أجل السعادة المستقبلية والرخاء القادم لكل 
السلالة البشرية بزعامة الحكم الروماني المتحضر. هذا هو قدر آينياس 
الذي يوصف بأنه «المنفي بسبب قدره» في السطر الثاني من الملحمة؛ وهذا 
هو القدر الذى جعله يهجر حبيبته ديدو (الكتاب الرابع؛ بيت 6١‏ والكتاب 
السادسء بيت 460).: بل إنه لا يخطو خطوة إلا بأمر القدر. 

وكان هذا القدر نفسه هو الذي دفع بعض النقاد إلى القول إن آينياس 
بطل خارق للطبيعة يتمتع بقدرات ميتافيزيقية ومن ثم لا يستطيع أن يحتفظ 
باهتمامنا إلى النهاية. وفات هؤلاء النقاد أن يالاحظوا لحظات ضعف آينياس 
وتردده ونسوا أنه في بعض المواقف كاد يقرر ترك مهمته نهائيا ولا سيما 
بعد أن أحرقت نساء أتباعه أي الطرواديات سفن أسطوله (الكتاب الخامس» 
بيت 700 وما يليه) . لقد جعلته عداوة يونو مليكة السماء ومطارداتها إياه فى 
الموقف الصعب دائما من البداية حتى النهاية فصار يرتعد خوفا من 
تهديداتها. 

وإلى حد ما تعتبر «الإينيادة» ملحمة دينية بمعنى أنها تقوم على أساس 
وجود قوى غيبية خارج إطار غالم البشرء ولكنها هي التي تخطط لحياتهم 


200 


فرجيليوس أمير الشعر اللاتينى 


وترسم مسار الأحداث على وجه الأرض حسبما تقتضيه خطة كونية كبرى 
بعيدة المدى تمتد إلئ العديد من القرون» وتؤثر في مصير كافة الأمم 
والشعوب. وفي حديث لجوبيتر مع ابنته فينوس (الكتاب الأول؛ بيت 257 
سيادة القانون أي بإخضاع الدنيا كلها لسطوته. وهذا كله ما يوجزه 
أنخيسيس في حديث. لابنه آينياس بعد أن استعرض موكب أبطال الرومان 
المستقبلين أثناء زيارة العالم السفلي (راجع هذه الأبيات المقتطفة سالفا (. 

وعلى درع آينياس يرسم فرجيليوس عدة صور لمعارك حربيه كانت 
الأقدار والآلهة هي التي نصرت فيها روما على أعدائها. وفي صدر هذه 
المعارك موقعة أكتيوم حيث قاد أوغسطس الإيطاليين ليحاربوا جنبا إلى 
جنب مع «مجلس الشيوخ والشعب وآلهة الموقد وكبار الآلهة». وفي نهاية 
وصف هذه المشاعر غلئ الدرع يقول الشاعر إن آينياس «يحمل على كتفه 
مجد وأقدار سلالته» (الكتاب الثامن» بيت 626 وما يليه). وصفوة القول إن 
«الإينيادة» تقدم فيادة روما للعالم كرسالة سماوية وقدر مقدورء أو كما 
سيقول هوراتيوس فيما بعد مخاطبا بني جلدته: «لأنكم عبيد الآلهة صرتم 
سادة الأرض» («الأغانى»» الكتاب الثالث؛ 6, 5). 

ويلاحظ أن مسار الرواية في ملحمة فرجيليوس أبطأ كثيرا من نظيره 
عند هوميروس. ولعل أوفيديوس يقترب في هذا المجال من الشاعر الإغريقي 
أكثر من أي شاعر روماني آخر. ويمكن القول إن الطابع العام لملحمة 
فرجيليوس بطيء ووصفي وتأملي. ويرجع ذلك إلى أن «الإينيادة» تدخل في 
باب الشعر الملحمي المقروء لا المسموع؛ ومن ثم يفتقد إلى تقنيات الشعر 
الملحمي الشفويء أي الهوميري *". وكثيرا ما يضع فرجيليوس حديثا 
مباشرا على لسان هذا البطل أو ذاك. وفي هذه الحالة يتبنى أحيانا النهج 
الخطابي. ولقد بلغ من قوة هذا العنصر عند فرجيليوس أن ماكروبيوس 
فى «الستاتورناليا» (15) يتساءل. ممن يعلم المرء فن الخطاية ويفيد أكثر 
شيشرون أو فرجيليوس 5. ويقول يوسيبيوس في تفضيله فرجيليوس على 
شيشرون أن فصاحة الأول متعددة الجوانب ومتنوعة وتضم شتى أساليب 
الحديث. وكل ذلك يأتي في إطار نزعة أسلوبية تعود بنا إلى إنيوس 


207 


الأدب اللاتينى 


ولول وسوس خش 1و اكروطا كارن سمي فقن اولقن سيا لنشديي: 
(15]8605اأ16 15ت أوو لمق تنة) . ومن حسن حظ فرجيليوس أنه ورث عن إنيوس 
الوزن السداسي في أحسن أحواله حيث بلغ به فرجيليوس قمة التطور 
والنضج. ومن هنا جاء إعجاب درايدن «بعذوبة الصوت» فى «الإينيادة». أما 
تينيسون فقال عن فرجيليوس هذا البيت الشهير: 

«هيمن على أفضل وزن صاغته شفاه الشر» 

لقد ظهرت عظمة فرجيليوس حتى بين معاصريه. فهاهو كوينتوس 
كايكيليوس إبيروتا-عتيق أتيكوس-يدخل دراسة فرجيليوس في المدارس 
الرومانية. ولا يخلو شاعر أو ناثر روماني مند العصر الأوغسطي وحتى 
النهاية من تأثير فرجيلى. واحتل هذا الشاعر الأوغسطى منزلة خاصة 
لدى آباء الكنيسة الأوائل» فأوغسطين يبجله أيما تبجيل. ورأت فيه العصور 
ومنن القرن الثانى عشر صارت لأعماله قوة سحرية. ويقلده كل شعراء 
العصور الوسطى. وهناك ملاحم تسير على دربه مثل قصيدة والثاريوس 
(كناتتة1210؟): وقصيدة «الإسكندر» لوالتر من شاتيلو (ده11تنهدكن 2ه نمغاله171), 
و«الحرب الطروادية» لجوزيف من إكستر (معاء<8) . بل إن الملاحم الشعبية 
مثل «أغنية رولان» و«نيبلونجيتليد »لع عع ملاع ط211) ندين بالكثينر 
فرجيليوس*". 


هورافيوس صناجة الإوهان 


ولد كويئنتوس هوراتيوس فلاكوس (110:20005 .0 
وناءع113) في فينوسيا (2أقناصء؟) دوممع؟1) فينوسيا 
الحديثة (بمنطقة أبوليا يوم 8 ديسمبر عام 65 ق. م 
ومات في 27 نوفمبر عام 8 ق. م. ويبدو أن أسرته 
لأبيه تتحدر من العبيد . أما أبوه فكان تاجر مزادات 
صغير الممتلكات, ولكنه تمكن من إرسال ابنه 
هوراتيوس للتعلم في روما على يد أوربيليوس. 
وذهب هوراتيوس لمواصلة تعلمه في أثينا وأقنعه 
بروتوس بان يشغل منصب النقيب العسكري حتى 
موقعة فيليبي عام 42 ق. م. فلما عاد إلى إيطاليا 
وجد أن ممتلكاته ومنزله قد صودرت. ثم حصل 
على عفو وتمكن من أن يشغل منصب كاتب للحاكم 
المالي. بيد أن موهبة هوراتيوس الشعرية لفتت نظر 
مايكيناس بعد أن كان فرجيليوس قد قدم الشاعر 
الشاب لوزير أوغسطس (راجع الهجائية الأولى بيت 6) . 
حدث ذلك حوالي عام 38 ق. م ومنذ ذلك التاريخ 
تغيرت حياة هوراتيوس..فحقق ثراء واؤدهارا مكناه 
فيما بعد من أن يرفض عرضا قدمه أوغسطس 
بان يكون سكرتيرا له. 

وتنطبع صورة هوراتيوس في الأذهان على أنه 
إنسان مريح ومرح ينسجم مع المجتمع من حوله 


200 


الأدب اللاتينى 


ويؤيد النظام الأوغسطي ولا يشعر بقلق: فلا تستبد به المعتقدات المتعهصبة 
ولا العواطف الهوجاء. إنه كاتب يبتسم بلطف أمام نقاط ضعف يلاحظها 
في البشرية. وهو يكتب كما يسلك في الحياة بحس نابض وذوق رفيع, 
ويجسد فكرة التواضع قولا وفعلا. تلك هي الصورة التقليدية لهوراتيوس 
وهي صادقة في مجملها وتؤيدها الأبحاث الدقيقة حول حياته وملابساتها. 
فلا تزيد نتائج هذه الأبحاث على تعميق بعض الخطوط المعروفة سلفاء أو 
تخفيف درجة هذا اللون أو ذاك وإضافة بعض الرتوش دون أن يصل الأمر 
إلى حد طمس المعالم الأصلية لهذه الصورة التقليدية. 

لكن يفوت البعض أن يلتفت لحقيقة أن هوراتيوس ليس شاعرا أوغسطيا 
قبل أن يبدأ العصر الأوغسطى. يضاف إلى ذلك أن أوغسطس عاش بعد 
موت هوراتيوس أكثر من عشرين عاماء بل إن تاريخ نظم معظم قصائد 
هوراتيوس «الهجائيات» (عممتنهة5) و«الإيبوديات» 050 (وعلوم8) يعود إلى فترة 
ما قبل أكتيوم عام 31 ق. م. وفي شعره لا يلمس هوراتيوس شؤون السياسة 
إلا من باب التعبير عن النفور الوهمي أو حتى محاولة كسر الإيهام الشعري. 
ولا يذكر هوراتيوس أوكتافيانوس إلا في خمس قصائد فقط وهي المنظومة 
في فترة معركة اكتيوم عام ادق.م. 

لم يكن سهلا بالنسبة لهوراتيوس بوصفه من سلالة العبيد أن يذهب 
باثيناء ولا أن يشغل منصب النقيب العسكريء ولا أن يدخل بلاط الإمبراطور. 
لم يكن ذلك كله سهلا فقد كان عليه أن يدفع الثمن. وفي هجائية «مبكرة 
(36 ق. م) يشكو هوراتيوس من أن الناس يحتقرونه لأنه ابن عتيق 
(«الهجائيات» الكتاب الأول» قصيدة 6.» البيتان 45 و 46). وظل هذا الشعور 
بالدونية يراوده حتى عندما صعد إلى أعلى ذروة للشهرة والمجد فى عصر 

في الخمسينات من القرن الأول ق. م كان هوراتيوس في العقد الثاني 
من عمره وكانت روما على شفا الحرب الأهلية التي اندلعت فعلا عام 49 
ق. م. وبعد اغتيال قيصر انضم هوراتيوس إلى قتلته بزعامة بروتوس, 
وشهد معه فى اليونان مذبحة فيليبى «حين سحقت الشجاعة» («الأغانى» 


هوراتيوس صناجه الرومان 


الكتاب الثانى 27 بيت )١١‏ 

.وعندما عاد إلى روما بعد أن عفا عنه أوكتافيانوس وجد أن والده قد 
فارق الحياة وأن منزل العائلة قد صودرء أما الأمن والأمان في روما فكان 
مزعزعين أيضا . وفي عام 37 ق. م يصحب هوراتيوس مايكيناس إلى مؤتمر 
تارنتم بين قطبي الصراع أوكتافيانوس وأنطونيوس. وكان هوراتيوس على 
وشك أن يذهب إلى معركة أكتيوم ولكن من المشكوك فيه أنه قد فعل ذلك. 

وبعد ذلك سعى هوراتيوس إلى السكينة ويمكن القول إنه قد حصل 
عليها. ولطاما أكد هوراتيوس المبدأ الأرسطي المعروف. أي أن الفضيلة تقع 
في الوسط بين طرفي نقيض . ويميل هوراتيوس للسخرية من هذين الطرفين 
فهو يقول مثلا (الرسائلء الكتاب الأول, 18- 92): «إن الفضيلة وسط بين 
رذيلتين». وعندما يتحدث عن الوسط الذهبى يركز على طبيعته المرنة 
اللينة التى يمكن ليها. حتى أن هذا الوسط الذهبى يتوقف على طبيعة كل 
شخصية وظروقها . ويؤكد هوراتيوس كذلك أن هذا الوسط متغير وليس 
ثابتا شأنه في ذلك شان العالم من حولنا . وعلينا أن نغير موقفنا دائما لكي 
نحتفظ يتوازننا. 

يقول هوراتيوس (الأغانىء الكتاب الثانى, 10- 21- 24): 

«عندما تمر بالشدائد عليك أن تكون قويا وشجاعاء 

وعندما تهب على سفينتك رياح قوية فمن الأفضل أن تلملم شراعك 
المنتفخ». 

وفي الإيبودية الثامنة -١(‏ 6) يهاجم هوراتيوس امرأة أرستقراطية ويقول 
والجواهر». وتتظاهر بالثقافة حيث «ترقد مجلدات الرواقية على وسائدها 
الحريرية». هى شهوانية «تسعى وراء المغامرات العاطفية». وهذه القصيدة 
غير عادية في سياق أشعار هوراتيوس (ولكنها ليست الوحيدة) حيث نعرف 
منها أن هوراتيوس يمكن أن يخرج عن طوره ويتخطى حدود اللياقة التي 
رسمها لنفسه أحيانا. 

«إنك لتتحدث دوما عن تواريخ وانساب ملوك الإغريق القدامى 

ولا تقول شيئًا عن تكاليف حفلة.. . ومن تستضيف» 

هكذا تبدأ أغنية من أغانى هوراتيوس (الكتاب الثالث؛ .)١9‏ والحفلة 


الأدب اللاتينى 


المشار إليها تقام تكريما للعراف الجديد مورينا . وفيها يصرخ هوراتيوس 
«لتذهب برؤوسنا الخمر !». ويضيف في نشوة «لماذا لا تصدح الموسيقا !5 
أبدوا فورا .. . وانثروا الزهور». هكذا تتداعى وتتواءم الخمر والشعر والموسيقا 
والورود في أغاني هوراتيوس . يقول في أغنية أخرى (الكتاب الثالث 25.بيت 


41-8): 
«في جنب الجبل تحملق عيون باكية لا تنام 
تحملق في نهر هيبروس وطرافيا 


التي يكسوها الثلج ناصع البياض 

وجبل رودوبي تدوسه أقدام مستوحشة 

هكذا .. . بمفردي.. . بعيدا عن الطرق المكتظة بالناس 

يروق لي.. . أن أرمق بنظرات الإعجاب 

هفاف الأثيار والغاباك» 

ومن الغريب أننا يمكن أن نستخلص من أشعار هوراتيوس موقفين 
متناقضين في تفسير التازيخ البشرئ: ففى بعطن القتضاكد يتحدث عن 
الإنسان وقد تخلص من البريرية وتحلى بثقة عغلانية في نفسه (الهجاكيات: 
لعفا لكول 996:3 ونساملنها دوو ية هونا قنوبى للغاريك هذا كاده عساييلة 
من التقدم للأمام. بيد أن هناك رؤية أخرى تقابلها حيث يرى الشاعر 
التاريخ الروماني سلسلة من التراجع للخلف, أي التدهور الذي بدأ من 
أوائل القرن الثاني ق. م ولن يتوقف إلا بإحياء القيم القديمة. وفي الإيبودية 
السابعة يقول هوراتيوس إن اللعنة تلاحق السلالة الرومانية منذ قتل 
رومولوس أخاه ريموس. وفي الإيبودية السادسة عشرة يدعو هوراتيوس 
مواطنيه في رحلة خيالية إلى جزر المباركين حيث لا يزال العصر الذهبي 
الأسطوري فائما. 

ويعيب هوراتيوس في أغنية من أغانيه (الكتاب الأول 3) على البشر 
شجاعتهم أو قل جرأتهم على ارتكاب كل فعل والتمادي في كل خطأً. 
ويضرب المثل على ذلك ببروميئيوس الذي سرق النار لصالح البشرية فجلب 
كافة الأمراضن: وهو ذيدالوسن القضاع» هرا فركل الغالم السيفلى شياذا 
جنت البشرية من عزواتهما 9 وفي هذا السياق فإن كلمة «الشجاغة:» أو 
والحراق داموووم هنا عقن معناها الحتبين لأن الاقتشافات البشرنة 


هوراتيوس صناجه الرومان 


العملاقة والقائمة انطلاقا من هذه الجرأة صارت مجلبة للمصائب. وهذه 
النظرة المتشاتمة للتطور البشري واعتبار التاريخ سلسلة من التدهور المستمر 
نظرة أحادية لا تقل خطأ عن مثيلتها التي ترى في التاريخ تطورا مطردا. 
المهم أن هوراتيوس ظل مذبذبا بين هاتين الرؤيتين دون أن يصل إلى وسط 
«ذهبى» بينهما. 

وهناك فرق بين ما يعلن هوراتيوس وما يخفي في قرارة نفسه؛ وبعبارة 
أخرى ليس النموذج الشعري للحياة كما يصوره هوراتيوس هو ما يرضاه 
لنفسه. فهو معجب متيم بتقشف الرومان القدامىء. ولكنه قد لا يرضى أن 
يشارك ريجولوس غداءه. يقول دافوس في إحدى هجائيات هوراتيوس 
(الكتاب الثانى 7: بيت 22 وما يليه): 

ولكنك ترفض بشدة لو طلب منك إله ما أن تعود القهقري». 

ولطاما تغنى هوراتيوس معجبا بالحياة الريفية, ولكنه في الواقع لا 
يتمنى أن يكون قلاحا . غلا يعني إعجاب هوراتيوس بالحياة الريفية أنه كان 
يمكن أن يقيم هناك؛ إذ إن الحياة في روما بالنسبة له مغرية ببريقها 
اللامع. يقول هوراتيوس عن الحياة في هذه المدينة (الهجائيات الكتاب 
الأول 6 أبيات :)١15 -١١١‏ 

«إني أتجول بمفردي أينما رغبت فا سأل عن أسعار الخضراوات والزهور. 

وفي المساء أتريض حول المدرج والسوق العامة حيث ألوان كثيرة من 
الحيل والألعاب. وأتسكع حول قارئّ البخت. 

ثم أعود ثانية إلى منزلي حيث ينتظرني طبق من الشوربة». 

ومع ذلك فحب هوراتيوس للريف يظهر في الكثير من قصائده.؛ بل إنه 
يشبه الكاتب.أي كاتببالفلاح الذي يعتني بزرعه للوصول إلى افضل 
محصول (اكرسائل الكتاب الآول 16: أسطر 1 16). فهو «يقلم الزواكد 
ويصقل ما هو خشن ويستأصل الضعيف». ويشبه هوراتيوس طبع الإنسان 
بالحصان إذ لا بد له هو أيضا من شكيمة (الرسائلء الكتاب الأول 22 
مقظر 63 

وفي إحدى رسائله يشبه هوراتيوس نفسه بماينيوس الطفيلي الذي 
عندما يفشل فى تصيد وليمة غداء يهاجم الترف والمترفين؛ أما إذا أتيحت 


الأدب اللاتينى 


له الفرصة فسيلتهم كل ما يقع عليه بصره. وفي الواقع يؤمن هوراتيوس 
بحياة اللذة المتحضرة: أي بقدر ما تسمح به ظروف وطبيعة كل فرد؛ على 
أن يحتفظ لنفسه بالقدرة على المقاومة في وقت الضرورة. وهذا أسلوب 
في الحياة يتفق مع أسلوبه في الكتابة دون أن يصل إلى حد تكوين رؤية 
فلسفية متكاملة. وتذكرنا خمريات هوراتيوس بخمريات عمر الخيام. فلو 
أخذنا من أشعارهما الأبيات التي تحض على شرب الخمر وحدها لقلنا 
إنهما عربيدان. والمفروض أن نربط هذه الآبيات بسياقها وعندئذ ستأخذ 
أبعادا أخرى ومعاني أوسع. ضفي الخلفية يقبع انشغال دائم بالحياة العامة 
ورؤية فلسفية أو حتى صوفية متعمقة. 

ولنا وقفة قصيرة مع القصائد الإيبودية السبع عشرة والتي يسميها 
هوراتيوس الإيامبيات. إنها تمثل شيئًا جديدا في الآدب اللاتيني. فلأول 
مرة تكتب مجموعة أشعار مستوحاة من روح الشاعر الإغريقي القديم 
أرخيلوخوسن: والأفضل ألا نشرهذه الأشعار تقليدًا لتصائد ارخيلوخوس: 
إذ يقول هوراتيوس نفسه (الرسائل الكتاب الأول .١9‏ سطر 23 وما يليه) إنه 
اتبع أرخيلوخوس في الأوزان (تتعصد<) والروح لا في الموضوع أو الكلمات. 
ومن الملاحظ أن الإيبوديات قد تأثرت بأدب العصر الهيللينستى ولا سيما 
المبنوسس (إيبوديفان 55 و7)..وكذا الإليجيات اللاتيتية (إيبودينان 101و15): 
وتمهد الإيبوديتات للأغاني؛ فالإيبوديان ١١‏ ود5ا تعالجان موضوع الحب ولو 
بطريقة مسلية. وتشرح الإيبودية 4! لمايكيناس كيف أن قصة حب هي التي 
أخرت نشر مجموعة الإيبوديات. والإيبودية ١3‏ تصف الاستعدادات لإقامة 
وليمةء أما الإيبوديات ١‏ و7 و9 و16 فهي قصائد سياسية. ومع أنها تذكرنا 
بأرخيلوخوس إلا أنها تمثل شيئًا جديدا في الشعر اللاتيني. وتتناول 
الإيبوديتان الأولى والتاسعة معركة أكتيوم. 

ولقد نظمت الإيبوديات إذا فيما بين عامي 40 وا3 ق. م ولكنها نشرت 
عام 30 ق. م. ومع أن هوراتيوس يحاول أن يفهمنا بأنه قد أدخل بهذه 
القصائد إيامبيات أرخيلوخوس إلى روما إلا أنها. أي الإيبوديات؛ من التعقيد 
التقني بحيث إنها تتعدى مجرد تقليد أرخيلوخوس وبها تأثيرات هيللينستية 
ولا سيما شعراء الإبجرامة وكاتوللوس الشاعر اللاتيني الذي لا يزعم لنفسه 
أي صلة بأرخيلوخوس. 


214 


هوراتيوس صناجه الرومان 


وفي «الهجائيات» (6ة:ننة5 ويسميها هوراتيوس أحيانا مع الرسائل 
«أحاديث» 65 ) كان أمام هوراتيوس النموذج اللاتيني لوكيليوس والذي 
يسبقه بحوالي مائة عام. نشر الكتاب الأول من «الهجائتيات» عام 35 ق. م 
تقريباء ويشمل قصائد قليلة ولا يظهر فيها العنصر الأخلاقي إلا نادرا 
(كما في قصيدتي 8 و 9) أو يهمل تماما (كما في قصيدتي 5 و 7). ويهدف 
الكتاب بصفة رئيسة إلى التسلية أو هكذا يزعم المؤلف. ونشر الكتاب 
الثاني عام 30 ق. م؛ وتبدو الشخصيات موضع الهجوم النقدي أقل؛ وفي 
مقابل ذلك تبدو التقنيات الشعرية الموظفة لأول مرة أكثر حجما وأكبر 
تعقيدا . فأحيانا نجد الشاعر يوجه النقد بنفسه مباشرة وأحيانا أخرى 
يسنده إلى شخص آخر. 

وفي بعض المرات يترك الشاعر شخصا آخر يخاطبه فيصبح هو المتلقي 
والمستمع للنقد الذي يريد أن ينقله إلينا. وضي مرات كثيرة يختفي الشاعر 
تماما مما يضفي على العنصر الدرامي في قصائده قوة تعبيرية وتأثيرا 
فعالا. 

وبعد نشر الإيبوديات والهجاتيات (الكتاب الثاني) عام 30 ق. م كثف 
هوراتيوس جهده في الشعر الغنائتي؛ فأخرج في السنوات السبع التالية ما 
يعتبر أهم وأكبر أعماله. أي الكتب الثلاث الأولى من «الأغاني» (مستصمسون) . 
وبرغم سبق كاتوللوس إلى الشعر الغنائي إلا أنه حتى الآن لم يوجد ما 
يمكن أن نسميه الصناجة أو «المغنى اللاتيني» (دعه501 دناسناهم1) . وي أغنية 
(الكتاب الثالث 30) يقول هوراتيوس: إنه «أول من واءم الشعر الأيولي بالنغمة 
الإيطالية». ولو اقتصر الأمر على ذلك فقط لشهد لهوراتيوس بالأصالة: 
ولكن الشاعر اللاتيني يختلف عن أي شاعر إغريقي في أمور كثيرة. حقا 
إنه يقترب من روح ألكايوس ولكن الأخير كان أرستقراطيا متورطا في 
الصراع السياسي الدائر من حوله. وكذا تغنى بقصائد ترتبط بمناسبات 
معينة وهذا ما لا نجد له ظلا في أشعار هوراتيوس. ونهل الأخير من أشعار 
بنداروس وكاليماخوس وملياجروس وشعراء روما مثل إنيوس وف رجيليوس, 
فهوراتيوس إذا متعدد المصادر واسع الثقافة وصاحب موهبة قوية. واستطاع 
أن يخلق من كل ذلك شيئًا جديدا. فالحب في «الأغاني» مثلا هو الحب 
الذي عاشه أو لاحظه توراتيوس في روما مختلطا بما قرأه في أشعار 


الأدب اللاتينى 


أناكريون والمختارات الشعرية الإغريقية. وكأي مدينة هيللينستية استوعبت 
روما جالية إغريقية كبيرة بعاداتها وتقاليدها بما في ذلك فكرة «المأدبة» 
(102وممحمنز5) . وهكذا نجد هذه الظاهرة تتكرر في أشعار هوراتيوس الغنائية. 
وعلى أي حال فبعض ما يذكر في هذه الأشعار هو من محض الخيال أو 
نتيجة قراءات متنوعة مثل قوله: إن طائر الحمام نثر عليه أوراق الشجر 
(الكتاب الثالث 4): أو إن شجرة قد سقطت فنجا هو من وقوعها فوقه 
بأعجوبة (الكتاب الثاني 13). ونضيف إلى ذلك ما فعله بدرعه في موقعة 
فيليبي (الكتاب الثاني 7). هذه كلها أمور لنا أن نصدقها أو لا نصدقها هي 
يمكن أن تكون قد حدثت فعلا ويمكن أن تكون من وحي الخيال أو تأثرا 
بقراءات متعددة في الشعر الإغريقي واللاتيني. وصفوة القول إن «الأغاني» 
تعد فتحا جديدا في الشعر اللاتيني ومع ذلك فهي تمثل ذروة هذا الفن في 
التاريخ الأدبي اللاتيني كله. 

أما الرسائل (©6دادهوزم8) والتي نشر الكتاب الآول منها عام ١9‏ ق.م 
فليس لها مقابل يسبقها في الآدب الإغريقي؛ وإن كان بعض الباحثين قد 
عكفوا على دراستها وأوجدوا لها مصادر في أشعار أبيقور وثيوكرتيوس 
ومينيبوس . ولا علاقة لرسائل هوراتيوس برسائل شيشرون إلا بصورة جانبية 
هامشية. ولعل رسالة لوكيليوس الشعرية التي يشكو فيها من عدم زيارة 
أحت الأصيدقاء له أقاء. مرطيه 9" :.وكن) يعكن الرساكل الشعرية الساحرة 
لمعاصري لوكيليوس (مثل سبوريوس موميوس عام 46 ق. م). لعل في هذه 
الرسائل الشعرية بداية لهذا النوع الأدبي. على أي حال فهوراتيوس هو أول 
من افرد كتابا كاملا للرسائل الشعرية. 

وتعكس سمات «الرسائل» أهم سمات هوراتيوس الشعرية بصفة عامة. 
إنها رسائل موجهة لأناس عاشوا بالفعل ولم يكونوا من وحي الخيال أو 
الوهم الفني. ومن ثم غفي هذه الرسائل تدور أحداث فعلية؛ ونضع أيدينا 
على معلومات قيمة مثل رأي الشاعر فيما يجري من حوله في الحياة. 
وهذه الرسائل لا تهدف إلى إصلاح المجتمع ولكنها مثل «الهجائيات» تهدف 
إلى التأثير ولو جزئيا على رؤية القارئ الأخلاقية. إنها ليست رسائل شخصية 
عادية موزونة فهي بالأساس قصائد شعرية. تأخذ الرسالة رقم 2 بالكتاب 
الثاني (المكتوبة عام ١9‏ أو 18 ق. م) شكل الاعتذار لعدم كتابة غنائيات 


216 


هوراتيوس صناجه الرومان 


أخرى. يقول الشاعر: 

«إني دائما كسول ولم أتظاهر بغير ذلك؛ 

أما روما خلا تحتمل بسبب الضوضاء المرعبة. 

وأنا لا أستطيع الصبر على ما هي عليه الأوضاع الأدبية. 

وكم هو شاق قرض الشعر في مثل هذه الظروف. 

وعلى أي حال وفي مثل سني تكون للانسان. 

اهتمامات أكثر جدية.. . مثل الفلسفة». 

وهكذا نجد في الرسائل فقرات غاية في الوضوح والبراعة أشبه ما 
تكون بالترجمة الذاتية مثل الشكوى من حياة المدن» ومناقشة نظرية الشعر 
الكلاسيكية وكذا بعض القصص المسلية. 

أما الرسائل رقم 3 بالكتاب الثاني فهي التي أشار إليها كوينتيليانوس 
على أنها «فن الشعر» ''(عناء5 ::ه). وهي رسالة موجهة إلى من يدعى 
بيسو (2150) وولديه؛ ومن المحتمل أن تكون قد ألفت في الفترة (23- 17 ق. 
م): وإلا فهي قد كتبت بعد الكتاب الرابع من «الأغاني». أي في نهاية حياة 
الشاعر. ففي «فن الشعر» (بيت 306) ما يفيد أن الشاعر قد توقف عن نظم 
الأغانى. وللأسف لا يمكن تحديد شخصية بيسو وولديه المرسلة أو المهداة 
إليهم هذه الرسالة. 

وبالنسبة لقضية الأصالة في هذه الرسالة فإنها تتصل بالشكل والبنية؛ 
أما المبادئ المطروحة فهي مفهومة وواضحة إذا نظرنا إليها فرادى؛ أما 
عندما نحاول تجميعها في رؤوس أقلام ومحاولة رسم خريطة عامة للرسالة 
ككل تبرز أمامنا عدة مشاكل. فهل هناك قسم بعنوان «الفن» (3:5) من بيت 
-١‏ 294, وقسم آخر بعنوان «الفنان» («هاناتة) من بيت 295- 5476 وهل لنا أن 
نقسم الجزء الخاص بالفن إلى «الأسلوب» (2دهدم) «والمحتوى» (5زوءهم) ؟ 
وهناك من يقولون إن نيوبتوليموس من باريوم (شاعر وعالم من القرن 
الثالث ق. م) كان قد استخدم هذه المصطلحات الثلاثة. وطبقا لبورفوريو 
(30تإدام:ه20) (معلق من القرن الثالث الميلادي) قام هوراتيوس بتجميع مبادئّ 
نيوبتوليموس من باريوم عن فن الشعر أو على الآقل أهمها. 

ومن المرجح أن التراجيديا والكوميديا كانتا قد تلاشتا في العصر 
الأوغسطيء ولكن هوراتيوس يحاول إحياء التراث المسرحي القديم في 


217 


الأدب اللاتينى 


مواجهة الميموس والبانتوميموس. وربما يخاطب هوراتيوس برسالة «فن 
الشعر» أناسا آخرين غير معاصريه. أما حديثه عن المسرحية الساتيرية 
(أبيات 250-220) فغريب لأن أحدا لم يعالج هذا النوع الدرامي في روماء أي 
لا توجد مسرحيات ساتيرية لاتينية. وهكذا يمكن أن نقول بصفة عامة إن 
الجزء الآكبر من «فن الشعر» ولا سيما ما يتصل بالدراما جاء بسبب عنصر 
التشويق الموجود في هذا الموضوع الذي يحتل مكانة مرموقة في كتب النقد 
الإغريقية منذ أرسطو. كما أن الدراما تقدم موضوعات مختلفة يمكن 
استغلالها فى الشعر الهجائى مثل العنصر الأخلاقى والرؤية العامة للحياة. 
تعلى أي حال نان رميانة و الشهره قطي وتبناحة تا ريخية واشفة وتعاج 
موضوعات مختلفة بخفة وسخرية. ولأن «فن الشعر» هو أول قصيدة لاتينية 
في هذا الموضوع فهي تتمتع بأصالة نادرة 29. 

وتخاطب الرسالة رقم ١‏ بالكتاب الثاني أوغسطس وتؤرخ بعام ١5‏ ق. م؛ 
وتعالج دور الشعر في المجتمع وتتضمن أيضا قدرا كبيرا من النقاش العام 
حول الدراما. ويقول فيها (أبيات 76- 787): 

«إنه لمما يبعث على الاستياء أن شيئًا ما ينتقد 

لا لآنه جاف أو ذو أسلوب غير متقن 

ولكن لأنه جديد. 

فبدلا من التماس العذر لقدامى الشعراء 

يريدون منا أن نبجلهم ونكافتهم». 

والشعراء القدامى هنا هم فيما يبدو نايفيوس وإنيوس وبلاوتوس . والرأي 
النقدي المطروح في هذه الأبيات يذكرنا بأفكار رواد التجديد في الجيل 
السايق أي كاتوللوس وأتباع الحركة السكسدرية. يق هورائيوس مع أضصحاب 
هذه المدرسة-ومع كاليماخوس من قبلهم ورائدهم-في الحرص على إتقان 
الصنعة والصقل. وهو مثلهم يتجنب الخوض في ممارسة الفنون الأدبية 
الضخمة مثل الملاحم. ويستمتع هوراتيوس في كونه يصنع شعرا من السلوك 
البشري اليومي. فهذا ما مكن هوراتيوس في النهاية من الاستجابة لإنجازات 
أوغسطس وتناول الموضوعات السياسية. ومع أنه لم يستطع نظم ملاحم 
أو تراجيديات فإنه لا يعتبر هذه الفنون الأدبية بالية لا تناسب العصر أو 
أنها غير ذات قيمة. ومع احترامه لآراء كاليماخوس «النشيد إلى أبوللو» 


هوراتيوس صناجه الرومان 


بيك ققاتونا يليه إلااثة قال إق الله العبير لس بالصدرورة درا (الرسائل: 
الكتاب الثاني 2: بيت 120 وما يليه). 

وكات هوراقيوين قد تظم قبل الرومالة الواروهبالعاب الكاني رق 
الأغنية المعروفة باسم «أغنية المهرجان المتّوي» (عنةانادعة؟ معصصة0) وهي 
تيد كورالى طلله| سين يليه الك لقى كا معز الى كني ودر قب 
على نجاح هذا النشيد وتشجيع أوغسطس للشاعر انه عاد لنظم الأغاني 
من جديد . وفي عام ١3‏ ق. م (أو بعد ذلك) نشر الكتاب الرابع من «الأغاني» 
وتضمن ثلاث أو أربع أغان (رقم 2- 3- 7 وربما 5). وهي من روائع هوراتيوس 
الغنائية: وجميع أغاني هذا الكتاب تظهر الشاعر وقد تمكن الآن من مخاطبة 
الإمبراطور وعائلته في ثقة وبأسلوب يذكرنا بالشاعر الإغريقي بنداروس. 
في الكتاب مسحة من ملامح هوراتيوس الشخصية وقدر من الكآبة 
الرومااسية ومورب الحليق اكملاء ان اماد نشي والغرية وائعه وغاينا 
لانتس اخ الشامر يداف اكمس الا 


2160 


1 “4 


البجيات الحب غند كل من 
جاللوس وتسسبو للوس 
19 يض نس 


من بين شذرات البردي التي حملت نصوصا 
لكاليماخوس لم تصل أي إليجية يمكن أن تقارن 
بواحدة من إليجيات بروبرتيوس على سبيل المثال؛ 
وإن كنا نتأمل أن تصلنا في المستقبل مثل هذه 
النصوص البردية. ولقد نشرت مؤخرا شدرتان 
إليجيتان في مجموعة برديات أوكسيرنخوس (- 
البهنسا بالمنيا) وهما رقم 2884 و 2885 ,1701.39) 
(1970 تتضمن البردية الأولى شكوى امرأة تعترف 
بحبها العاطفي للالهة أرتميس وتشكو من قسوة 
محبويها. أما البردية الثانية فتورد قائكمة ببعض 
البطلات الأسطوريات اللائي أقدمن على إلحاق 
الضرر بأقارب لهن بسبب حبهن لرجل ما. وتشي 
البردية وصياغتها بأنها تهدف إلى تحذير كل النساء 
العاشقات من جموح العاطفة. هذا كل ما بقي لنا 
من إليجيات سكندرية؛ لأن الشعراء السكتدزيين 
فضلوا الإبجرامة كوسيلة للتعبير عن تجاربهم 
العاطفية. وبحق نجد بعض الإليجيات اللاتينية 


الأدب اللاتينى 


كعرورة مقلرزة لالإيجرانات الالشريقية رويك ان شرل ايها اتا ترحمت 
الى عراف ررح ةف البح ريدي لالرنية رقيقة اصاوك صراتهة لان 
لكل في تسيو اتسين [ابسدة لاجر 

ومع ذلك فإليجيات الحب تعد إبداعا أوغسطيا صرفا رغم أن بها 
لقره سس عفررية بوركم آنق كار الوم سيق وابدة هذا لمجال وكر 
تكون قضيدة كاتوالوسن رقم 8 التدرذع التاق احتذاء الشعراء الأوغسطيوة 
برغم أن الحب ليس هو الموضوع الأوحد في هذه القصيدة. ذلك أنه يجيء 
مصاحبا أو منغمسا في موضوعات أخرى مثل الصداقة وموت أخيه وكذا 
التحرب الطروادية رودي كانو ارم كل هناد الرظوها سهان لخر لم ريق 
له مثيل من التعقيد والتركيب """. ولا تزعم الإليجية كفن شعري أنها ترقى 
اسقرى الآدت الرضع 4التدمة والغراجيديا برلكتها عل اق حال على ستو 
فلم انموي والضعن البجاقي» والا مضو | تقسوم يما امتبوا ار مدق 
لهم أن يسموا قصائدهم به «الصغائر» أو «الأشعار الخفيفة» (عدونام) أو 
حتى «التسالي» (كناةنة). ومع ذلك فهم جد فخورين بأعمالهم ويحتقرون 
الرعاع (5ا01ا؟ ستصدءهمم) ويسعون إلى الخلود . والتف حول هؤلاء الشعراء 
يعض ذرافة افون اللذيى لم تشمل داتواية راق الأفيال أو مخ سسفييع 
كاتوللوس «الشيوح الأكثر صرامة» 20 (وع1ملء568 وعمعو) . 

حمق إن شمراء النجيات السب الأوق عابي ابقدا سن جاللوين قن 
نظموا كتبا بأكملها من الإليجيات. وحمل كل ديوان من هذه الإليجيات اسم 
إحدى النساء عنوانا كتقليد موروث عن الإغريق. فمن المحتمل أن بروبرتيوس 
قم نشي الكنا الآرال يمشردى قحك فقوا «كز نتيا ووريها خدرف كنايا 
قبوللرين الأشاق ونون بد لبا ورقسسيس وهلي | نتزالى ب والطبيعة الأولتي 
| لققووة تدرا وو الشوديا هه الأ وشوية وها كا لع اتحوا اسم كر ولا رهنو انا 
وهكذا نرى أنفسنا إزاء التساؤل المطروح دوما عن وضع المرأة في روما إبان 
القرن الأول ق. م. وليس لنا أن نستنبط أي نتيجة من الإليجيات لأنها 
ليست وثائق تاريخية ومع ذلك قبصفة عامة يمكن القول. إن هتاف خلاخة 
مستويات من النساء اللائتى تتحدث عنهن الإليجيات. 

يمتل اللستوى الأول السيدات المتزونعات (مدموموه) اللاكن يشت يعدو 
ملموس من الاستقلال والتحررء مع أن بعضهن لا يزلن مخلصات لأزواجهن 


اليجيات الحب عند كل من جاللوس وتيسبوللوس وبروريتوس 


مثل كورنيليا (بروبرتيوس 4, .)١!‏ بيد أن بعضهن الآخر قد شغفن بالمغامرات 
المتكررة مثل حبيبة كاتوللوس اللعوب كلوديا (ليسبيا). ويمثل المستوى الثاني 
المرأة المستسلمة للعشق وهي ريما تكون متزوجة أو مطلقة. المهم أن لها 
علاقة غرامية طويلة أو مستقرة: وتعتمد على عشيقها اعتمادا كاملا. أما 
المستوى الثالث فهو خاص بالمومس التي باعت نفسها فيتمتع بصحبتها 
الرجال على فحرات متقطعة قتمة سريعة وعات ةد 017 

وينبغي على كل قارئ لإليجيات الحب الأوغسطية أن يميز بين هذه 
المستويات الثلاثة. فكينثيا على سبيل المثال ليست من المومسات. ويؤّكد كل 
من بروبرتيوس (2, 223): وافيديوس «الغزليات» الكتاب الأولء ١5‏ ؛ بيت 21 
وما يليه) على أهمية هذه الفروق. ومع ذلك فهذه الفروق مرنة يمكن تخطيها 
في أي لحظة. وفي إليجيات تيبوللوس عن ماراثوس (الكتاب الأول) يحض 
الشاعر فتاة تدعى فولوي وهي التي يحبها غلامه على أن ترفق به. ولكن 
فولوي تحب ثالثا والآخير بدوره يقع في حب امرأة أخرى !في هذه الإليجيات 
إذا يتربع بريابوس إله المجون والفسق على العرش باعتباره «معلم الحب» 
(كتاممصة “#مامرعععهم) . 

وجدير بالذكر أن عشق الغلمان أو الغزل بالذكر لم يعد يلعب الدور 
الهام الذي لعبه في الشعر السكندري. فكل قصائد كاليماخوس موجهة 
للصبية وهي بحق تعد قمة هذا النوع الآدبي. ولقد ترجم هذه القصائد 
كوينتوس لوتاتيوس كاتولوس (قنصلء عام 102 ق. م). وجدير بالذكر أننا لا 
نجد في أشعار بروبرتيوس ولا أوفيديوس أي أثر للغزل بالغلمان. 

ظهرت إليجيات جاللوس فيما بين 50 و40 ق. م وهو في العشرينات من 
عمره. ومن الكتب الأربعة التي نظمها لم يبق لنا سوى بيت واحد. وهو في 
هذه الأشعار يخاطب معشوقته باسم ليكوريس التي كان اسمها الحقيقي 
فولومنيا. أما اسمها الفني كممثلة ميموس فهو كثيريس وقد كانت عاشقة 
سابقة لأنطونيوس كما يروي لنا بلوتارخوس 220. كان لجاللوس تأثير في 
فرجيليوس في «الرعويات» و«الزراعيات» فهذا الشاعر الملحمي يعالج 
موضوعات إليجية في هذين العملين. أما جاللوس نفسه فقد تأثر بكل من 
كاليماخوس وإيوفوريون. واستغل جاللوس كذلك ستا وثلاثين قصة حب 
جمعها ناثر هيللينستي متأخر هو بارثينيوس من نيكايا. ويعتبر 


الأدب اللاتينى 


كوينتيليانوس7*) جاللوس كشاعر أخشن (:0:/ال) من تيبوللوس وبروبرتيوس. 
أما أفيديوس برأي الناقد نفسه فهو الآأخف (102اكك135) منهم جميعا. وريما 
كانت إيبودية هوراتيوس الحادية عشرة معارضة ساخرة لأساليب 
وموضوعات جاللوس الذي كان بلا شك يمثل همزة الوصل بين المجددين 
والشعراء الأوغسطيين. 22 

وكانت صداقة تيبوللوس لماركوس فاليريوس ميسالا كورفينوس من أهم 
موضوعات شعر تيبوللوس نفسه-فلريما قد صاحب ميسالا في حملاته 
ببلاد الغال والشرق فيما بين |3 و 27 ق. م؛ ومن المحتمل أن يكون ميسالا 
قد تعرف على هوراتيوس كطالب علم في آثينا أو كأحد ضباط بروتوس» 
فقد حارب ميسالا في معركة فيليبي عام 42 ق. م حيث أظهر تفوقا ملموساء 
ثم انضم إلى صفوت أنطونيوس وهجره إلى أوغسطس دون أن يتنازل عن 
ميوله الجمهورية. وأصبح ميسالا راعيا للآداب والفنون وضمت دائرته 
الأدبية بنت أخيه (أو أخته) سولبيكيا (2هنماناه) وأفيديوس وغيرهما. وربما 
تكون مجموعة الأشعار المعروفة باسم «مجلد تيبوللوس» (صسصةنلاناط11 دنامهك) 
والذي وصل إلينا مجرد مختارات من أشعار أعضاء هذا المنتدى الأدبي. 
ويتناول بعض قصائد هذه المجموعة قصة الحب بين سولبيكيا وكيرينثوس 
(كنتطاصتع0) الذي هو اسم مستعار يحمله العاشق وذلك في مقابل أسماء 
النساء المستعارة في غزليات كاتوللوس وبروبرتيوس وتيبوللوس. 

ولد ألبيوس تيبوللوس (5نلانا5ة1 وسذطلة) فيما بين عامي 55 و48 ق. م. 
ولا نعرف الكثير عن حياته ونشتق معلوماتنا عنه من أشعاره وبعض الإشارات 
الواردة عند هوراتيوس وأوفيديوس . ويخبرنا سويتونيوس كذلك أن تيبوللوس 
كان ينتمي إلى طيقة الفرسان وكسب «هبة عسكرية» (12ة)1لنم 5م00): وكان 
شديد التأنق. ومات تيبوللوس عام ١9‏ ق. م عن عمر يناهز الثلاثين عاما. 
ويشكو تيبوللوس من تناقص ممتلكات الأسرة وربما عن طريق المصادرات. 
وهو يئن من وطأة الفقر (1285:مناهم): ولكن ريما يكون كل ذلك جزأ من 
تكوينه النفسي كشاعر عاشق. فهو على النقيض من هوراتيوس الذي تشي 
أشعاره بالتوازن والطمأنينة إلى حد بعيد . ومن المحتمل أن يكون تيبوللوس 
قد رفض, أو على الأقل لم يطلب-رعاية الإمبراطور ووزيره مايكيناس 
واستبدلهما بحماية ورعاية ميسالا. 


224 


اليجيات الحب عند كل من جاللوس وتيسبوللوس وبروريتوس 


وتجذب موضوعات الحب الرومانسي والحياة الريفية تيبوللوس. وفي 
فقرات رعوية الطابع يبدو تيبوللوس متآثرا بفرجيليوس. ومع أن تيبوللوس 
هو الشاعر الإليجي الوحيد الذي قضى جزءا من حياته في الخدمة 
العسكرية إلا أنه قد عبر بكل وضوح عن كراهيته للحربء وأدان الجشع 
والسعي وراء السلطة التي تقود للهلاك. واعتقد تيبوللوس بان المال هو 
الذي يفسد مشاعر الحب. ونلاحظ أن امرأة تدعى ديليا (هناء0) وإن كان 
اسمها الحقيقي هو بلانيا (513014) هي التي تسيطر على الكتاب الأول من 
إليجيات تيبوللوس. ويبدو أنها كانت تعيش مع أمها العجوز وأنها كانت 
تكرس حياتها لعبادة الإلهة المصرية إيزيس. أما نيميسيس (7166515) معشوقة 
تيبوللوس الأخرى والمذكورة في الكتاب الثاني من إليجياته فيبدو أنها كانت 
عاموة محكة ضح حر زه فاده ا 

يتميز تيبوللوس بأنه يعيش في عالم خيالي خلقه لنفسه بأحلامه وحنينه 
للعصر الذهبي المفتقد . سواء أكان هذا العصر في روما القديمة بماضيها 
العريق أم في روما المعاصرة في ظل السلام الأوغسطي. 

أما سكستوس بروبرتيوس (5نانااءم2:0 562005) فقد ولد فيما بين عامي 
4 و 47 ق. م في أسيسي (455181) حيث كانت أسرته؛ هناك؛ تحتل مكانة 
بارزة على المستوى المحلي. مات أبوه وتركه صغيرا وعانت الأسرة من 
مصادرات الآراضي التي أمر بها أوكتافيانوس عام 40-41 ق. م ورفض 
بروبرتيوس أن ينخرط في مناصب عامة, وأثمر تعليمه الخطابي في الشعر 
وليس في ساحات المحاكم. وسيرا على منوال جاللوس احتفى بروبرتيوس 
بقصة حبه مع من يسميها باسم إغريقي مستعار كينثيا (5لطه©) والتي 
كان اسمها الحقيقي هوستيا (110508). فقصة حبه حقيقية ليس لنا أن 
نشك في وجودها كما هو الحال بالنسبة لقصة أوفيديوس مع كوريناء 
وقصة حب بروبرتيوس العاصفة تملأ الكتب الأربعة التي تنقسم إليها 
إليجياته. 

يعد بروبرتيوس من كبار شعراء الحب الرومانتيكي؛ ويوضع جنبا إلى 
جنب مع اللورد بايرون على سبيل المثال. فهو يقفز من قصة حب إلى أخرى 
ويتنقل بين أحضان النساء. إنه دائما على أهبة الاستعداد لكي يقدم نفسه 
دون أن يعطي شيئًا بالفعل. ولكي يلعب هذا الدور لا يكفي أن يكون عاطفيا 


الأدب اللاتينى 


ورقيقاء إذ عليه أن يتحلى بقدر من العزة وأن يضفي على نفسه لونا من 
الغموض ال محبب للنساء. وعليه أن يعطي لقراء أشعاره انطباعا بأنه كبطل 
قد وقع في صراع مع الآلهة الحاقدة عليه بفعل الغيرة منه لأنه يتحدى 
قدره. فالحب عند بروبرتيوس يمثل قوة دفع ورفع كونية تفوق في القيمة 
والقدرة كل الفضائل والقيم الأخرى بما في ذلك الثروة والسلطة ونبل 
المولد. يقول برويرتيوس (الكتاب الأول 5: بيت 24): رلا يعرف الحب التنازلات 
التي تقدم كقرابين لصور الأجداد المبجلين». ويقول أيضا (الكتاب الأول؛ 
4 بيت 8): «لا يتقهقر الحب أمام الثروة». ويقول كذلك (الكتاب الثاني؛ 27 
بيت 6): «لا تعني الفتوحات العسكرية المحب في شيء». صفوة الكلام إذا 
أن القيم الرومانية التقليدية التي قامت عليها أسس الإمبراطورية لا تساوي 
شيكا أماه الي 

وفي سياق آخر يربط بروبرتيوس بين الحب وفضيلة الشعور بالواجب 
(كهاءزم). إذ يقول لكينثيا (الكتاب الآول, ١!,‏ البيتان 23- 24): 

«أنت وحدك ياكينثيا أهلي ومنزليء أنت وحدك أمي وأبي؛ 

أنت وحدك بالنسبة لي كل لحظة سعادة تمر بي». 

وهنا نرى الحب يملك على المحب فؤاده وبيته وكل كيانه قلا يرى في 
الوجود غيرهء إنه إذا حب مدمر. 

ويقال إن بروبرتيوس كان قاسيا في هجومه على كليوباترا بهدف انتقاد 
اعتدال هوراتيوس في سخحريته منهاء وكذلك نبل وفخامة فرجيليوس وهو 
ينتقدها. ولكن ما يلفت النظر ويثير الانتباه أنه في مقابل وحشية هجوم 
بروبرتيوس على كليوباترا نجده رقيقا في حديثه عن العشيق الطروادي 
الأشهر والنموذج الأسطوري لما يفعل الحب المدمر ونعني باريس بن برياموس 
الذي عشق هيلينا واختطفها. فقامت حرب طروادة مدة عشر سنوات 
أحرقت في نهايتها هذه المدينة وبدا الآلاف من الجانبين؛ الطروادي 
والإغريقي. قتلى وضحايا لهذا العشق المشؤوم. فالغريب حقا أن نجد 
هوراتيوس المعتدل في سحريته من كليوباترا يصف باريس بأنه الهارب من 
ميدان المعركة جريا كالإبل 2 ويصفه كذلك بأنه «الحكم الزاني جالب 
الخراب» («ع0ن1 عنانكمأدع م1 وفلماو) 277 إشارة إلى أسطورة التحكيم يت هيراو 


500 


أثينة وأفروديتي,» والتي حكم فيها باريس لصالح أفروديتي فمنحته حب 


220 


اليجيات الحب عند كل من جاللوس وتيسبوللوس وبروريتوس 


أجمل نساء العالم هيليني مكافأة منها له. أما فرجيليوس فقد جعل أعدى 
أعداء اينياس هم فقط الذين يقرنون مؤسس السلالة الرومانية يجده 
الطروادي باريس ". ولكن بروبرتيوس وهو اشد الشعراء تحاملا على 
كليوباترا يستبق شاعر اللهو والمجون أوفيديوس في التعاطف الصريح مع 
هذا «الزاني الطروادي»؛ إذ يقول: إن كينثيا عشيقته تبلغ من الجمال حدا 
يجمل:فنها اعرأة كر استحقاقا لأن:ستعطل ظروادة من جلها وتحفل منكانة 
هيلينا (الكتاب الثاني 3: بيت 35). ويقول بروبرتيوس أيضا: إنه قد وجد 
رعبته فى لقاء عشيقته حلى اشدهالكما قعل باريس-عتدها كان في هيدان 
الحربء وإنه لم يستطع كبح جماح هذه الرغبة, ثم يقول (الكتاب الثالث, 8 
بيت 29 وما يليه): 

«بينما يحقق الإغريق التفوق في القتال 

وبينما يقاومهم هيكتور الوعقي (7ماعع11] دتحتوطخوط) 

فإن ذلك الرجل (أي باريس) كان يشعل حروبه الكبرى 

في أحضان هيلينا» 

بروبرتيوس إذا في أعماقه شاعر يقف تحت اللواء الذي رفعه أنطونيوس 
وكليوباتراء أي لواء الحب والسلام في مواجهة جيوش الحرب التي يقودها 
أوكتافيانوس «الوحشي». ولكن بروبرتيوس يتناقض مع نفسه وينضم إلى 
جوقة الآبواق الأوغسطية ويهاجم كليوباترا بشراسة عنيفة؛ فهو يصفها 
بأنها مبتذلة حتى بين خدمهاء فهي «ملكة مومس» (مصنعع؟ حتاعمعم): 
وكانوبوس (أبو قير) مدينة زانية 9 ( 

ترك بروبرتيوس التأمل الفلسفي لسن الكهولة والشيخوخة حين لا 
يصبح الحب مناسبا أو حتى يصير أمرا عصيا. عندئذ تسرب إلى نفسه 
الإحساس بأن روما الإمبراطورية العظيمة قد وهنت ويتهددها خطر الضياع 
فيقول: «إن روما نفسها ستسقط يوما ما» (الكتاب الرابع. 10 بيتان 27- 
8). على أن هذا الموضوع سيكون محور الحديث أو بيت القصيد في شعر 
لوكانوس الملحمي ونثر ليفيوس المؤرخ: كما سنرى في الصفحات التالية. 

رفض بروبرتيوس عرض مايكيناس بأن ينظم ملحمة التاريخ الروماني. 
بل يخاطب شاعرا ملحميا معاصرا ويقول (الكتاب الأول؛ 9: أبيات 9- 12): 

«ماذا يفيدك أيها البائس أن تغني أغنيتك الوقور 


أممصةك2 تاأوععم1) . 


227 


الأدب اللاتينى 


وتقول لنا إن أمفيون بنى الأسوار بقيثارته 5 

فأشعار ميمنرموس في الحب تفوق هوميروس 

والحب اللطيف يتطلب أغاني عذبة الانسياب». 

ولكن بروبرتيوس عاد وقدم ما يشبه الحل التوفيقي وذلك في كتابه 
الرابع بإليجياته الرومانية. قفي هذا الكتاب نجد بروبرتيوس 09) 
ثوبا جديدا. إذ لم يفقد عبقريته الشعرية عندما ضاعت من بين يديه 
حبيبته كينثيا بل لمعت موهبته في مجال آخر. وتلقب القصيدة رقم (1١١)ضي‏ 
هذا الكتاب بأنها مليكة الإليجيات؛ بل تعد من أجمل قصائد الشعر اللاتيني 
كله وتقع في 102 بيتء ويقول في نهايتها (102-99): 

«لقد أتممت طرح قضيتي فانهضوا أنتم يا شهودي 

يا من تبكونني وانتظروا ما تحكم به الدنيا 

وما تدفعه ثمنا لحياتي ومكافأة لي 

فأبواب السماء تفتح على مصراعيها للفضيلة 

أفلا تستطيع فضيلتي أن تنتزع لي حسن الثواب 8 

أغلن تسكن بقايا رمادي مع أمجاد أجدادي 6). 


مرتديا 


أوفيسديوس شاعسر 
الحب والأساطير 


ولد بويليوس أوفيديوس ناسو (0110105 وستاطتاط 
ه255) في سولمو مساند5) أو سولمونا (2022اتاة على 
بعد تسعين ميلا من روماء وذلك في 20 مارس عام 
3 ق. م. أي قبل شهور قليلة من موت شيشرون. 
كان أبوه ينتمي إلى أسرة ثرية من طبقة الفرسان؛ 
وكان يزمع تربية ابنه وإعداده لشغل المناصب العامة 
في روما. وبالفعل أرسله إلى العاصمة لكي يتعلم؛ 
وفي روما أظهر أوفيديوس ذكاء وتفوقا على أقرانه 
في مدارس الخطابة؛ ولكن كان يفضل «المقالات 
الخطابية (ع50350133) على «المناقشات الخطابية» 
(25126ه202:07) . وفي روما لم ينضم أوفيديوس إلى 
حاشية راعي الآداب والفنون الوزير الأول 
لأوغسظسن: أى مايكيتاس. ومع أن أشعار 
أوفيديوس تشي باحترام ملموس لأوغسطسء؛ 
وحكومته إلا أنه لم يكتب شيئًا تشتم منه رائحة 
النفاق أو الدعاية الإمبراطورية. 

اكتسب أوفيديوس شهرته عن طريق إليجياته 
التي قيل إنها تصور تجاريه الشخصية في الحب؛ 
وأعطاها عتوان «الغزلياتها(ق#وضة) وفشرت يعد 


2120 


الأدب اللاتينى 


عام 16 ق. م. والإليجيات التي وصلت إلى عصرنا سليمة تقع في ثلاثة كتب 
وتضم 39 قصيدة يتراوح طول الواحدة منها فيما بين ١8‏ و4!! بيتاء وتحكي 
معظم هذه القصائد قصة حب أوفيديوس مع امرأة يسميها كورينا لمممتن). 
وربما لم تكن في حياة أوفيديوس قصة حب واقعية؛ ولعل البطلة الحقيقية 
لهذه القصائد ليست كورينا-فقد تكون شخصية وهمية-وإنما هي الإليجية 
كفن شعري متطور. وعلى أي حال فلا ريب في أنه كانت لأوفيديوس لقاءات 
غرامية خفيفة وسريعة مع غانيات روما آنذاك. وبرأي أوفيديوس نفسه 
فإن روما لم تكن تلك المدينة التي يمكن لأكثر الناس برودا أن يظل فيها 
عذريا عفيفا لوقت طويل. ويقول الشاعر«هناك (أي في روما). ضع 
هيبوليتوس (رمز العفة الأسطوري) فسيصبح بريابوس (إله المجون)» 
(«الغزليات» الكتاب الثاني4, |3). 

ليس من الميسور تاريخ شعر أوفيديوس المبكر. حتى أننا لا نستطيع أن 
نضع «البطلات» في ترتيبها الصحيح والمتفق مع طبعتي «الغزليات» و «فن 
الهوى». ومن المحتمل أن يكون أوفيديوس قد انشغل ب «البطلات» و«دفن 
الهوى» قبل أن يكمل المراجعة النهائية لقصائد «الغزليات». ولعل في ذلك 
ما يشهد على أن قلم أوفيديوس البارع كان ينتقل في خفة وحذق بموضوع 
الحب من شكل أدبي إلى آخر. ومن ناحية أخرى يعد موقف أوفيديوس من 
الأسطورة أمرا بالغ الآهمية في تقييم مكانته كشاعر. ففي مقدمة الكتاب 
الثالث من «زراعيات» فرجيليوس ينفي المؤلف الأسطورة كموضوع مبتذل 
في الشعر. وأصبحت هذه الفكرة عند الشعراء التالين له «كإكليشيه» تتردد 
عندهم بلا وعي تقريباء وسبق أن أشرنا إلى ذلك بالنسبة لبروبرتيوس. 
وتأتي أعمال أوفيديوس كلها كنوع من الرفض ال معلن حينا والمبطن أحيانا 
لهذا الموقف. فمنذ البداية غذى أوفيديوس موهبته بالفكر الأسطوري. 
وحتى في «الغزليات» نلمح هذا الاهتمام ولا سيما في الكتاب الثالث, 
وكذلك نجده في «فن الهوى»؛ و «علاج الحب» يلجأ لضرب الأمثلة من 
الأساطير فيسرد الكثير منها. أما «البطلات» فهي بالكامل مأخوذة من 
الأسطورة؛. وهي بغض النظر عن قيمتها الذاتية كفن شعري تعد تمهيدا 
جيدا لرائعة أوفيديوس بلا جدالء أي «التناسخات». 

كانت «البطلات» (5ع1167010) عبارة عن رسائل وهمية بأقلام شخصيات 


أوفيديوس شاعر الحب والأساطير 


أسطورية نسائية تخاطب عشاقها . وبمكن أن نعتبر كل رسالة منها «مقالة 
خطابية». فهي ليست قصة سردية بسيطة. وكل بطلة تدافع عن قضيتها 
مستغلة فنون الخطابة المتداولة آنذاك. وهي رسائل تشحذ الخيال وترتفع 
به إلى آغاق الرومانسية بقدر من الإثارة والمقامرة. إنها أريع عشرة رسالة 
منظلومة في الورن الإنييس وقخاطيء البطلات بها مشاكهن أو أزواحهين: 
فرسالة تكتبها بينيلوبي إلى أوديسيوس. وأخرى تخطها بريسيس لأخيلليس: 
وأخرى ترسلها ديانيرا إلى هرقل: ورسالة من فايدرا إلى هيبوليتوس وهكذا . 
وبعد بضع سنين راجع أوفيديوس «البطلات» فأضاف رسالة من سافو إلى 
فاؤونء ثم أضاف رسالتين متبادلتين بين باريس وهيليناء وأخريين بين 
لينادروس وهيروء وكذا بين أكومنيوس وكيديبي. وقد قلد الجديد من الأدباء 
أوفيديوس. فهناك شخص يدعى سابينوس كتب ردودا لبعض هذه الرسائل 
الأوفيدية. وهناك شخص آخر مجهول كتب قصيدة بعنوان «شجرة الجوز» 
000540 وفى شكون خترجه بها خده التنكرة الى نمت على جاتب الظطريق 
وتتعرض للنهب من كل عابر-إلى المارة تسألهم الرحمة والعناية. ويعتقد 
بعض دارسي أوفيديوس أن هذه القصيدة من نظم الشاعر نفسه. 

وجدير بالذكر أنه ليس «للبطلات» نموذج واحد يسبقها لا عند الإغريق 
ولا عند الرومان: فهي إذا قصائد من إبداع الشاعر الموهوب. لكن هذا لا 
يعني أنها لا تعكس خليطا من بعض العناصر الأدبية المتناثرة في فنون 
شعرية أخرى. فلقد سبق لكل من كاتوللوس وبروبرتيوس بل أوفيديوس 
نفسه أن عالج موضوعات الحب الأسطورية على نحو يبرز الأحاسيس 
الذاتية. أما موضوعات فراق العشاق أو توهم العاشق خيانة المعشوق وما 
إلى ذلك فقد تعبت دورا أساسيا في تطور إليجيات الحب. فمعظم قصائد 
أوفيديوس في «الغزليات» تشكل مونولوجات نصف درامية. ومن الملاحظ 
أن ولع أوفيديوس «بالمقالات الخطابية» له تأثير ملموس في نظم «البطلات». 
ولا نسي أن مرتوتوجات الووحات ]تن الشيعات اليجوراخد قد لطعت من 
قبل في ب إظان كتين كعرية احرف يشكل القراحيدقاء:ولكنما بالظيع لم توج 
كفن أدبي مستقل. بل إن فكرة الرسالة كفن أدبي لم تكن قد استقرت بعد 
ولم يعترف بها اعترافا كاملا مع أنها معروفة منذ عصر أغلاطون واستغلها 
لوكيليوس وهوراتيوس وشيشرون وغيرهم. ولا يغيب عن الأذهان أن رسائل 


الأدب اللاتينى 


البطلات الأوفيدية مكتملة من حيث الشكل الفني حتى أنها لا تترك مجالا 
لفكزة الرد عليها برسائل اخرىء غلى ا حال من الشتمل أن تكون شكرة 
لظم رسائل #اليظلات كن اطراف الأوض ديوس بعد أرق اطلع على رسالة 
عروير وين لوجي هنا رمتريها إن ليكرناي»: 

وتافي مافة رساكل البثلات من اللسمة والترالجيد يا الاق يميق قيهن 
هذا وسالة ديوو الى اسطيميك من «إشيادة) فرجايوس:ورمالة اريادني 
التي جاءت من قصيدة لكاتوللوس. 

ومن روائع أوفيديوس ديوان «فن الهوى» (وتمصصة سعد) أو (دتتمتمسح نتح) 
أو (تلصمصخ دن ) وكذلك ديوان « علاج الحب» (115مددك ددن نلعدمع ]) . ويتناول 
الديوان الأول علاقات غانيات روما بالمعجبين فيقدم الكتابان الأول والثاني 
منه وجهة تظر الرجال ويقدم الثالث :راي التساء. وما كان من المناسب 
لترجل أجلذ اد هاجلا أن كرت مثل هذه الدابرات ووتقض يديه جوأ 
عااع] شيغر اتبيه اتروع سحتو كان وماق الحو يقي اكل هذا اتودل 
أفضل الوسائل واحسن دواء لعلاج هذا الداء؛ أي الحب. وهكذا فإن الديوانين 
يقدمان لنا صورة حية لدنيا الهوى والملذات في روما مع بعض النصائح 
التعليمية في مجال الحب 17). وجاء في إحدى قصائد ديوان «فن الهوى:< 

«كنت أهم بان أختم حديثيء لولا أن النساء قلب 

ولا مهرب من أن نتزود بألف وسيلة 


كي نقوى على مواجهة أنماطهن المختلفة 
فالحقول لا تتماثل عطاء 


هذا ينتج كرما وذلك يغل زيتوناء والآخر يغمرنا حنطة 

وكذلك تتباين أنماط القلوب تباين ما في العالم من أشكال. 

الحكيم هو من يكيف نفسه وفق شتى المواقف» 

(فن الهوىء الكتاب الأول: 755- 760 ترجمة د . ثروة عكاشة) 

«الجمال ميزة هشة ما أسرع ما تخفو مع الأيام ويأتي عليها تعاقب 
السنين 

فالبنفسج لا يزدهر إلى الأبد. والزنبق لا يفتر بالبسمة دوما 

والوردة إذ تذبل تخلف إبر الشوك 

وعما قريب أيها الشاب الوسيم: يكسو الشعر الأشهب رأسك 


أوفيديوس شاعر الحب والأساطير 


بعدما يحفر الدهر أخاديده على بشرتك. 

إذا فأبدع لنفسك روحا مشرقة صنوا لجمالك. 

فهي وحدها تبقى بجوارك حتى ساعتك الأخيرة فوق المحرقة, 

واصقل فكرك بالفنون والآداب ولا تهون من شانهما». 

(نفس المرجع؛ الكتاب الثاني, 120-114) 

كان كل من الشاعرين السكندريين كاليماخوس (305- 240 ق. م تقريبا) 
ونيكاندروس (القرن الثاني ق. م) نموذجين احتذاهما أوفيديوس. فتقليدا 
للأول نظم أوفيديوس قصيدة طويلة تضم عددا من الأحداث التي تربطها 
معا خيوط الحبكة السردية. ومثل الثانى اتخذ اوفيديوس لهذه القصيدة 
موضوعات من أساطير التناسخ. وكانت القفسة هي رائعته «التناسخات» 
(0565م116]31201) فى خمسة عشر كتابا بالوزن السداسى. ويبداً أوفيديوس 
بالتناسخ الأكبرهن «الفوطى» (5ده0 )إلى العالم المنظم (مسفصةة), وينتهي 
بآخر التناسخات وهو تاليه يوليوس قيصر وتحوله إلى «يوليوس المؤله» 
(كنانان! 5ن«زط) . ويلاحظ أن أوفيديوس يتعامل مع الموضوعات الأسطورية 
دون أي حس ديني. فهو لا يرى في هذه الأساطير سوى موضوعات تقليدية 
مسلية وممتعة. فلقد مضت الأيام التي أحاط فيها فرجيليوس الأساطير 
بهالة من ا لقدسية. 

وتكمل «الأعياد» (58) و«التناسخات» كل منهما الأخرى بأكثر من وسيلة. 
وإذا كان بروبرتيوس قد أعلن نفسه صراحة «كاليماخوس الروماني» فإن 
أوفيديوس على النقيض من ذلك وكما سبق أن ألمح في «الغزليات» يهجر 
الإليجيات الغرامية ويلجا إلى الملحمة في ديوان «الأعياد» الذي لو اكتمل 
لصار بطول «الإينيادة» نفسها . يقول أوفيديوس في مطلع هذا الديوان 
(الكتاب الآول» :)2-١‏ 

«فصول التقويم الروماني في نظامها السليم: أصولها مطالع ومغارب 
الأفلاك.. . تلك هي موضوعاتي.» 

يسير أوفيديوس في ديوان «الأعياد» على نفس الدرب الذي طرقه من 
قبل كاليماخوس في «الأسباب»: وأراتوس (صديقه ومعاصرهم) في «الظواهر». 
أما الإيعاز المباشر فقد جاء إلى أوفيديوس من بروبرتيوس . كما ينبغي ألا 
تففل هنا« الاي ادة ته يواح الخكلتت عن «الأعياد» فى كفيريمن الدرافي 


الأدب اللاتينى 


مثل الشكل والمضمون والأسلوب إلا أنها قد مارست تأثيرا كبيرا على 
أفيديوس. وإذا كانت «الإينيادة» تمثل المعتقدين الفلسفى والتأملى لصاحبها 
فإن «الأعياد» تعد ضربا من ضروب التدريب الأدبي. ْ ْ 

«الأعياد» هي الديوان الأوغسطي الوحيد لأوفيديوس بمعنى أنه يسير 
ف اللدان العام لهذا العصدرى روا دين لتنكيد الفكرة الرويانية والشروة 
الأوغسطي. يقول أوفيديوس (الكتاب الثاني. 10-9): 

«هذا واجبي العسكريء؛ أحمل السلاح كلما أمكن 

على آلا تتحلئ يغيني تماما عن آداء واجبي الآخره. 

وهكذا تبث المشاعر الوطنية في الديوان مع شيء من النفاق «للزعيم» 
أوغسطس (5م2:1056): ولكن أوفيديوس لم يصل إلى حد نظم تاريخ كوميدي 
لروماء لقد تطلبت «الأغياد» كثيرا من النحث والقحص: والدراسة والتعمق 
ف السادر الإغريقية واللافكية بيد أذبهنذا الديوان يعاق من كونه اليس 
ملحمة. وأين «الأعياد» بالنسبة للشعر الملحمي مما حققه أوفيديوس في 
الشعر الإليجي ؟ هاهو أوفيديوس نفسه يفخر بأنه«فرجيليوس الإليجيا» 
فاكلا في ديوان «علاج الحب» (ب 396-395): 

تكن الإنيجيا بانها شين لي 

كرما سين |للجينة لخر جيا ونين 

وفي الواقع يفوق إنجاز أوفيديوس الإليجي ما حققه فرجيليوس في 
الملحمة. ومع ذلك علينا ألا ننسى ولو لحظة واحدة أن الشعر الملحمي منذ 
هوميروس وبسببه قد أصبح منبع الشعر والفصاحة وقبلة الشعراء باعتباره 
أنيل وأرفع ضروب الأدب أو فن الفنون الأدبية طرا (16أامم 5امعع) . ومن ثم 
إذا كان أوفيديوس حقا يطمح في اغتلاء إمارة الشعر اللاتيتي قلا عفر من 
أن يغمس قلمه في مداد الشعر الملحمي. ومن هنا نستطيع أن نتفهم كيف 
أن الاشيادة» الفرجزلية كان يعظيطها وكمالها وعبالها تمثل عقية كزود 
وتحديا شاقا أمام أوفيديوس وغيره من الشعراء الأوغسطيين الذين حاولوا 
منافسة فرجيليوس. 

لا يشك أحد في أن أوفيديوس قد أحب فرجيليوس وأعجب به أصدق 
الحب والإعجاب بما لا يسمح له بمحاولة منافسته أو التقليل من قدره في 
محال الشني اللعبي. كما ان ارشيديريج كانه فاق ود تام بعياية نر لكيه 


2314 


أوفيديوس شاعر الحب والأساطير 


فرجيليوس في ميدانه. كان بوسع أوفيديوس أن ينافس بروبرتيوس على 
لقب «كاليماخوس الرومان»» آما لقب «هوميروس الرومان» فقد استقر 
الرأي على أن فرجيليوس أحق به من أي شاعر آخر. وبعد ظهور «الإينيادة» 
لم يعد أحد يفكر في صياغة ملحمة تاريخية على نمطها ولا ملحمة أسطورية 
على نمط «الأرجونوتيكا» لأبوللونيوس الرودسي. فهم أوفيديوس ذلك كما 
فهمه شعراء العصر الفضي من بعده. وظهرت ضرورة البحث عن صيغة 
جديدة فجاء الحل الأوفيدي رائعا في «التناسخات». إنها قصيدة ملحمية 
الطول إذ تبلغ أثنى عش رألف بيت مقسمة إلى خمسة عشر كتابا. وتعد 
«التناسخات» مختارات من الأساطير الإغريقية (والرومانية). ويختلف الطول 
والصقل فيما بين القصائد من واحدة إلى أخرى. فأحيانا يعطينا الشاعر 
إشارة عابرة عن معنى ما في بيت واحد, وأحيانا أخرى يفصل القول وينظم 
ملحمة صغيرة من عدة مئات من الأبيات. ويعطي أوفيديوس مسحة الوحدة 
الفنية لقصيدته باللجوء لعدة وسائل. فيكفي أن تظللها فكرة التناسخ:؛ كما 
أنه يتبع تسلسلا تاريخيا إلى حد ما. فهو يبدأ من أسطورة الخلق ويستمر 
إلى مقتل وتاليه يوليوس قيصر. وحيث إن التاريخ الأسطوري لم يصل بعد 
إلى حد الانضباط العلمي الدقيق فهناك متسع للتصرف في الترتيب وفق 
ما يقتضيه العمل الفني. 

ولا تزال المحاولات تبذل فى سبيل البحث عن وحدة وهدف لقصائد 
«التتاسخات». فبالنسبة البفية يكرح النقاد بصفة عامة الاعتراف يبوجود 
ثلاثة أقسام رئيسة متساوية الطول تقريبا. في القسم الأول تلعب الآلهة 
أدوار البطولة (الكتاب الآول؛ 452: الكتاب السادس 420): وفي القسم الثاني 
يتركز الاهتمام حول الأبطال (الكتاب السادس 42: الكتاب الحادي عشر 
3). وباعتبار الحرب الطروادية بداية للتاريخ القديم يبدأ الجزء الثالث 
ويتربع على عرش البطولة فيه بعض الشخصيات التاريخية (الكتابان الحادي 
عشر 194 والخامس عشر 744). ويستهل أوفيديوس ديوانه ببرولوج أو 
مقدمة (الكتاب الأول. 450-5) يتحدث فيها عن الخلق والطوفان وإعادة 
تعمير الأرض. أما الخاتمة (إبيلوجوس) فيتحدث فيها أوفيديوس (الكتاب 
الخامس عشرء 870-745) عن تاليه يوليوس قيصر. ويالاحظ أن هناك شيئًا 
من العناية في ترتيب القصص الأسطوري داخل كل مجموعة:؛ بل فيما بين 


الأدب اللاتينى 


المجموعات الثلاث بحيث تتواصل الروايط الموضوعية أو الجغرافية أو 
العرقية. فبعضها يتوافق ويتلاحم وبعضها الآخر يتناقض ويتحاور مع نفسه. 
ولكن من العسير وضع نسق عام أو قالب مشترك لهذه القصائد جميعاء 
غالأرجح أن ذلك لم يخطر ببال أوفيديوس قط. ولا يعقل أن يكون الشاعر 
قد فكر في مثل هذه الأنظمة البنيوية أو البراعة الهندسية في معمار 
الديوان كما يظن بعض النقاد المحدثين. وإذا كان فرجيليوس قد اتبع نظام 
التقسيم إلى كتب في ملحمته «الإينيادة» فإن أوفيديوس قد حاول أن يتخطى 
هذا التقسيم. فالوشائج الأسطورية تعبر حدود هذه الكتب التي انقسمت 
إليها «التناسخات».؛ ومن ثم فإن معيار الوحدة البنائية جد مختلف في هذا 
الديوان عن ملحمة «الإينيادة». وبيعبارة أخرى يمكن القول إن «التناسخات» 
ملحمة من طراز غير فرجيلي. 

وبعد لأي راح الباحثون ينقبون في «التناسخات» عن عنصر وحدوي 
آخر وهو الرموزء وركزوا جهودهم على الرمز الماثل في الخلفية الطبيعية لما 
يجرى من أحداث أسطورية مثل بحيرة ناركيسوس 2©, (الكتاب الثالث, 
أبيات 7, 412-8). فهذا المشهد كغيره في «التناسخات» يمكن أن يوحي 
بمعان أخرى غير ما يبدو على السطح. وهذا العنصر على أي حال يؤكد 
الازدواجية كطابع قد نجح أوفيديوس في خلعه على عالمه الأسطوري. 
ولكن هذا العنصر وحده لا يصنع وحدة عضوية وكل ما هناك أنه يعمق 
المعاني وينقذها من السطحية. ومع ذلك فليس من العدل أن نصف 
«التناسخات» بأنها مجرد مختارات من الأساطير لأنه قد أعاد تشكيلها 
وتفسيرها في إطار رؤية عامة. ولعل في هذه الرؤية العامة ما يساعد على 
الوصول إلى عنصر توحيدي في هذا الديوان. 

يقول النقاد إن «التناسخات» ملحمة من نوع فريد (5تعمعع أناى)؛ أي لا 
مثيل لها ولا تقلد نموذجا سابقا. فمن أي نوع هي ؟ وما وجه التفرد ؟ لا 
ريب في أن «التناسخات» هي ملحمة العواطف الإنسانية أو بالتحديد هي 
ملحمة الحب. ومثلهم مثل غيرهم من ممثلي الدراما نجد الآلهة في 
«التناسخات» يلعبون أدوار العبيد ويقعون فريسة لعواطفهم. بيد أن أهم ما 
يهم أوفيديوس هو ما ينجم عن ذلك من فواجع مأساوية. ويبذل الشاعر 
كذلك أقصى ما يستطيع من جهد لكي يخلع على قصصه قدرا هائلا من 


230 


أوفيديوس شاعر الحب والأساطير 


المصداقية (5065) بهدف أن يقنع القارئ أنه والحال هكذا لا يملك البشر 
إلا أن يتصرفوا بهذه الطريقة أي كما تفعل الآلهة. 

عندما نقرأ قصة بيجماليون (الكتاب العاشر: أبيات 242- 287) ننسى 
أو نتناسى أنه في العالم الواقعي المعاش لا تتحول التماثيل إلى أناس من دم 
ولحم. وكل ما يشغلنا أثناء قراءة هذه الأبيات أنه في حالة التحول هذه 
يمكن تصديق ما يتحدث عنه أوفيديوس. 

وفي قصة الكيكلوبس وجالاتيا 7" (الكتاب الثالث عشرء أبيات 735- 
7) يحتفظ أوفيديوس بالخلفية الرعوية في المعالجة السكندرية 
#بوكريعوين114) وسستبدل بالشةاجة الريفية متاك الفظاعة | السمية 
الأسطورية المتمثلة في تصوير هوميروس للكيكلوبس. ويسلط أوفيديوس 
الضوء على موضوع الصراع بين الوحشية والعنف من جهة والجمال الوديع 
من جهة أخرى وذلك عندما اعتنى بشخصية آكيس بوصفه العاشق الرقيق 
والمنافس المناسب للكيكلوبس الرهيب بوليفيموس. وعندما يلقي الأخير 
بالصخرة الساحقة فوق آكيس.كما هو الحال عند هوميروس-تنتهي الأحداث 
نهاية طيبة لأن هذا العاشق الجميل يتحول إلى إله نهري ويظهر لمحبوبته 
في كامل أبهته الإلهية. والكيكلوبس في هذه الأسطورة يقابل أكونتيوس 
العاشق الوحشي أو الحسي الذي يدمر إن لم يمتلك من يحب. 

أما أسطورة ناركيسوس وإخو 29" (الكتاب الثالث, 510-933) فتقدم درسا 
أخلاقيا عن الرغبة ومصادرة ما لا يمكن الحصول عليه ولا سيما حب 
الذات الذي تنعكس آثاره المدمرة على النفس (ناركيسوس). وتمتد لتشمل 
الآخرين (إخو 80050 - الصدى). ولعل أوفيديوس نفسه لم يفكر في هذا 
الدرس الأخلاقى. وكل ما لفت نظره هو غرابة هذه العاطفية العجيبة. 
يقول تاركيسوس (ب 368-364): 

«إنني أحترق حبا لنفسيء أشعل النار التي أشتعل بلهيبها 

وعأذا غلي أن أفدل؟ أظارد تفسي آم أترك نفسي تطاردني :ؤ 

وما جدوى المطاردة ؟9 

ما أرغب فيه بين يديء وهذا الثراء نفسه يجعلني أفقر الفقراء ! 

ليتني أستطيع أن أفصل نفسي عن جسدي ! إنها رغبة غريبة من 
عاشق: 


227 


الأدب اللاتينى 
نعم ! فيا ليت معشوقي يكون بعيدا عني كي أنال منه !» 

وفي تدفق هذا السيل الجارف من العواطف والفواجع فإن أوفيديوس 
يخاطب عقول قرائه لا قلوبهم. حتى ولو صدق القول إن الحياة كوميديا 
هزلية بالنسبة لمن يفكرء وتراجيديا محزنة لمن يحس فإن «التناسخات» 
منظومة لمن يفكرون لا لمن يحسون. 

ولسنا على يقين من أن هناك رسالة ما «للتناسخات» ومع ذلك فهي 
تفوق «الإينيادة» في بعض النواحي أهمها أنها أكثر منها عالمية. ويرى بعض 
النقاد أن أوفيديوس أكثر طبيعية وأصالة وأعمق ودا وخيالا وألطف مرحا 
من فرجيليويوس أو أي شاعر آخر. وبكلمة واحدة فإن هؤلاء النقاد يعتبرون 
أوفيديوس أكثر إنسانية من فرجيليوسء وقد تكون هذه الإنسانية هي عنصر 
التوحيد الأساسي في «التناسخات». ولم تكن رؤية أوفيديوس للعالم قائمة 
على النظام والاتساق المنضبطين. وإنما أساس هذه الرؤية هو التنوع والتغير 
المتوتران. وقد يعني هذا أن الاستقرار الأوغسطي لم يكن بالنسبة لأوفيديوس 
كما كان لفرجيليوس «بداية عالم جديد » (0100 تصتحده 1 تاععة5 كتالامم)؛ ولكنه لم 
يتعد كونه ركاما من الرمال في طريق المجرى الفياض للأبدية. 

ويختم أوفيديوس «التناسخات» (الكتاب الخامس عشرء أبيات| 87- 879) 
بقوله: 

«والآن قد أنهيت عملي الذي لا غضب جوبيتر نفسه 

ولا ناره... ولا الحديد ... ولا الزمن القارض يقادر 

على تدميره. حقا سيأتي يوم ماء فيه أجلي المحتوم 

بيد أن سلطانه لا يمتد إلا إلى جسدي 

فسيضع حدا لعمري غير المعروف, 

ولكنني وبالجزء الأفضل مني سوف أحلق في سماء الخلود 

صاعدا فوق النجوم ولن ينمحي اسمي أبدا . 

وفي أي مكان سيمتد الحكم الروماني فوق الأراضي المفتوحة 

سوف يقرئني الناس ويحركون ألسنتهم باسمي عبر كل العصور. 

ولثن صدقت تنبوّات العرافين فلسوف أحيا 

بفضل شهرتي...» 

كانت «التناسخات» قد اكتملت إن لم تكن قد نشرت عام 8 م. وكان 


أوفيديوس شاعر الحب والأساطير 


أوفيديوس حينئن في قمة الشهرة والمجد فهو أبرز الشعراء الأحياء في 
روما. ولعل وعي أوفيديوس نفسه بهذه الحقيقة يعد مفتاحا ضروريا لفهم 
نتاجه الشعري في الآونة الأخيرة من حياته. ولقد انتهت «التناسخات» 
بمجموعة من التناسخات تعد نتيجة وذروة لما سبقهاء ونعني تاليه يوليوس 
فرصي قن اللاطئ وثالية اوغسيطس الرتسين 

وهما تناسخان مرتبطان بتناسخ آخر هو تغير مجرى التاريخ الذي بدأه 
يوليوس قيصر وأكمله خلفه «جوبيتر الآأرض» أوغسطس (الكتاب الخامس 
عشرء 860-858) الذي قلب الحرب والفوضى إلى استقرار وأمان (نفس 
الكتاب, 839-832). (35) 

ولم ينه أوفيديوس مراجعة «التناسخات» لآن تواجده في روما قد أنهى 
فجأة عام 8 م؛ إذ صدر قرار بطرده أو نفيه إلى توميس (750015) (ربما تكون 
كونستانس 56405م00 الحديثة في رومانيا) على شاطيٌ البحر الأسودء وكان 
السبب الرسمي المعلن لنفي أوفيديوس هو لا أخلاقية أشعاره وآثارها السيئة 
على الأخلاق العامة. وواضح أنه سبب ضعيف ومزيف ولا يمكن قبوله. 
وفي الوقت نفسه شاعت في روما أقاويل بان أوفيديوس كان على علاقة 
حب مع يوليا حفيدة الإمبراطور أوغسطس المستهترة: وهذه أيضا شائعات 
لا يمكن الأخذ بها. إذ كان أوفيديوس في سن الخمسين وكانت يوليا فتاة 
صغيرة السن جدا . وعلى أي حال فإن هذا لا ينفي احتمال تورط أوفيديوس 
في لخد مشائعها على تجو أن لخن 

وفي يأس وقنوط عشية مغادرة روما انفجر أوفيديوس في غيظ فاحرق 
«التناسخات» (وكثيرا من أعماله الأخرى). ومن حسن الحظ أن هذه القصائد 
وصلتنا ريبما لأن أصدقاءه كانوا يحتفظون بنسخ عنها. وشرع أوفيديوس 
ينظم «الأحزان» (1:15018) وهو في طريقه إلى توميس. 

حها إن وكيد يو الم يتحرم من حقوق المواطنة الرومانية ولهم فصان 
ممتلكاته؛ ولكنه بدلا من أن يرسلوه إلى إحدى جزر البحر المتوسط أبعدوه 
إلى طرف العالم المتمدين مما جعل نفيه أقرب ما يكون إلى حكم بالموت. 
وبالفعل تضم «الأحزان» وكذا «رسائل من بونطوس» (0غدوظ عه عةانادزم8)- 
وبونطوس هنا تعني البحر الأسود-فيضا من الأسى العميق حيث يصف 
الشاعر المناخ الصعب ووحشية السكان في هذه المنطقة البعيدة. وكم كان 


23# 


الأدب اللاتينى 


يتمنى أن يعود إلى روماء أو على الأقل أن يذهب إلى منفى أقرب وأرحم من 
توميس . وبالفعل نجد في «الأحزان» و«رسائل من بونطوس» نوعا من الترجمة 
الذاتية وتعرية النفس وتحليلها . ولعل أوفيديوس هو أكثر شاعر روماني 
يحدثنا عن نفسه يهذه الصورة. 

ولكن أوفيديوس رفض أن يموت كما أريد له ويقول. إنه إذا كانت 
موهبته سبب لعنته فهي في النهاية ملاذه الأخير في محنته؛ بل إنه يبحس 
بالزهو والانتصار على قدره البغيض. 

نظمت «الأحزان» في الوزن الإليجي. وهكذا عاد الوزن إلى استخدامه 
الأصلي بعد أن كان قد حقق ازدهارا في عالم الغزل. ونظمت أولى القصائد 
في الطريق إلى توميس وأرسلت إلى روما بمجرد الوصول إلى المنفى. ويعد 
الكتاب الأول من هذا الديوان بمثابة السفير أو المندوب الذي يذهب إلى 
حيث لا يستطيع صاحبه ,2-١(‏ 58-57). 

وكان على هذا الكتاب-السفير-أن يتصرف باسم صاحبه في كياسة 
ولباقة؛ (3- 14): فلا يفرض نفسه على الناسء (26-21): ولا يحاول اقتحام 
عالم أوغسطس., (86-69): ويكتفي بالتوجه للجمهور العريض؛ (88-87) . وهو 
في هذه القصائد لا يسعى إلى الشهرة والمجد كما هو الحال في روائعه 
السابقة؛: وإنما يهدف إلى إعادة النظر في قضيته. فالكتاب إذا يعد أولى 
محاولاته في حملته المتصاعدة للحصول على العفو. وفي هذه القصائد 
تتكرر صورة أوغسطس كجوبيتر الذي يتسلح بالصاعقة. ولكن هذا لا يعني 
أن أوفيديوس كان ينافق الإمبراطور الذي كما علينا ألا ننسى-كانت قدرته 
الإلبية وروهه الحاربية يدان وتقاء لهما طلقغوين العبادات الإلهية رقم أنه 
لم يعبد رسميا كإله. 

ومن ثم فإن إشارات أوفيديوس هذه-إن في «الأحزان» وان في «الأعياد»- 
تتسق مع التيار العام والسائد في الإمبراطورية. ولكن ما يرد في «الأحزان» 
يرتبط بشيء من المرارة التي تذكرنا «بالتناسخات» حيث يأتي الغضب 
الإلهي دائما كمقدمة أو تمهيد لعمل من أعمال القسوة والظلمء ومن ثم 
يمكن اعتبار صورة أوغسطس-مثل جوبيتر-في «الأحزان» صورة فنية تهدف 
إلى النقد لا التملق. ولقد كانت الأمثلة الأسطورية أمام اوفيديوس كثيرة 
وأقربها إلى الذهن بروميثيوس. 


210 


أوفيديوس شاعر الحب والأساطير 


ولكن لم اللجوء إلى الأساطير وحالته نفسها أوضح وأوقع حيث إنه 
ضحية الطغيان والظلم من جانب الإمبراطور-الإله 5 يقول أوفيديوس 
«الآأحزان» (الكتاب الرابع؛ :)46-4١ ,١‏ 

«ومثل إحدى عابدات باكخوس المجذوبات.. . قد يصيبها الجرح ولا 

تدري مأخوذة. تصيح بصيحات الجزل العذية 

هكذا أنا عندما تشتعل في روحي الجذوة 

ويصيبها مس من صولجان باكخوس 

إنها تسمو فوق الأحزان؛ ولا تحس في المنفى بالآلام. 

ولا تعب بشاطئ سكيثيا ولا حتى بغضب الآلهة». 

ورويدا رويدا في الكتاب الثاني تعلو نفمة التظلم من المنفى. بل إن 
الشاعر ومن فوق رأس الإمبراطور يخاطب قراءه الأكثر وعيا قائلا: إن 
الشعر عالم مستقل مثل الروح, أي أنه أعلى وأبعد من أن يناله أحد بسيفه 
(الكتاب الثالث 2, 53-43). ثم يقرر أن الوحي الشعري يفرض نفسه عليه 
فرضا فيقول (الكتاب الرابع؛ 10 , 26-23): 

«طاعة لوالدي تركت الهيليكون تماما 

وحاولت أن أكتب النثر 

فكانت القصيدة تأتى من تلقاء نفسها في وزن صحيح 

وكل ما حاولت أن أكتبه نثرا خرج شعرا». 

وكان أوفيديوس قد قال في «فن الهوى» (الكتاب الثالث؛ أبيات 549- 
0 إن هناك ألوهية في الشعراء فهم يتمتعون بمشاركة السماء وينزل 
عليهم الوحي سلسبيلا من العلياء. 

وكان أوقيديوس قد نظم قصيدة بعتوان «آب و متجل 01:(:4) لكي يخلض 
لفسة من مشاه الفسيو و القيكل قهاء [متدفاقه الغدامن الذين تخاو عند 
في محنته. وهو يقلد في هذه القصيدة كاليماخوس الذي كان قد نظم 
قصيدة بالعنوان نفسه يهاجم فيها أبوللونيوس الرودسيء ولا يخاطب 


أوفيديوس شخصا بعينه: ولكنه يوجه الحديث لشخص ما يصب عليه 
اللعنة فى النهاية. 


مات أوفيديوس عام ١8‏ م في توميس لأن الإمبراطور تيبيريوس (14- 
7م لم يستدعه من المنفى بعد موت أوغسطس. هذا مع أن أوفيديوس لم 


24 


الأدب اللاتينى 


يتوقف عن الشكوى والأنين وإن كان على ما يبدو قد استقر إلى حد كبير 
في منفاه. حتى أنه قد تعلم اللغة المحلية ونظم بها شعراء كما أن نفيه لم 
يستتبع مصادرة أمواله ولا حتى فرض الحظر على كتبه. 

حقا إنها منعت من التداول في المكتبات العامة إلا أنه لم يكن هناك ما 
يحول دون أن يتملكها الأفراد ويتبادلونها فيما بينهم. 


242 


كل 


تيوس لبفيوس 


عاش تيتوس ليفيوس (15105آ 13005) فيما بين 
عامي 59 ق. م و 17 م (أو 64 ق. م-2١‏ م). وهو من 
مواليد باتافيوم (مستحهئدط) (بادوا هلوط الحديثة) . 
تلقى دروسا في الخطابة واهتم بالفلسفة بل كتب 
محاوزة فلسفية تاريخية ويعض الأعمال العديفية 
بالمعنى الدقيق للكلمة. ذهب ليفيوس إلى روما 
حوالي عام 30 ق. م حيث كرس نفسه تماما لعمل 
حياته؛ أي كتابة تاريخ روما منذ نشأتها وحتى موت 
دروسوس عام 9 ق. م. ومن هنا جاء عنوان مؤلفه 
«مَتن تأسيشن المديقة» أن وكقب عن المديتة متد 
تأسيسها » (طانآ 0020168 17:06 6لى) . وقبل أن يحس 
به الناس كمؤّلف كان عليه أن يلفت نظرهم بقراءة 
بعض الأجزاء الأولى من تاريخه. ويبدو أن مؤلفه 
قد نشر على دفعات في شكل مجموعات تضم كل 
منها خمسة كتب. ظهرت المجموعة الأولى فى الفترة 
ما بين خلع لقب وأوش ةعس وم علئن 
أوكتافيانوس عام 27 ق. م وغلق معبد يانوس (64 
للمرة الثانية عام 25 ق. م. ولقد حقق هذا المؤلف 
لصاحبه شهرة واسعة حتى في حياته. إذ يحكى أن 
رجلا قدم من قادش إلى روما بهدف أن يرى 
ليفيوس فقط ! 


215 


الأدب اللاتينى 


وكان تاريخ ليفيوس يضم 142 كتابا لم يبق لنا منها سوى الكتب من 10-١‏ 
ومن 21- 45. ولدينا بعض المعلومات عن محتويات التاريخ الذي كتبه ليفيوس 
من خلال موجز (6«مه:أمه) يعود إلى القرن الثاني الميلادي واستخدمه كثير 
من المؤرخين اللاحقين. ويحكي الكتاب الأول تاريخ ملوك روما. وتغطي 
الكتب (5-2) تاريخ روما الجمهورية حتى الغزو الغالى 390 ق. م وتعالج 
الكتب (10-6) الأحداث حتى الحرب السامنية الثالثة عام 293 ق. م. وتضم 
الكتب (30-21) قصة الحرب مع هانيبال. أما الكتب (31- 45) فتصل بالأحداث 
إلى انتصار لوكيوس أيميليوس باولولوس في بيدنا عام 167 ق.م. 

ومع أن ليفيوس لم يتأثر بروح العصر الأوغسطي إلا بقدر أقل مما 
نجده عند هوراتيوس وفرجيليوسء ومع أن تاريخه من منظور فني يعود 
بجذوزه إلى غالم شيشرون إلا أن هذا امؤلش ينكمي إلي العصبر الأوغسطي 
بصفة جوهرية. فأوغسطس بالنسبة لليفيوس هو رومولوس الجديد . وهذا 
يغتى أنه :يرق الخلاض الحقيقى من هذا التدهور المطرق فى العودة إلى 
الروح الرومانية الأصيلة. وهكذا يفعل ليفيوس ما فعله فرجيليوس. أي 
إحياء العادات والتقاليد والطقوس الدينية القديمة. ويمكن اعتبار تاريخ 
ليفيوس من هذه الناحية بمثابة نصب تذكاري ضحم للروح الرومانية 
القديمة وروما فى المائة سنة الأخيرة. ومثل هذه المقارنة كانت محور عمل 
كل من فرجيليوس وهوراتيوس. وتاريخ ليفيوس إذا يتحدى أي نظرة ضيقة: 
ويتخطى حدود الدعاية الإمبراطورية ليصل إلى مفهوم فلسفي أشمل وأهم. 
ولقد تحقق أوغسطس بنفسه من صحة هذا المنحى الذي اتخذه ليفيوس. 

لم يدرس ليفيوس مصادره الأولى دراسة مستفيضة:؛ ولم يسافر إلى 
مشهد الأحداث التي يصفها كما قعل مؤرخون سابقون, . ذلك أن حجم 
الموضوع الذي يتناوله كان شاسعا وأرحب من أن يسمح بمثل هذه المحاولة. 
ومن مصادره الرئكيسة نذكر كلاوديوس كوادريجاريوس (15نل3ة 61 
5ناننةم2101)). وفاليريوس أنتياس (5دنادك ودتن1ه؟): وكويليوس أنتيباتر 
#عنةمنندك كتاناء20) وال مؤرخ الإغريقي بوليبيويس الذي كان المصدر الرئيس 
لمعلومات ليفيوس عن السياسة الرومانية في الشرق الإغريقي والمتأغرق. 
وربما عاد ليفيوس إلى كاتو الأكبر وبوسيدونيوس ومؤرخي عصر شيشرون. 


211 


تيتوس ليفيوس 


وكانت طريقته في العمل أنه يغترف من مصدر واحد أساسي ويسد الثفرات 
ويصحح ما به من هفوات باستخدام مصدر آخر. وتعرضت هذه الطريقة 
للنقد لأنها أوقعت ليفيوس في بعض الأخطاء واستدرجته إلى شيء من 
الازدواجية في حكن الأعيان. ا 

ويظهر تأثير بوسيدونيوس وفلاسفة الرواقية بصفة عامة في رؤية 
ليفيوس للتاريخ باعتباره تطورا له مغزى. فصعود نجم روما جاء إلى الوجود 
كنعمة من نعم العناية الإلهية. وهو يعتقد أن الآلهة ترمز إلى أن الكون يعمل 
بنظام رباني يشمل القانون الأخلاقي أيضا. ويرى ليفيوس أن «الإحساس 
بالواجب» (كهاءام) والفضيلة (5د:5ة؛) هما الدعامتان اللتان عليهما قام ببناء 
الدولة الرومانية. أما غيابهما فقد كان السبب في تداعي هذا البنيان الذي 
اصع آيلذ النشوظ »ويد قاقر برابويوس فى هذا القسير العقلاتى 
للتاريخ كما تتضح به كل الصفحات. ويميل ليفيوس كذلك إلى تفسير 
التاريخ نفسيا. فعقول وأرواح الشخصيات التاريخية هي التي تشكل مسار 
الأحد اكد وم كم يخاول ليميوين أن يسير الغواق الأبطال الذين رت لهق. 
ويلاحظ كذلك أنه يستشعر المرارة والأسى اللذين يدبان في نفوس سكان 
المدن أو الجزر المحاصرة أو المهزومة. 

وسيرا على درب كافة مؤرخي العصر الهيللينستي الذين تأثروا 
بإيسوكراتيس فإن ليفيوس عمد إلى أن يكون تاريخه مؤلفا أدبيا مشبعا 
بروح الفنء شاعريا في أسلوبه وطريقته في تناول الأحداث. ومن ثم نجد 
تاريخه يتسع للكثير من المشاهد العاطفية المؤثرة ولحاولات رسم الشخصيات 
بدقة؛ أو على مستوى رفيع من الفن؛ أو حتى باللجوء إلى اقتطاف كلمات 
جاءت على لسانهم: وكل ذلك بهدف التأثير في الجمهور. وهكذا نجد 
الأجزاء السردية عند ليفيوس تشي بتأثير قيصرء أما المقتطفات من كلام 
الشحصيات فقون يناقير: الخطاية الشيغروقية: 

وفيما يتعلق باللغة والأسلوب فإن ليفيوس ينتمي إلى أواخر العصر 
الجمهوري لا العضر الآرقسطي: ومع ذلك فإن بشائر الانتفال إلى امتلوب 
العصبر الفضي تخبدى جلية ف التركبية التحوية الجملة ليفيوس:وعلن 
النقيض من ساللوستيوس يستخدم ليفيوس مفردات وتركيبات قديمة في 
المشاهد التي تتطلب ذلك ويقصد منها إضفاء شيء من القدسية والرهبة. 


215 


الأدب اللاتينى 


ومن العجيب أن نثر ليفيوس مفعم بإيقاعات عروضية تكاد تصل إلى جرس 
الوزن السداسي نفسه وتعد صدى لأشعار إنيوس. 

ومن المؤكد أن مفهوم ليفيوس للتاريخ يختلف عن مفهومنا نحن المحدثين 
إلا أن الاطلاع على رؤية مؤرخ روماني يعاصر قمة الإمبراطورية الرومانية 
ويؤرخ لأصولها القديمة له قيمة كبرى في فهمنا لهذه الإمبراطورية وإنجازاتها 
اللاحقين. وضي العصور الوسطى أخنئ عليه دانتي بحرارة. وفي عصر 
النيضة صاز العاريخ الرومانى موزدا عذيا لكل الأدياء والشعراء والرسامين: 
وأصبح ليفيوس مشهورا ومقروءا. تأثر به ماكيافيللي» ودرسه بعناية فائقة 


نيبور (تطتاءذ]2) ولويس 7 (وابوعنآ) . 


210 


الخاتهه 


بموت أغسطس عام 4 م كانت الإمبراطورية الرومانية قد بلغت أقصى 
اتساع لها... وكان الأدب اللاتيني قد بلغ أوج ازدهاره. وهنا سيتوقف هذا 
الكتاب تاركا فرصة متابعة الأدب اللاتيني في العصر الفضي (4ام - نهاية 
القرن الثاني البلاني تعربيا) كعاب آخر يكمل السيرف يل متاك خدرور* 
لقابدة هذه السدرة ليها ع افر الشضى كرورا بعصي البيرقطي 
ووصولا إلى لاتينية العصور الوسطى. وتعود ضرورة هذه المتابعة حتى تلك 
الفترات اللتابكرة إلى عتفيقة أن الحضارة الغرنية الإنتلابية كن الستكدمة 
لاتينية العصور المتأخرة أكثر من احتكاكها باللاتينية الكلاسيكية. يضاف 
إلى ذلك أن الاتينية العصور الوسيطى هي القي انبثقت متها اللقات الأوروبية 
الحديثة التي نطلق عليها اسم اللغات الرومانسية (الإيطالية» الفرنسية, 
الأسبانية؛ البرتغالية» لغة رومانياء ولهجات أخرى كثيرة). وهي التي أثرت 
في بقية اللقاك الأوروبية الجديكة الى اقم تهدق مباشرة من اللانينية 
(ونعني الإنجليزية والآلمانية وغيرهما). 

الهم آثنا تغتبن هذا الكتاب الذي تمه مقدمة يسيرة لأغمال ابخرى 
أكثر إيغالا وأطول نفساء ونأمل أن نكون قد نجحنا في شحذ الهمم لدى 
الكناب الاتتخميصيق: وضى باق جويدن التظلع والتركب لد الغزاء الممعمين 
بربط حضارتنا الشرقية والعربية الإسلامية بحضارة أوروبا من أصولها 
القدعة إلن الجاهاتيا الماصيرة: 


2427 


الحجواشي 


حواشي الباب الأول 

)ع( عن شفوية الشعر الملحمي راجع: 

د.أحمد عتما ن«التقنية الشفوية للمنشد الملحمى». مجلة الفنون الشعبية (القاهرة:؛ يناير-فبراير- 
مارس 1987): ص 49-36 وانظر ا لمراجع المذكورة هناك, وقارن للمؤلف نفسه: 

الشعر الإغريقي تراثا إنسانيا وعالمياء (عالم المعرفة. الكويت 1984). ص 75-13. 

(2) .1,2,5 ,اخ .ه810 ,5ناتااء© 5نااساث وسنعود للحديث عن كانو الرقيب. 

(3) عن اللغة اللاتينية وتطورها راجع: 1964 ,1 .نا .2 ,(7عز ركتدة عن0),عمتاما عتطمممونم8 نآ بطعما8 .11 


4( 9 ,11 ,.وع.آ ,متعع تن 
)5( 3 ,1966 .16 .2ةالتدسعة]/-صهل0مم.آ ,ع تمع انآ سقددهمخ] 08 توتمائل1 بتعاعز8 .آ 
)6( 3 ,أو20 .1836 ,مجعع1© :36 ,1 بلع ,كنالغه1]10 
7( 2-3 ,141 فتن اساعتعة عدا ,مند 


(8) آثارت د . سلوى ناظم هذا الموضوع في البحث الذي ألقته أمام المؤتمر الأول للجمعية المصرية 
للدراسات اليونانية والرومانية:؛ (ا لإسكندرية:؛ 22- 24 نوفمبر 1986): وسينشر البحث في أعمال 
المؤتمر. 

)9ن 9 ,1 ,تقلع ,متلعع 0 
(10) عن نص هذه الإبجرامة والتعليق عليها انظر: 


1 ,1952 ,اواأقاع نالآ 12ط ه001 ,عتتطمع امآ ستلهآ 01 تكزمأولط ى ,11205 .1/1 


وعن شذرات نايفيوس المسرحية انظر؛ 6-75 ,81 :7-16 ,11م 
أما عن شذرات «الحرب البونية» ودراسة عنها فانظر على التوالى: 81.,17-9] 


5 10113 ,وألاع[8 عل عاقة ع[ 6 لتتاعتمعه تمسطاء 8“ 11 ,أم0 ه81 .5 
)1١1(‏ عن علاقة إنيوس بهوميروس راجع: 
5477-7 .مم ,(1972) ,93 اطلخى ,'”تعده]] 5ه منطومده17 عتاكتدع لاع عط مضه كتاتصصط“ يعلصتيظ .0 .0 
(12) راجع سينيكا: هرقل فوق جبل أويتاء سلسلة من المسرح العالمي الكويتية؛ رقم ,138 (مارس 
»))98١‏ ترجمة وتقديم د. أحمد عتمان. 
(13) عن الشذرات المتبقية من إنيوس راجع: 
,1960 كتنو ,قعناواع 112 كامعصصعة2 11 وعلفصصك دع.آ [آ :وناتصصظ ,بمموضتراع1] .ل 
(14) عن الدراما في القرن الرابع ق. م والعصر الهيللينستي راجع: 
7 2005همآ .قتتتة01آ عتاأمتدع [1اع1] 01 /وزمؤ15آط عطا صا 5ع01نك ,ككلة511 .11 .0 
.0 ,قتتعطاث 01 تتسعل هعلخ ,نجلع11285' تتتخصعن) طاتتناهظ دز و5101 ,05 مستت[ - دنعل طاصسمءة .0 
(15) 139-3 ,1 ,آ]آ ,.أدام8 ,كناننه1101 
)216 .4 ,4 آ1آ ونتستجة]8 دناتمع 721 :2 ,1/111 ,ناآ 
(17) قارن أعلاه حيث هناك من يقول أن أصل الكلمة هتتاونط أوسكي. وعن الممثلين والمغنيين 


228 


الحواشى 


والراقصين في روما راجع: 
8 اع لدعتاده]8 عل قازوع كلمل '1 عل وعووعئط وعن] .6الناوتاصك'1[ عل دستقدصه] ممعك 1كن81 ,أملتد8 .خم 


3 باععنواء صنلك1[ 


(18) 147-98 ,75 129 .مم نأك .جره ,تتءعطعز8 
(19) نوق ,نوعلم طوعنمع0 لمة كلوتلاوع8 ,210 1لاناء5 
)20( 5 44, 22317 لآ 


(21) عن موقف جمهور المسرح (الإغريقي) الروماني من العروض الدرامية القينا بحثا في مؤتمر 

جامعة مونبلييه حول أنثروبولوجيا المسرح القديم, ١2-8(‏ مارس 1986). وتعد أعمال المؤتمر الآن 
للنشر وهي على وشك الصدور. 

)22( راجع: 

عأأواع الملآ ,20ماء20آ عل عدغط1) عنودع 810116 عتققط]' بل معناو زدمهة1ن)-عم وعصنع 00 ذ5عنآ ,تفط تسقطة 1" 

0 يبعتنة© نال 

(23) 8 20053م.آ ,كناكتاق]ط لطنة “تع لسفصعء81 نوع الصمط .7737 .8 01 

.مم ,(1970) ,114 ,ذتاع010[تطاط ,'دمنومة8 5زجآ تع لسممع]8 لصن دعلتطاععة8 سعطءئتمتاسو[ط عت»دط" تعمنهن .16 

51-7 

ستدمهط ,نأك .مه بأطعتث/الا.ل 

(24) 5غ لصة كتكسماط 02 *”كنالتسعه'“ عط" بدصعلز ره :98-103 .مم ,(كنآ .مآ 11 صن) مسمع»آا اع هين .ك.مى 

.تزوكة ,(1968 0210150 ,.ؤووذدآ) لمستوتره عنااخم 

2113-2 .مم ,(لإط1امط1' .لخ - وعطاعتةجآ .(آ .للع ,17180110 لدعندقه1ن) عط“ صذ) فتتةندآ تقحطهخ] ,كدسة1171111 .0 

.مم ,1977 002دمآ بقنكصة/الآ لحتة متنقطن) ,عحطمك] له عععع؟0 01 عتقعغط] عتحدهن) عغط]' باعةطلصدد .11 .1 


103-88 
(25) 7 ,ب[عة" ,مرعع 0 
)226 9 ,1آ] ,.أقام ,11012105 : 258 ,كتاأتاتا8 بدعل1 :10 ,3 ,1711 كاك ,مجعع 0 .01 


أما عن شذرات ستاتيرس كايكيليوس فانظر: 
4168-1 ,501-111 :94 -40 ,2 تن 
ومن احدث ما كتب عنه نشير إلى 
1 عد 269-341 .مم .(1908) 211 118 ”ع :الاناء0 نهد أء ع1 59 :5لا للأععة0) عناوتطدمن0) عاممط عن[ “ تعلته1 .2 
56-6 .مم ,نأك .م0 بخطعت1؟ .1 .1ن :5-35 .مم ,(1909) 
)27( 61 ,25 ,.اعة0) ,متعم اك :41 ,19 ,1 ,.أمتم8 ,كناتتهه11 
(28) راجع د. أحمد عتمان. الشعر الإغريقي؛ ص 352. 
(29) راجع: من الأدب التمثيلي اللاتيني: فورميو؛ الحماة؛ تأليف ترنتيوسء ترجمة وتعليق د. 
أحمد عبد الرحيم أبو زيد. مراجعة د. محمد سليم سالم. دار الكتاب المصري, (تاريخ الشر 6). 
وجدير بالذكر أن هذا المقتطف الذي أوردناه في المتن يوضح أهمية دور الممثل في المسرح 
الروماني ويدل دلالة قاطعة على أن الإيهام المسرحي لم يكن مطبقا. قارن حاشية رقم 38. 
(30) يمكن قراءة هذه المسرحية في ترجمة د. محمد سليم سالم وأحمد رفعتء (مراجعة د. 
محمد صقر خفاجة) روائع المسرح العالمي» المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطياعة 
والنشر, 1964. 


210 


الأدب اللاتينى 


(31) راجع ترجمة هذه المسرحية المشار إليها في حاشية رقم 48. 
(32) وردت إبجرامية يوليرس قيصر عند سويتونيوس (قيصرء فقرة 7). هذا ويرى جراتويك أن 
عبارة (دءنددمه 815) (القدرة عل اللإضحاك) الشائعة في كتب النقد حول الدراما الرومانية ولا 
سيما كوميديات بلاوتوس وترنتيوس قد أسيء فهمها وترجمت خطاء إذ انهما كلمتان أخذتا معا 
وهما في الواقع-كما يرى هذا الباحث-منفصلتان ويمكن وضع فاصلة بينهما. ومن ثم تصبح 
ترجمة الإبجرامة مختلفة تماما وليس فيها ما تعارف عليه النقاد أي «القدرة على الإضحاك» 
راجع: 
2 ,م نآ .خآ 011 صذ) مسةدآ اع ةد 
(33) جايوس لايليوس هو الشخصية الرئيسة في مؤلف شيشرون «عن الصداقة» (4ناأعنسد ء() . 
ويظهر كذلك في مؤلفه الآخر «عن الجمهورية» (معناضسمععه ءم) 
)34 راجع حاشيتي 8 و48. 
(35) عن ترنتيوس بصفة عامة انظر المراجع المشار إليها في حاشية 44 وانظر كذلك: 
1692 .زم ,(1968) 126 0185 ,”واع8100 عاععع ولط لصة ععمعن 1" 1ه الماع 013 عط“ ,ع أعلس] .31717 
,بقتتهط بعووع شتاعز 13 عل عتاققط1' صن تععمعنع1' ,عزهله1ة1 .8 
.8 بووعةط 'جاأأواع كندلآ 01010 ,ععمعي 1 01 وعللعدمدم0) ع1 ,عتمسطوى .0 .5 
وراجع المقال التالي عن البنية الدرامية في مسرح ترنتيوس : 
أء علق قط1 صا ,”ع ةنزتلهصة '0 عتغاتك عصصدمء ععمعنع1' عل وعطماعلخ دعل عتنااع تماد هآ“ ,عتلقاعا] .18 
بللقدظ معلاع.] ,1981 عتطصسع :8101 5-7 عنتناوطمةت5 عل عنو00110 تل دعاعة ,'”غاتناوتاصك :1 مصقل دعاعماععم ك5 
.1690 .مم ,1983 
(36) إليونا 8هه:111 (باليونانية عمهذ11) هي في الأساطير الابنة الكبرى لبرياموس من هيكويا. ورد 
ذكرها عند فرجيليوس «الإينيادة»» الكتاب الأول 653- 654)؛ وهي زوجة بوليميستور ملك طراقيا . 
(37( .6 ,1 ,آ] ,. أمتمظ ,قنا ه110 
(38) .1.11.35,19آ],ونتستاط 
وعن شذرات باكوفيوس راجع: 
03 ,ماع01 ,قالع تمع 112 تتنترمع لع 112 1[ .1701 بقألاع8 113117 1801323010117 تتتاتزمع تطاعدء 5 ,(.لع) جأم11 .لك .01 
ومن أحدث ما كتب عن باكفيوس نشير إلى: 
.7 كته ,ع1ا10أ38] عاءع00 15 اناعة 5نا1/133:2 ,172158 .1/1 
.0 ,متقتط1لآ ,مالتتاعوظ 2ه عده اماما بكأمتة381 .1 
(239) ,1 ,11 .1516م ,1105 
(40) 7 ,5 أتاا8 ,متعم 
(41) بالنسبة لشذرات أكيوس انظر: .326-606 ,11 1:01 
وعن هذا الشاعر والتراجيديا الرومانية المبكرة بصفة عامة راجع: 
2006-6 .م ,1965 ,2011 .11.11 ,”عل 1أمعناظ اع وبائععك نع ناوععتع علل6ع هتنا أء عستهحده] عنلمع 112 ,81011 .1 
-معلاع] ,”6الناوناصة”1 مصقل عاعماععمه5 أء عق فط 1“ هن) *ستهحده؟ عاعماععمة اء عامرعاعم عنلمع 112“ ,تععاعةصطع2 .11 
.31-8 .مم ,(1983 بللتظ 
(42) ,آ .59 ,قتاتاةه1]1 
)43( ]1 ,9 ,1,4 ,.4ة5 بدمعل1 


الحواشى 


(44) .1 30 ,1 ,11 بسعونط1 
(45) عن شذرات لوكيليوس مؤسس شعر الهجاء (أو الساتورا) الروماني انظرء: 801.111 ومن 
أحدث الدراسات حوله نشير إلى ما يلى: 
الاعاع لك بمهةكتاان5 .2.5 .1 :35-62 .مم ةا 0011 .]8 :1960 ععمعنه11 بنمةناأعناآ الناد ,تأمتد81 .1 
233-62 .ص ,(لإ1تمط1' .و-وعطعتةحجآ .(آ .للع ”,180210 لدعزومهة1ن) عط1”“ ه1) عتتوك 
(46) 4 1ع 15 , مترعع 1 
(47) كان جايوس أكيليوس عضوا في مجلس الشيوخ وهو الذي قام بالترجمة عند زيارة كل من 
كارنياديس وديوجينيس وكريتولاوس-كوفد من الكتاب والفلاسفة الإغريق-لمجلس الشيوخ الرومان 
عام 166 ق. م؛ كتب أكيليوس تاريخ روما بالإغريقية وهو تاريخ يصل إلى عام 184 ق. م. ونشر عام 
2 ق.م. 
(48) انظر الحاشية السابقة. 
(49) عن شذرات المؤرخين الرومان الأوائل انظر: 11812 
(50) بالنسبة لشذرات قدامى الخطباء الرومان انظر: :087 وعن جذور الخطابة الرومانية بصفة 
عامة راجع 
.]1 58 .م7 ,نأك .مره ,رقهلة11 
7 0185 .]1 89 .مم ,امآ .)هآ .8 رعوم]1 
(١5)عن‏ الشذرات المتبقية من خطب كانو راجع: 12-7 ,0115 . 
أما الشذرات المتبقية من «الأصول» فراجع: 
55-7 02711-01217177 1111 
وأما نص في «فلاحة الأرض» فانظر: 
4 "اعم.آ روخ .11.8-عم 1100 .1717.10 
ومن أحدث الدراسات حول كانو نشير إلى: 
.69 .0ع 2250 1949 ,ععوع 110 بصدناكم؟ 1 ع مغللا هآ اع :تمقمع0 عدمنتة0) ,0021© ملاعل .1 
(52) عن الأحوال السياسية قبل العصر الجراكي وحتى الحرب الأهلية بين ماريوس وسلاً انظر: 
.1 259 ,.مم ,1980 بلع خلا4 مملدمآ بمعستطاعل8 .8.0 753-146 17770210 سقحده]] عط له نورمغونط ىك ,لعدللنهد5 .11 
0 01001آ ,تاعنتطاءع1/1 ,68 .طخ م1 .8.0 133 لامكا عددمخ] 01 نتتمأو نط خ .مجعآط ما خطععة0 عط ممع ع1 
1-7 .مم ,1968 .رمع" 1963 .0ع 


(253) .لعاكصةالا) 2 .سعد ,وممعلا 
)54 .19 ,قناطاععة01 .0 ,كاطع تماساط 
(55) .13 ,كناطاعع2ة01 .0 ,كنتطعمقأتتاط كك :211 دتطتحرظ ,مزع 
)256 ,قتاع01210آ1 ,تتاأزعة1' 


(57) عن الدراسات الأدبية والفقهية وانتقالها من الإسكندرية إلى روما راجع: د. أحمد عتمان: 
«عالم الكتب والمكتبات في العصر الإغريقي الروماني». مجلة البيان الكويتية-العدد 167 (فبراير 
0). ص 84- 98. للمؤلف نفسه: «مكتبة الإسكندرية ودورها الحضاري في حفظ التراث 
الكلاسيكي لإنعاش الدراسات الأدبية»» مجلة البيان الكويتية. عدد 176 (نوفمبر 1980). ص 80- 
0 

(58) عن فن الميموس في روما انظر: 


الأدب اللاتينى 
.293-94 .مم .(خنآ .21آ 1ن صذ) عمستلة لمة عدمعط بللمأسضسمط .لز 


حواشى الباب الثاني 
)١(‏ د. احمد عتمان: «يوليوس قيصرء السعي وراء السلطة». مجلة عالم الفكر ا لكويتية». المجلد 
السادس عشرء العدد الثاني (يوليو-أغسطس-سبتمبر 1985). ص 109- 126. 
المؤلف نفسه: كليوباترا وأنطونيوس. دراسة في فن بلوتارخوس وشكسبير وشوقي. المركز العربي 
للبحث والنشرء القاهرة. 985ا. ص 27 وما يليها. وانظر كذلك: 
.44-8 .مم ,متعاظ ما خطععة01 عط سمط ته[ اناك 
.1 95 .مم ,1983 أسترمع ,1970 م8001 ستناعمعط2 ,تجاعاء50 تقحددهخ] ,نإع01نجآ .مآ 
.6 133 .مم ,1984 كنكصة1آ لصة متتقطن (عسام]ط .طن نزط .أقصفن) قسقحدهك] عط]' بأمضطنت .>1 
وعن أدب هذه الفترة بصفة عامة راجع: 
,1959 بتاعنتتلاع11-د0عدم.آ .امتاعصظ 0 مأصعل0ناد :م1 عتتطمتع 1[ لدعزومه1[ن) 01 د5عص ذأ )ن0 ,عوه] .1 .11 
1774-3 .مم 
2( تستومة2 ,1969 .1/355 عع 710طططتةن) ,كنا اند صذ حدم نلة1' لصة عاتاك رووم8] .دل 
)3( هالكيوني (عدميوللة1]) هي في الأساطير الإغريقية بنت ايولوس التي قفزت إلى أمواج اليبحر 
عندما رأت زوجها كيكس («زه1) يفرقء فنحولا معا بعد ذلك إلى طائرين من طيور القاوند أو 
الرفراف. انظر: 


75-1 .مم ,1962 بعتملا تاعلة روا800 م0111 ,عمهخ]ا لصه عمععع01 06 رع هامطاتول8ة باعسمقلس8 .1 


لع .1لا ,1 .0107آ ,15 1ممغعناك 
016.١ 2)‏ ,منتتعع 0 
)6 .5 ,111 ,عونا بصرعك1 


ولد بوفوريون حوالي عام 275 ق. م في خالكيس بجزيرة يويويا ودرس الفلسفة في أثينا. شغل 

منصب رئيس مكتبة إنطاكية بسوريا في عصر أنطيوخوس الأكبر (223- 187 ق. م.)؛ ومات ودفن 

هناك وبالتحديد في أباميا. ونسبت إليه أعمال أدبية كثيرة: ومارس تأثيرا شاسعا عل المجددين 

في الشعر اللاتيني. راجع المقال التالي: 

3222-7 .مم ,1970 غ20 .0.5 000 *”ولممةمامناط دعتماصهن) لصة 8[1011 عماع20 ,أمتعامع0 أمط“ ,تعط1م0 .8 .ل 
7) من أحدث ما نشر حول كاتوللوس نشير إلى 

بتطعل1] :203-204 .موء ,178-206 .مم (خنآ .غهآ 011 صل) ”جتاعو ص ممتاععتا»ط برعلل عط]“ ,معوسوان .17 .3117 

.181-66 .مم ,(1964) 7 01885 ”,لجاعو سناهآ لصة ختتطع م صنل لو 0'* 

4 بلزعاعاتعء 8 , تتتاعه أمعاعصخ 01 م15انلد1' عط لصة دنا تضهن ,تتعاععط1]87 ..آ .م 

7 بعاناولا اتاع[1.لع 200 ,1939 ,01010 ,دنال اتطة) 01 كتنائصع0 عتتتزآ عط]' بعاعماء8]3 .ىح .8 

,60 باطعكط ,”تتاعمم: كنا تضهن صا كاأسمعدمعا8 كنامأءعقممء511 220 كنامكء5م00) عحرود جزه وعأولة“ ,رعل81 .2 ال 

.-101 .مم ,(1951) 

.9 بعتتناوطاء11 بمه نان [متتع1 مها [ مهن عغط] بمستت0 ك1 

.للستقطاهطصنعع 111 .1 .لع ,”56103 متهم طمن ل .عنتوع رآ منخهآ لصة عاععدن“ صن) تجتاعوط عتازآ ,عسلدظ .1/1 

.24-62 .مم 


الحواشى 


.]5 55.91 42 .مم ,1970 ,ؤوععط نالدع نكنم لآ 021010 ,نتتاعه مقحدهخ_] 01 عتتطداظ عط1' ,كسطنل111 .0 

.167-77 .مم ,(1978) ,28 .5.م 00 ,”ماع0م عتتعامع[8 عط]"“ ,عمرآ .3/1.ى.1].0 

.179-06 .مم ,(1979) 83 جاطن )115 ,”تجتاعه0 مده ]1 لصة وناطاع فسخ[ لدت ,تولعدمم0 تزعلل"” رممصمط]” .1 .16 

(8) جايوس فيلليوس هو أحد المتحدثين في محاورة شيشرون «في طبيعة الآلهة» أما لوكيوس 
مانليوس نوركواتوس فهو من المتحاورين أيضا في محاورة شيشرون «في الغايات»؛ وكان أحد أتباع 
بومبي الأكبر. وبعد هزيمة الأخير في فارسالوس ذهب توركواتوس إلى أفريقيا حيث قتل هناك. 


)9( نو ,1896 ,كنا بتسف جع 11 51001 بتمهد5ن1© .© 
)10( 4 .م ,(غنآ أمآ .011 صل) وشاع عنارآ بلاععلدط .م 
بلق .2226-9 .مم ركك .مه بالاعقلةوط .ى .01 


وانظر: .7 ,10 ,كنانااعمآ دعمعومزط 
(12) وعن لوكريتيوس بصفة عامة راجع: 
,للمقطاهطصنعع 111 .آ .لع ,”5103 ع نوكه م[ طدمء ل ,عتت تدع ]نآ منتهآ لصة عاعع 1" ه() *”تتتاعمم عنأع 1010" ,ج00 .م 
124-61 .مم 
.1907-1-09 ,2002مآ باعه20 320 ممعتناع ام :5ناتاع 1عنارآ بلامذدقة]/8 .1 .01 
.6 ,ع8 تاطتصدن) .تعامهده0[تطاط لصهغع20 :كناتاعتعنارآ ,وععلزك .8 .18 
قتتنة ,عددد اع لم8 *1 أ ععغتعنارآ ,6عمصةزه80 .2 
02001آ ,قتاتاع1عنانآ ,(.لع) /إع101اجآ .1 .مآ 
.77-1 .مم ,(1968) ,99 خطاطخف]' ,”تناع تع ناآ صا عتتمأعطك]ا لمة اعوط" ,معومه 1ن .1 .0 
.241-52 .مم ,1969 ,01010 ,1010لا سمعسصدتع] نلع11 لدعنذمة01 عط" ,(.للع) ممللع5 .1717 .[-1ااء الء14 .8 .317 
.366-92 .مم ,(1970) ,20111 عطلزومتمعم ]الا ,5ناتاعتعناءآ كتاء 120" الإعصمعع1 .[ .8 
.1165-7 .مم ,(1982) ,103 لاطلخ ”عنو60ة] وعاععم5 عقتنطد[1 2020 كتاكتاعامظ ,كتاطعء17“ ,موطتاد[ .11 .ل 
.36-6 .مم ,(1983) 104 حاطلخى ,'”*5تاتاع تع ناءآ صا دممدع ]1 لمة عتمأعط]" ,كتصسقة .18 
(13) الجدير بالذكر أن الكتاب الإنجليز-حتى وقت قريب نسبيا-كانوا يعرفون شيشرون باسم 
توللي (1117)-فهكذا ذكره سكوت (5001) واللورد بايرون الذي يقول في قصيدة «الطفل هارولد:< 
(110 ,117 ,ل1[معوط لانطك) 
لم يكن توللي أفصح منك 
أنت أيها العمود بلا اسم وبقاعدة مدفونة 
01 25 غ2ع10011ء 50 غ20 135 :10113" 
535 لعتتناط 2 1015 مستاامء ووع[ع مه نامط] 
)14) راجع حاشية رقم 219 
(15) جاء فايدروس الفيلسوف الأبيقوري أثيني المولد الى روما حيث واظب شيشرون على محاضراته 
قبل عام 88 ق. م. ورأس المدرسة الأبيقورية في روما بعض الوقت. يشير شيشرون إلى مؤلف له 
بعنوان «عن الآلهة» (دمعط؟ ترعط) . 
(16) زينون هو تلميذ أبوللو دوروس ورأس المدرسة الأبيقورية في روما في الفترة الواقعة بين هذا 
الأستاذ وفايدروس (الحاشية السابقة). 
تتلمذ عليه شيشرون فيما بين عامي 79 ق.م. استعار منه فيلوديموس الكثي رفي مؤلفاته. 
وربما كان مصدر المؤلف شيشرون «في طبيعة الآلهة». 


الأدب اللاتينى 


(17) ديودونوس هو أستاذ شيشرون في الرواقية حوالي عام 85 ق. م. عاش بعد ذلك في بيت 
شيشرون حتى مات عام 60 ق. م. حيث جعل شيشرون وريثه الشرعي. 
(18) 3 ,16 ,4 ,م.أككث ,مجعع 01 
(19) أمضى ديكايارخوس من ميسانا معظم حياته في البلوبونيسوس وبالتحديد في أسبرطة. كان 
تلمين أرسطو ومعاصر الثيوفراستوس؛ وصلتنا منه شذرات عديدة تدور فى المحاور الأربعة 
التالية: 
أولا: الكتابات السياسية: قله مؤّلف بعنوان «حياة هيلاس». ويعد أول تاريخ عالى للثقافة. وله 
كتابات حول الدساتير الإغريقية مثل دستور كورنثة وأثينا وإسبرطة. وله مؤلفات سياسية أخرى. 
ثانيا: ترجمات وتاريخ أدبي: فله مؤلف بعنوان «السير». ومؤلف آخر عن هوميروس. وله مؤلف 
أخر بعنوان «الأصول الأسطورية لمسرحيات سوفوكليس ويوريبيديس». 

.(دصمطز8 نامل أمتشناظ تدكا دتامعل[مطمه5 ناما كتعوعطامم112) 
وللمؤلف نفسه كتابات عن المسابقات فى الموسيقا والشعر وما إلى ذلك. 
ثالثا : كتايات فلسفية: مثل «عن الروح», و«عن تدهور البشر». و«عن التنبؤٌ» وما إلى ذلك. 
رابعا: كتابات جغرافية: ففى مؤّلفه «جولة حول الأرض» (و0 30005ء2) يصف لنا العالم المعروف 
من منطقة جبل طارق حتى الهمالايا. 
(20) كارنياديس القوريني هو فيلسوف الأكاديمية الجديدة والمعارض القوي لتعصب الرواقية 
والأبيقورية. ولقد تأثر به شيشرون تأثرا كبيرا. 
(21) راجع حاشية رقم 3. 


)22( .عاء 20 ,8 ,11 ,.عونا1 ,ممعت 
(23) 2,1 ,فتلقمع نال :24 ,1 ,11 ,.أقمآ ,كسسةتلناستن © 
)224 .44 ,111 ,.عون1 ,معرعع 01 
)25 .5 ,1 ,11 .]5هآ ,كناصقتلتاصتت 0 


(26) عن لغة شيشرون وأسلوبه راجع: 
.-236 .مم ,(أنآ .هآ 1ن صن) عتتطومع 1[ م1 0120157 01 منطقمه ماع18 عط له متععلت)“ ,بممممك11/111 .2 .مآ 
وعن تأثير شيشرون بخطابة العصر الهيللينستي راجع: 
.للع ,”1170110 لوعنومه1ن عط1“ صن) *”تتنمغة0 سمحدهخ_] سه عتتمأعط8] عتامتمع [1اء11'“ ,كماع نه2آ .8 .ىم 
4 .مم ,(لإطتمط]” .ى-وعطء دآ 
)27( ومن أحدث ما كتب حول شيشرون نذكر ما يلي: 
4 ,بعتتتنامطاء11 ,متعمع1) 01 لانتطتق نط عط] بأصسط .م .]1 
معلاع.آ ,تاممعع ل جعطكء 1تامتصنآط أء عندم] ,تتتنتدلط .ىم 
.0 رقعة2 بتامتتععلن) عطاك عنطمهده لتم اع عناوتمأقط] ,اعطء 8 .م 
5 0001آ ,مقعع 01 ,لع:ة20آ .لل .1 
.70 بقتنة باعتدمتععك علاوتمقتصتط عآ عتاى دعلتاظ ,6معمدزه8 .2 
وعن شيشرون شاعرا انظر: 
.1943 ,13اله2 بقتقع0م 13 ع مهمع ,1121201201 .18 
.0 تعة8 بقاء0م عممعء 1ن أل متاعصاآ هآ بقتاعة]' .ذم 
وعن تأثير شيشرون في العصور الوسطى وعصر النهضة راجع: 


2514 


الحواشى 


,51,53 .مم ,1973 لعاسصتمع" ,1954 ,عع110طحصهن) ,دع تدك ألعمعظ8 كأا لصة ععدأاتع]1 لدعزدكة01) عط]' ,نتدع اهظ8 .1 .1 
447 ,439 ,432 ,330-397 ,329 ,270-278 ,249-268 ,198-199 ,55 
(28) انظر د . أحمد عتمان: المصادر الكلاسيكية لمسرح توطيق الحكيم, دراسة مقارنة:؛ الهيئّة 
المصرية العامة للكتاب .١978‏ ص98!- 228. 
(229) ولا ,]هآ .قصاآ ,مضدلا 
وعن فارو بصفة عامة راجع: 
96 تلاعطع0 بخلتة]ط دم 1خهلنه1] بممسضة/؟ 13 ممعناء تامع 
عه ,تامنتتة ١7‏ عل ودعع2]"كناه 5ع[ أء ع1 19 كناد علنتاظ ,تعزووزهم8 .0 
.2 كك .مه ,و0022 :1-28 .مم ,(1960) 10 .5.م نل ,”منصة/1 02 عانا5 عط دده ممم كه تتتعو0 بومغطاع نمآ .18 
.149-164 
أما عن رؤية ارو للديانة الرومانية فراجع: 
.608 .مم ,1957 بووعاط كالخ [و1عط1آ عغط]' بدمتئنتاع]آ سقددهخ] أمعاعصك ,(.لع) غصهع0 .0 .1 
(30) عن كورنيليوس نيبوس انظر: 
بلع ,ل0012آ .له .1 ,”3اممئع810 مننتمة“ صل) *”تطموعع810 نهآ 0 امناء00م] صخ :دممع81"“ ,تامكستامعل ,18 
(.115 .مم ,(1967 بصمعصمآ 
.703-19 .مم ,(1973) 1,3 كلق ,عده خا غه تامع م81 سه دممعا8 وباتاعصرم0“ بدمعل1 
.96-9 .مم ,1971 بلتتةنتتهآظ ,تمدع ه81 عاعع01 01 عدم ماعنع0آ[ ع1" ,مسمناع ندده81 0[ .ىم 
(31) شغل بوبليوس سيميرونيوس أسيلليو (. متتاعمة مستصم ممع 5) منصب النقيب عام ١33‏ ق. م 
تحت قيادة بوبليوس سكيبيو أفريكانوس في نومانتياء وكتب تاريخا لروما من الحروب البونية 
حتى عصر جراكوس. 
(232) .9 ,8 ,111 .غ5ه] ,كتاصهتلتامنتن0© 
(33) من أحدث الدراسات حول ساللوستيوس نشير إلى ما يلي: 
*ب113نا8نا] أقصتةع3 11/35 عط 01 عدصنا عط غه جاخ امه سمحمه] عط 2ه علنط ته عط سه أمطلدك' ,عتقط مملا .>1 
1314-8 .مم ,(1943) ,74 خداطة 1" 
.149 كتتوط بعاأكناالة5 عل و5ععقع 5ع1غ72200 و5عنآ بأسممقاعمهمعم .م2 
,ع7105طاصهةن بأقناللة5 01 اع نامط]” لدع )ناموط عط]' باتتوظ .0 .مآ 
.4 بقنصده1تلةن بأقتللة5 ,عرد .1 
(32) جاء بومبونيوس من بلاد الغال على الطرف الجنوبي من الألب (كيسا لبينا). حاول هو 
ونوقيوس أن يعطيا طابعا أدبيا للقصص الأتبلانية: وصلنا منه سبعون عنواناء راجع حاشية رقم 
5 بالباب الأول . 
(35) المعاصر الأصغر لبومبونيوسء وصلنا منها ثلاثة وأربعون عنواناء وانظر الحاشية السابقة 
والحاشية رقم 5 بالباب الأول. 
(36) بوبليليوس (وناناثاطناط) وليس كما يعرف خطا بوبليوس (5ناناطناط) سيروس. وصلتنا منه شذرات 
معروقة بهذا العنوان «حكم بربليوس سيروس» (عةتامعامء5 تيرد تناطتط) التي حققت (722 سطرا). 
وطبعت عام ١895‏ عل يد ببكفورد سميث .4.11 .1) (طانم810140:0-5 ثم ترجمت هذه الشذرات في 
الكتاب التالي (وبلغت 734 سطرا): 
4 ,لإتة1طارآ لدع زوىة01) داعم.] بكاع20 تطتاهآ 1/1001 ,أكدا«آ .11خ ع . اال 


الأدب اللاتينى 


(37) انظر حاشية رقم ١5‏ بالباب الأول. 
(38) انظر حاشية رقم 43. أما عن الميموس ونصوص مؤلفيه بصفة عامة فراجع: 
337-5 ,0151 
.6 ,0103© ,1'13851111]8 150111311011111 1113م ص8 يمتتقصه8 .13/1 
,19012 ,101113111 تلتتحط 1 بلرعل] 
.6 بقتتة ,ع1لل0هم 12 أء مدع 0271 هآ رعاع0 .2 ال 
.1419-8 .مم ,ع51385 مقدده] عط" رعتوعظ 
(39) عن سيرة يوليوس قيصر راجع: د . أحمد عتمان: 
«يوليوس قيصرء السعي وراء السلطة». عالم الفكر الكويتية» المجلد السادس عشرء العدد الثاني 
(يوليو - أغسطس - سبتمير 1985) - ص 109- 126. 


)40( 1 ,18 بتقوعة0 ,كتاطع ةساط 
(41) راجع المقال المشار إليه في حاشية رقم 46. 

)42( 6 ,811615 ,متتع ع0 
(43) راجع د . أحمد عتمان: كليوباترا وأنطونيوس. دراسة في فن بلوتارخوس وشكسبير وشوقي, 
ص 27 وما يليها. 


(44) حول قيصر تعددت جوانب الدراسة ونكتفي بالإشارة إلى ما يلي: 
.6 ,بع1105طاسةن) ,وتعناع.آ 01 صدآلطا كه تتددعة0 باعمع0ى .8 .1 
.6 ,قعوط .لع 2050 بنتددةن0) عل وعتتة اداع صحدمء 5ع[ مصقل عنا1115]0110 ده نم0610 12 عل نهآ بلتتقطتصمخ] .131 


1 021016 ,وناتآنا! 5نالكزد[ عاعماوماء11 .5 


حواشى الباب الثالت 
)١(‏ كان جايوس مايكيناس من أريتيوم (مسنفعد) سليل الأرستقراطية الإترسكية العريقة؛ وكان 
فارسا رومانيا وصديقا مخلصا ومقربا من أوغسطس. 
2( .1-40 ,68 ,5نا1 نطو 
)3( .3 ,26 ,25 ,19 بطم غلا 
(4) عن المقارنة بين ثيوكريتوس وفرجيليوس راجع: 

مكنةن ,(ععنوعل .لحل !ا عط 1م10 وزوعطا]' ل ) ,دعنوماءع8 5 لالعتء 17 صا وامعصع81 عتامعداظ8 ع1 ,تععاعتطء5 .ل .1 

.لقاع ملآ 

ص 5!! وما يليهاء وبصفة خاصة ص 194. 


)6( 246-249 .مم (1930) ,4 عع ,لعصد3 طط خ] ,”علتععللا عل دعناولعمع0 دوع تعتسرعم وعطل“ بأعازو8 ال 
7( 2225-7 .مم ,(1959) ,80 اطلخ ,*”1لله0 5عل0 نهآ عطا لصة دعنع ممع 1*5لع 711“ ,تدم تكاعناطا .8 .0 
)8( 186 .مم ,1963 ,01010 ,تجناعو لع112 10 صا ولنمك ى :التعنالا ,005 .8 
)9( .307-55 .مم ,(1966) ,87 طاطلى ,”عنعنمعءع0 لتستامظ عط له كتعطم0" بلموء5 .0 
)10( .61-8 .مم ,(1979) ,2.5.26 جاع 0 ,”عصدم] لصة لتععالا ,عنم نمع طستاه عط]” ,ملكتت .ل 


)١١(‏ فرجيليوس: الإينيادة. الجزء الأول: الكتاب السادس (ترجمة؛ أحمد عتمان)» الهيئة المصرية 


250 


الحواشى 


العامة للكتاب .197|١‏ 
)١2(‏ قارن أيضا الفقرات التالية: «الإلياذة». الكتاب 22: بيت 209 وما يليه مع «الإينيادة» الكتاب 
2 بيت 725 وما يليه وكذا «الإلياذة» الكتاب 22: بيت ١85‏ وما يليه. مع «الإينيادة» الكتاب .١2‏ بيت 
3 وما يليه. 
(13) راجع د . أحمد عتمان: الشعر الإغريقي. ص 13- 75ص وقارن حاشية رقم ١.ء‏ بالباب الأول. 
(14) عن «الإينيادة» انظر المرجع المشار إليه في حاشية 67 وارجع إلى: 
,20013مآ ,هم أمتعوع0 لوعتات 2 بلتعدعة 5 لأععللا ,مسمنت0 .16 
(15) وعلمم8 كلمة ترجع في أصلها إلى اللغة الإغريقية. فهي مشتقة من حرف الجر نمء وع00 
(أغنية)؛ ومن ثم يمكن ترجمة :006م5 ب «أغان». ورأينا أن نترجمها ب «ايبوديات» تمييزا لها عن ال 
وع00 أو فستصمقك , أي «الأغاني». 
(16) 101,186-1-3 
)017 .60 ,3 ,8 ,طمن" 20 .م8 ,خنتصةتلتاصتت0 
(18) عن «فن الشعر» لهوراتيوس راجع: 
هوراس. فن الشعرء ترجمة د . لويس عوض . الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشرء 1970 . وانظر: 
,67 بتتتعطوع11110] ,متم دعل وعناعه2 كلخ تناج جاء56001 ,علل1ع)5 .311/7 
وعن الدراما في عصر أوغسطس انظر: 
,عالنتوتاصة نآ قصقل د5عاعماععم؟ اء عتققط]”“ صذ) عاأدناعداك :0 عاعغ اه ننه عستقحده؟ عللمقع2ا هآ ,عتره0) و1لاع7آ .1 
.227-44 .مم ,(1983 ,التدظ-معلع1] 
(19) راجع الفصل السايق. 
)20( 2 ولا ,قن1[نقة6 
(21) عن المرأة الرومانية ووضعها الاجتماعي راجع: 
تطتومة2 ,1983 بامتومع" ,1962 ,عع 1تطحصهن ,مأختطةآط لصة نكدم)115] تتتعط]' :معحصه1آ سقحصهخ] ,مهل8215 .12 ٠7.‏ .2 بل 
-200 .مم .موظاععيى 


)22( .3-6 ,106 ,5لاتاماطتة ,دتاطاع ممأ اط 
وانظرد . أحمد عتمان: كليوباترا وأنطونيوسء. دراسة في فن بلوتارخوس وشكسبير وشوقي. ص 
79-8. 

(23) ,2,1 .]125آ ,قتاتتة تلتاستن © 
قم نهو اناري القن 


.204-14 .مم ,(1948) ,26 881 ,قنطله0 عل وعلع16ة وعط"' بأعناوء:81 .18 
.6 ركتتة ,ذناللة0 5تاتاع0010 وناتة0) ,تتعلاعنه8 .2 ل 

(25) انظر د. أحمد عتمان: كليوباترا وأنطونيوس؛ دراسة في هن بلوتارخوس وشكسبير وشوقي. 
ص ١90‏ وما يليه. 
)226 1 ,1 ,وع00© ,11022105 
)27( .9 ,3 ,111 بسعلنط1 
(28) فرجيليوس «الإينيادة» الكتاب الرابع, بيت 215: (ترجمة. د. محمد حمدي إبراهيم). 
(29) لمزيد من التفاصيل راجع الكتاب المشار إليه في حاشية رقم 7 
(30) عن أحدث الدراسات حول بروبرتيوس راجع: 


257 


الأدب اللاتينى 


باولا نتاع[ظا كد50 5 تعصطتع5 دع [تقطن) ,5نانةتعممط بلتدطط نآ .131 
.8 ,بقتاعطاخ ,لاعء01 ص .ل[آ.طط عط 101 .ع15دآ) متنطتصيجك] تدكا دستتتعممعط بطهملتهلطة قتطةلا .01 
وعن اليجيات الحب بصفة عامة انظر: 
.69 ,20012مآ .لع 200 ,نزعع81 عام[ ستتهآ عط] ,عاعناآ .0 
,لستقطاهط صلعع 111 .[ .لع ,”تناد ع انلف توم دمن ,انوطع رآ ستنهآ لصة عاععدن"* صن) تجاعوط عوتوعا8 ,لاعظ .1 .ل 
.63-9 .مم 
(31) انظر أوفيد : فن الهوى. ترجمه وقدم له د. ثروت عكاشة (راجعه على الأصل اللاتيني د. 
مجدي وهبه).؛ الهيئة المصرية العامة للكتاب . 1979. 
(32) استغل توفيق الحكيم غدير ناركيسوس (نرسبس) أروع استغلال؛ في مسرحيته «بيجماليون», 
راجع د. أحمد عتمان: المصادر الكلاسيكية لمسرح توطيق الحكيم. دراسة مقارنة؛ الهيئّة المصرية 
العامة للكتاب. ١978‏ ص .43-١١‏ 
(33) عن جالاتيا وإدخال أسطورتها في أسطورة بيجماليون عند توفيق الحكيم. راجع الكتاب 
المشار إليه في الحاشية السايقة. 
(34) انظر الحاشيتين السابقتين. 
(35) يمكن للقارئّ العربي الآن أن يطلع على «التناسخات» في الترجمة التالية. الشاعر أوفيد 
(رسوم بيكاسو): مسخ الكائنات؛ ترجمه وقدم له د. ثروت عكاشة (راجعه. على الأصل اللاتيني 
د. مجدي وهيه).؛ الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ 1984. 
(36) يانوس (1005) إله روماني قديم يرجح أنه كان في الأصل يسمى ديانوس (5نامهز0) أي مذكر 
ديانا (دصهنط) إلهة الصيد . يعبد بوصفه إلها للباب (13503) . فهو يقف عند الباب (5ه2 قناضة1) 
وأحد وجهيه للداخل؛ أما وجهه الثاني فيلتفت إلى الخارج. ثم أصبح بانوس إله كل البدايات: فهر 
إله الساعة الأولى من النهارء وإله الشهر الأول (من هنا اسم شهر يناير). وكان معبد يانوس 
القومي يقف في السوق العامة (صستده©). أما أبوابه منفتح على الشرق والغرب. وكانت هذه 
الآبواب تفتح في وقت الحرب وتغلق عندما يأتي السلم. ويقول ليفيوس أن هذه الأبواب لم تغلق 
في تاريخ روما سوى مرتين. الأولى بعد الحرب البونية الأولى والثانية بعد موقعة أكتيوم |3 ق. م. 
راجع: 8 ,265 ,21.مم ,كك .مه بطعمقلس8 . 
(37) عن ليفيوس راجع: 
م,ع1105طتتةن) ,005 اعت لتنة كحصنخ لد12ه)1115 كلل :لزإلكانآ باكلة”11 .0 .2 
020011آ ,لإلاأنآ ,لإعزو7آ .لل .1 
7 اماع صط ,غ115 قلط 04 16600و0م طمن ع1 :نالآ ,عمنارآ .1.1 
7 بنك تنا1' ,لالامآ صا عند لصه 600 ,مأصوية؟] .1 


قائمة منتقاة من المراجع 


أوك: دراسات وترجمات باللغة العرسية: 

د. إبراهيم نصحي: تاريخ الرومان: الجزء الأول من أقدم العصور حتى عام ١33‏ ق. م. الجزء 
الثاني من 133 ق. م حتى 44 ق. م؛ الطبعة الثانية: الجهاز المركزي للكتب الجامعية والمدرسية 
والوسائل التعليمية: القاهرة 1979. 

د. أحمد عبد الرحيم أبو زيد: تاريخ الأدب الروماني منذ البداية حتى عصر أغسطس.ء دار 
النهضة العربية 1964. 

د. أحمد عتمان: كليوباترا وأنطونيوس. دراسة في فن بلوتارخوس وشكسبير وشوقي. المركز 
العربي للبحث والنش رء 1985 م. 

- الشعر الإغريقي تراثا إنسانيا وعالميا. 

- المصادر الكلاسيكية لمسرح توفيق الحكيم. 

دراسة مقارنة. الهيئة المصرية العامة للكتاب 1978. 

- «فايدرا: دراسة نقدية مقارنة حول مسرح كل من يوريبيديس وسينيكا وراسين؛ مجلة الكاتب 
المصرية عدد 89١(ديسمبر‏ 1976). ص 83-62 وعدد ١90‏ (يناير 1977).ص 44-26. 

- «المصادر الكلاسيكية لمسرح شكسبير. دراسة في مقومات الكتابة الدرامية إبان العصر 
الإليزابيثي؛ مجلة عالم الفكر الكويتية» المجلد الثاني عشرء العدد الثالث؛ (أكتوبر-نوفمبر- 
ديسمبر1980), ص 228-147. 

د. أحمد غزال: «دراسة في فن النحت الروماني في عصر أغسطس ومصادره الفنية الإغريقية 
7 ق. م-4ا م». مجلة كلية الآداب. جامعة الإسكندرية. مجلد 24, (1970/1972): ص -١10!‏ 123. 
أوفيديوس: الشاعر أوفيد (رسوم بيكاسو) . 

- مسخ الكائنات. ترجمة وتقديم د. ثروت عكاشة:؛ الهيئة المصرية العامة للكتاب 1984 . 

- فن الهوى. 

ترجمه وقدم له د. ثروة عكاشة, راجعه على الأصل اللاتيني د. مجدي وهبة, الهيئة المصرية 
العامة للكتاب. 1979. 

بارو (ر. ه): الرومان. 

ترجمة: عبد الرزاق يسري. مراجعة د . سهير القلماوي؛ دار نهضة مصر للطبع والنشر. الألف 
كتاب؛ 1968. 

بل (ه. أ): مصر من الإسكندر الأكبر حتى الفتح العربي. دراسة في انتشار الحضارة الهيللينية 
واضمحلالها. نقله إلى العربية وأضاف إلى حواشيه د . محمد عواد حسينء ود. عبد اللطيف 
أحمد علي. مكتبة النهضة المصرية, 1954 . 

بلاوتوس: كنز البخيل-التوأمان 

(من الأدب التمثيلي اللاتيني) 

ترجمة وتعليق د. أحمد عبد الرحيم أبو زيد-مطبعة المعارف. بغداد. 1969 . 


2560 


الادب اللاتينى 


ترنتيوس (أ فير). فورميو-الحماة 

(من الأدب التمثيلي اللاتيني) 

ترجمة وتعليق د. أحمد عبد الرحيم أبو زيد 

مراجعة د. محمد سليم سالم 

دار الكتاب المصري (تاريخ النشر 6) 

الخصي: 

ترجمة د . محمد سليم سالم وأحمد رفعت؛ مراجعة د. محمد صقر خفاجة: روائع المسرح العالمي؛ 
المؤوسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر 1964. 

تشارلز وورت (م. ب): الإمبراطورية الرومانية 

ترجمة رمزي عبده جرجس. مراجعة د. محمد صقر خفاجة. دار الفكر العربي |196. 

دف (ج. و): تاريخ الأدب الروماني 

ترجمة د . محمد سليم سالم. مراجعة د . محمد صقر خفاجة؛ مركز كتاب الشرق الأوسط. الجزء 
الأول ,1964 الجزء الثاني 1965. 

د. سيد أحمد علي الناصري: تاريخ الرومان من القرية إلى الإمبراطورية؛ دار النهضة العربية: 
6 

سينيكا (الشاعر الفيلسوف): هرقل فوق جبل أويتا 

الترجمة والتقديم والمعجم الأسطوري بقلم د . أحمد عثمان؛ سلسلة من المسرح العالمي الكويتية|/198. 
أوكتافيا: 

ترجمة وتعليق د. عبد العظيم عبد الكريم؛ مجلة كليات اللغات والترجمة بالأزهر. العدد السابع؛ 
ملحق, 1982 ص ١-16ء‏ العدد التاسع, 1983: ص 122-95 . 

د. عبد اللطيف أحمد علي: مصر والإمبراطورية الرومانية في ضوء الأوراق البردية: دار النهضة 
المصرية 1974. 

هوراتيوس (هوراس): فن الشعر 

ترجمة د. لويس عوض. الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر . 1970. 

د. يحي عبد الله: أوكتافيا. قراءة في التراجيديا الرومانية: القاهرة 1984 . 


خانيا: دراسات بلغات أجنبية: 
38 ,ناولا تتتعلظ مه دملدم.آ .لزاعستكد]/1 .11 ترط لعنداكصة1' .صماكع تاعك]آ مقددهخ] 01 :1م15] خ : (.1) ستعطاام 
36-6 .مم ,1983 ,104 ,لزع 10هل1نطط 01 281نا10 سدع تتعحصخم **,كناتاء تعناءآ مز دممدع8] لطة عتتمأعط"“ :(.8) متصسحك 
0 ننه تله نوع لامع 8 .عددهخ]ا أمعاعمخ 01 ممع ناع] عطا مز وعمقطط :(.0) ترعلنوظ 
5 بقتنة ,عستاهآ عتنتونع رآ :(.آ[) أعنروظ 
مذ 115 - 101 .مم ”.0005اعم ل0مة قصتة 01 دمكتتوم ه00 ىم .وععمع5 لتة ععمعنع]' ,كبكستحاط“ :(.187) عتوعظ 
,020017.آ .10آ .0ن على تاعتاطاع1/1 .مهذمعلصخ .11.1 نزم لعاتلءع ,متنكك][ ."1.10.1 ما لعامعوعوط وتزوووظ 
.4 ,2002منآ ,.لع 310 بععة5 سقحدهخ] عط]' :ع1 


1و1 11نآ دامأععسترط . تإعومع[ لاع[ بلاماععسقط .عتتدعط 1 مسقحطهخ] سه عاعع01 عط 1ه نكدم)115] ع1" :(.81) نتعمعزظ 


.(1971 عسصتصتط طتسده) 1961 بممتتلع لرمعع5 .ووعءرط 


200 


المراجع 


66 رتنة[[تطاعة]/1 بدهلصم.آ ,عتنتماع انآ سمصده] 1ه تكتماولط :(آ) معاعزظ 

,1954 ,ذوعا انوع اندلا عع ل طمن .دعتية اع قعمع8 5ئغز لصه ععماتع1 لوعنومهان عط1' :(.1 .1) تدعامظ 
7 لعاسترمع1 

01 الوا تلصتا .لإصتاط عع صنامنز عط 0غ مندن) تعلاع عط صمت عدمهخ] امعتعمة صذ ممقكدع نل :(.5.1) تتعصصمظ 
.7 إ,بوعاععصك دم.آ لصهة 'زعلامعء8 .ووعرط قنصره11له 0 

.63 بععصفظ عل دعتتهة لداع المآ معووع8 .ع تدك اعامة نآ أء ععةوعندآ :(.) معموزمظ 

.962 بعلتولا بلع[ رم8001 001111 ,عدمه8] سه ععععن0 01 تزع ه[مطاتو8 :(.1) اعمقامظ 

.79 ,م8001 ستتاعمعط .عدمهخ] لصه عععع02 01 مطاو8 :ممعل1 

تعقطا] .ووععط (واتواع نتلمنآ ااعمعمن) .عتامصسط لصة عتاطنامع؟] : عدم واعتوعمدععلقط5 : ( . ى .©) #ماصد0 
.6 ,002تمآ] 

قتاع 0 عطا مهنظ لعغة [كصمئ1' .مهدجن 1أكك لمة تتمأوتط ماعطا ما ممناء 001 :اص] صخ :كسقصطه] عط :(.>1) أمصسطات 
.4 رووع1 لتتدع ه11 عط1' .مس1 ع مأنقطن .عتسامط معطم معن نو 

.6 .نآ .0ن على تاعنتطاع]/8 بمملكدمآ .عتتتتة5 سقصده]] :(.11) و0011 

3 3.مم ,(1969) 2621 وعنل د50 لدعزدمة01) علولا ,”عوتعء 17 سمتستبطة5 عط“ :(.ط1) عام 

.949 تاعسصطاناء0 انتتدط عاد دامع 0 عتتمعط نآ رمتتدط .لتطعمعط عنارآ :مرعل1 

م21 ,م0 لدع 1[طناط ناع1001 .200 أقصة1' 1120م انث .تاختصدعه تقحدهخ] ص مصماع ناع 18 لمخصعت0 عط]" بدمعل1 
.6 ب1ةملا 

.9 11هد8-معلاع.] ,1923 رووعءط واأواع اتصن] علهلا .تامتصدعه2 مسقدده] سا عأ زا رعاقى بدمعل1 

2001ه.آ ,م8001 دلاخ .10:10 لدعزوكة01) عط]!' :.00ع (.ى) /زط1تمط1]'-(.12[) وعطعتهدآ 

,بلتنةظ تتقعوع؟1 220 ع1]601111608 ,02002آ .3ئة01آ سقحده] :.0لء (.10.15) :زع01نجآ :(.ث.1) نإعرودآ 

,103 تزع 10هولنطا 2101 تناه [سدع تعصكة ,”عناو1]20 وعاععم5 عه تداك 200 كتاكتاعتمظ ,كتاطعء7؟“ :(./1.8) موطانادآ[ 
1165-7 .مم ,(1982) 

.امع" ,1975 ,800135 لتنائعمع2 .تإاعزء50 مقحدهخ] :(.10.15) إع01نادآ 

.1963 بأستتمع" ,1960 8001 #مادع]8 .لخ .عدده] 01 ممننه جنل حزن عط]' :جمعل1 

.1 تنزط .لع .ععذ دمعل001 عط 02 عومككء عطا 0 عصتعتهه عطا حدمنظ عمدهك] 01 نكدم115] تجتورع 1 ى :(.1.77) أأنادآ 
.0 بتتاع8 أوع1 ,هنمآ ,أكتامآ 

,215 .وعناوكنتتا8 دعل دمنعناع: 12 تتناى عع01مء2200 تنا عع'كة عناولةداء:1ة عستمحدده؟ دماع تناع هآ :(.0) اأمعصبادآ 
.19066 

.0 ,1110502 20 دعتشقط]' .عدده؟] ]1ه سمتائلة]1' لدعتكتاهط لصه لدتده]81 عط" :((آ) سمط 

2852-7 .مم ,(1957) ,آمل دبناعه1ملتطممع81 ”تجلع1125' ممصم“ :(.[.0) علمط 

لعصتطخ لطنة عتدعمدععلةط5 بتاعتمغناط 06 خخ عطا صا ترلننكك ث :لإدمطاصخ لصة متخدممعلن' :(لعصطة) سقصاظ 
97-7 .زم ,(1981 ,وسعطتخ) 78 بمسعطلخ *”*واتقطك 

أء عاع010ممتطاصكة ,'ممأون!1ز015آ لصه دم 1أكن!11 صععتتاعط مقتنا سقحده]]-معع01 02 ععمعتلسخ ع1“ :جمعل1 
1 عع ذااعصاصه]8 تجتعلهك انط الدع حنمل] ,1986 5نة]/8 6-8 20021 متعاصا عراو00110) - عناوتكامك عطتقفط]1" 

لع استامع" ,1970 ,نه5لنآط له دعصفط]' ,عتتمبصسط سقدده] عط أه مممتعناع؟] عط :(.1) مممبومع]1 

.9 ,002هه.آ .عتاطتامع ]1 عطا آه لمتعط عط ؤه كله تكتاوع1 مسقحدهخ] عط" :(.137.137) عامط 


4 تنه ااتصصعة]/1 صهلدم.اآ ,.هاء سمتامصطن) عط عدماع6 اتتتطمعن) أقه] عطا صا توااعجآ 1ه مدعل1 سقحدم] :جمعل1 


20١ 


الادب اللاتينى 


,الننوط صتووع؟] لصة عع1160ا0] .ع2128ع11 سمعسصمتمع ا نلع11 :(.10.5) ج10 

.4 ممع ,1935 8001 ستساعمع2 .ع متسسنلوء8 خ .10110 أسعاعصك عط]1' :(.ك1'.1) عنما 

.7 اللث.5.لآ .كاتث لدع طنآ 01 نتتةتطرآ عطا]' .ممع ناع]1 سقحدهخ] أمعاعصك :(.1.0) غمه1ن 

وق0135512) تناع مع .ع1لاكه اع رآ مقحمه 1 :(.8/1) غصهرن 

80014 امادع]1 ل .نتنة1ط نآ سدع تتعسخ تتع]8 .عددمخ] 012 110ه1717 عط]' بممعل1 

بتاع [ل[خ ع15م0ع0 ,002002]آ .ذذعتستناعة]8 .117.5 نإ لعغ2أقصة1' .عدره] 02 ممتكمعتلتكك عط]" :(.2) لمستن 
بععصةع1 عل وعتتهااوتء الدنآ وعووع] .عدالاع1 ه10الل6 عدمع لداع[ .(2ع1 5315 عنا) عستاهآ عتتطمع رآ هآ :دعل1 
,1972 

.0 ,بنه15امء811 لصة لاع أمعلاع/11 .عدده8] 4ه عدنك]آ عطا لصة جسمتمع11اع]1 نتتلة ء (.ط) لمسةده 

,كلتلا :ه11 رقوعقط والواع كلملا فأطسبس001) .ع :قتع نآ متته] 01 نم8115 لخ :(.841) ك5دلة11 

.امع" ,1932 ,8001 ماصع لخ .010112200 متعاوعء 177 م نيهلا مححدهخ] عط]' :(.8) ممغلتنسدك]1 

,1.01 .لآ .0ن ع معنطاع8 .:ز0نناة عاالختةمطدمء ل .ع:1لأقاع تآ ستتهآ لصة عاعع0 نلع (.[) ممقطاهطصتعع 111 
,19269 

بعاتملا تاع[ا رقمه50 5”“تعصطت5 وع تقطن ,كنتأترعم مط :(.81) لتطططتاكط 

نمك اع نآ متلمآ 1[ .ع تمع رآ لدعلومهة1[ن) 01 تتنمأدنط عع110طسهن) عط]' :للع (.1[17.17) معدبه1ن) - (.[.8) تإعصمعع1 
برووعع اناسع كنمنآ عل اطسو 

1ه .عصام] متعطممأمعطن) نز لعنة[قصم]" .مسقدصه8] سه كاعع02 عط 2ه ممتعناع؟] عط1 (.0) الإمععع]1 
,50ل تلط تنه دعتستقط]" 

1 020011آ ,تاعنتطاع]/1 .ع تمع انآ ستتهآ :(.خ.117) 12ل1ه] 

رووع]2 'لأاوقك امنا معدعنط) ,1934 ١7015,‏ 2,ع :لكوع انآ مقحطه8] لدعزومة01 01 تزعنتتراذ كث :(.ه.12) 000تكاءم.آ 
.1962 

جنوك كنط لآ 01010 ,عاتملا اتعاظ .7010لا سدعصمتتيع]نلع11 لدع551ة01) عط" :للع (.137.[) ممالع5-(.177.11) انع لطع11 
.69 بؤووعمط 

إبعلولا .قاع20 تلع[ ع1" :تتتاعهط مننهآ :(.0.177) [اعلمعلة1 

.7 80015 ممطاععقة .عتتاد5 لصة عتمأعط؟] 02 عيذ عط]' :تصاعوط صتته] :جمعل1 

.6 بعاتملا تتعآظ رووعاط (واأواع انصلآ] وأطدصس[0ن) .110210 د *صقدده8] عط]' :(.1.0) عتممكلة 

7/15 له مأكنقطن) ,مه00هم.آ .كناأكناعوتاخ 08 ععخ عطا صا 0005 تغط" لمة كسقحده] عط" :(.1]5.81) عتحائعو0 
.1969 

.9 بععصةء1 عل دعتتة] زواع الصلآ وعووعط .(7 ع[ 5315 عنال) عمتاه[ عتنطه 62 انآ هآ (.اط) سند لانمط 

,2001مرآ بتتعطة1 ته تتعطة1 ,تمنخاء 00ج[ سخ زعنناءع11 ستاهآ :(.12.5آ) مع توك[ 

.عتتاأقناعناك .]5 01 طندء2آ عطا ما دعصا أدع 1تدظ عطا دما عتتكمتع امآ سناهآ 01 عأمهطلصدآط ك :(.1.1) عوهخ] 
.7 102001 .10آ .00 عق معنطاع81 عاعوطمعمةط تدع حلملا .1954 ,ممقتلع لعتط]" 

.9 .لآ .00 عق تلعتاطاع11 بصملممآ .تامتاعصط 1ه 5أصعلناد 101 عتتطمتع از[ لمعنومه1ن 01 وعسصتاكن0 :جمعل1 
بلتتةقطنآ 'جااواع كلملا 5 ممقصتطء نآ .مملعناع]1 سمددهخ] أمعاعصكة بممعل1 

غ6 .60آ .00 عق تعنتطلاع381 .12.138.ة م16 .8.0 30 دصمظ 17702101 سقددمظ]ا عطا 4ه مأوت لخ :(.8.1) «مسلوك 
.7 ماع" ,1968 بممتاتلء 

7 2001ه0آ ,نالآ لطة متتقطن) .عصده خا لمة عععع01 01 عتتوغط]' عنمن عط :(.1.11) اعد طلصدك 


202 


المراجع 


متنهن) .ععنوءع2آ .ذ.الا عطا :هآ وزوعطا]' ى .وعناعماء8 5'للعتء17 صذ كامعممعاط عنتامعياظ عط :(.1.1) رععاء ناعم 
لقاع نالآ 

1031ا10 عط1' ,'عنوماعستط عط عستسل نجدم)115] لددع حتمت] 04 وأععممة :هنلم1] لصه عدصمغ"“ :(. 17]) عصمعطغتسطعم 
.90-6 .مم ,(1979) ,5م5101 تتقحصمخ] 01 

]18 320 مآ .نآ .0ن عل تعتاطاعء]18 .8.0 753-146 1170110 سقحطه8] عطاله تجتماوتط ىح :(.11.11) تند امعد 
.0 بتمتاتلء طلكتدده .عتزملا 

ع تاعناطاء]1 ,م00ممآ .68 ,.لآة م1 .8.0 133 امك عصده] 01 نتتمأون] خ .مععآظ ما تطععة0 عط مط :صعل1 
.نامع" ,1963 .لع 0دممعع5 .10.آ .00 م 

1110502 لتنة دعصصقط]' .عناطانامعك]آ سقحمه] عط 2ه وعنهمسمعمعن) لصه كله تكتاوع] :ممعل1 

عطا صذ ممنئناعخ] لصه خخ 8ه دعمقطط ستمامعن) ده 5عساعع.] عععمط]' :عقكتاعقة امه 5أومعطاممة :(ذ) عدمناد 
01ل تاعلط .عتامصصظ مقصمخ] 

.باتاعتاعع مهن ,طنللماء1/11001 .ماع مص سمحطدهخ] عط 1ه وانس تاد عط]” :(.15..آ) «مانوة1" 

,لاع 10ملنطط لدع ذزسكة1ن) صذ وعنلن5 لهة 11255 ,””تجتاع0© مسقحدهخ] ألصة ختاطعة حصنا لمن ,ولعصصمن بعلل“ :(.1.1) ممصمط]" 
.179-06 .مم ,(1979) 83 

7 01010 .أتاعنامط1' تقحطمخ] أمعاعصخ صا 561015 :7اكتسقص زول سمحدهخ] :(.11) تمه 'تمععة 1717 

.70 بووعع انوع انمنآ 01010 .نتناع0 مسقحطهخ] 01 عتتنطدل8 ع1" (.0) وحسة 11/1111 

,انظ سعلاع.آ .نم تامستتسصمعوط لدع نتن خخ :زوع00 مج180 واعع ورم (.ن) 7116لا 


10 


المؤلف في سطور: 

د. أحمد عتمان 

* مواليد بني عتمان محافظة بني سويف في جمهورية مصر العربية. 

* حصل على الدكتوراه في المسرح الإغريقي اللاتيني من جامعة أثينا 
عام 1974. 

* حصل على جائزة الدولة التشجيعية في الترجمة عام 1973. 

* عمل أستاذا بالمعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت في الفترة (1978- 
3). 

* ألف عدة كتب ومسرحيات منها: 

* المصادر الكلاسيكية لمسرح توفيق الحكيم 

* الشعر الإغريقي تراثا إنسانيا وعالمياء صدر عن سلسلة عالم المعرفة 
عام 1984 ا 

* كليوباترا تعشق السلام: عام 984! 

* عودة اليصر للضيف 
الأعمى؛ عام 985! 

* وترجم عددا منا 
لمسرحيات. 

*# شارك فى عدد من 
النؤقرات واللفات 
الدراسية الدولية. 

* وهو الآن مستشار وزير 
التعليم العالي بمصر لشؤون 





مكتبة الإنمكندرية» وأستاذ مستقبلنا المشترك 
بقسم الدراسات اليونانية إعداد: اللجنة العالمية للبيئة 
واللاتينية بكلية الآداب والكتمية 
بجامعة القاهرة. ترحمة محمد غارف 

و عبدالإله النعيمي 


205 








حصذ| الكتاي 

تشهد أوروبا والعالم العربي في الآونة الراهنة اهتماما متزايدا بالآدب اللاتيني 
(أو الروماني). ولعل مرد ذلك هو مرور فترة انكب فيها الباحثون على الأدب 
الإغريقي درسا وإعجابا على حساب نظيره الأدب اللاتيني. 

ولطالما ظلم الأدب اللاتيني باعتباره تقليدا أعمى لروائع الإغريق أو نسخة 
باهتة عنها. ولكننا إذا عدنا إلى مسار التاريخ وتطور الحضارة الأوروبية وجدنا 
أن الآدب اللاتيني قد سبق الآدب الإغريقي إلى التغلغل في جوهر هذه الحضارة 
عيلة أصب مخ مقوماتها الركيسة هالنيضة الأوروبية الحديكة لأنينية اكثر متها 
اخريقية, 

وعن طريق المؤلفات اللاتينية شق الأدب الإغريقي طريقه إلى أوروبا الحديثة, 
وما أن اكتشف الأوروبيون يواكع الإغريق حتى انكبوا عليهاء وجاء ذلك على 
حساب الأدب اللاتينى: وظل الأمر هكذا حتى القرن الثامن عشر. أما فى القرن 
العشرين فقن تعاونت الكتفاي ولم يقد النانى يفظرو إلى الأدب اللاتيني على 
انه تذليل أو ملحق للأدب الإغريقي؛ إذ اكتشف الدارسون المدققون والمتذوقون 
للجمال قيما فنية خاصة ومستوى رفيعا من الإتقان في نصوص الأدب اللاتينى 
سواء قي غضوره المبكرة أو عصره الذهبي أو النضي. 

وبالنسبة لنا نحن العرب فينبغي أن لا ينسى أن الإمبراطورية الرومانية هي 
التي واجهها العرب المسلمون بحضاراتهم الناشئة والمنتشرة في أنحاء المعمورة. 
ومواطن الاحتكاك معروفة يذكر منها الشام؛ ومصرء وشمال أفريقياء والأندلس, 
وصقلية. فى هذه المناطق تمت المواجهة الحضارية والأخن والعطاء بين العربية 
والإغريقية واللاتينية. وقد ترجم العرب بعض مؤلفات الإغريق إلى العربية. 
وتحتل هذه الترجمات العربية مكانة رفيعة في الدراسات الكلاسيكية الأوروبية 
والعالمية. حتى أن هذه الترجمات قد ترجمت إلى اللغة اللاتينية. 

كل ذلك يوضح ماذا يعني الأدب اللاتيني ولغته بالنسبة لنا.